لِشِدَّةِ وسُرْعَة غَضَبه لله تَعَالَي ، ومَا ذَاكَ الفَزَعُ من المَلاَئِكَة ومِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَم إلا من مُقْتَضَى التسبيح ، وكذلك يَنْبغي أن تكون غَيْرهُ كُلِّ مُسَبِّحٍ على جَنَابِ اللهِ العظيم .
قال شيح الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله: -
وقوله سبحانك: يتضمن تعظيمه وتنزيهَه عن الظُّلم وغَيْرِه من النَّقَائص ، فإن التَّسْبِيح وإنْ كان يُقال: يتضمن نفي النَّقَائض ـ وقد رُوِىَ في حديث مرسل من مراسيل أبي موسى بن طلحة أنها براءةُ الله من السوء ـ فالنَّفي لا يكون مَدْحاً إلا إذا تضمَّن ثبوتاً ، وإلا فالنَّفْي المَحْض لا مَدْح فيه ، ونفي السوء عنه والنقص يستلزم إثباتَ محاسنِه وكمالِه ، ولله الأسماء الحسني . وكذلك عامة وما يأتي القرآن به في نفي السوء والنقص عنه ، يتضمن إثبات محاسنِه وكماله أ . هـ .
وقال أيضاً: والأمر بتْسبيحه يقتضي تنزيهَه عن كل عيب وسوءٍ ، وإثباتَ صفاتِ الكمال له ، فإنَّ التَسبيِحَ يقتضي التنزيه والتعظيمَ ، والتعظيمُ يستلزم إثبات المحامدِ التي يُحْمد عليها ، فيقتضي ذلك تنزيهَه وتحميدَه وتكبيره وتوحيده ، قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ثنا ابن نفيل الحرَّاني ، ثنا النضر بن عربي ، قال سأل رجل مَيْمونَ ابنَ مِهران عن سُبْحَان اللهِ فقال: اسْمٌ يُعَظَّمُ اللهُ به ويُحاشَي به من السوء . وروى ابن أبى حاتم عن ابن أبي مُلَيْكه عن ابن عباس قال:"سبحان": تنزيه الله نفسه من السوء ، وقد جاء من غير واحد من السَّلف مثل قول ابن عباس: أنه تنزيه نفسه من السوء ، وروى ذلك في حديث مرسل ، وهو يقتضي تنزيه نفسه من فعل السيئات ، كما يقتضي تنزيهه عن الصفات المذمومة . ونفْيُ النقائِص يقتضي ثبوتَ صفاتِ الكمال وفيها التعظيمُ ، كما قال مَيْمون ابن مِهران: اسْمٌ يعظم الله به ويحاشي به من السوء .