فهرس الكتاب
الصفحة 8 من 72

ولما كان أكْثَر النَّاس كافرين ومُشْركين ، قال تعالي ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) يوسف 103 ، وقال ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ) يوسف 106 وقال هؤلاء على الله بغير علم قولا وعظيماً ، ونسبوا إليه تعالي الشريك ، والولد والمثيل والنقص والشر ، فقد لزم ـ لذلك ـ الاعتناء بأمر التنزيه كَرُكْنٍ أصيل في التسبيح ، إذ كيف يُنْسَبُ العَيْب إلى ذي الجلال والإكرام !! سبحانه وتعالي عما يقولون علوَّا كبيراً . ولو أن إنساناً أو مخلوقاً واحداً تجرأ على الله مَرَّة بأن نَسَب إليه ما لا يَليق به لَلَزِم أن تُنزِّهَه جَميعُ الخلائق على مجرى النفس أبد الآباد ، لبعد الله عز وجل بعدا لا نهاية له عن مظنة العيب ، وكل المخلوقات آيات شاهدات بذلك ، فكيف لو كان المتجرئون بالمليارات ، وعلى مَرِّ القرون ، بل كَثِيرٌ من المُسْلِمين يَظُنُّ ظنَّ السَّوْء باللهِ عندما يُبْتَلَي الواحِدُ منهم بابتلاءٍ شديد يَتزَلْزل مِنَه ، أو عندما يقع البلاء الرَّهيب في بلاد المسلمين أو في بعضها من غلبة الكفار وتَسَلُّطِ المجرمين العُتاة ، وما أكثر ذلك اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله . وسيأتي مزيد ذلك في فصل مستقل عن ظنّ السوء ، سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيراً ، ولقد فزع الملائكة لما علموا أن من ذرية آدم من سَيَقُع في ذلك فَسَألُوا عن الحكمة فقالوا ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا( أي بالقول على الله بغير علم وما يتبع ذلك ) وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة 30 ، ولقد أخذ موسى عَلَيْهِ السَّلاَم برأس أخيه هارون ولحيته وهو رسول ، لَمَّا عاين من قومِه اتِّخَاذَهم العجل إلها .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام