الحجة الأولى:- كمال مُلْكِه وعمُومه لكل شئ ، وهذا ينافي أن يكون في السماوات والأرض ولد ، لأن الولد بعضُ الوالد وشريكُه فلا يكون مخلوقا له ، لأن المخلوق مملوك مربوب عبد من العبيد ، والابن نظير الأب ، فكيف يكون عبدُه تعالى ومخلوقُه ومملوكُه بعضَه ونظيره ؟! فهذا من أبطل الباطل. ثم أكد مضمون هذه الحجة بقوله: ( كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) فهذا تقرير لعبوديتهم له ، وأنهم مملوكون مربوبون ليس فيهم شريك ولا نظير ولا ولد. وكُلُّ من أقر بأن لله ما في السماوات وما في الأرض لَزِمَهُ أن يُقرّ له بالتوحيد ولابد .
الحجة الثانية:- كمال القدرة والإبداع والاختراع في قوله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) وهذه من أبلغ الحجج على استحالة نسبه الولد إليه ولهذا قَالَ في سورة الأنعام (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) أي: من أين لبديع السماوات والأرض ولد ؟ لأن من اخترع هذه السماوات والأرض وفطرهما وابتدعهما مع عظمتها وآياتهما فهو قادر على اختراع ما هو دونهما ولا نسبة له إليهْما الْبَتَه ؟ فكيف يُخْرِجُون هذا الشخص ( المسيح أو غيره ) عن قدرته وإبداعه ، ويجعلونه نظيراً وشريكاً وجزءاً !؟ مع أنه تعالى بديع العالم العلوي والسفلي وفاطره ومخترعه وبارئه ، فكيف يعجزه أن يُوجِد هذا الشخصَ من غير أب حتى يقولوا إنه ولده !!
الحجة الثالثة:- كمال كفاية القدرة في إيجاد ما يريد إيجاده بمجرد أمره وقوله: كن ( وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) فأي حاجة به إلى ولد وهو لا يتكثر به من قلة ، ولا يتفرد به ، ولا يستعين به ولا يعجز عن خلقِ ما يريد خلقَهُ ، وأيضاً الذي بدع السماوات والأرض على غير مثال سبق ، هل يُظن به أن يحاكى مخلوقاتِه الضعيفةَ من ذَوَاتِ الولدِ كالنَّمل والطَّيْر والوَحْش والدَّوَابّ والأنعام والإنسان وغيره ، تعالى الله عن ذلك وتقدس .