فهرس الكتاب
الصفحة 3 من 71

إن هذه القمم والنهايات في كمالات الرب الأعلى عز وجل من عُلُوَها وجلالها ونقاءها وصفاتها لا يستطيع أن يتصورها مخلوق ، فكيف يُتَصَوَّر وجود مثيل أو نقص أو عيوب ؟! إن الاسم الذي يُبَيِّن ويُظْهِر بلوغَ كُلِّ صِفة لله أكملَ الكمال وأعلاه وقِمَّته بما لا يتصوره أو يتخيله مخلوق ، هو ( القدوس ) . ولقد عَرَّفَه الغَزَالِيُّ قائلاً:

( هو المُنَزَّه عن كل وصف يدركه حس ، أو يتصوره خيال أو يسبق إليه وهم ، أو يختلج به ضمير ، أو يقضى به تفكير ) .

وكذلك الألوسي في التفسير ( روح المعاني ) 28 / 62 قَالَ في أحد اختياراته عن تعريف القدوس ( أو الذي لا يُحدُّ ولا يُتَصَوَّر ) . وذلك لأن عُلُوَّهُ وقداسَتَه في كل صِفة كمالٍ لا يُحصيه ولا يحيط به إلا هو سبحانه . وسيأتي بيان ذلك تفصيلاً ، وبيان أن لفظة ( القدوس ) تدل على كمالِ الطَّهارة وكَمَالِ البَرَكة ، وأَنّ لفظه الطَّهارة تدل على النَّقَاء ، والصَّفَاء وزَوَال الدَّنس ، كما سيأتي النقولات بأقوال العلماء في تعريف القدوس ولكن لا تحسب أن قراءة التعريفات الموجزة للأسماء الحسنى تكفي في حصول الثمرة المطلوبة من معرفة الله والتأله له بتلك المعرفة حباً وخضوعاً وشوقاً وإخباتاً وغيره ، بل يلزم القراءة المتأنية بحضور القلب / تفكراً وتدبراً حتى تترسخ المعاني فتُؤْتِى أُكلها علماً وعملاً ، ولا تستطيل الكلام عن المفردات اللغوية وشواهدها ، فهي أساسية في استيعاب المعاني والشعور بها .

التعريف الوجيز ( وهو لا يخرج عن كلام السلف في شيء ، غير أني رتبت كلماته لتكون اختصاراً لما سأتناوله وأكمل في البحث كله ) .

القدوس:-

الذي له المنتهى أكمل الكمال في الطَّهارة وصفاً وملكاً ، وله المنتهى وأكمل الكمال في البركة وصفاً وملكاً ، فالخير كله بيديه والشر ليس إليه .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام