انتدب ثلاثة من الخوارج، وهم: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكر التميمي، فاجتمعوا بمكة، فتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ويريحوا العباد منهم، فقال ابن ملجم: أنا لعلي.

وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال الآخر: أنا أكفيكم عمرا، فتواثقوا أن لا ينكصوا، واتعدوا بينهم أن يقع ذلك ليلة سبع عشرة من رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى بلد بها صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة، وبقي ابن ملجم في الليلة التي عزم فيها على قتل علي يناجي الأشعث بن قيس في مسجده حتى طلع الفجر، فقال له الأشعث: ضحك الصبح، فقام وشبيب فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي، فضرب عليا بسيفه المسموم على رأسه، فلما قتل أخذوا عبد الرحمن بن ملجم وعذبوه فقتلوه.

وكانت مدة خلافة علي خمس سنين، فجزاه الله عن المسلمين خيرا، ورضي عنه وأرضاه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.


بعد أن قتل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه اتجه أهل الكوفة إلى الحسن بن علي فبايعوه بالخلافة، وكان أول من بايعه قيس بن سعد، وبقي في الخلافة ستة أشهر، رأى خلالها تخاذل أصحابه، فرأى ضرورة اتفاق الأمة فآثر الصلح وتنازل لمعاوية بالخلافة، وسمي ذلك العام بعام الجماعة، وكان كما قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).

فجزاه الله خيرا ورضي الله عنه وأرضاه.


لما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بايع أهل الكوفة الحسن بن علي، وأطاعوه وأحبوه, فاشترط عليهم: إنكم سامعون مطيعون، مسالمون من سالمت، محاربون من حاربت.

فارتاب به أهل العراق وقالوا: ما هذا لكم بصاحب.

فما كان عن قريب حتى طعنوه، فازداد لهم بغضا، وازداد منهم ذعرا، فعند ذلك عرف تفرقهم واختلافهم عليه, وكان أهل العراق أشاروا على الحسن أن يسير إلى الشام لملاقاة معاوية فخرج بهم، ولما بلغ معاوية ذلك خرج هو أيضا بجيشه وتقارب الجيشان في مسكن بناحية الأنبار، لما رأى الحسن الجيشان في مسكن بناحية الأنبار هاله أن تكون مقتلة كبيرة تسيل فيها دماء المسلمين فرغب في الصلح، استقبل الحسن بن علي معاوية بن أبى سفيان بكتائب أمثال الجبال، قال عمرو بن العاص لما رأى ضخامة الجيشين: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها.

فقال معاوية: أي عمرو، إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، من لي بأمور الناس؟ من لي بضيعتهم؟ من لي بنسائهم؟ عرض الحسن بن علي على عبد الله بن جعفر أمر الصلح، قال له: إني قد رأيت رأيا، وإني أحب أن تتابعني عليه.

قال: قلت: ما هو؟ قال: قد رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها، وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث، فقد طالت الفتنة، وسفكت فيها الدماء، وقطعت فيها الأرحام، وقطعت السبل، وعطلت الثغور.

فقال ابن جعفر: جزاك الله عن أمة محمد خيرا، فأنا معك، وعلى هذا الحديث.

فقال الحسن: ادع لي الحسين.

فبعث إلى حسين فأتاه، فقال: أي أخي، إني قد رأيت رأيا، وإني أحب أن تتابعني عليه.

قال: ما هو؟ فقص عليه الذي قال لابن جعفر، قال الحسين: أعيذك بالله أن تكذب عليا في قبره، وتصدق معاوية!.

فقال الحسن: والله ما أردت أمرا قط إلا خالفتني إلى غيره، والله لقد هممت أن أقذفك في بيت فأطينه عليك حتى أقضي أمري.

فلما رأى الحسين غضبه قال: أمرنا لأمرك تبع، فافعل ما بدا لك.

فقام الحسن فقال: يا أيها الناس، إني كنت أكره الناس لأول هذا الحديث، وأنا أصلحت آخره، لذي حق أديت إليه حقه أحق به مني، أو حق جدت به لصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وإن الله قد ولاك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندك، أو لشر يعلمه فيك، {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} [الأنبياء: 111].

وبهذا التنازل تحقق في الحسن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).

ولما تم الصلح بشروطه برز الحسن بين الصفين وقال: ما أحببت أن لي أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أن يهراق في ذلك محجمة دم.

وكان يقول: إني قد اخترت ما عند الله، وتركت هذا الأمر لمعاوية.

وأما طلب الحسن لأن تكون الخلافة له من بعده فليست صحيحة، قال جبير بن نفير: قلت للحسن بن علي: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة.

فقال: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت، ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله، ثم أبتزها بأتياس أهل الحجاز!.

وجاء في نص الصلح في إحدى الروايات: بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين.


بعد أن تنازل الحسن بن علي رضي الله عنه لمعاوية بالخلافة أصبح معاوية هو الخليفة الشرعي للمسلمين، فكان بذلك أول بداية الدولة الأموية التي كانت عاصمتها دمشق، ومن المعلوم أن هذه الدولة استمرت إحدى وتسعين سنة.


كان أول الخارجين فروة بن نوفل الأشجعي، وكان ممن اعتزل قتال علي والحسن وانحاز معه خمسمائة فارس من الخوارج إلى شهرزور، قائلا: والله ما أدري على أي شيء نقاتل عليا! أرى أن أنصرف حتى تتضح لي بصيرتي في قتاله أو أتابعه.

فلما سلم الحسن الأمر إلى معاوية قالوا: قد جاء الآن ما لا شك فيه، فسيروا إلى معاوية فجاهدوه.

فأقبلوا وعليهم فروة بن نوفل حتى حلوا بالنخيلة عند الكوفة، فأرسل إليهم معاوية جمعا من أهل الشام فقاتلوهم، فانهزم أهل الشام، فقال معاوية لأهل الكوفة: والله لا أمان لكم عندي حتى تكفوهم.

فخرج أهل الكوفة فقاتلوهم.

فقالت لهم الخوارج: أليس معاوية عدونا وعدوكم؟ دعونا حتى نقاتله، فإن أصبنا كنا قد كفيناكم عدوكم، وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا.

فقالوا: لابد لنا من قتالكم.

فأخذ بنو أشجع صاحبهم فروة فحادثوه ووعظوه فلم يرجع، فأخذوه قهرا وأدخلوه الكوفة، فاستعمل الخوارج عليهم عبد الله بن أبي الحوساء، رجلا من طيء، فقاتلهم أهل الكوفة فقتلوهم, ثم تمكن منه المغيرة بن شعبة والي العراق وقتله، وقتل عبد الله بن أبي الحوساء الطائي الذي تولى أمر الخوارج بعده، ثم قتل حوثرة بن وداع الأسدي الذي نصبه الخوارج أميرا عليهم.

ثم خرج أبو مريم وهو مولى لبني الحارث بن كعب، وقد أحب أن يشرك النساء معه في الخروج؛ إذ كانت معه امرأتان: "قطام وكحيلة" فكان يقال لهم: يا أصحاب كحيلة وقطام.

تعييرا لهم، وقد أراد بهذا أن يسن خروجهن، فوجه إليه المغيرة جابر البجلي فقاتله حتى قتله وانهزم أصحابه.

ثم خرج رجل يقال له: أبو ليلى، أسود طويل الجسم، وقبل أن يعلن خروجه دخل مسجد الكوفة وأخذ بعضادتي الباب، وكان في المسجد عدة من الأشراف، ثم صاح بأعلى صوته: لا حكم إلا لله، فلم يعترض له أحد، ثم خرج وخرج معه ثلاثون رجلا من الموالي بسواد الكوفة، فبعث له المغيرة معقل بن قيس الرياحي فقتله سنة 42هـ.


توغل عقبة بن نافع في أفريقيا حتى فتح غدامس وودان وبلاد البربر.


كان أول من بدأ ذلك بسر بن أرطاة الذي أرسله معاوية في الشاتية فوصل إلى القسطنطينية ولكن لم تفتح.


بقيت بقية من الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب يوم النهروان، وهؤلاء بقوا يبثون أفكارهم في الكوفة والبصرة وغيرها، وكان بدء تحركهم للخروج سنة 42هـ، عندما بدأوا يتشاورون في ذلك، فقد كانت الخوارج يلقى بعضهم بعضا فيذاكرون مصارع إخوتهم بالنهر، فيترحمون عليهم، ويحض بعضهم بعضا على الخروج للانتقام من حكامهم الجائرين، الذين عطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، فاجتمع رأيهم على ثلاثة نفر منهم لتولي قيادتهم: المستورد بن علفة التيمي، ومعاذ بن جويني الطائي، وحيان بن ظبيان السلمي الذي كان منزله مكانا لاجتماعاتهم، ولكن كل واحد من هؤلاء الثلاثة دفع تولي الخلافة عن نفسه، وأخيرا اتفقوا على أن يتولاها المستورد هذا، وكانوا أربعمائة شخص، ونادوه: بأمير المؤمنين، وكان المستورد ناسكا، كثير الصلاة، وله آداب وحكم مأثورة، وقد قام المغيرة بن شعبة بسجن بعضهم بعد أن علم نواياهم في الخروج عليه أيضا.

فعلم المستورد بن علفة بأمر المغيرة، وأنه بدأ يطلبهم فجهز جيشا, ثم اتفقوا على أن يكون الخروج في غرة شعبان, ولما علم بذلك المغيرة بن شعبة أرسل مدير شرطته قبيصة بن الدمون إلى مكان اجتماعهم وهو منزل حيان، فأخذوهم وجاءوا بهم إلى المغيرة فأودعهم السجن بعد استجوابهم وإنكارهم أن يكون اجتماعهم لشيء غير مدارسة كتاب الله، فأفرج عنهم.

وراح المستورد يراوغ في حربه للمغيرة فيخرج من مكان إلى آخر؛ حتى يبدد جيش المغيرة، ثم يلقاهم وقد تعبوا، فكان إلى أن كانت المعركة النهائية حيث تبارز المستورد مع معقل فضرب كل واحد منهما صاحبه فخرا ميتين، وهزمت الخوارج وقتلوا شر قتلة فلم ينج منهم غير خمسة أو ستة.


هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد –بالتصغير- بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي، أمير مصر، يكنى أبا عبد الله، وأبا محمد، أسلم قبل الفتح في صفر سنة ثمان، وقيل: بين الحديبية وخيبر، ولما أسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويدنيه لمعرفته وشجاعته.

وولاه غزوة ذات السلاسل، وأمده بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح، ثم استعمله على عمان، فمات صلى الله عليه وسلم وعمرو هو أميرها، ثم كان من أمراء الأجناد في الجهاد بالشام في زمن عمر، وهو الذي افتتح قنسرين، وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية، وولاه عمر فلسطين، وولي عمرو إمرة مصر في زمن عمر بن الخطاب، وهو الذي افتتحها وأبقاه عثمان قليلا ثم عزله وولى عبد الله بن أبي سرح، ثم لم يزل عمرو بغير إمرة إلى أن كانت الفتنة بين علي ومعاوية، فلحق بمعاوية فكان معه يدبر أمره في الحرب إلى أن جرى أمر الحكمين، ثم سار في جيش جهزه معاوية إلى مصر فوليها لمعاوية من صفر سنة ثمان وثلاثين إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين على الصحيح.

توفي وهو ابن تسعين سنة.

وفي صحيح مسلم من رواية عبد الرحمن بن شماسة قال: فلما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى، فقال له عبد الله بن عمرو ابنه: ما يبكيك؟ فذكر الحديث بطوله في قصة إسلامه، وأنه كان شديد الحياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع طرفه إليه.

وذكرها ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وزاد فيها أشياء من رواية ابن لهيعة.


تم الفتح على يد المهلب بن أبي صفرة حيث بدأ بغزو مكران حتى وصل إلى قندابيل، وكسر العدو وسلم وغنم.

وبه تعرف أهل البلاد على الإسلام وشرائعه فدخل منهم عدد كبير في الإسلام.


هي رملة بنت أبي سفيان، أخت معاوية، أمها صفية بنت أبي العاص بن أمية، كانت تحت عبيد الله بن جحش، خرجت معه مهاجرة إلى الحبشة ومات زوجها هناك، فخطبها وهي هناك النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجه إياها النجاشي وأصدق عنه، ثم حملت إليه إلى المدينة، توفيت في المدينة في خلافة أخيها معاوية.


كان معاوية بن خديج أمير أفريقيا، فوجه عبد الله بن الزبير ففتح سوسة، وأما عبد الملك بن مروان فقد استولى على جلولاء ودمر قلعتها البيزنطية.


هي حفصة بنت عمر بن الخطاب، أمها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب، كانت تحت خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي، هاجرا سويا للمدينة، ثم توفي عنها بعد بدر فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم طلقها تطليقة ثم ارتجعها، أمره جبريل بذلك وقال: (إن الله يأمرك أن ترجعها إنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة).

توفيت في المدينة في خلافة معاوية عام 45 هـ، ودفنت في البقيع رضي الله عنها وأرضاها.


خرج الخطيم، وهو يزيد بن مالك الباهلي، وسهم بن غالب الهجيمي فحكما؛ فأما سهم فإنه خرج إلى الأهواز فحكم بها، ثم رجع فاختفى وطلب الأمان فلم يؤمنه زياد وطلبه حتى أخذه وقتله وصلبه على بابه، وأما الخطيم فإن زيادا سيره إلى البحرين ثم أقدمه، وقال لمسلم بن عمرو الباهلي -والد قتيبة بن مسلم-: اضمنه.

فأبى، وقال: إن بات خارجا عن بيته أعلمتك، ثم أتاه مسلم فقال له: لم يبت الخطيم الليلة في بيته، فأمر به فقتل وألقي في باهلة.


غزا مالك بن هبيرة السكوني الروم بحرا.

وغزا عقبة بن عامر الجهني بأهل مصر والمدينة البحر.


عزل معاوية بن أبي سفيان معاوية بن خديج عن أفريقيا، واستعمل عليها عقبة بن نافع الفهري، وكان مقيما ببرقة وزويلة مذ فتحها أيام عمرو بن العاص، وله في تلك البلاد جهاد وفتوح.

فلما استعمله معاوية سير إليه عشرة آلاف فارس، فدخل أفريقيا وانضاف إليه من أسلم من البربر، فكثر جمعه، ووضع السيف في أهل البلاد لأنهم كانوا إذا دخل إليهم أمير أطاعوا وأظهر بعضهم الإسلام، فإذا عاد الأمير عنهم نكثوا وارتد من أسلم، ثم رأى أن يتخذ مدينة يكون بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمنوا من ثورة تكون من أهل البلاد، فقصد موضع القيروان، وبنى المسجد الجامع، وبنى الناس مساجدهم ومساكنهم, فأمنوا واطمأنوا على المقام فثبت الإسلام في تلك البلاد المفتوحة.

ثم إن معاوية بن أبي سفيان استعمل على مصر وأفريقيا مسلمة بن مخلد الأنصاري، فاستعمل مسلمة على أفريقيا مولى له يقال له: أبو المهاجر، فقدم أفريقيا وعزل عقبة واستخف به، وسار عقبة إلى الشام وعاتب معاوية على ما فعله به أبو المهاجر، فاعتذر إليه ووعده بإعادته إلى عمله، فتوفي معاوية وولي بعده ابنه يزيد، فاستعمل عقبة بن نافع على البلاد سنة اثنتين وستين، فسار إليها.


جهز معاوية بن أبي سفيان جيشا عظيما برا وبحرا لغزو القسطنطينية، وكان قائد الجيش سفيان بن عوف الأزدي، وقاد الأسطول بسر بن أرطاة, وكان في الجيش ابن عباس، وابن عمر، وأبو أيوب، وابن الزبير، والحسين بن علي رضي الله عنهم، انضموا إلى هذه الحملة متمثلين أمام أعينهم قول الرسول: (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش).

آملين أن يتحقق فيهم قول الرسول، فقد ثبت عن رسول الله: (أول جيش يغزون مدينة قيصر مغفور لهم).

وقام الجيش بحصار القسطنطينية، وجرت اشتباكات عديدة بين الطرفين خسر فيها المسلمون الكثير، وقد جاءهم مدد من الشام بقيادة يزيد بن معاوية مما قوى أمرهم، وتوفي هناك أبو أيوب ودفن عند سورها؛ ولكن لم يتم فتحها مع شدة الحصار وقوته؛ وذلك لمنعة المدينة، وقوة أسوارها، ومكانها في البر والبحر، وأحرقت كثير من سفن المسلمين.


هو أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، المدني الشهيد، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا, وكان أكثرهم شبها بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو سيد شباب أهل الجنة، ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوه أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.

ولد الحسن رضي الله عنه في نصف رمضان سنة 3هـ، حظي برعاية المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يقرب من ثماني سنوات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه حبا جما، وقد تولى النبي صلى الله عليه وسلم تربيته منذ اليوم الأول لولادته؛ فسماه الحسن، وكان صلى الله عليه وسلم يداعبه كثيرا، ويقبله ويعانقه حبا له وعطفا عليه.

قال عنه صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: (ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين).

وقد تحققت هذه النبوءة بتنازل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه حقنا لدماء المسلمين، وأبرم الصلح معه بعد بضعة أشهر من مبايعته للخلافة، فكان ذلك فاتحة خير على المسلمين؛ إذ توحدت جهودهم، وسمي عام 41هـ "عام الجماعة".

وقيل: كانت وفاته في الثامن من محرم عام 50هـ.


بعد أن انتصر عقبة بن نافع في عدة مواقع في فتوحه في أفريقيا على البربر رأى أن يتخذ مدينة يكون بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمنوا من ثورة تكون من أهل البلاد، فقصد موضع القيروان، وكان أجمة مشتبكة بها من أنواع الحيوان، فأمر ببناء المدينة، فبنيت، وبنى المسجد الجامع، وبنى الناس مساجدهم ومساكنهم، وكان دورها ثلاثة آلاف باع وستمائة باع، وتم أمرها سنة خمس وخمسين وسكنها الناس، فكانت كمحطة دائمة للمجاهدين يبقون فيها مع أسرهم لا يشعرون بالغربة والسفر، وتكون منطلقهم إلى البلاد ليفتحوها.

وكان في أثناء عمارة المدينة يغزو ويرسل السرايا فتغير وتنهب، ودخل كثير من البربر في الإسلام، واتسعت خطة المسلمين، وقوي جنان من هناك من الجنود بمدينة القيروان، وأمنوا واطمأنوا على المقام فثبت الإسلام فيها.


هي صفية بنت حيي بن أخطب، من ولد هارون النبي صلى الله عليه وسلم، وأمها برة بنت سموأل أخت رفاعة، كانت تحت سلام بن مشكم القرظي، ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، سباها النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر وكانت عروسا، وأعتقها وتزوجها بعد مرجعه من خيبر، توفيت في المدينة ودفنت في البقيع رضي الله عنها وأرضاها.