Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
لما جمع الله لمعاوية بن أبي سفيان الشام كلها فصار أمير الشام كان يغزو الروم كل عام في الصيف -وتسمى الصائفة- فيفتح الله على يديه البلاد ويغنم الكثير حتى وصل عمورية -وهي اليوم في أنقرة- وكان معه من الصحابة عبادة بن الصامت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو ذر الغفاري، وشداد بن أوس، وغيرهم وقد فتح الله لهم من البلاد الكثير, ثم غزا معاوية الروم حتى بلغ المضيق مضيق القسطنطينية ومعه زوجته عاتكة، ويقال: فاطمة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف.
فتح أوس بن ثعلبة أفغانستان، وتابع الأحنف بن قيس فتحها من ناحية بلخ بالشمال، ثم أغار على كابل عبد الرحمن بن محمد، وتم فتح البلاد كلها، ثم دخل سكان قندهار وكابل في الإسلام.
هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب، أحد المكثرين في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، قديم الإسلام، أول من جهر بالقرآن في مكة بعد النبي صلى الله عليه وسلم،كان في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يعرف في الصحابة بصاحب السواد والسواك، وهاجر الهجرتين جميعا إلى الحبشة وإلى المدينة، وصلى إلى القبلتين، كان من كبار القراء المعروفين من الصحابة، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أراد أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد).
يعني ابن مسعود، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، توفي في المدينة ودفن بالبقيع وصلى عليه عثمان، وقيل: بل عمار.
وقيل: بل الزبير.
والله أعلم.
هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، أبو محمد.
القرشي الزهري، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم قبل أن يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر، وأحد السابقين البدريين، وأحد الستة أهل الشورى، هاجر إلى الحبشة وإلى المدينة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، كان كثير الإنفاق في سبيل الله عز وجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، توفي في المدينة وخلف مالا كثيرا.
هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو الفضل، عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أكابر قريش في الجاهلية والإسلام، وجد الخلفاء العباسيين رضي الله عنه.
كان محسنا لقومه، سديد الرأي، واسع العقل، مولعا بإعتاق العبيد، كارها للرق، اشترى 70 عبدا وأعتقهم، وكانت له سقاية الحاج، وعمارة المسجد الحرام -وهي أن لا يدع أحدا يسب أحدا في المسجد ولا يقول فيه هجرا- أسلم قبل الهجرة وكتم إسلامه، وأقام بمكة يكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار المشركين، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد وقعة "حنين" فكان ممن ثبت حين انهزم الناس، وشهد فتح مكة، وعمي في آخر عمره، وكان إذا مر بعمر في أيام خلافته ترجل عمر إجلالا له، وكذلك عثمان، وكانت وفاته في المدينة عن عشرة أولاد ذكور سوى الإناث، وله في كتب الحديث 35 حديثا تقريبا، وإليه تنسب الدولة العباسية التي حكمت ما يزيد عن خمسة قرون.
هو جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري كان طوالا آدم، وكان يتعبد قبل مبعث رسول الله.
صلى الله عليه وسلم، وأسلم بمكة قديما، وقال: كنت في الإسلام رابعا.
ورجع إلى بلاد قومه فأقام بها حتى مضت بدر وأحد والخندق، ثم قدم المدينة، كان أبو ذر شجاعا ينفرد وحده فيقطع الطريق ويغير على الصرم كأنه السبع، ثم إن الله قذف في قلبه الإسلام وسمع بالنبي صلى الله عليه وسلم بمكة فأتاه، توفي أبو ذر رضي الله عنه بالربذة، وكان قد أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني, وكفناني, ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب] يمرون بكم فقولوا: هذا أبو ذر.
فلما مات فعلوا به كذلك، فطلع ركب, فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة، فقال: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود يبكي، ثم غسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه، فلما أرادوا أن يرتحلوا قالت لهم ابنته: إن أبا ذر يقرأ عليكم السلام, وأقسم ألا تركبوا حتى تأكلوا.
ففعلوا، وحملوهم حتى أقدموهم إلى مكة، ونعوه إلى عثمان رضي الله عنه فضم ابنته إلى عياله.
بعد أن فتحت قبرص نقضت معاهدة الصلح مما اضطر المسلمين لغزوهم ثانية بحملة بحرية يقودها هذه المرة جنادة بن أبي أمية الأزدي، الذي قام بتأديبهم وإدخالهم في التبعية مرة أخرى.
لما كثرت الفتوح وبالتالي كثر الداخلون الجدد في الإسلام والمتعلمون لكتاب الله من غير العرب ظهرت بعض الاختلافات في القراءات، مما خوف بعض الصحابة على مستقبل مثل هذه الخلافات، فما كان من حذيفة بن اليمان رضي الله عنه إلا أن توجه إلى عثمان بن عفان وطلب منه أن يدرك الناس قبل أن يختلفوا الاختلاف الذي تكون فيه فتنتهم واقتتالهم، فأمر عثمان بن عفان بنسخ القرآن الكريم على قراءة واحدة على لغة قريش ولهجتها، وقد كلف لذلك عددا من الصحابة وهم: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث، فبدأوا ينسخون المصحف، وجمعوه بالاستعانة بالمصحف الذي كان أبو بكر قد جمعه في عهده، وكان يومها عند حفصة رضي الله عنها، فاستلمه عثمان منها، ثم أمر عثمان بنسخ عدة نسخ من هذا المصحف الذي وحده على قراءة واحدة، وأمر بكل نسخة في بلد عند أميرها، وأمر بسائر المصاحف أن تحرق ولا يبقى منها شيء إلا التي جمعها ووحدها، وإلى يومنا هذا لا يعرف إلا الرسم العثماني، يعني الرسم الذي أمر بجمعه عثمان وأبقاه ونشره، وغير هذا الرسم العثماني يعتبر شاذا لا يقرأ به ولا يعد من القرآن فجزاه الله خيرا.
أول بدء نشوء جذور الفتنة هو بخروج عبد الله بن سبإ يهودي من صنعاء، أظهر الإسلام ثم رحل إلى الكوفة والبصرة والشام يحاول أن يؤثر في الناس؛ لكن لم يلق تجاوبا حتى رحل إلى مصر وبدأ يشكك في عقيدة الناس، ويزعم عودة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أحق بالعودة من عيسى صلى الله عليه وسلم، ثم بدأ بالدعوة لعلي بن أبي طالب، فزعم أن له الوصاية، ثم بدأ بالطعن في خلافة عثمان، ثم انضم إلى القافلة بعض الذين تكلموا في سعيد بن العاص أمير الكوفة، فرحلوا للجزيرة، وكان عبد الله بن سبإ يراسل كل من استطاع أن يؤثر عليه في الأمصار، وكان عثمان قد استشار أمراءه في هؤلاء المنحرفين، فاستقر رأي عثمان على تركهم، حتى جاء وفد مصر معتمرا وفي نيتهم مناقشة عثمان وخلق البلبلة في المدينة، وقد كان ذلك أول حدوث فتنة قتل عثمان بالشكل الواضح.
بعد أن جاء وفد من مصر مظهرين العمرة، وجاؤوا المدينة وناقشوا عثمان في بعض الأمر وأظهروا الشكوى والتأفف منه حتى أقنعهم بما يراه حتى خرجوا من عنده راجعين لمصر، ثم جاء وفد من مصر وتواعدوا مع وفد الكوفة ووفد البصرة في المدينة؛ ولكن عددا من الصحابة على رأسهم علي بن أبي طالب قام بمواجهتهم قبل دخول المدينة مما أخافهم، فأظهروا الرجوع إلى أمصارهم، ولكن لم يلبث أهل المدينة بعد عودة علي ومن معه إلا وهؤلاء في المدينة يكبرون وقد قاموا بمحاصرة دار عثمان، وزعموا أن عثمان بعث كتابا بقتل وفد مصر، ورجع الباقون معهم تضامنا، وكان الحصار في بدايته يسيرا، يخرج عثمان فيصلي بالناس، ويأتيه من يأتيه من الصحابة، ثم اشتد الحصار وأراد الصحابة في المدينة قتال هؤلاء المنحرفين؛ ولكن عثمان أبى عليهم ذلك، ولم يرد أن يحدث شيء بسببه يكون فيه سفك للدماء، واشتد الحصار حتى منعوه حتى الماء، ثم وصلت الأخبار أن إمدادات جاءت لنجدة الخليفة، فاستعجل المنحرفون الأمر فأرادوا الدخول على عثمان فمنعهم الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير وغيره، فتسوروا الدار ودخلوه عنوة فقتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه في داره آمنا، وقتلوا معه غلامين له، وأصيبت زوجته نائلة، ونهبت الدار، ونهبوا كذلك بيت المال، وكانت مدة خلافته اثنتي عشرة سنة إلا أياما، فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ذو النورين، سمي بذلك لأنه تزوج ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم.
لما قتل عثمان بن عفان مظلوما في داره بقي الأمر في المدينة دون خليفة، وكان يديرها الغافقي المصري وهو من رؤوس الفتنة هو وأصحابه، وحاولوا تولية سعد وابن عمر ولكن لم يتم لهم الأمر، فعرض الصحابة الأمر على علي بن أبي طالب فرفض في اليوم الأول، ثم جاءه طلحة والزبير وبايعوه في اليوم الثاني، ثم بايعه الناس إلا القليل من الصحابة، وبذلك تسلم أمور الخلافة رضي الله عنه وأرضاه.
وقد ورد أن عليا قال: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاؤوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحيي من الله أن أبايع قوما قتلوا رجلا قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأستحيي ممن تستحي منه الملائكة).
وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل في الأرض لم يدفن بعد.
فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس يسألوني البيعة فقلت: اللهم إني أشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزمة فبايعت.
لما جاء أصحاب الجمل إلى البصرة لتأليف الكلمة والتوصل بذلك إلى إقامة الحد على قتلة عثمان وينظروا في جمع طوائف المسلمين، وضم تشردهم حتى لا يضطربوا فيقتتلوا، حرض من كان بها من المتألبين على عثمان الناس، وقالوا: اخرجوا إليهم حتى تروا ما جاءوا إليه.
فبعث عثمان بن حنيف -والي البصرة من قبل علي بن أبي طالب- حكيم بن جبلة العبدي -أحد قتلة عثمان بن عفان- ليمنع أصحاب الجمل من دخول البصرة، فلقيهم في الزابوقة –موضع قريب من البصرة كانت فيه وقعة الجمل في دورها الأول- فقام طلحة ثم الزبير يخطبان في أنصار المعسكرين، فأيدهما أصحاب الجمل، ورفضهما أصحاب عثمان بن حنيف، ثم قامت أم المؤمنين عائشة تخطب في المعسكرين، فثبت معها أصحاب الجمل، وانحازت إليها فرقة من أصحاب عثمان بن حنيف، وبقيت فرقة أخرى مع ابن جبلة، واختلف الفريقان وكثر بينهما اللغط، ثم تراموا بالحجارة، فقام حكيم بن جبلة بتأجيج الفتنة والدعوة إلى القتال، وأخذ يسب أم المؤمنين عائشة، ويقتل كل من أنكر عليه من الرجال والنساء، وكان دعاة أصحاب الجمل يدعون إلى الكف عن القتال، فلما لم يستجب حكيم بن جبلة وأنصاره لدعوى الكف عن القتال كر عليهم أصحاب الجمل، فقتل حكيم بن جبلة، ثم اصطلح أصحاب الجمل مع عثمان بن حنيف على أن تكون دار الإمارة والمسجد الجامع وبيت المال في يد ابن حنيف، وينزل أصحاب الجمل في أي مكان يريدونه من البصرة، وقيل: إن حكيم بن جبلة قتل بعد هذا الصلح لما أظهر المعارضة.
بعد وقعة الزابوقة بين الزبير وطلحة مع من أرسلهم عثمان بن حنيف من أهل البصرة بقيادة حكيم بن جبلة سار علي من المدينة، وبعث ابنه الحسن، وعمار بن ياسر إلى الكوفة بين يديه يستنفران الناس، فخرج من الكوفة ستة آلاف، قدموا على علي بذي قار، فسار في نحو عشرة آلاف، ثم إنه وصل إلى البصرة، فالتقى هو وجيش طلحة والزبير، فاصطف الفريقان وليس لطلحة ولا لعلي رأسي الفريقين قصد في القتال؛ بل ليتكلموا في اجتماع الكلمة، أرسل علي المقداد بن الأسود والقعقاع بن عمر ليتكلما مع طلحة والزبير، واتفقوا على عدم القتال، فطلحة والزبير ومعهما عائشة أم المؤمنين يرون أنه لا يجوز ترك قتلة عثمان، وكان علي يرى أنه ليس من المصلحة تتبع قتلة عثمان الآن؛ بل حتى تستتب الأمور، فقتل قتلة عثمان متفق عليه من الطرفين، والاختلاف إنما هو في متى يكون تنفيذه، وبعد الاتفاق نام الجيشان بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة حتى قرروا أن ينشبوا القتال بين الفريقين, فحمل القتلة على عسكر طلحة والزبير، فظن طلحة والزبير أن عليا حمل عليهم، فحملوا دفعا عن أنفسهم، فظن علي أنهم حملوا عليه، فحمل دفعا عن نفسه، فوقعت الفتنة بغير اختيارهم، وحاول قادة الجيشين وقف القتال لكن لم يفلحوا، فكان طلحة يقول: يا أيها الناس أنصتوا.
وهم لا ينصتون، فقال: أف أف فراش نار, وذبان طمع.
وعلي يحاول يمنعهم ولا يردون عليه, وعائشة راكبة جملها: لا قاتلت، ولا أمرت بالقتال, وقد أرسلت كعب بن سور بمصحف منشور بيده يناشد الناس أن لا يريقوا دماءهم، فأصابه سهم غرب فقتله، فترامى أوباش الطائفتين بالنبل، وشبت نار الحرب، وثارت النفوس، فالتحموا واشتد القتال أمام الجمل الذي عليه عائشة رضي الله عنها حتى عقر الجمل، وقتل طلحة والزبير، وحملت عائشة بهودجها إلى دار عبد الله بن خلف، ثم سيرها علي إلى مكة في صحبة من النساء، ثم ولي على البصرة عبد الله بن عباس بعد أيام من وقعة الجمل.
وكان سببها الأصلي هو المطالبة بقتل قتلة عثمان، وإقامة الحد عليهم، ولم يكن القتال أصلا في بال أحد من الفريقين، ولكن قدر الله وما شاء فعل، ومعلوم أن طلحة والزبير وعليا ممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، فرضي الله عنهم جميعا وأرضاهم.
أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، أمه: الصعبة بنت الحضرمي، أخت العلاء، أسلمت وأسلم طلحة قديما، هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، من السابقين الأولين إلى الإسلام، دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين طلحة وبين أبي أيوب الأنصاري، أبلى يوم أحد بلاءا عظيما، ووقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه فاتقى طلحة بيده عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصاب خنصره فشلت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أوجب طلحة).
وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا ممن قضى نحبه).
وقال أيضا: (من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة).
قتل يوم الجمل فلما وجده علي بعد المعركة في القتلى أجلسه ومسح التراب عن وجهه وقال: عزيز علي أن أراك مجدلا تحت نجوم السماء أبا محمد.
ثم بكى علي وقال: وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.
هو أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من أوائل الذين أسلموا، هاجر الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقش، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لكل نبي حواريا، وحواري الزبير بن العوام).
أول من سل سيفا في سبيل الله عز وجل، شهد بدرا معتجرا بعمامة صفراء فنزلت الملائكة على سيماه، اشتهر الزبير ببسالته في القتال وشدته وإقدامه حتى كأنه جيش لوحده، ولم يتخلف عن غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد قتل رحمه الله وهو ابن سبع وستين، وقيل: ست وستين.
لما تسلم علي بن أبي طالب الخلافة بدأ بعزل بعض العمال وأبدلهم بآخرين، وكان ممن عزلهم معاوية بن أبي سفيان الذي كان على الشام, كان رأي علي في قتلة عثمان عدم الاستعجال في القصاص قبل أن يستتب الأمر ويقوى سلطان الخلافة, وكان معاوية على رأي أهل الجمل الاستعجال في الاقتصاص من قتلة عثمان، قرر علي عزل معاوية عن ولاية الشام, وولى بدلا عنه سهل بن حنيف، ولما سار الأخير للشام رفضه أهلها، وأبى معاوية الانعزال؛ لأنه يرى أن الأمر لم يستتب تماما لعلي، وخاصة أن قتلة عثمان لا يزالون يسرحون في البلاد، فقام علي بالحزم وهو لا يرضى اللين في مثل ذلك، فحرك جيشا إليه وهو على رأسهم؛ ولكنه تحول إلى البصرة بعد سماعه بخروج طلحة والزبير وعائشة ومن معهم، فكانت موقعة الجمل، وبعد أن انتهى من الجمل وبقي في الكوفة فترة أرسل خلالها جرير بن عبد الله لمعاوية ليبايع له، ويبين له حجة علي في أمر القتلة؛ لكن معاوية لم يعط جوابا، ثم تتابعت الرسل ولكن دون جدوى حتى سير علي الجيش، وعلم معاوية بذلك فسار بجيشه وسبق إلى صفين واستمكن من الماء، ولما وصل علي طلب أن يكون الماء حرا للطرفين فأبوا عليه، فاستطاع أهل العراق إزاحتهم عن الماء فجعله علي رضي الله عنه حرا للجميع، وبقي الطرفان أياما دون قتال، ثم وقع القتال ودخل شهر محرم فتوقف الفريقان عن القتال لعلهم يتصالحون، وكانت السفراء بينهم ولكن دون جدوى، فعلي باق على رأيه ومعاوية لا يستجيب بشيء، ثم عادت المناوشات واستمرت لشهر صفر، ثم اشتد القتال ثلاثة أيام قتل فيها عمار بن ياسر الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية).
ولما بدأت لوائح الهزيمة تلوح على أهل الشام اقترحوا التحكيم، ثم كتبت صحيفة التحكيم وشهد عليها رجال من الطرفين، ثم رحل علي إلى الكوفة ومعاوية إلى الشام، ثم اجتمع المحكمان أبو موسى الأشعري من طرف علي وعمرو بن العاص من طرف معاوية، ولكن اجتماعهما لم يسفر عن أي اتفاق مما جعل عليا يتهيأ للمسير ثانية للشام؛ ولكن أمر الخوارج صرفه عن ذلك.
بعد أن اتفق فريق علي بن أبي طالب وفريق معاوية على التحكيم بعد القتال الذي دار في صفين وعاد كل فريق إلى مكانه الأول، فسار علي بن أبي طالب عائدا إلى الكوفة، وفي الطريق انحازت جماعة ممن لم يكونوا راضين عن التحكيم وكانوا يرون أن التحكيم فقط لكتاب الله لا للرجال، فانصرفوا إلى حروراء وبدأوا يبثون هذه الفكرة، خارجين عن علي منابذين له، فأرسل إليهم علي الرسل يناقشونهم لعلهم يثوبون للحق، وكان من أولئك الرسل ابن عباس، وعاد على يديه قرابة الألفي رجل، ثم سار علي بنفسه إليهم وحاججهم فرجعوا إلى الكوفة، ولكنهم بقوا يقولون: لا حكم إلا لله.
وعلي يقول: كلمة حق أريد بها باطل.
ثم لما أراد علي الخروج للشام بعد فشل التحكيم، بدأ الخوارج يتسللون من جيشه إلى النهروان، فبدأوا بالفساد فقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت مع نسوة آخرين، فأرسل علي إليهم رسولا فقتلوه، مما اضطر عليا للعودة إليهم ومقاتلتهم، فطلب منهم تسليم قتلة عبد الله فأبوا وتمردوا وبدأوا القتال، فحاربهم علي فأبادهم في النهروان إلا اليسير الذين بقوا بعد ذلك في الكوفة والبصرة ينشرون أفكارهم وهم متسترون.
ازداد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما بعد التحكيم قوة، واختلف الناس بالعراق على علي رضي الله عنه، ولم يعد له هم إلا مصر التي كان يخشاها وأهلها؛ لقربهم منه، فأراد أن يضمها إليه ، فأرسل إلى من لم يبايع عليا ولم يأتمر بأمر نوابه يخبرهم بقدوم الجيش عليهم سريعا، وكان واليها من قبل علي حينئذ محمد بن أبي بكر، وكان يواجه اضطرابات داخلية بسبب معاوية بن خديج ومسلمة بن مخلد ومن اعتزلوا معهما؛ إذ كان أمرهم يزداد قوة يوما بعد يوم، خاصة بعد صفين، فخرج معاوية بن خديج ومن معه مطالبين بدم عثمان رضي الله عنه، فلما علم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بذلك رأى أن محمدا لا تمكنه المقاومة، فولى على مصر الأشتر النخعي، فتوفي في الطريق، وشق على محمد بن أبي بكر عزله، فأرسل إليه علي رضي الله عنه يثبته عليها، ويأمره بالصبر، فلما كانت سنة ثمان وثلاثين من الهجرة أرسل معاوية عمرو بن العاص في ستة آلاف، فسار بهم حتى نزل أدنى مصر، فجاءه من خالف عليا وطالب بدم عثمان رضي الله عنه في عشرة آلاف، فكتب محمد إلى علي بالخبر واستمده، فأرسل إليه أن يضم شيعته إليه، ويأمره بالصبر ويعده بإنفاذ الجيوش إليه، فقام محمد في الناس وندبهم إلى الخروج معه، فقام معه قليل لم يصمدوا أمام جيوش الشام وانهزموا، ودخل عمرو بن العاص رضي الله عنه الفسطاط، وهرب محمد وخرج معاوية بن خديج يطلبه حتى التقى به فقتله.
هو عبد الله بن وهب الهمداني السبئي، وقيل: الحميري.
أصله من يهود صنعاء, وقيل: من يهود الحيرة، معروف بابن السوداء لأن أمه حبشية، أظهر الإسلام في زمن عثمان بن عفان, وقيل: إنه رومي أظهر الإسلام هو وجماعته السبئية بغرض تقويض الدولة الإسلامية لصالح الدولة البيزنطية.
وهو يختلف عن عبد الله بن وهب الراسبي رأس الخوارج الذي خرج على علي, رحل ابن سبإ إلى الحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام ثم استقر في مصر، كل ذلك ينشر بدعته، وجهر بها وتقوى في مصر، كان يقول برجعة النبي صلى الله عليه وسلم كرجعة عيسى في آخر الزمان، ثم دعا إلى علي وأثار الفتنة على عثمان، ثم غلا في علي وأظهر أنه الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالوصاية، ثم قال: إن في علي جزءا لاهوتيا، وأن هذا الجزء يتناسخ في الأئمة من بعد علي، ثم زعم أن عليا أيضا يرجع، وأفشل مع اتباعه المفاوضات بين علي والصحابة في الجمل وصفين، وتسببوا في نشوب الحرب بينهم.
يقال: إن عليا نفاه إلى المدائن.
وذلك أن علي بن أبي طالب لما بلغه أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر دعا به، ودعا بالسيف وهم بقتله، فشفع فيه أناس، فقال: والله لا يساكنني في بلد أنا فيه، فسيره إلى المدائن، وقيل: حرقه بالنار فيمن حرقهم, وقيل: إنه اختفى ولم يعلم بخاتمته.
بعث معاوية رضي الله عنه إلى الحجاز واليمن بسر بن أبي أرطاة القرشي العامري في جنود ووصل عامله هذا إلى اليمن فتنحى عنها عامل علي عبيد الله بن عباس، وبلغ عليا ذلك فجهز إلى اليمن جارية بن قدامة السعدي فهرب بسر من اليمن، ثم رجع عبيد الله إلى اليمن.
انتدب ثلاثة من الخوارج، وهم: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكر التميمي، فاجتمعوا بمكة، فتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ويريحوا العباد منهم، فقال ابن ملجم: أنا لعلي.
وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال الآخر: أنا أكفيكم عمرا، فتواثقوا أن لا ينكصوا، واتعدوا بينهم أن يقع ذلك ليلة سبع عشرة من رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى بلد بها صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة، وبقي ابن ملجم في الليلة التي عزم فيها على قتل علي يناجي الأشعث بن قيس في مسجده حتى طلع الفجر، فقال له الأشعث: ضحك الصبح، فقام وشبيب فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي، فضرب عليا بسيفه المسموم على رأسه، فلما قتل أخذوا عبد الرحمن بن ملجم وعذبوه فقتلوه.
وكانت مدة خلافة علي خمس سنين، فجزاه الله عن المسلمين خيرا، ورضي عنه وأرضاه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
بعد أن قتل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه اتجه أهل الكوفة إلى الحسن بن علي فبايعوه بالخلافة، وكان أول من بايعه قيس بن سعد، وبقي في الخلافة ستة أشهر، رأى خلالها تخاذل أصحابه، فرأى ضرورة اتفاق الأمة فآثر الصلح وتنازل لمعاوية بالخلافة، وسمي ذلك العام بعام الجماعة، وكان كما قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).
فجزاه الله خيرا ورضي الله عنه وأرضاه.
لما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بايع أهل الكوفة الحسن بن علي، وأطاعوه وأحبوه, فاشترط عليهم: إنكم سامعون مطيعون، مسالمون من سالمت، محاربون من حاربت.
فارتاب به أهل العراق وقالوا: ما هذا لكم بصاحب.
فما كان عن قريب حتى طعنوه، فازداد لهم بغضا، وازداد منهم ذعرا، فعند ذلك عرف تفرقهم واختلافهم عليه, وكان أهل العراق أشاروا على الحسن أن يسير إلى الشام لملاقاة معاوية فخرج بهم، ولما بلغ معاوية ذلك خرج هو أيضا بجيشه وتقارب الجيشان في مسكن بناحية الأنبار، لما رأى الحسن الجيشان في مسكن بناحية الأنبار هاله أن تكون مقتلة كبيرة تسيل فيها دماء المسلمين فرغب في الصلح، استقبل الحسن بن علي معاوية بن أبى سفيان بكتائب أمثال الجبال، قال عمرو بن العاص لما رأى ضخامة الجيشين: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها.
فقال معاوية: أي عمرو، إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، من لي بأمور الناس؟ من لي بضيعتهم؟ من لي بنسائهم؟ عرض الحسن بن علي على عبد الله بن جعفر أمر الصلح، قال له: إني قد رأيت رأيا، وإني أحب أن تتابعني عليه.
قال: قلت: ما هو؟ قال: قد رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها، وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث، فقد طالت الفتنة، وسفكت فيها الدماء، وقطعت فيها الأرحام، وقطعت السبل، وعطلت الثغور.
فقال ابن جعفر: جزاك الله عن أمة محمد خيرا، فأنا معك، وعلى هذا الحديث.
فقال الحسن: ادع لي الحسين.
فبعث إلى حسين فأتاه، فقال: أي أخي، إني قد رأيت رأيا، وإني أحب أن تتابعني عليه.
قال: ما هو؟ فقص عليه الذي قال لابن جعفر، قال الحسين: أعيذك بالله أن تكذب عليا في قبره، وتصدق معاوية!.
فقال الحسن: والله ما أردت أمرا قط إلا خالفتني إلى غيره، والله لقد هممت أن أقذفك في بيت فأطينه عليك حتى أقضي أمري.
فلما رأى الحسين غضبه قال: أمرنا لأمرك تبع، فافعل ما بدا لك.
فقام الحسن فقال: يا أيها الناس، إني كنت أكره الناس لأول هذا الحديث، وأنا أصلحت آخره، لذي حق أديت إليه حقه أحق به مني، أو حق جدت به لصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وإن الله قد ولاك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندك، أو لشر يعلمه فيك، {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} [الأنبياء: 111].
وبهذا التنازل تحقق في الحسن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).
ولما تم الصلح بشروطه برز الحسن بين الصفين وقال: ما أحببت أن لي أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أن يهراق في ذلك محجمة دم.
وكان يقول: إني قد اخترت ما عند الله، وتركت هذا الأمر لمعاوية.
وأما طلب الحسن لأن تكون الخلافة له من بعده فليست صحيحة، قال جبير بن نفير: قلت للحسن بن علي: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة.
فقال: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت، ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله، ثم أبتزها بأتياس أهل الحجاز!.
وجاء في نص الصلح في إحدى الروايات: بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين.
بعد أن تنازل الحسن بن علي رضي الله عنه لمعاوية بالخلافة أصبح معاوية هو الخليفة الشرعي للمسلمين، فكان بذلك أول بداية الدولة الأموية التي كانت عاصمتها دمشق، ومن المعلوم أن هذه الدولة استمرت إحدى وتسعين سنة.
كان أول الخارجين فروة بن نوفل الأشجعي، وكان ممن اعتزل قتال علي والحسن وانحاز معه خمسمائة فارس من الخوارج إلى شهرزور، قائلا: والله ما أدري على أي شيء نقاتل عليا! أرى أن أنصرف حتى تتضح لي بصيرتي في قتاله أو أتابعه.
فلما سلم الحسن الأمر إلى معاوية قالوا: قد جاء الآن ما لا شك فيه، فسيروا إلى معاوية فجاهدوه.
فأقبلوا وعليهم فروة بن نوفل حتى حلوا بالنخيلة عند الكوفة، فأرسل إليهم معاوية جمعا من أهل الشام فقاتلوهم، فانهزم أهل الشام، فقال معاوية لأهل الكوفة: والله لا أمان لكم عندي حتى تكفوهم.
فخرج أهل الكوفة فقاتلوهم.
فقالت لهم الخوارج: أليس معاوية عدونا وعدوكم؟ دعونا حتى نقاتله، فإن أصبنا كنا قد كفيناكم عدوكم، وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا.
فقالوا: لابد لنا من قتالكم.
فأخذ بنو أشجع صاحبهم فروة فحادثوه ووعظوه فلم يرجع، فأخذوه قهرا وأدخلوه الكوفة، فاستعمل الخوارج عليهم عبد الله بن أبي الحوساء، رجلا من طيء، فقاتلهم أهل الكوفة فقتلوهم, ثم تمكن منه المغيرة بن شعبة والي العراق وقتله، وقتل عبد الله بن أبي الحوساء الطائي الذي تولى أمر الخوارج بعده، ثم قتل حوثرة بن وداع الأسدي الذي نصبه الخوارج أميرا عليهم.
ثم خرج أبو مريم وهو مولى لبني الحارث بن كعب، وقد أحب أن يشرك النساء معه في الخروج؛ إذ كانت معه امرأتان: "قطام وكحيلة" فكان يقال لهم: يا أصحاب كحيلة وقطام.
تعييرا لهم، وقد أراد بهذا أن يسن خروجهن، فوجه إليه المغيرة جابر البجلي فقاتله حتى قتله وانهزم أصحابه.
ثم خرج رجل يقال له: أبو ليلى، أسود طويل الجسم، وقبل أن يعلن خروجه دخل مسجد الكوفة وأخذ بعضادتي الباب، وكان في المسجد عدة من الأشراف، ثم صاح بأعلى صوته: لا حكم إلا لله، فلم يعترض له أحد، ثم خرج وخرج معه ثلاثون رجلا من الموالي بسواد الكوفة، فبعث له المغيرة معقل بن قيس الرياحي فقتله سنة 42هـ.
توغل عقبة بن نافع في أفريقيا حتى فتح غدامس وودان وبلاد البربر.
كان أول من بدأ ذلك بسر بن أرطاة الذي أرسله معاوية في الشاتية فوصل إلى القسطنطينية ولكن لم تفتح.
بقيت بقية من الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب يوم النهروان، وهؤلاء بقوا يبثون أفكارهم في الكوفة والبصرة وغيرها، وكان بدء تحركهم للخروج سنة 42هـ، عندما بدأوا يتشاورون في ذلك، فقد كانت الخوارج يلقى بعضهم بعضا فيذاكرون مصارع إخوتهم بالنهر، فيترحمون عليهم، ويحض بعضهم بعضا على الخروج للانتقام من حكامهم الجائرين، الذين عطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، فاجتمع رأيهم على ثلاثة نفر منهم لتولي قيادتهم: المستورد بن علفة التيمي، ومعاذ بن جويني الطائي، وحيان بن ظبيان السلمي الذي كان منزله مكانا لاجتماعاتهم، ولكن كل واحد من هؤلاء الثلاثة دفع تولي الخلافة عن نفسه، وأخيرا اتفقوا على أن يتولاها المستورد هذا، وكانوا أربعمائة شخص، ونادوه: بأمير المؤمنين، وكان المستورد ناسكا، كثير الصلاة، وله آداب وحكم مأثورة، وقد قام المغيرة بن شعبة بسجن بعضهم بعد أن علم نواياهم في الخروج عليه أيضا.
فعلم المستورد بن علفة بأمر المغيرة، وأنه بدأ يطلبهم فجهز جيشا, ثم اتفقوا على أن يكون الخروج في غرة شعبان, ولما علم بذلك المغيرة بن شعبة أرسل مدير شرطته قبيصة بن الدمون إلى مكان اجتماعهم وهو منزل حيان، فأخذوهم وجاءوا بهم إلى المغيرة فأودعهم السجن بعد استجوابهم وإنكارهم أن يكون اجتماعهم لشيء غير مدارسة كتاب الله، فأفرج عنهم.
وراح المستورد يراوغ في حربه للمغيرة فيخرج من مكان إلى آخر؛ حتى يبدد جيش المغيرة، ثم يلقاهم وقد تعبوا، فكان إلى أن كانت المعركة النهائية حيث تبارز المستورد مع معقل فضرب كل واحد منهما صاحبه فخرا ميتين، وهزمت الخوارج وقتلوا شر قتلة فلم ينج منهم غير خمسة أو ستة.
هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد –بالتصغير- بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي، أمير مصر، يكنى أبا عبد الله، وأبا محمد، أسلم قبل الفتح في صفر سنة ثمان، وقيل: بين الحديبية وخيبر، ولما أسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويدنيه لمعرفته وشجاعته.
وولاه غزوة ذات السلاسل، وأمده بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح، ثم استعمله على عمان، فمات صلى الله عليه وسلم وعمرو هو أميرها، ثم كان من أمراء الأجناد في الجهاد بالشام في زمن عمر، وهو الذي افتتح قنسرين، وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية، وولاه عمر فلسطين، وولي عمرو إمرة مصر في زمن عمر بن الخطاب، وهو الذي افتتحها وأبقاه عثمان قليلا ثم عزله وولى عبد الله بن أبي سرح، ثم لم يزل عمرو بغير إمرة إلى أن كانت الفتنة بين علي ومعاوية، فلحق بمعاوية فكان معه يدبر أمره في الحرب إلى أن جرى أمر الحكمين، ثم سار في جيش جهزه معاوية إلى مصر فوليها لمعاوية من صفر سنة ثمان وثلاثين إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين على الصحيح.
توفي وهو ابن تسعين سنة.
وفي صحيح مسلم من رواية عبد الرحمن بن شماسة قال: فلما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى، فقال له عبد الله بن عمرو ابنه: ما يبكيك؟ فذكر الحديث بطوله في قصة إسلامه، وأنه كان شديد الحياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع طرفه إليه.
وذكرها ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وزاد فيها أشياء من رواية ابن لهيعة.
تم الفتح على يد المهلب بن أبي صفرة حيث بدأ بغزو مكران حتى وصل إلى قندابيل، وكسر العدو وسلم وغنم.
وبه تعرف أهل البلاد على الإسلام وشرائعه فدخل منهم عدد كبير في الإسلام.