• 2927
  • غَزَوْنَا الشَّامَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَمَرَرْنَا بِحِمْصَ بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَقُلْنَا : وَحْشِيٌّ , فَقَالُوا : لَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ ، هُوَ الْآنَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَتَّى يُصْبِحَ ، فَبِتْنَا مِنْ أَجْلِهِ وَإِنَّا لَثَمَانُونَ رَجُلًا ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ جِئْنَا إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَإِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ طُرِحَتْ لَهُ زِرْبِيَّةٌ قَدْرَ مَجْلِسِهِ ، فَقُلْنَا : أَخْبِرْنَا عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ وَقَتْلِ مُسَيْلِمَةَ , فَكَرِهَ ذَلِكَ وَأَعْرَضَ عَنْهُ ، فَقُلْنَا : مَا بِتْنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ إِلَّا مِنْ أَجَلِكَ . قَالَ : إِنِّي كُنْتُ عَبْدًا لِمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ , فَوَرِثَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ ، فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ إِلَى أُحُدٍ , دَعَانِي فَقَالَ : قَدْ رَأَيْتَ مَقْتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيٍّ ، قَتَلَهُ حَمْزَةُ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَلَمْ تَزَلْ نِسَاؤُنَا فِي حُزْنٍ شَدِيدٍ إِلَى يَوْمِي هَذَا ، فَإِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ فَأَنْتَ حُرٌّ . قَالَ : فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ وَلِي مَزَارِيقُ ، وَكُنْتُ أَمُرُّ بِهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ فَتَقُولُ : إِيهًا أَبَا دَسِمَةَ , اشْفِ وَاشْتَفِ ، فَلَمَّا وَرَدْنَا أُحُدًا نَظَرْتُ إِلَى حَمْزَةَ يَقْدُمُ النَّاسَ يَهُذُّهُمْ هَذًا , فَرَآنِي وَأَنَا قَدْ كَمُنْتُ تَحْتَ شَجَرَةٍ ، فَأَقْبَلَ نَحْوِي ، وَيَعْتَرِضُ لَهُ سِبَاعٌ الْخُزَاعِيُّ , فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ : وَأَنْتَ أَيْضًا يَا ابْنَ مُقَطَّعَةَ الْبُظُورِ مِمَّنْ يُكْثِرُ عَلَيْنَا ، هَلُمَّ إِلَيَّ . قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ , رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَاحْتَمَلَهُ ، حَتَّى رَأَيْتُ بُرْقَانَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ قَتَلَهُ ، وَأَقْبَلَ نَحْوِي سَرِيعًا حَتَّى يَعْتَرِضَ لَهُ جُرُفٌ فَيَقَعُ ، وَأَزْرِقُهُ بِمِزْرَاقِي فَيَقَعُ فِي الثَّنَةِ ، وَالثَّنَةُ أَسْفَلُ مِنَ السُّرَّةِ ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ ، وَأَمُرُّ بِهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ فَأَخْبَرْتُهَا ، فَأَعْطَتْنِي حُلِيَّهَا وَثِيَابَهَا ، وَكَانَ فِي سَاقَيْهَا خَدْمَتَانِ مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ ، وَمَسْكَتَانِ مِنْ وَرِقٍ ، وَخَوَاتِمَ وَرِقٍ , وَكُنَّ فِي أَصَابِعِ رِجْلَيْهَا ، فَأَعْطَتْنِي ذَلِكَ كُلَّهُ . وَأَمَّا مُسَيْلِمَةُ فَإِنَّا دَخَلْنَا حَدِيقَةَ الْمَوْتِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ زَرَقْتُهُ بِالْمِزْرَاقِ ، وَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالسَّيْفِ ، فَرَبُّكَ أَعْلَمُ أَيُّنَا قَتَلَهُ ، إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ امْرَأَةً تَصِيحُ فَوْقَ الدَّيْرِ تَقُولُ : قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ : فَقُلْتُ : تَعْرِفُنِي ؟ قَالَ : فَأَكَرَّ بَصَرَهُ عَلَيَّ ، يَقُولُ : حَمَلَهُ عَلَى النَّظَرِ ، فَقَالَ ابْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ : وَلِعَاتِكَةَ بِنْتِ أَبِي الْعِيصِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ مَا لِي بِكَ عَهْدٌ بَعْدَ إِذْ رَفَعَتْكَ أُمُّكَ فِي مَحَفَّتِهَا الَّتِي تُرْضِعُكَ فِيهَا ، وَنَظَرَتْ إِلَى بُرْقَانِ قَدَمَيْكَ حَتَّى كَانَ الْآنَ "

    أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ قَالَ : غَزَوْنَا الشَّامَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَمَرَرْنَا بِحِمْصَ بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَقُلْنَا : وَحْشِيٌّ , فَقَالُوا : لَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ ، هُوَ الْآنَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَتَّى يُصْبِحَ ، فَبِتْنَا مِنْ أَجْلِهِ وَإِنَّا لَثَمَانُونَ رَجُلًا ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ جِئْنَا إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَإِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ طُرِحَتْ لَهُ زِرْبِيَّةٌ قَدْرَ مَجْلِسِهِ ، فَقُلْنَا : أَخْبِرْنَا عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ وَقَتْلِ مُسَيْلِمَةَ , فَكَرِهَ ذَلِكَ وَأَعْرَضَ عَنْهُ ، فَقُلْنَا : مَا بِتْنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ إِلَّا مِنْ أَجَلِكَ . قَالَ : إِنِّي كُنْتُ عَبْدًا لِمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ , فَوَرِثَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ ، فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ إِلَى أُحُدٍ , دَعَانِي فَقَالَ : قَدْ رَأَيْتَ مَقْتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيٍّ ، قَتَلَهُ حَمْزَةُ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَلَمْ تَزَلْ نِسَاؤُنَا فِي حُزْنٍ شَدِيدٍ إِلَى يَوْمِي هَذَا ، فَإِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ فَأَنْتَ حُرٌّ . قَالَ : فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ وَلِي مَزَارِيقُ ، وَكُنْتُ أَمُرُّ بِهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ فَتَقُولُ : إِيهًا أَبَا دَسِمَةَ , اشْفِ وَاشْتَفِ ، فَلَمَّا وَرَدْنَا أُحُدًا نَظَرْتُ إِلَى حَمْزَةَ يَقْدُمُ النَّاسَ يَهُذُّهُمْ هَذًا , فَرَآنِي وَأَنَا قَدْ كَمُنْتُ تَحْتَ شَجَرَةٍ ، فَأَقْبَلَ نَحْوِي ، وَيَعْتَرِضُ لَهُ سِبَاعٌ الْخُزَاعِيُّ , فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ : وَأَنْتَ أَيْضًا يَا ابْنَ مُقَطَّعَةَ الْبُظُورِ مِمَّنْ يُكْثِرُ عَلَيْنَا ، هَلُمَّ إِلَيَّ . قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ , رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَاحْتَمَلَهُ ، حَتَّى رَأَيْتُ بُرْقَانَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ قَتَلَهُ ، وَأَقْبَلَ نَحْوِي سَرِيعًا حَتَّى يَعْتَرِضَ لَهُ جُرُفٌ فَيَقَعُ ، وَأَزْرِقُهُ بِمِزْرَاقِي فَيَقَعُ فِي الثَّنَةِ ، وَالثَّنَةُ أَسْفَلُ مِنَ السُّرَّةِ ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ ، وَأَمُرُّ بِهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ فَأَخْبَرْتُهَا ، فَأَعْطَتْنِي حُلِيَّهَا وَثِيَابَهَا ، وَكَانَ فِي سَاقَيْهَا خَدْمَتَانِ مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ ، وَمَسْكَتَانِ مِنْ وَرِقٍ ، وَخَوَاتِمَ وَرِقٍ , وَكُنَّ فِي أَصَابِعِ رِجْلَيْهَا ، فَأَعْطَتْنِي ذَلِكَ كُلَّهُ . وَأَمَّا مُسَيْلِمَةُ فَإِنَّا دَخَلْنَا حَدِيقَةَ الْمَوْتِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ زَرَقْتُهُ بِالْمِزْرَاقِ ، وَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالسَّيْفِ ، فَرَبُّكَ أَعْلَمُ أَيُّنَا قَتَلَهُ ، إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ امْرَأَةً تَصِيحُ فَوْقَ الدَّيْرِ تَقُولُ : قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ : فَقُلْتُ : تَعْرِفُنِي ؟ قَالَ : فَأَكَرَّ بَصَرَهُ عَلَيَّ ، يَقُولُ : حَمَلَهُ عَلَى النَّظَرِ ، فَقَالَ ابْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ : وَلِعَاتِكَةَ بِنْتِ أَبِي الْعِيصِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ مَا لِي بِكَ عَهْدٌ بَعْدَ إِذْ رَفَعَتْكَ أُمُّكَ فِي مَحَفَّتِهَا الَّتِي تُرْضِعُكَ فِيهَا ، وَنَظَرَتْ إِلَى بُرْقَانِ قَدَمَيْكَ حَتَّى كَانَ الْآنَ

    زربية: الزربية : البساط ذو الخَمْل
    جرف: الجرف : حافة وجانب الوادي إذا حفر الماء في أسفله
    خدمتان: الخدم : الخلخال
    جزع: الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن
    ورق: الورق : الفضة. والأورق : الأسمر.
    الدير: الدير : مكان ينقطع فيه الرهبان للعبادة
    محفتها: المحفة : مركب من مراكب النساء كالهودج إلا أنها لا تقبب كما يقبب الهودج
    غَزَوْنَا الشَّامَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَمَرَرْنَا بِحِمْصَ بَعْدَ الْعَصْرِ
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات