قَالَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى : لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خِفْتُ خَوْفًا شَدِيدًا ، فَخَرَجْتُ مِنْ بَيْتِي وَفَرَّقْتُ عِيَالِي فِي مَوَاضِعَ يَأْمَنُونَ فِيهَا ، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى حَائِطِ عَوْفٍ فَكُنْتُ فِيهِ ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ , وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خُلَّةٌ ، وَالْخُلَّةُ أَبَدًا نَافِعَةٌ , فَلَمَّا رَأَيْتُهُ هَرَبْتُ مِنْهُ ، فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ ، قَالَ : مَالَكَ ؟ قُلْتُ : الْخَوْفُ ، قَالَ : لَا خَوْفَ عَلَيْكَ ، تَعَالَ أَنْتَ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ , فَقَالَ لِيَ : اذْهَبْ إِلَى مَنْزِلِكَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : وَهَلْ لِي سَبِيلٌ إِلَى مَنْزِلِي , وَاللَّهِ مَا أَرَانِي أَصِلُ إِلَى بَيْتِي حَيًّا حَتَّى أُلْقَى فَأُقْتَلَ , أَوْ يُدْخَلَ عَلَيَّ مَنْزِلِي فَأُقْتَلَ ، وَإِنَّ عِيَالِي لَفِي مَوَاضِعَ شَتَّى . قَالَ : فَاجْمَعْ عِيَالَكَ مَعَكَ فِي مَوْضِعٍ , وَأَنَا أَبْلُغُ مَعَكَ مَنْزِلَكَ . فَبَلَغَ مَعِي مَنْزِلِي وَجَعَلَ يُنَادِي عَلَى بَابِي : أَنَّ حُوَيْطِبَ آمِنٌ فَلَا يُهَجْ . ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : " أَوَلَيْسَ قَدْ أَمَّنَّا النَّاسَ كُلَّهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرْتُ بِقَتْلِهِ " ؟ قَالَ : فَاطْمَأْنَنْتُ ، وَرَدَدْتُ عِيَالِي إِلَى مَوَاضِعِهِمْ وَعَادَ إِلَيَّ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، حَتَّى مَتَى وَإِلَى مَتَى ، قَدْ سُبِقْتَ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا , وَفَاتَكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ , وَبَقِيَ خَيْرٌ كَثِيرٌ , فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَرُّ النَّاسِ ، وَأَوْصَلُ النَّاسِ ، وَأَحْلَمُ النَّاسِ ، شَرَفُهُ شَرَفُكَ , وَعِزُّهُ عِزُّكَ ، قَالَ : قُلْتُ : فَأَنَا أَخْرُجُ مَعَكَ فَآتِيهِ . قَالَ : فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ ، وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ , فَوَقَفْتُ عَلَى رَأْسِهِ ، وَقَدْ سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ : كَيْفَ يُقَالُ لَهُ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : قُلِ : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَقُلْتُهَا ، فَقَالَ : " وَعَلَيْكَ السَّلَامُ , أَحُوَيْطِبٌ ؟ " . قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ " ، قَالَ : وَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِي ، وَاسْتَقْرَضَنِي مَالًا فَأَقْرَضْتُهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَشَهِدْتُ مَعَهُ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ ، وَأَعْطَانِي مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مِائَةَ بَعِيرٍ "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ , عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ قَالَا : قَالَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى : لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خِفْتُ خَوْفًا شَدِيدًا ، فَخَرَجْتُ مِنْ بَيْتِي وَفَرَّقْتُ عِيَالِي فِي مَوَاضِعَ يَأْمَنُونَ فِيهَا ، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى حَائِطِ عَوْفٍ فَكُنْتُ فِيهِ ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ , وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خُلَّةٌ ، وَالْخُلَّةُ أَبَدًا نَافِعَةٌ , فَلَمَّا رَأَيْتُهُ هَرَبْتُ مِنْهُ ، فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ ، قَالَ : مَالَكَ ؟ قُلْتُ : الْخَوْفُ ، قَالَ : لَا خَوْفَ عَلَيْكَ ، تَعَالَ أَنْتَ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ , فَقَالَ لِيَ : اذْهَبْ إِلَى مَنْزِلِكَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : وَهَلْ لِي سَبِيلٌ إِلَى مَنْزِلِي , وَاللَّهِ مَا أَرَانِي أَصِلُ إِلَى بَيْتِي حَيًّا حَتَّى أُلْقَى فَأُقْتَلَ , أَوْ يُدْخَلَ عَلَيَّ مَنْزِلِي فَأُقْتَلَ ، وَإِنَّ عِيَالِي لَفِي مَوَاضِعَ شَتَّى . قَالَ : فَاجْمَعْ عِيَالَكَ مَعَكَ فِي مَوْضِعٍ , وَأَنَا أَبْلُغُ مَعَكَ مَنْزِلَكَ . فَبَلَغَ مَعِي مَنْزِلِي وَجَعَلَ يُنَادِي عَلَى بَابِي : أَنَّ حُوَيْطِبَ آمِنٌ فَلَا يُهَجْ . ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : أَوَلَيْسَ قَدْ أَمَّنَّا النَّاسَ كُلَّهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرْتُ بِقَتْلِهِ ؟ قَالَ : فَاطْمَأْنَنْتُ ، وَرَدَدْتُ عِيَالِي إِلَى مَوَاضِعِهِمْ وَعَادَ إِلَيَّ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، حَتَّى مَتَى وَإِلَى مَتَى ، قَدْ سُبِقْتَ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا , وَفَاتَكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ , وَبَقِيَ خَيْرٌ كَثِيرٌ , فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبَرُّ النَّاسِ ، وَأَوْصَلُ النَّاسِ ، وَأَحْلَمُ النَّاسِ ، شَرَفُهُ شَرَفُكَ , وَعِزُّهُ عِزُّكَ ، قَالَ : قُلْتُ : فَأَنَا أَخْرُجُ مَعَكَ فَآتِيهِ . قَالَ : فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ ، وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ , فَوَقَفْتُ عَلَى رَأْسِهِ ، وَقَدْ سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ : كَيْفَ يُقَالُ لَهُ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : قُلِ : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَقُلْتُهَا ، فَقَالَ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ , أَحُوَيْطِبٌ ؟ . قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ ، قَالَ : وَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِإِسْلَامِي ، وَاسْتَقْرَضَنِي مَالًا فَأَقْرَضْتُهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَشَهِدْتُ مَعَهُ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ ، وَأَعْطَانِي مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ مِائَةَ بَعِيرٍ . ثُمَّ قَدِمَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينَةَ , فَنَزَلَهَا وَلَهُ بِهَا دَارٌ بِالْبَلَاطِ عِنْدَ أَصْحَابِ الْمَصَاحِفِ