كَانَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ رَجُلًا صَالِحًا لَهُ فَضْلٌ ، وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ إِسْلَامِهِ وَمَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَيَقُولُ : مَا رَأَيْتُ أَعْجَبَ مِمَّا كُنَّا فِيهِ مِنْ لُزُومِ مَا مَضَى عَلَيْهِ آبَاؤُنَا مِنَ الضَّلَالَاتِ . ثُمَّ يَقُولُ : " لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَنْوَةً ، قُلْتُ : أَسِيرُ مَعَ قُرَيْشٍ إِلَى هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ ، فَعَسَى إِنِ اخْتَلَطُوا أَنْ أُصِيبَ مِنْ مُحَمَّدٍ غِرَّةً فَأَثْأَرَ مِنْهُ فَأَكُونَ أَنَا الَّذِي قُمْتُ بِثَأْرِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا . وَأَقُولُ : لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ أَحَدٌ إِلَّا اتَّبَعَ مُحَمَّدًا مَا تَبِعْتُهُ . فَكُنْتُ مُرْصِدًا لِمَا خَرَجْتُ لَهُ ، لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ فِي نَفْسِي إِلَّا قُوَّةً ، فَلَمَّا اخْتَلَطَ النَّاسُ اقْتَحَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَغْلَتِهِ ، وَأَصْلَتُّ السَّيْفَ فَدَنَوْتُ أُرِيدُ مَا أُرِيدُ مِنْهُ ، وَرَفَعْتُ سَيْفِي حَتَّى كِدْتُ أُسَوِّدُهُ ، فَرُفِعَ لِي شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ كَالْبَرْقِ كَادَ يَمْحَشُنِي ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى بَصَرِي خَوْفًا عَلَيْهِ ، وَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَى : " يَا شَيْبُ ، ادْنُ مِنِّي " . فَدَنَوْتُ فَمَسَحَ صَدْرِي ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ " . قَالَ : فَوَاللَّهِ لَهُوَ كَانَ سَاعَتَئِذٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي وَنَفْسِي ، وَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ بِي . ثُمَّ قَالَ : " ادْنُ فَقَاتِلْ " . فَتَقَدَّمْتُ أَمَامَهُ أَضْرِبُ بِسَيْفِي ، اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ أَقِيَهُ بِنَفْسِي كُلَّ شَيْءٍ ، وَلَوْ لَقِيتُ تِلْكَ السَّاعَةَ أَبِي لَوْ كَانَ حَيًّا لَأَوْقَعْتُ بِهِ السَّيْفَ ، فَجَعَلْتُ أَلْزَمُهُ فِيمَنْ لَزِمَهُ حَتَّى تَرَاجَعَ الْمُسْلِمُونَ فَكَرُّوا كَرَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، وَقَرَّبْتُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَوَى عَلَيْهَا ، فَخَرَجَ فِي أَثَرِهِمْ حَتَّى تَفَرَّقُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ ، وَرَجَعَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ فَدَخَلَ خِبَاءَهُ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، مَا دَخَلَ عَلَيْهِ غَيْرِي ، حُبًّا لِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ وَسُرُورًا بِهِ ، فَقَالَ : " يَا شَيْبُ ، الَّذِي أَرَادَ بِكَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتَ بِنَفْسِكَ " . ثُمَّ حَدَّثَنِي بِكُلِّ مَا أَضْمَرْتُ فِي نَفْسِي مِمَّا لَمْ أَكُنْ أَذْكُرُهُ لِأَحَدٍ قَطُّ . قَالَ : فَقُلْتُ : فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قُلْتُ : اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : " غَفَرَ اللَّهُ لَكَ "
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُبَيْدٍ ، . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَحَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَبِيِّ ، عَنْ أُمِّهِ ، وَغَيْرِهَا ، وَعِمَادُ الْحَدِيثِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ قَالُوا : كَانَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ رَجُلًا صَالِحًا لَهُ فَضْلٌ ، وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ إِسْلَامِهِ وَمَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَيَقُولُ : مَا رَأَيْتُ أَعْجَبَ مِمَّا كُنَّا فِيهِ مِنْ لُزُومِ مَا مَضَى عَلَيْهِ آبَاؤُنَا مِنَ الضَّلَالَاتِ . ثُمَّ يَقُولُ : لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَكَّةَ عَنْوَةً ، قُلْتُ : أَسِيرُ مَعَ قُرَيْشٍ إِلَى هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ ، فَعَسَى إِنِ اخْتَلَطُوا أَنْ أُصِيبَ مِنْ مُحَمَّدٍ غِرَّةً فَأَثْأَرَ مِنْهُ فَأَكُونَ أَنَا الَّذِي قُمْتُ بِثَأْرِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا . وَأَقُولُ : لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ أَحَدٌ إِلَّا اتَّبَعَ مُحَمَّدًا مَا تَبِعْتُهُ . فَكُنْتُ مُرْصِدًا لِمَا خَرَجْتُ لَهُ ، لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ فِي نَفْسِي إِلَّا قُوَّةً ، فَلَمَّا اخْتَلَطَ النَّاسُ اقْتَحَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ بَغْلَتِهِ ، وَأَصْلَتُّ السَّيْفَ فَدَنَوْتُ أُرِيدُ مَا أُرِيدُ مِنْهُ ، وَرَفَعْتُ سَيْفِي حَتَّى كِدْتُ أُسَوِّدُهُ ، فَرُفِعَ لِي شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ كَالْبَرْقِ كَادَ يَمْحَشُنِي ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى بَصَرِي خَوْفًا عَلَيْهِ ، وَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَنَادَى : يَا شَيْبُ ، ادْنُ مِنِّي . فَدَنَوْتُ فَمَسَحَ صَدْرِي ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ . قَالَ : فَوَاللَّهِ لَهُوَ كَانَ سَاعَتَئِذٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي وَنَفْسِي ، وَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ بِي . ثُمَّ قَالَ : ادْنُ فَقَاتِلْ . فَتَقَدَّمْتُ أَمَامَهُ أَضْرِبُ بِسَيْفِي ، اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ أَقِيَهُ بِنَفْسِي كُلَّ شَيْءٍ ، وَلَوْ لَقِيتُ تِلْكَ السَّاعَةَ أَبِي لَوْ كَانَ حَيًّا لَأَوْقَعْتُ بِهِ السَّيْفَ ، فَجَعَلْتُ أَلْزَمُهُ فِيمَنْ لَزِمَهُ حَتَّى تَرَاجَعَ الْمُسْلِمُونَ فَكَرُّوا كَرَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، وَقَرَّبْتُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَاسْتَوَى عَلَيْهَا ، فَخَرَجَ فِي أَثَرِهِمْ حَتَّى تَفَرَّقُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ ، وَرَجَعَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ فَدَخَلَ خِبَاءَهُ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، مَا دَخَلَ عَلَيْهِ غَيْرِي ، حُبًّا لِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ وَسُرُورًا بِهِ ، فَقَالَ : يَا شَيْبُ ، الَّذِي أَرَادَ بِكَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتَ بِنَفْسِكَ . ثُمَّ حَدَّثَنِي بِكُلِّ مَا أَضْمَرْتُ فِي نَفْسِي مِمَّا لَمْ أَكُنْ أَذْكُرُهُ لِأَحَدٍ قَطُّ . قَالَ : فَقُلْتُ : فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ قُلْتُ : اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : غَفَرَ اللَّهُ لَكَ