• 1977
  • لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ أُخْرِجَتْ أَكْفَانُهُ فَوُضِعَتْ عَلَى الْمِنْبَرِ ، ثُمَّ قَامَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ خَطِيبًا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ كَانَ جَدَّ الْعَرَبِ وَعَوْدَ الْعَرَبِ ، وَحَدًّا قَطَعَ اللَّهُ بِهِ الْفِتْنَةَ ، وَمَلَّكَهُ عَلَى الْعِبَادِ ، وَسَيَّرَ جُنُودَهُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَبَسَطَ بِهِ الدُّنْيَا ، وَكَانَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ دَعَاهُ اللَّهُ فَأَجَابَهُ ، فَقَدْ قَضَى نَحْبَهُ ، رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ أَكْفَانُهُ ، فَنَحْنُ مُدْرِجُوهُ فِيهَا ، وَمُدْخِلُوهُ قَبْرَهُ ، وَمُخَلُّوهُ وَعَمَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَحِمَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ، ثُمَّ هُوَ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَمَنْ أَرَادَ حُضُورَهُ بَعْدَ الظُّهْرِ فَلْيَحْضُرْهُ ، فَإِنَّا رَائِحُونَ بِهِ . وَصَلَّى عَلَيْهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ . قَالَ : وَكَانَ يَزِيدُ غَائِبًا حِينَ مَاتَ بَحُوَّارِينَ ، فَلَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الضَّحَّاكُ فَقَدِمَ وَقَدْ مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَدُفِنَ ، فَلَمْ يَأْتِ مَنْزِلَهُ حَتَّى أَتَى قَبْرَهُ ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ فَقَالَ : {
    }
    جَاءَ الْبَرِيدُ بِقِرْطَاسٍ يَخُبُّ بِهِ {
    }
    فَأَوْجَسَ الْقَلْبُ مِنْ قِرْطَاسِهِ فَزِعَا {
    }
    {
    }
    قُلْنَا لَكَ الْوَيْلُ مَاذَا فِي صَحِيفَتِكُمْ {
    }
    قَالَ : الْخَلِيفَةُ أَمْسَى مُثْبَتًا وَجِعَا {
    }
    {
    }
    فَمَادَتِ الْأَرْضُ أَوْ كَادَتْ تَمِيدُ بِنَا {
    }
    كَأَنَّ أَغْبَرَ مِنْ أَرْكَانِهَا انْقَطَعَا {
    }
    {
    }
    لَمَّا انْتَهَيْنَا وَبَابُ الدَّارِ مُنْصَفِقٌ {
    }
    لِصَوْتِ رَمْلَةَ رِيعَ الْقَلْبُ فَانْصَدَعَا {
    }
    {
    }
    مَنْ لَا تَزَلْ نَفْسُهُ تُوفِي عَلَى شَرَفٍ {
    }
    تُوشِكْ مَقَادِيرُ تِلْكَ النَّفْسِ أَنْ تَقَعَا {
    }
    {
    }
    أَوْدَى ابْنُ هِنْدٍ وَأَوْدَى الْمَجْدُ يَتْبَعُهُ {
    }
    كَانَا يَكُونَا جَمِيعًا قَاطِنِينَ مَعَا {
    }
    {
    }
    أَغَرُّ أَبْلَجُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ {
    }
    لَوْ قَارَعَ النَّاسَ عَنْ أَحْلَامِهِمْ قَرَعَا {
    }
    {
    }
    وَمَا أُبَالِي إِذَا أَدْرَكْتُ مُهْجَتَهُ {
    }
    مَنْ مَاتَ مِنْهُنَّ بِالْبَيْدَاءِ أَوْ ظَلَعَا {
    }
    ثُمَّ خَطَبَ يَزِيدُ النَّاسَ فَقَالَ : إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ ، أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَبَضَهُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ ، وَدُونَ مَنْ فَوْقَهُ ، وَلَا أُزَكِّيهِ عَلَى اللَّهِ ، هُوَ أَعْلَمُ بِهِ ، إِنْ عَفَا عَنْهُ فَبِرَحْمَتِهِ ، وَإِنْ عَاقَبَهُ فَبِذَنْبِهِ ، وَقَدْ وُلِّيتُ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَلَسْتُ آسَى عَلَى طَلَبٍ ، وَلَا أَعْتَذِرُ مِنْ تَفْرِيطٍ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ شَيْئًا كَانَ . اذْكُرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفِرُوهُ . فَقَالَ أَبُو الْوَرْدَِ الْعَنْبَرِيُّ يَرْثِي مُعَاوِيَةَ : {
    }
    أَلَا أَنْعِي مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ {
    }
    نَعَاهُ الْحِلُّ لِلشَّهْرِ الْحَرَامِ {
    }
    {
    }
    نَعَاهُ النَّاعِيَات بِكُلِّ فَجٍّ {
    }
    خَوَاضِعُ فِي الْأَزِمَّةِ كَالسِّهَامِ {
    }
    {
    }
    فَهَاتِيكَ النُّجُومُ وَهُنَّ خُرْسٌ {
    }
    يَنُحْنَ عَلَى مُعَاوِيَةَ الشِّئَامِ {
    }
    وَقَالَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ : {
    }
    رَمَى الْحَدَثَانِ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ {
    }
    بِمِقْدَارٍ سَمِدْنَ لَهُ سُمُودَا {
    }
    {
    }
    فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضًا {
    }
    وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ الْبِيضَ سُودَا {
    }
    {
    }
    فَإِنَّكَ لَوْ شَهِدْتَ بُكَاءَ هِنْدٍ {
    }
    وَرَمْلَةَ إِذْ يُصَفِّعْنَ الْخُدُودَا {
    }
    {
    }
    بَكَيْتَ بُكَاءَ مُعْوِلَةٍ قَرِيحٍ {
    }
    أَصَابَ الدَّهْرُ وَاحِدَهَا الْفَقِيدَا {
    }

    قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، وَعَنْ غَيْرِهِ ، قَالُوا : لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ أُخْرِجَتْ أَكْفَانُهُ فَوُضِعَتْ عَلَى الْمِنْبَرِ ، ثُمَّ قَامَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ خَطِيبًا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ كَانَ جَدَّ الْعَرَبِ وَعَوْدَ الْعَرَبِ ، وَحَدًّا قَطَعَ اللَّهُ بِهِ الْفِتْنَةَ ، وَمَلَّكَهُ عَلَى الْعِبَادِ ، وَسَيَّرَ جُنُودَهُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَبَسَطَ بِهِ الدُّنْيَا ، وَكَانَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ دَعَاهُ اللَّهُ فَأَجَابَهُ ، فَقَدْ قَضَى نَحْبَهُ ، رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ أَكْفَانُهُ ، فَنَحْنُ مُدْرِجُوهُ فِيهَا ، وَمُدْخِلُوهُ قَبْرَهُ ، وَمُخَلُّوهُ وَعَمَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَحِمَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ، ثُمَّ هُوَ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَمَنْ أَرَادَ حُضُورَهُ بَعْدَ الظُّهْرِ فَلْيَحْضُرْهُ ، فَإِنَّا رَائِحُونَ بِهِ . وَصَلَّى عَلَيْهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ . قَالَ : وَكَانَ يَزِيدُ غَائِبًا حِينَ مَاتَ بَحُوَّارِينَ ، فَلَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الضَّحَّاكُ فَقَدِمَ وَقَدْ مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَدُفِنَ ، فَلَمْ يَأْتِ مَنْزِلَهُ حَتَّى أَتَى قَبْرَهُ ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ فَقَالَ : جَاءَ الْبَرِيدُ بِقِرْطَاسٍ يَخُبُّ بِهِ فَأَوْجَسَ الْقَلْبُ مِنْ قِرْطَاسِهِ فَزِعَا قُلْنَا لَكَ الْوَيْلُ مَاذَا فِي صَحِيفَتِكُمْ قَالَ : الْخَلِيفَةُ أَمْسَى مُثْبَتًا وَجِعَا فَمَادَتِ الْأَرْضُ أَوْ كَادَتْ تَمِيدُ بِنَا كَأَنَّ أَغْبَرَ مِنْ أَرْكَانِهَا انْقَطَعَا لَمَّا انْتَهَيْنَا وَبَابُ الدَّارِ مُنْصَفِقٌ لِصَوْتِ رَمْلَةَ رِيعَ الْقَلْبُ فَانْصَدَعَا مَنْ لَا تَزَلْ نَفْسُهُ تُوفِي عَلَى شَرَفٍ تُوشِكْ مَقَادِيرُ تِلْكَ النَّفْسِ أَنْ تَقَعَا أَوْدَى ابْنُ هِنْدٍ وَأَوْدَى الْمَجْدُ يَتْبَعُهُ كَانَا يَكُونَا جَمِيعًا قَاطِنِينَ مَعَا أَغَرُّ أَبْلَجُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ لَوْ قَارَعَ النَّاسَ عَنْ أَحْلَامِهِمْ قَرَعَا وَمَا أُبَالِي إِذَا أَدْرَكْتُ مُهْجَتَهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُنَّ بِالْبَيْدَاءِ أَوْ ظَلَعَا ثُمَّ خَطَبَ يَزِيدُ النَّاسَ فَقَالَ : إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ ، أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَبَضَهُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ ، وَدُونَ مَنْ فَوْقَهُ ، وَلَا أُزَكِّيهِ عَلَى اللَّهِ ، هُوَ أَعْلَمُ بِهِ ، إِنْ عَفَا عَنْهُ فَبِرَحْمَتِهِ ، وَإِنْ عَاقَبَهُ فَبِذَنْبِهِ ، وَقَدْ وُلِّيتُ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَلَسْتُ آسَى عَلَى طَلَبٍ ، وَلَا أَعْتَذِرُ مِنْ تَفْرِيطٍ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ شَيْئًا كَانَ . اذْكُرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفِرُوهُ . فَقَالَ أَبُو الْوَرْدَِ الْعَنْبَرِيُّ يَرْثِي مُعَاوِيَةَ : أَلَا أَنْعِي مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ نَعَاهُ الْحِلُّ لِلشَّهْرِ الْحَرَامِ نَعَاهُ النَّاعِيَات بِكُلِّ فَجٍّ خَوَاضِعُ فِي الْأَزِمَّةِ كَالسِّهَامِ فَهَاتِيكَ النُّجُومُ وَهُنَّ خُرْسٌ يَنُحْنَ عَلَى مُعَاوِيَةَ الشِّئَامِ وَقَالَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ : رَمَى الْحَدَثَانِ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ بِمِقْدَارٍ سَمِدْنَ لَهُ سُمُودَا فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضًا وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ الْبِيضَ سُودَا فَإِنَّكَ لَوْ شَهِدْتَ بُكَاءَ هِنْدٍ وَرَمْلَةَ إِذْ يُصَفِّعْنَ الْخُدُودَا بَكَيْتَ بُكَاءَ مُعْوِلَةٍ قَرِيحٍ أَصَابَ الدَّهْرُ وَاحِدَهَا الْفَقِيدَا

    الهرج: الهرج : الفتنة والاختلاط والقتل، وأصل الهرج الكثرة في الشيء والاتساع
    يخب: الخبب : المشي السريع مع تقارب الخطى
    شرف: الشرف : المكان المرتفع
    أبلج: الأبلج : الذي قد وَضَح ما بين حاجبيه فلم يَقْترنا
    آسى: آسى : أحزن
    لا توجد بيانات
    لا يوجد رواة
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات