سَمِعْتُ رَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ يَقُولُ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لَبِسَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ خَزٍّ , وَنَظَرَ فِي الْمَرْآةِ , فَقَالَ : أَنَا وَاللَّهِ الْمَلِكُ الشَّابُّ , فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ , فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى وُعِكَ , فَلَمَّا ثَقُلَ كَتَبَ كِتَابًا عَهِدَهُ إِلَى ابْنِهِ أَيُّوبَ وَهُوَ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ , فَقُلْتُ : مَا تَصْنَعُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّهُ مِمَّا يُحْفَظُ بِهِ الْخَلِيفَةُ فِي قَبْرِهِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الرَّجُلَ الصَّالِحَ , وَقَالَ سُلَيْمَانُ : كِتَابٌ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ وَأَنْظُرُ , وَلَمْ أَعْزِمُ عَلَيْهِ , فَمَكَثَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ , ثُمَّ خَرَّقَهُ , ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ : مَا تَرَى فِي دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ ؟ فَقُلْتُ : هُوَ غَائِبٌ بِقُسْطَنْطِينَةَ , وَأَنْتَ لَا تَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ . قَالَ : يَا رَجَاءُ , فَمَنْ تَرَى ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : رَأْيُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَنْظُرَ مَنْ يَذْكُرُ , فَقَالَ : كَيْفَ تَرَى فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ؟ فَقُلْتُ : أَعْلَمُهُ وَاللَّهِ فَاضِلًا خِيَارًا مُسْلِمًا , فَقَالَ : هُوَ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهِ لَئِنْ وَلَّيْتُهُ وَلَمْ أُوَلِّ أَحَدًا مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَتَكُونَنَّ فِتْنَةً , وَلَا يَتْرُكُونَهُ أَبَدًا يَلِي عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ أَجْعَلَ أَحَدَهُمْ بَعْدَهُ , وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَوْمَئِذٍ غَائِبٌ عَلَى الْمَوْسِمِ . قَالَ : فَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَجْعَلُهُ بَعْدَهُ , فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُسْكِنُهُمْ وَيَرْضَوْنَ بِهِ . قُلْتُ : رَأْيُكَ . قَالَ : فَكَتَبَ بِيَدِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . هَذَا كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ سُلَيْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنِّي وَلَّيْتُهُ الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِي وَمِنْ بَعْدِهِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ؛ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا , وَاتَّقُوا اللَّهَ , وَلَا تَخْتَلِفُوا فَيُطْمَعْ فِيكُمْ , وَخَتَمَ الْكِتَابَ , فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ حَامِزٍ صَاحِبِ شُرَطِهِ أَنْ مُرْ أَهْلَ بَيْتِي فَلْيَجْتَمِعُوا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ كَعْبٌ , فَجَمَعَهُمْ , ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ لِرَجَاءٍ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمِ : اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا إِلَيْهِمْ , فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُ كِتَابِي , وَمُرْهُمْ فَلْيُبَايِعُوا مَنْ وَلَّيْتُ . قَالَ : فَفَعَلَ رَجَاءٌ , فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ رَجَاءٌ قَالُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا لِمَنْ فِيهِ , وَقَالُوا : نَدْخُلُ , فَنُسَلِّمُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , فَدَخَلُوا , فَقَالَ لَهُمْ سُلَيْمَانُ : هَذَا الْكِتَابُ وَهُوَ يُشِيرُ لَهُمْ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فِي يَدِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ هَذَا عَهْدِي فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَبَايِعُوا لِمَنْ سَمَّيْتُ فِي هَذَا الْكِتَابِ . قَالَ : فَبَايَعُوهُ رَجُلًا رَجُلًا . قَالَ : ثُمَّ خَرَجَ بِالْكِتَابِ مَخْتُومًا فِي يَدِ رَجَاءٍ . قَالَ رَجَاءٌ : فَلَمَّا تَفَرَّقُوا جَاءَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَقَالَ : يَا أَبَا الْمِقْدَامِ , إِنَّ سُلَيْمَانَ كَانَتْ لِي بِهِ حُرْمَةٌ وَمَوَدَّةٌ , وَكَانَ بِي بَرًّا مُلْطِفًا , فَأَنَا أَخْشَى أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْنَدَ إِلَيَّ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ شَيْئًا , فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ وَحُرْمَتِي وَمَوَدَّتِي إِلَّا أَعْلَمْتَنِي إِنْ كَانَ ذَلِكَ حَتَّى أَسْتَعْفِيَهُ الْآنَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ حَالٌ لَا أَقْدِرُ فِيهَا عَلَى مَا أَقْدِرُ السَّاعَةَ , فَقَالَ رَجَاءٌ : لَا وَاللَّهِ مَا أَنَا بِمُخْبِرِكَ حَرْفًا وَاحِدًا . قَالَ : فَذَهَبَ عُمَرُ غَضْبَانُ . قَالَ رَجَاءٌ : وَلَقِيَنِي هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ , فَقَالَ : يَا رَجَاءُ , إِنَّ لِي بِكَ حُرْمَةً وَمَوَّدَةً قَدِيمَةً وَعِنْدِي شُكْرٌ , فَأَعْلِمْنِي أَهَذَا الْأَمْرُ إِلَيَّ فَإِنْ كَانَ إِلَيَّ عَلِمْتُ , وَإِنْ كَانَ إِلَى غَيْرِي تَكَلَّمْتُ فَلَيْسَ مَثَلِي قُصِّرَ بِهِ وَلَا نُحِّيَ عَنْهُ هَذَا الْأَمْرُ , فَأَعْلِمْنِي فَلَكَ اللَّهُ أَلَّا أَذْكُرَ اسْمَكَ أَبَدًا . قَالَ رَجَاءٌ : فَأَبَيْتُ , وَقُلْتُ لَا وَاللَّهِ لَا أُخْبِرُكُ حَرْفًا وَاحِدًا مِمَّا أَسَرَّ إِلَيَّ , فَانْصَرَفَ هِشَامٌ وَهُوَ مَوْءُسٌ وَهُوَ يَضْرِبُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ يَقُولُ : فَإِلَى مَنْ إِذًا نُحِيَّتْ عَنِّي ؟ أَتَخْرُجُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَعَيْنُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ . قَالَ رَجَاءٌ : وَدَخَلْتُ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِذَا هُوَ يَمُوتُ . قَالَ : فَجَعَلْتُ إِذَا أَخَذَتْهُ سَكْرَةٌ مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ حَرَّفْتُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ , فَجَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ يَفْأَقُ : لَمْ يَأْنِ لِذَلِكَ بَعْدُ يَا رَجَاءُ حَتَّى فَعَلْتَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ , فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ قَالَ : مِنَ الْآنَ يَا رَجَاءُ , إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ شَيْئًا ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . قَالَ : فَحَرَّفْتُهُ , وَمَاتَ , فَلَمَّا أَغْمَضْتُهُ سَجَّيْتُهُ بِقَطِيفَةٍ خَضْرَاءَ , وَأَغْلَقْتُ الْبَابَ وَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ زَوْجَتُهُ تَنْظُرُ إِلَيْهِ كَيْفَ أَصْبَحَ , فَقُلْتُ : نَامَ وَقَدْ تَغَطَّى , فَنَظَرَ الرَّسُولُ إِلَيْهِ مُغَطًّى بِالْقَطِيفَةِ , فَرَجَعَ , فَأَخْبَرَهَا , فَقَبِلَتْ ذَلِكَ وَظَنَّتْ أَنَّهُ نَائِمٌ . قَالَ رَجَاءٌ : وَأَجْلَسْتُ عَلَى الْبَابِ مَنْ أَثِقُ بِهِ وَأَوْصَيْتُهُ أَنْ لَا يَرِيمَ حَتَّى آتِيَهُ وَلَا يُدْخِلَ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَحَدًا . قَالَ فَخَرَجْتُ , فَأَرْسَلْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ حَامِزٍ الْعَنْسِيِّ , فَجَمَعَ أَهْلَ بَيْتِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , فَاجْتَمَعُوا فِي مَسْجِدِ دَابِقٍ , فَقُلْتُ : بَايِعُوا . قَالُوا : قَدْ بَايَعْنَا مَرَّةً وَنُبَايِعُ أُخْرَى . قُلْتُ : هَذَا أَمْرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , بَايِعُوا عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ وَمَنْ سُمَيَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْمَخْتُومِ , فَبَايَعُوا الثَّانِيَةَ رَجُلًا رَجُلًا . قَالَ رَجَاءٌ : فَلَمَّا بَايَعُوا بَعْدَ مَوْتِ سُلَيْمَانَ رَأَيْتُ أَنِّيَ قَدْ أَحْكَمْتُ الْأَمْرَ قُلْتُ : قُومُوا إِلَى صَاحِبَكُمْ فَقَدْ مَاتَ . قَالُوا : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , وَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ , فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى ذِكْرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ نَادَى هِشَامٌ : لَا نُبَايِعُهُ أَبَدًا . قَالَ : قُلْتُ : أَضْرِبُ وَاللَّهِ عُنُقَكَ , قُمْ فَبَايِعْ فَقَامَ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ . قَالَ رَجَاءٌ : وَأَخَذْتُ بِضَبْعَيْ عُمَرَ فَأَجْلَسْتُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَسْتَرْجِعُ لِمَا وَقَعَ فِيهِ , وَهِشَامٌ يَسْتَرْجِعُ لِمَا أَخْطَأَهُ , فَلَمَّا انْتَهَى هِشَامٌ إِلَى عُمَرَ قَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أَيْ حِينَ صَارَ هَذَا الْأَمْرُ إِلَيْكَ عَلَى وَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ . قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : نَعَمْ , فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ حِينَ صَارَ إِلَيَّ لِكَرَاهَتِي لَهُ . قَالَ : وَغُسِّلَ سُلَيْمَانُ وَكُفِّنَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ . قَالَ رَجَاءٌ : فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ أُتِيَ بِمَرَاكِبِ الْخِلَافَةِ : الْبَرَاذِينِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَلِكُلِّ دَابَّةٍ سَائِسٌ , فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَوا : مَرَاكِبُ الْخِلَافَةِ , فَقَالَ عُمَرُ : دَابَّتِي أَوْفَقُ لِي . فَرَكِبَ بَغْلَتَهُ , وَصُرِفَتْ تِلْكَ الدَّوَابُّ , ثُمَّ أَقْبَلَ فَقِيلَ : تَنْزِلُ مَنْزِلَ الْخِلَافَةِ , فَقَالَ : فِيهِ عِيَالُ أَبِي أَيُّوبَ وَفِي فُسْطَاطِي كِفَايَةٌ حَتَّى يَتَحَوَّلُوا , فَأَقَامَ فِي مَنْزِلِهِ حَتَّى فَرَّغُوهُ بَعْدُ . قَالَ رَجَاءٌ : فَلَمَّا كَانَ مُسْيُ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ : يَا رَجَاءُ , ادْعُ لِي كَاتِبًا فَدَعَوْتُهُ , وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْهُ كُلَّ مَا يَسُرُّنِي صَنَعَ فِي الْمَرَاكِبِ مَا صَنَعَ وَفِي مَنْزِلِ سُلَيْمَانَ , فَقُلْتُ : فَكَيْفَ يَصْنَعُ الْآنَ فِي الْكِتَابِ ؟ أَيَضَعُ نُسُخًا أَمْ مَاذَا ؟ قَالَ : فَلَمَّا جَلَسَ الْكَاتِبُ أَمْلَى عَلَيْهِ كِتَابًا وَاحِدًا مِنْ فِيهِ إِلَى يَدِ الْكَاتِبِ بِغَيْرِ نُسْخَةٍ , فَأَمْلَى أَحْسَنَ إِمْلَاءً , وَأَبْلَغَهُ وَأَوْجَزَهُ , ثُمَّ أَمَرَ بِذَلِكَ الْكِتَابِ , فَنُسِخَ إِلَى كُلِّ بَلَدٍ . وَبَلَغَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْوَلِيدِ وَكَانَ غَائِبًا مَوْتُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ , وَلَمْ يَعْلَمْ بِمُبَايَعَةِ النَّاسِ عُمَرَ وَعَهْدِ سُلَيْمَانَ إِلَيْهِ , فَبَايَعَ مَنْ مَعَهُ لِنَفْسِهِ , ثُمَّ أَقْبَلَ يُرِيدُ دِمَشْقَ يَأْخُذُهَا , فَبَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ بَايَعُوا لَهُ بَعْدَ سُلَيْمَانَ بِعَهْدٍ مِنْ سُلَيْمَانَ , فَأَقْبَلَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ بَايَعْتَ مَنْ قِبَلَكَ , وَأَرَدْتَ دُخُولَ دِمَشْقَ , فَقَالَ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ الْخَلِيفَةَ كَانَ عَقَدَ لِأَحَدٍ فَفَرِقْتُ عَلَى الْأَمْوَالِ أَنْ تُنْهَبَ , فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ , لَوْ بُويِعْتَ وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ مَا نَازَعْتُكَ ذَلِكَ وَلَقَعَدْتُ فِي بَيْتِي , فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ : مَا أَحَبُّ أَنَّهُ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ غَيْرُكَ , وَبَايَعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو سُلَيْمَانَ , عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي سُهَيْلٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ يَقُولُ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لَبِسَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ خَزٍّ , وَنَظَرَ فِي الْمَرْآةِ , فَقَالَ : أَنَا وَاللَّهِ الْمَلِكُ الشَّابُّ , فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ , فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى وُعِكَ , فَلَمَّا ثَقُلَ كَتَبَ كِتَابًا عَهِدَهُ إِلَى ابْنِهِ أَيُّوبَ وَهُوَ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ , فَقُلْتُ : مَا تَصْنَعُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّهُ مِمَّا يُحْفَظُ بِهِ الْخَلِيفَةُ فِي قَبْرِهِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الرَّجُلَ الصَّالِحَ , وَقَالَ سُلَيْمَانُ : كِتَابٌ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ وَأَنْظُرُ , وَلَمْ أَعْزِمُ عَلَيْهِ , فَمَكَثَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ , ثُمَّ خَرَّقَهُ , ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ : مَا تَرَى فِي دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ ؟ فَقُلْتُ : هُوَ غَائِبٌ بِقُسْطَنْطِينَةَ , وَأَنْتَ لَا تَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ . قَالَ : يَا رَجَاءُ , فَمَنْ تَرَى ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : رَأْيُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَنْظُرَ مَنْ يَذْكُرُ , فَقَالَ : كَيْفَ تَرَى فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ؟ فَقُلْتُ : أَعْلَمُهُ وَاللَّهِ فَاضِلًا خِيَارًا مُسْلِمًا , فَقَالَ : هُوَ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهِ لَئِنْ وَلَّيْتُهُ وَلَمْ أُوَلِّ أَحَدًا مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَتَكُونَنَّ فِتْنَةً , وَلَا يَتْرُكُونَهُ أَبَدًا يَلِي عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ أَجْعَلَ أَحَدَهُمْ بَعْدَهُ , وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَوْمَئِذٍ غَائِبٌ عَلَى الْمَوْسِمِ . قَالَ : فَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَجْعَلُهُ بَعْدَهُ , فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُسْكِنُهُمْ وَيَرْضَوْنَ بِهِ . قُلْتُ : رَأْيُكَ . قَالَ : فَكَتَبَ بِيَدِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . هَذَا كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ سُلَيْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنِّي وَلَّيْتُهُ الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِي وَمِنْ بَعْدِهِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ؛ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا , وَاتَّقُوا اللَّهَ , وَلَا تَخْتَلِفُوا فَيُطْمَعْ فِيكُمْ , وَخَتَمَ الْكِتَابَ , فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ حَامِزٍ صَاحِبِ شُرَطِهِ أَنْ مُرْ أَهْلَ بَيْتِي فَلْيَجْتَمِعُوا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ كَعْبٌ , فَجَمَعَهُمْ , ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ لِرَجَاءٍ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمِ : اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا إِلَيْهِمْ , فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُ كِتَابِي , وَمُرْهُمْ فَلْيُبَايِعُوا مَنْ وَلَّيْتُ . قَالَ : فَفَعَلَ رَجَاءٌ , فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ رَجَاءٌ قَالُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا لِمَنْ فِيهِ , وَقَالُوا : نَدْخُلُ , فَنُسَلِّمُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , فَدَخَلُوا , فَقَالَ لَهُمْ سُلَيْمَانُ : هَذَا الْكِتَابُ وَهُوَ يُشِيرُ لَهُمْ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فِي يَدِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ هَذَا عَهْدِي فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَبَايِعُوا لِمَنْ سَمَّيْتُ فِي هَذَا الْكِتَابِ . قَالَ : فَبَايَعُوهُ رَجُلًا رَجُلًا . قَالَ : ثُمَّ خَرَجَ بِالْكِتَابِ مَخْتُومًا فِي يَدِ رَجَاءٍ . قَالَ رَجَاءٌ : فَلَمَّا تَفَرَّقُوا جَاءَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَقَالَ : يَا أَبَا الْمِقْدَامِ , إِنَّ سُلَيْمَانَ كَانَتْ لِي بِهِ حُرْمَةٌ وَمَوَدَّةٌ , وَكَانَ بِي بَرًّا مُلْطِفًا , فَأَنَا أَخْشَى أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْنَدَ إِلَيَّ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ شَيْئًا , فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ وَحُرْمَتِي وَمَوَدَّتِي إِلَّا أَعْلَمْتَنِي إِنْ كَانَ ذَلِكَ حَتَّى أَسْتَعْفِيَهُ الْآنَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ حَالٌ لَا أَقْدِرُ فِيهَا عَلَى مَا أَقْدِرُ السَّاعَةَ , فَقَالَ رَجَاءٌ : لَا وَاللَّهِ مَا أَنَا بِمُخْبِرِكَ حَرْفًا وَاحِدًا . قَالَ : فَذَهَبَ عُمَرُ غَضْبَانُ . قَالَ رَجَاءٌ : وَلَقِيَنِي هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ , فَقَالَ : يَا رَجَاءُ , إِنَّ لِي بِكَ حُرْمَةً وَمَوَّدَةً قَدِيمَةً وَعِنْدِي شُكْرٌ , فَأَعْلِمْنِي أَهَذَا الْأَمْرُ إِلَيَّ فَإِنْ كَانَ إِلَيَّ عَلِمْتُ , وَإِنْ كَانَ إِلَى غَيْرِي تَكَلَّمْتُ فَلَيْسَ مَثَلِي قُصِّرَ بِهِ وَلَا نُحِّيَ عَنْهُ هَذَا الْأَمْرُ , فَأَعْلِمْنِي فَلَكَ اللَّهُ أَلَّا أَذْكُرَ اسْمَكَ أَبَدًا . قَالَ رَجَاءٌ : فَأَبَيْتُ , وَقُلْتُ لَا وَاللَّهِ لَا أُخْبِرُكُ حَرْفًا وَاحِدًا مِمَّا أَسَرَّ إِلَيَّ , فَانْصَرَفَ هِشَامٌ وَهُوَ مَوْءُسٌ وَهُوَ يَضْرِبُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ يَقُولُ : فَإِلَى مَنْ إِذًا نُحِيَّتْ عَنِّي ؟ أَتَخْرُجُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَعَيْنُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ . قَالَ رَجَاءٌ : وَدَخَلْتُ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِذَا هُوَ يَمُوتُ . قَالَ : فَجَعَلْتُ إِذَا أَخَذَتْهُ سَكْرَةٌ مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ حَرَّفْتُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ , فَجَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ يَفْأَقُ : لَمْ يَأْنِ لِذَلِكَ بَعْدُ يَا رَجَاءُ حَتَّى فَعَلْتَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ , فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ قَالَ : مِنَ الْآنَ يَا رَجَاءُ , إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ شَيْئًا ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . قَالَ : فَحَرَّفْتُهُ , وَمَاتَ , فَلَمَّا أَغْمَضْتُهُ سَجَّيْتُهُ بِقَطِيفَةٍ خَضْرَاءَ , وَأَغْلَقْتُ الْبَابَ وَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ زَوْجَتُهُ تَنْظُرُ إِلَيْهِ كَيْفَ أَصْبَحَ , فَقُلْتُ : نَامَ وَقَدْ تَغَطَّى , فَنَظَرَ الرَّسُولُ إِلَيْهِ مُغَطًّى بِالْقَطِيفَةِ , فَرَجَعَ , فَأَخْبَرَهَا , فَقَبِلَتْ ذَلِكَ وَظَنَّتْ أَنَّهُ نَائِمٌ . قَالَ رَجَاءٌ : وَأَجْلَسْتُ عَلَى الْبَابِ مَنْ أَثِقُ بِهِ وَأَوْصَيْتُهُ أَنْ لَا يَرِيمَ حَتَّى آتِيَهُ وَلَا يُدْخِلَ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَحَدًا . قَالَ فَخَرَجْتُ , فَأَرْسَلْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ حَامِزٍ الْعَنْسِيِّ , فَجَمَعَ أَهْلَ بَيْتِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , فَاجْتَمَعُوا فِي مَسْجِدِ دَابِقٍ , فَقُلْتُ : بَايِعُوا . قَالُوا : قَدْ بَايَعْنَا مَرَّةً وَنُبَايِعُ أُخْرَى . قُلْتُ : هَذَا أَمْرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , بَايِعُوا عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ وَمَنْ سُمَيَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْمَخْتُومِ , فَبَايَعُوا الثَّانِيَةَ رَجُلًا رَجُلًا . قَالَ رَجَاءٌ : فَلَمَّا بَايَعُوا بَعْدَ مَوْتِ سُلَيْمَانَ رَأَيْتُ أَنِّيَ قَدْ أَحْكَمْتُ الْأَمْرَ قُلْتُ : قُومُوا إِلَى صَاحِبَكُمْ فَقَدْ مَاتَ . قَالُوا : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , وَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ , فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى ذِكْرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ نَادَى هِشَامٌ : لَا نُبَايِعُهُ أَبَدًا . قَالَ : قُلْتُ : أَضْرِبُ وَاللَّهِ عُنُقَكَ , قُمْ فَبَايِعْ فَقَامَ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ . قَالَ رَجَاءٌ : وَأَخَذْتُ بِضَبْعَيْ عُمَرَ فَأَجْلَسْتُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَسْتَرْجِعُ لِمَا وَقَعَ فِيهِ , وَهِشَامٌ يَسْتَرْجِعُ لِمَا أَخْطَأَهُ , فَلَمَّا انْتَهَى هِشَامٌ إِلَى عُمَرَ قَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أَيْ حِينَ صَارَ هَذَا الْأَمْرُ إِلَيْكَ عَلَى وَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ . قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : نَعَمْ , فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ حِينَ صَارَ إِلَيَّ لِكَرَاهَتِي لَهُ . قَالَ : وَغُسِّلَ سُلَيْمَانُ وَكُفِّنَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ . قَالَ رَجَاءٌ : فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ أُتِيَ بِمَرَاكِبِ الْخِلَافَةِ : الْبَرَاذِينِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَلِكُلِّ دَابَّةٍ سَائِسٌ , فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَوا : مَرَاكِبُ الْخِلَافَةِ , فَقَالَ عُمَرُ : دَابَّتِي أَوْفَقُ لِي . فَرَكِبَ بَغْلَتَهُ , وَصُرِفَتْ تِلْكَ الدَّوَابُّ , ثُمَّ أَقْبَلَ فَقِيلَ : تَنْزِلُ مَنْزِلَ الْخِلَافَةِ , فَقَالَ : فِيهِ عِيَالُ أَبِي أَيُّوبَ وَفِي فُسْطَاطِي كِفَايَةٌ حَتَّى يَتَحَوَّلُوا , فَأَقَامَ فِي مَنْزِلِهِ حَتَّى فَرَّغُوهُ بَعْدُ . قَالَ رَجَاءٌ : فَلَمَّا كَانَ مُسْيُ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ : يَا رَجَاءُ , ادْعُ لِي كَاتِبًا فَدَعَوْتُهُ , وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْهُ كُلَّ مَا يَسُرُّنِي صَنَعَ فِي الْمَرَاكِبِ مَا صَنَعَ وَفِي مَنْزِلِ سُلَيْمَانَ , فَقُلْتُ : فَكَيْفَ يَصْنَعُ الْآنَ فِي الْكِتَابِ ؟ أَيَضَعُ نُسُخًا أَمْ مَاذَا ؟ قَالَ : فَلَمَّا جَلَسَ الْكَاتِبُ أَمْلَى عَلَيْهِ كِتَابًا وَاحِدًا مِنْ فِيهِ إِلَى يَدِ الْكَاتِبِ بِغَيْرِ نُسْخَةٍ , فَأَمْلَى أَحْسَنَ إِمْلَاءً , وَأَبْلَغَهُ وَأَوْجَزَهُ , ثُمَّ أَمَرَ بِذَلِكَ الْكِتَابِ , فَنُسِخَ إِلَى كُلِّ بَلَدٍ . وَبَلَغَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْوَلِيدِ وَكَانَ غَائِبًا مَوْتُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ , وَلَمْ يَعْلَمْ بِمُبَايَعَةِ النَّاسِ عُمَرَ وَعَهْدِ سُلَيْمَانَ إِلَيْهِ , فَبَايَعَ مَنْ مَعَهُ لِنَفْسِهِ , ثُمَّ أَقْبَلَ يُرِيدُ دِمَشْقَ يَأْخُذُهَا , فَبَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ بَايَعُوا لَهُ بَعْدَ سُلَيْمَانَ بِعَهْدٍ مِنْ سُلَيْمَانَ , فَأَقْبَلَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ بَايَعْتَ مَنْ قِبَلَكَ , وَأَرَدْتَ دُخُولَ دِمَشْقَ , فَقَالَ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ الْخَلِيفَةَ كَانَ عَقَدَ لِأَحَدٍ فَفَرِقْتُ عَلَى الْأَمْوَالِ أَنْ تُنْهَبَ , فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ , لَوْ بُويِعْتَ وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ مَا نَازَعْتُكَ ذَلِكَ وَلَقَعَدْتُ فِي بَيْتِي , فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ : مَا أَحَبُّ أَنَّهُ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ غَيْرُكَ , وَبَايَعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ