عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُ قَالَ : لَقِيتُ بِخُرَاسَانَ رَجُلًا مِنْ عَزَّةَ . قَالَ : قُلْتُ لِلْأَسْوَدِ : مَا اسْمُهُ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي . قَالَ : أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ خُطْبَةَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلَى . قَالَ : انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي رَهْطٍ يُحَدِّثُهُمْ , فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ , يَا مَهْدِيُّ . قَالَ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ . قَالَ : قُلْتُ : إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً . قَالَ : أَسِرٌّ هِيَ أَمْ عَلَانِيَةٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ , سِرٌّ . قَالَ : اجْلِسْ , فَجَلَسْتُ , وَحَدَّثَ الْقَوْمَ سَاعَةً , ثُمَّ قَامَ , فَقُمْتُ مَعَهُ , فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ دَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ . قَالَ : قُلْ بِحَاجَتِكَ . قَالَ : فَحَمِدْتُ اللَّهَ , وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ , وَشَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ قُلْتُ : أَمَّا بَعْدُ , فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَيْنَا قَرَابَةً فَنُحِبُّكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ , وَلَكِنْ كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَى نَبِيِّنَا قَرَابَةً فَلِذَلِكَ أَحْبَبْنَاكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ مِنْ نَبِيِّنَا , فَمَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْأَعْنَاقُ , وَأُبْطِلَتِ الشَّهَادَاتُ , وَشَرَدْنَا فِي الْبِلَادِ , وَأُوذِينَا حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الْأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ لَوْلَا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ , وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا , فَيَخْرُجُونَ , فَيُقَاتِلُونَ , وَنُقِيمُ , فَقَالَ عُمَرُ يَعْنِي الْخَوَارِجَ : وَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيثُ مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ , فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهُكَ لِلْكَلَامِ , فَلَا أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا , وَكُنْتَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي نَفْسِي وَأَحَبَّهُ إِلَى أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ فَأَرَى بِرَأْيِكَ , وَكَيْفَ تَرَى الْمَخْرَجَ ؟ أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ . قَالَ : فَحَمِدَ اللَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ , فَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثَ ؛ فَإِنَّهَا عَيْبٌ عَلَيْكُمْ , وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ؛ فَإِنَّهُ بِهِ هَدْيُ أَوَّلِكُمْ , وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ , وَلَعَمْرِي لَئِنْ أُوذِيتُمْ لَقَدْ أُوذِيَ مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْكُمْ , أَمَّا قِيلُكَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الْأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ , وَأَجْتَنِبَ أُمُورَ النَّاسِ لَوْلَا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أُمُورُ آلِ مُحَمَّدٍ فَلَا تَفْعَلْ ؛ فَإِنَّكَ تِلْكَ الْبِدْعَةُ الرَّهْبَانِيَّةُ , وَلَعَمْرِي لَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ مِنْ طُلُوعِ هَذِهِ الشَّمْسِ , وَأَمَّا قِيلُكَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا , فَيَخْرُجُونَ , فَيُقَاتِلُونَ , وَنُقِيمُ , فَلَا تَفْعَلْ , لَا تُفَارِقِ الْأُمَّةَ , اتَّقِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ بِتَقِيَّتِهِمْ . قَالَ عُمَرُ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ : وَلَا تُقَاتِلْ مَعَهُمْ . قَالَ : قُلْتُ وَمَا تَقِيَّتُهُمْ ؟ قَالَ : تُحْضِرُهُمْ وَجْهَكَ عِنْدَ دَعْوَتِهِمْ , فَيَدْفَعُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْكَ عَنْ دَمِكَ وَدِينِكَ , وَتُصِيبُ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ . قَالَ : قُلْتُ : أَرَأَيْتَ إِنْ أَطَافَ بِي قِتَالٌ لَيْسَ لِي مِنْهُ بُدٌّ ؟ قَالَ : تُبَايِعُ بِإِحْدَى يَدَيْكَ الْأُخْرَى لِلَّهِ , وَتُقَاتِلُ لِلَّهِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ الْجَنَّةَ , وَسَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ النَّارَ , وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُبَلِّغَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ مِنِّي , أَوْ أَنْ تَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ "
قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهُذَلِيُّ , عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُ قَالَ : لَقِيتُ بِخُرَاسَانَ رَجُلًا مِنْ عَزَّةَ . قَالَ : قُلْتُ لِلْأَسْوَدِ : مَا اسْمُهُ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي . قَالَ : أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ خُطْبَةَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلَى . قَالَ : انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي رَهْطٍ يُحَدِّثُهُمْ , فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ , يَا مَهْدِيُّ . قَالَ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ . قَالَ : قُلْتُ : إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً . قَالَ : أَسِرٌّ هِيَ أَمْ عَلَانِيَةٌ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ , سِرٌّ . قَالَ : اجْلِسْ , فَجَلَسْتُ , وَحَدَّثَ الْقَوْمَ سَاعَةً , ثُمَّ قَامَ , فَقُمْتُ مَعَهُ , فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ دَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ . قَالَ : قُلْ بِحَاجَتِكَ . قَالَ : فَحَمِدْتُ اللَّهَ , وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ , وَشَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ قُلْتُ : أَمَّا بَعْدُ , فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَيْنَا قَرَابَةً فَنُحِبُّكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ , وَلَكِنْ كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَى نَبِيِّنَا قَرَابَةً فَلِذَلِكَ أَحْبَبْنَاكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ مِنْ نَبِيِّنَا , فَمَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْأَعْنَاقُ , وَأُبْطِلَتِ الشَّهَادَاتُ , وَشَرَدْنَا فِي الْبِلَادِ , وَأُوذِينَا حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الْأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ لَوْلَا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ , وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا , فَيَخْرُجُونَ , فَيُقَاتِلُونَ , وَنُقِيمُ , فَقَالَ عُمَرُ يَعْنِي الْخَوَارِجَ : وَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيثُ مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ , فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهُكَ لِلْكَلَامِ , فَلَا أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا , وَكُنْتَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي نَفْسِي وَأَحَبَّهُ إِلَى أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ فَأَرَى بِرَأْيِكَ , وَكَيْفَ تَرَى الْمَخْرَجَ ؟ أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ . قَالَ : فَحَمِدَ اللَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ , فَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثَ ؛ فَإِنَّهَا عَيْبٌ عَلَيْكُمْ , وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ؛ فَإِنَّهُ بِهِ هَدْيُ أَوَّلِكُمْ , وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ , وَلَعَمْرِي لَئِنْ أُوذِيتُمْ لَقَدْ أُوذِيَ مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْكُمْ , أَمَّا قِيلُكَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الْأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ , وَأَجْتَنِبَ أُمُورَ النَّاسِ لَوْلَا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أُمُورُ آلِ مُحَمَّدٍ فَلَا تَفْعَلْ ؛ فَإِنَّكَ تِلْكَ الْبِدْعَةُ الرَّهْبَانِيَّةُ , وَلَعَمْرِي لَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ مِنْ طُلُوعِ هَذِهِ الشَّمْسِ , وَأَمَّا قِيلُكَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا , فَيَخْرُجُونَ , فَيُقَاتِلُونَ , وَنُقِيمُ , فَلَا تَفْعَلْ , لَا تُفَارِقِ الْأُمَّةَ , اتَّقِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ بِتَقِيَّتِهِمْ . قَالَ عُمَرُ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ : وَلَا تُقَاتِلْ مَعَهُمْ . قَالَ : قُلْتُ وَمَا تَقِيَّتُهُمْ ؟ قَالَ : تُحْضِرُهُمْ وَجْهَكَ عِنْدَ دَعْوَتِهِمْ , فَيَدْفَعُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْكَ عَنْ دَمِكَ وَدِينِكَ , وَتُصِيبُ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ . قَالَ : قُلْتُ : أَرَأَيْتَ إِنْ أَطَافَ بِي قِتَالٌ لَيْسَ لِي مِنْهُ بُدٌّ ؟ قَالَ : تُبَايِعُ بِإِحْدَى يَدَيْكَ الْأُخْرَى لِلَّهِ , وَتُقَاتِلُ لِلَّهِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ الْجَنَّةَ , وَسَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ النَّارَ , وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُبَلِّغَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ مِنِّي , أَوْ أَنْ تَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ