" كَانَ عُمَرُ لَا يَأْذَنُ لِسَبِيٍّ قَدِ احْتَلَمَ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ حَتَّى كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ لَهُ غُلَامًا عِنْدَهُ صَنِعًا ، وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْمَدِينَةَ وَيَقُولُ : إِنَّ عِنْدَهُ أَعْمَالًا كَثِيرَةً فِيهَا مَنَافِعُ لِلنَّاسِ ، إِنَّهُ حَدَّادٌ نَقَّاشٌ نَجَّارٌ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ ، فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ يَشْتَكِي إِلَيْهِ شِدَّةَ الْخَرَاجِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَاذَا تُحْسِنُ مِنَ الْعَمَلِ ؟ ، فَذَكَرَ لَهُ الْأَعْمَالَ الَّتِي يُحْسِنُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَا خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ فِي كُنْهِ عَمَلِكَ ، فَانْصَرَفَ سَاخِطًا يَتَذَمَّرُ ، فَلَبِثَ عُمَرُ لَيَالِيَ ، ثُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ مَرَّ بِهِ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ : أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَقُولُ : لَوْ أَشَاءُ لَصَنَعْتُ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ ، فَالْتَفَتَ الْعَبْدُ سَاخِطًا عَابِسًا إِلَى عُمَرَ وَمَعَ عُمَرَ رَهْطٌ ، فَقَالَ : لَأَصْنَعَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا النَّاسُ ، فَلَمَّا وَلَّى الْعَبْدُ أَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى الرَّهْطِ الَّذِينَ مَعَهُ فَقَالَ لَهُمْ : أَوْعَدَنِي الْعَبْدُ آنِفًا ، فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ اشْتَمَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَلَى خِنْجَرٍ ذِي رَأْسَيْنِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ ، فَكَمِنَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ فِي غَلَسِ السَّحَرِ ، فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى خَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ ذَلِكَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَرُ وَثَبَ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ السُّرَّةِ قَدْ خَرَقَتِ الصِّفَاقَ ، وَهِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ ، ثُمَّ انْحَازَ أَيْضًا عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَطَعَنَ مَنْ يَلِيهِ ، حَتَّى طَعَنَ سِوَى عُمَرَ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا ، ثُمَّ انْتَحَرَ بِخِنْجَرِهِ ، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ أَدْرَكَهُ النَّزْفُ وَانْقَصَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ : قُولُوا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، ثُمَّ غَلَبَ عُمَرَ النَّزْفُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَاحْتَمَلْتُ عُمَرَ فِي رَهْطٍ حَتَّى أَدْخَلْتَهُ بَيْتَهُ ، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ صَوْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَ عُمَرَ وَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ الصُّبْحُ ، فَلَمَّا أَسْفَرَ أَفَاقَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا فَقَالَ : أَصَلَّى النَّاسُ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : لَا إِسْلَامَ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى ، ثُمَّ قَالَ : اخْرُجْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْ مَنْ قَتَلَنِي ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَخَرَجْتُ حَتَّى فَتَحْتُ بَابَ الدَّارِ ، فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ جَاهِلُونَ بِخَبَرِ عُمَرَ قَالَ : فَقُلْتُ : مَنْ طَعَنَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالُوا : طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : فَدَخَلْتُ فَإِذَا عُمَرُ يُبِدُّ فِي النَّظَرِ يَسْتَأْنِي خَبَرَ مَا بَعَثَنِي إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : أَرْسَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِأَسْأَلَ مَنْ قَتَلَهُ ، فَكَلَّمْتُ النَّاسَ فَزَعَمُوا أَنَّهُ طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ثُمَّ طَعَنَ مَعَهُ رَهْطًا ثُمَّ قَتَلَ نَفْسَهُ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَاتِلِي يُحَاجُّنِي عِنْدَ اللَّهِ بِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا لَهُ قَطُّ ، مَا كَانَتِ الْعَرَبُ لِتَقْتُلَنِي " . قَالَ سَالِمٌ : فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : قَالَ عُمَرُ : أَرْسِلُوا إِلَيَّ طَبِيبًا يَنْظُرُ إِلَى جُرْحِي هَذَا ، قَالَ : فَأَرْسَلُوا إِلَى طَبِيبٍ مِنَ الْعَرَبِ فَسَقَى عُمَرَ نَبِيذًا فَشَبَهُ النَّبِيذُ بِالدَّمِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ الَّتِي تَحْتَ السُّرَّةِ ، قَالَ : فَدَعَوْتُ طَبِيبًا آخَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ فَسَقَاهُ لَبَنًا فَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنَ الطَّعْنَةِ يَصْلِدُ أَبْيَضَ ، قَالَ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اعْهَدْ ، فَقَالَ عُمَرُ : صَدَقَنِي أَخُو بَنِي مُعَاوِيَةَ ، وَلَوْ قُلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ لَكَذَّبْتُكَ ، قَالَ : فَبَكَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ حِينَ سَمِعُوا ، فَقَالَ : لَا تَبْكُوا عَلَيْنَا ، مَنْ كَانَ بَاكِيًا فَلْيَخْرُجْ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ "
قَالَ : أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : كَانَ عُمَرُ لَا يَأْذَنُ لِسَبِيٍّ قَدِ احْتَلَمَ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ حَتَّى كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ لَهُ غُلَامًا عِنْدَهُ صَنِعًا ، وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْمَدِينَةَ وَيَقُولُ : إِنَّ عِنْدَهُ أَعْمَالًا كَثِيرَةً فِيهَا مَنَافِعُ لِلنَّاسِ ، إِنَّهُ حَدَّادٌ نَقَّاشٌ نَجَّارٌ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ ، فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ يَشْتَكِي إِلَيْهِ شِدَّةَ الْخَرَاجِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَاذَا تُحْسِنُ مِنَ الْعَمَلِ ؟ ، فَذَكَرَ لَهُ الْأَعْمَالَ الَّتِي يُحْسِنُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَا خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ فِي كُنْهِ عَمَلِكَ ، فَانْصَرَفَ سَاخِطًا يَتَذَمَّرُ ، فَلَبِثَ عُمَرُ لَيَالِيَ ، ثُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ مَرَّ بِهِ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ : أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَقُولُ : لَوْ أَشَاءُ لَصَنَعْتُ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ ، فَالْتَفَتَ الْعَبْدُ سَاخِطًا عَابِسًا إِلَى عُمَرَ وَمَعَ عُمَرَ رَهْطٌ ، فَقَالَ : لَأَصْنَعَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا النَّاسُ ، فَلَمَّا وَلَّى الْعَبْدُ أَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى الرَّهْطِ الَّذِينَ مَعَهُ فَقَالَ لَهُمْ : أَوْعَدَنِي الْعَبْدُ آنِفًا ، فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ اشْتَمَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَلَى خِنْجَرٍ ذِي رَأْسَيْنِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ ، فَكَمِنَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ فِي غَلَسِ السَّحَرِ ، فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى خَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ ذَلِكَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَرُ وَثَبَ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ السُّرَّةِ قَدْ خَرَقَتِ الصِّفَاقَ ، وَهِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ ، ثُمَّ انْحَازَ أَيْضًا عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَطَعَنَ مَنْ يَلِيهِ ، حَتَّى طَعَنَ سِوَى عُمَرَ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا ، ثُمَّ انْتَحَرَ بِخِنْجَرِهِ ، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ أَدْرَكَهُ النَّزْفُ وَانْقَصَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ : قُولُوا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، ثُمَّ غَلَبَ عُمَرَ النَّزْفُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَاحْتَمَلْتُ عُمَرَ فِي رَهْطٍ حَتَّى أَدْخَلْتَهُ بَيْتَهُ ، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ صَوْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَ عُمَرَ وَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ الصُّبْحُ ، فَلَمَّا أَسْفَرَ أَفَاقَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا فَقَالَ : أَصَلَّى النَّاسُ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : لَا إِسْلَامَ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى ، ثُمَّ قَالَ : اخْرُجْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْ مَنْ قَتَلَنِي ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَخَرَجْتُ حَتَّى فَتَحْتُ بَابَ الدَّارِ ، فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ جَاهِلُونَ بِخَبَرِ عُمَرَ قَالَ : فَقُلْتُ : مَنْ طَعَنَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالُوا : طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : فَدَخَلْتُ فَإِذَا عُمَرُ يُبِدُّ فِي النَّظَرِ يَسْتَأْنِي خَبَرَ مَا بَعَثَنِي إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : أَرْسَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِأَسْأَلَ مَنْ قَتَلَهُ ، فَكَلَّمْتُ النَّاسَ فَزَعَمُوا أَنَّهُ طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ثُمَّ طَعَنَ مَعَهُ رَهْطًا ثُمَّ قَتَلَ نَفْسَهُ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَاتِلِي يُحَاجُّنِي عِنْدَ اللَّهِ بِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا لَهُ قَطُّ ، مَا كَانَتِ الْعَرَبُ لِتَقْتُلَنِي . قَالَ سَالِمٌ : فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : قَالَ عُمَرُ : أَرْسِلُوا إِلَيَّ طَبِيبًا يَنْظُرُ إِلَى جُرْحِي هَذَا ، قَالَ : فَأَرْسَلُوا إِلَى طَبِيبٍ مِنَ الْعَرَبِ فَسَقَى عُمَرَ نَبِيذًا فَشَبَهُ النَّبِيذُ بِالدَّمِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ الَّتِي تَحْتَ السُّرَّةِ ، قَالَ : فَدَعَوْتُ طَبِيبًا آخَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ فَسَقَاهُ لَبَنًا فَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنَ الطَّعْنَةِ يَصْلِدُ أَبْيَضَ ، قَالَ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اعْهَدْ ، فَقَالَ عُمَرُ : صَدَقَنِي أَخُو بَنِي مُعَاوِيَةَ ، وَلَوْ قُلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ لَكَذَّبْتُكَ ، قَالَ : فَبَكَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ حِينَ سَمِعُوا ، فَقَالَ : لَا تَبْكُوا عَلَيْنَا ، مَنْ كَانَ بَاكِيًا فَلْيَخْرُجْ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ . فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا يُقِرُّ أَنْ يُبْكَى عِنْدَهُ عَلَى هَالِكٍ مِنْ وَلَدِهِ وَلَا غَيْرِهِمْ ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تُقِيمُ النَّوْحَ عَلَى الْهَالِكِ مِنْ أَهْلِهَا ، فَحُدِّثَتْ بِقَوْلِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ ، فَوَاللَّهِ مَا كَذَبَا ، وَلَكِنَّ عُمَرَ وَهِلَ ، إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى نُوَّحٍ يَبْكُونَ عَلَى هَالِكٍ لَهُمْ فَقَالَ : إِنَّ هَؤُلَاءِ يَبْكُونَ ، وَإِنَّ صَاحِبَهُمْ لَيُعَذَّبُ ، وَكَانَ قَدِ اجْتَرَمَ ذَلِكَ