" مَنْ مَاتَ غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ "
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ قَالَ : قَدِمَ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ الْعُذْرِيُّ عَلَى عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَمَّا وَرَاءَهُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَرَكْتُ مَنْ وَرَائِي يَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ يَزِيدَ فِي عُمُرِكَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ ، مَا وَطِيءَ أَحَدٌ الْقَادِسِيَّةَ إِلَّا عَطَاؤُهُ أَلْفَانِ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً ، وَمَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا أُلْحِقَ عَلَى مِائَةٍ وَجَرَيبَيْنِ كُلَّ شَهْرٍ ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، وَمَا يَبْلُغُ لَنَا ذَكَرٌ إِلَّا أُلْحِقَ عَلَى خَمْسُمِائَةٍ أَوْ سِتِّمِائَةٍ ، فَإِذَا خَرَجَ هَذَا لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنْهُمْ مَنْ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ ، فَمَا ظَنُّكَ بِهِ ، فَإِنَّهُ لَيُنْفِقُهُ فِيمَا يَنْبَغِي وَفِيمَا لَا يَنْبَغِي . قَالَ عُمَرُ : فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، إِنَّمَا هُوَ حَقُّهُمْ أُعْطُوهُ ، وَأَنَا أَسْعَدُ بِأَدَائِهِ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ بِأَخْذِهِ ، فَلَا تَحْمَدَنِّي عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ مَالِ الْخَطَّابِ مَا أُعْطِيتُمُوهُ ، وَلَكِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ فِيهِ فَضْلًا ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ أَحْبِسَهُ عَنْهُمْ ، فَلَوْ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ عَطَاءُ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْعُرَيْبِ ابْتَاعَ مِنْهُ غَنَمًا ، فَجَعَلَهَا بِسَوَادِهِمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الْعَطَاءُ الثَّانِيَةَ ابْتَاعَ الرَّأْسَ فَجَعَلَهُ فِيهَا فَإِنِّي وَيْحَكَ يَا خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَلِيَكُمْ بَعْدِي وُلَاةٌ لَا يُعَدُّ الْعَطَاءُ فِي زَمَانِهِمْ مَالًا ، فَإِنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ قَدِ اعْتَقَدُوهُ فَيَتَّكِئُونَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ نَصِيحَتِي لَكَ وَأَنْتَ عِنْدِي جَالِسٌ كَنَصِيحَتِي لِمَنْ هُوَ بِأَقْصَى ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ ، وَذَلِكَ لِمَا طَوَّقَنِي اللَّهُ مِنْ أَمْرِهِمْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ مَاتَ غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ