قَالَ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَأْمُونُ : مَا طَلَبَتْ مِنِّي نَفْسِي شَيْئًا إِلَّا وَقَدْ نَالَتْهُ مَا خَلَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَإِنِّي كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَقْعُدَ عَلَى كُرْسِيٍّ ، وَيُقَالُ لِي : مَنْ حَدَّثَكَ ؟ فَأَقُولُ : حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ . قَالَ : فَقُلْتُ : افْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَلِمَ لَا تُحَدِّثُ ؟ قَالَ : " لَا يَصْلُحُ الْمُلْكُ وَالْخِلَافَةُ مَعَ الْحَدِيثِ لِلنَّاسِ "
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الشِّيرَازِيُّ الْوَاعِظُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْكُدَيْمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَدَوِيُّ الْقَاضِي ، قَالَ : قَالَ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَأْمُونُ : مَا طَلَبَتْ مِنِّي نَفْسِي شَيْئًا إِلَّا وَقَدْ نَالَتْهُ مَا خَلَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَإِنِّي كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَقْعُدَ عَلَى كُرْسِيٍّ ، وَيُقَالُ لِي : مَنْ حَدَّثَكَ ؟ فَأَقُولُ : حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ . قَالَ : فَقُلْتُ : افْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَلِمَ لَا تُحَدِّثُ ؟ قَالَ : لَا يَصْلُحُ الْمُلْكُ وَالْخِلَافَةُ مَعَ الْحَدِيثِ لِلنَّاسِ كَانَ الْمَأْمُونُ أَعْظَمَ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ عِنَايَةً بِالْحَدِيثِ ، كَثِيرَ الْمُذَاكَرَةِ بِهِ ، شَدِيدَ الشَّهْوَةِ لِرِوَايَتِهِ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً لِمَنْ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ مِنْ خَاصَّتِهِ ، وَكَانَ يُحِبُّ إِمْلَاءَ الْحَدِيثِ فِي مَجْلِسٍ عَامٍّ ، يَحْضُرُ سَمَاعَهُ كُلُّ أَحَدٍ ، فَكَانَ يُدَافِعُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ حَتَّى عَزَمَ عَلَى فِعْلِهِ