سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، يَقُولُ : " أَصْحَابُ الرَّأْي أَعْدَاءُ السُّنَّةِ "
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَغَوِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، صَاحِبُ الْقُوهِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، يَقُولُ : أَصْحَابُ الرَّأْي أَعْدَاءُ السُّنَّةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الرَّأْيِ الْمَذْمُومِ شَغَلَ نَفْسَهُ بِمَا يَنْفَعُهُ مِنَ الْعُلُومِ ، وَطَلَبَ سُنَنَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَاقْتَفَى آثَارَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ ، لَوَجَدَ فِي ذَلِكَ مَا يُغْنِيهِ عَمَّا سِوَاهُ وَاكْتَفَى بِالْأَثَرِ عَنْ رَأْيِهِ الَّذِي رَآهُ ، لِأَنَّ الْحَدِيثَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ أُصُولِ التَّوْحِيدِ ، وَبَيَانِ مَا جَاءَ مِنْ وُجُوهِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، وِصِفَاتِ رَبِّ الْعَالَمِينَ تَعَالَى عَنْ مَقَالَاتِ الْمُلْحِدِينَ وَالْإِخْبَارِ عَنْ صِفَاتِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمَا لِلْمُتَّقِينَ وَالْفُجَّارِ ، وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي الْأَرَضِينَ وَالسَّمَوَاتِ مِنْ صُنُوفِ الْعَجَائِبِ وَعَظِيمِ الْآيَاتِ ، وَذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَنَعْتِ الصَّافِّينَ وَالْمُسَبِّحِينَ . وَفِي الْحَدِيثِ قَصَصُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَأَخْبَارُ الزُّهَّادِ وَالْأَوْلِيَاءِ ، وَمَوَاعِظُ الْبُلَغَاءِ ، وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ ، وَسِيَرُ مُلُوكِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، وَأَقَاصِيصُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْأُمَمِ ، وَشَرْحُ مَغَازِي الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَسَرَايَاهُ وَجُمَلُ أَحْكَامِهِ وَقَضَايَاهُ ، وَخُطَبُهُ وَعِظَاتُهُ ، وَأَعْلَامُهُ وَمُعْجِزَاتُهُ ، وَعِدَّةُ أَزْوَاجِهِ وَأَوْلَادِهِ وَأَصْهَارِهِ وَأَصْحَابِهِ . وَذِكْرُ فَضَائِلِهِمْ وَمَآثِرِهِمْ . وَشَرْحُ أَخْبَارِهِمْ وَمَنَاقِبِهِمْ ، وَمَبْلَغُ أَعْمَارِهِمْ ، وَبَيَانُ أَنْسَابِهِمْ . وَفِيهِ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَمَا فِيهِ مِنَ النَّبَإِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ . وَأَقَاوِيلُ الصَّحَابَةِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَحْفُوظَةِ عَنْهُمْ ، وَتَسْمِيَةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْخَالِفِينَ وَالْفُقَهَاءِ الْمُجْتَهِدِينَ . وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَهُ أَرْكَانَ الشَّرِيعَةِ ، وَهَدَمَ بِهِمْ كُلَّ بِدْعَةٍ شَنِيعَةٍ . فَهُمْ أُمَنَاءُ اللَّهِ مِنْ خَلِيقَتِهِ ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ ، وَالْمُجْتَهِدُونَ فِي حَفِظِ مِلَّتِهِ . أَنْوَارُهُمْ زَاهِرَةٌ ، وَفَضَائِلُهُمْ سَائِرَهٌ ، وَآيَاتُهُمْ بَاهِرَةٌ ، وَمَذَاهِبُهُمْ ظَاهِرَةٌ ، وَحُجَجُهُمْ قَاهِرَةٌ ، وَكُلُّ فِئَةٍ تَتَحَيَّزُ إِلَى هَوًى تَرْجِعُ إِلَيْهِ ، أَوْ تَسْتَحْسِنُ رَأَيًا تَعْكُفُ عَلَيْهِ ، سِوَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ ، فَإِنَّ الْكِتَابَ عُدَّتُهُمْ ، وَالسُّنَّةُ حُجَّتُهُمْ ، وَالرَّسُولُ فِئَتُهُمْ ، وَإِلَيْهِ نِسْبَتُهُمْ ، لَا يُعَرِّجُونَ عَلَى الْأَهْوَاءِ ، وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى الْآرَاءِ ، يُقْبَلُ مِنْهُمْ مَا رَوَوْا عَنِ الرَّسُولِ ، وَهُمُ الْمَأْمُونُونَ عَلَيْهِ وَالْعُدُولُ ، حَفَظَةُ الدِّينِ وَخَزَنَتُهُ ، وَأَوْعِيَةُ الْعِلْمِ وَحَمَلَتُهُ . إِذَا اخْتُلِفَ فِي حَدِيثٍ ، كَانَ إِلَيْهِمُ الرُّجُوعُ ، فَمَا حَكَمُوا بِهِ ، فَهُوَ الْمَقْبُولُ الْمَسْمُوعُ . وَمِنْهُمْ كُلُّ عَالِمٍ فَقِيهٌ ، وَإِمَامٌ رَفِيعٌ نَبِيهٌ ، وَزَاهِدٌ فِي قَبِيلَةٍ ، وَمَخْصُوصٌ بِفَضِيلَةٍ ، وَقَارِئٌ مُتْقِنٌ ، وَخَطِيبٌ مُحْسِنٌ . وَهُمُ الْجُمْهُورُ الْعَظِيمُ ، وَسَبِيلُهُمُ السَّبِيلُ الْمُسْتَقِيمُ . وَكُلُّ مُبْتَدَعٍ بِاعْتِقَادِهِمْ يَتَظَاهَرُ ، وَعَلَى الْإِفْصَاحِ بِغَيْرِ مَذَاهِبِهِمْ لَا يَتَجَاسَرُ . مَنْ كَادَهُمْ قَصَمَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ عَانَدَهُمْ خَذَلَهُمُ اللَّهُ . لَا يَضُرُّهُمُ مَنْ خَذَلَهُمْ ، وَلَا يُفْلِحُ مَنِ اعْتَزَلَهُمُ الْمُحْتَاطُ لِدِينِهِ إِلَى إِرْشَادِهِمْ فَقِيرٌ ، وَبَصَرُ النَّاظِرِ بِالسُّوءِ إِلَيْهِمْ حَسِيرٌ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ