عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ : " لَمْ يَزَلْ أَمْرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ مُعْتَدِلًا حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ "
وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ ، ثنا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ : لَمْ يَزَلْ أَمْرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ مُعْتَدِلًا حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ مُوسَى : وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ سَبَايَا الْأُمَمِ ، أُمُّهُ سِنْدِيَّةٌ وَأَبُوهُ نَبَطِيٌّ قَالَ : وَالَّذِينَ ابْتَدَعُوا الرَّأْيَ ثَلَاثَةٌ وَكُلُّهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ سَبَايَا الْأُمَمِ وَهُمْ رَبِيعَةُ بِالْمَدِينَةِ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ بِالْبَصْرَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ بِالْكُوفَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ : وَأَفْرَطَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فِي ذَمِّ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَجَاوَزُوا الْحَدَّ فِي ذَلِكَ ، وَالسَّبَبُ الْمُوجِبُ لِذَلِكَ عِنْدَهُمْ إِدْخَالُهُ الرَّأْيَ وَالْقِيَاسَ عَلَى الْآثَارِ وَاعْتُبَارُهُمَا ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إِذَا صَحَّ الْأَثَرُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ بَطَلَ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ ، وَكَانَ رَدُّهُ لِمَا رَدَّ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِتَأْوِيلٍ مُحْتَمَلٍ ، وَكَثِيرٌ مِنْهُ قَدْ تَقَدَّمَهُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ مِمَّنْ قَالَ بِالرَّأْيِ ، وَجُلُّ مَا يُوجَدُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ اتِّبَاعًا لِأَهْلِ بَلَدِهِ كَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِلَّا أَنَّهُ أَغْرَقَ وَأَفْرَطَ فِي تَنْزِيلِ النَّوَازِلِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَالْجَوَابِ فِيهَا بِرَأْيِهِمْ وَاسْتِحْسَانِهِمْ ، فَيَأْتِي مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ خِلَافٌ كَثِيرٌ لِلسَّلَفِ وَشُنَعٌ هِيَ عِنْدَ مُخَالِفِيهِمْ بِدَعٌ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا وَلَهُ تَأْوِيلٌ فِي آيَةٍ أَوْ مَذْهَبٌ فِي سُنَّةٍ رَدَّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ بِسُنَّةٍ أُخْرَى بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ أَوِ ادِّعَاءِ نَسْخٍ ، إِلَّا أَنَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرًا وَهُوَ يُوجَدُ لِغَيْرِهِ قَلِيلًا