سَمِعَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ رَجُلًا يُنْشِدُ : {
} اسْتَوْدَعَ الْعِلْمَ قِرْطَاسًا فَضَيَّعَهُ {
}وَبِئْسَ مُسْتَوْدَعُ الْعِلْمِ الْقَرَاطِيسُ {
}فَقَالَ يُونُسُ : " قَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَشَدَّ صِيَانَتَهُ لِلْعِلْمِ وَصَيَانَتَهُ لِلْحِفْظِ ، إِنَّ عِلْمَكَ مِنْ رُوحِكَ ، وَإِنَّ مَالَكَ مِنْ بَدَنِكَ ، فَصُنْ عِلْمَكَ صِيَانَتَكَ رُوحَكَ ، وَصُنْ مَالَكَ صَيَانَتَكَ بَدَنَكَ "
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْقَاسِمِ ، نا ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ : أنا أَبُو حَاتِمٍ ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : سَمِعَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ رَجُلًا يُنْشِدُ : اسْتَوْدَعَ الْعِلْمَ قِرْطَاسًا فَضَيَّعَهُ وَبِئْسَ مُسْتَوْدَعُ الْعِلْمِ الْقَرَاطِيسُ فَقَالَ يُونُسُ : قَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَشَدَّ صِيَانَتَهُ لِلْعِلْمِ وَصَيَانَتَهُ لِلْحِفْظِ ، إِنَّ عِلْمَكَ مِنْ رُوحِكَ ، وَإِنَّ مَالَكَ مِنْ بَدَنِكَ ، فَصُنْ عِلْمَكَ صِيَانَتَكَ رُوحَكَ ، وَصُنْ مَالَكَ صَيَانَتَكَ بَدَنَكَ وَمِمَّا يُنْسَبُ إِلَى مَنْصُورٍ الْفَقِيهِ مِنْ قَوْلِهِ : عِلْمِي مَعِي حَيْثُ مَا يَمَّمْتُ أَحْمِلُهُ بَطْنِي وِعَاءٌ لَهُ لَا بَطْنَ صُنْدُوقِ إِنْ كُنْتُ فِي الْبَيْتِ كَانَ الْعِلْمُ فِيهِ مَعِي أَوْ كُنْتُ فِي السُّوقِ كَانَ الْعِلْمُ فِي السُّوقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ : مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّمَا ذَهَبَ فِي ذَلِكَ مَذْهَبَ الْعَرَبِ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُطْبُوعِينَ عَلَى الْحِفْظِ مَخْصُوصِينَ بِذَلِكَ وَالَّذِينَ كَرِهُوا الْكِتَابَ كَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَابْنِ شِهَابٍ ، وَالنَّخَعِيِّ ، وَقَتَادَةَ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ وَجُبِلَ جِبِلَّتَهُمْ كَانُوا قَدْ طُبِعُوا عَلَى الْحِفْظِ فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَجْتَزِئُ بِالسَّمْعَةِ ، أَلَا تَرَى مَا جَاءَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِنِّي لَأَمُرُّ بِالْبَقِيعِ فَأَسُدُّ آذَانِي مَخَافَةَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْخَنَا فَوَاللَّهِ مَا دَخَلَ أُذُنِي شَيْءٌ قَطُّ فَنَسِيتُهُ وَجَاءَ عَنِ الشَّعْبِيِّ نَحْوَهُ ، وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَرَبٌ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَحْنُ أُمَّةٌ أُمَيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسِبُ وَهَذَا مَشْهُورٌ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ خُصَّتْ بِالْحِفْظِ كَانَ بَعْضُهُمْ يَحْفَظُ أَشْعَارَ بَعْضٍ فِي سَمْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ جَاءَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَفِظَ قَصِيدَةَ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ : أَمِنْ آلِ نُعْمٍ أَنْتَ غَادٍ فَمُبْكِرُ فِي سَمْعَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَا ذَكَرُوا وَلَيْسَ أَحَدٌ الْيَوْمَ عَلَى هَذَا وَلَوْلَا الْكِتَابُ لَضَاعَ كَثِيرٌ مِنَ الْعِلْمِ ، وَقَدْ أَرْخَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَرَخَّصَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَحَمِدُوا ذَلِكَ وَنَحْنُ ذَاكِرُوهُ بَعْدَ هَذَا بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ شَيْءٌ فِي حِفْظِهِ لِتَرْكِهِ الْكِتَابَ