أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا تَكَاتَبَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانُوا تَكَاتَبُوا أَلَّا يُنْكِحُوهُمْ وَلَا يَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ وَلَا يَبِيعُوهُمْ ، وَلَا يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ ، وَلَا يُخَالِطُوهُمْ فِي شَيْءٍ وَلَا يُكَلِّمُوهُمْ ، فَمَكَثُوا ثَلَاثَ سِنِينَ فِي شِعْبِهِمْ مَحْصُورِينَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَبِي لَهَبٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ ، وَدَخَلَ مَعَهُمْ بَنُو الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثُ سِنِينَ أَطْلَعُ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى أَمْرِ صَحِيفَتِهِمْ ، وَأَنَّ الْأَرَضَةَ قَدْ أَكَلَتْ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ أَوْ ظُلْمٍ وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : أَحَقٌّ مَا تُخْبِرُنِي يَا ابْنَ أَخِي ؟ قَالَ : " نَعَمْ وَاللَّهِ " قَالَ : فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو طَالِبٍ لِإِخْوَتِهِ ، فَقَالُوا لَهُ : مَا ظَنُّكَ بِهِ ، قَالَ : فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي قَطُّ قَالَ : فَمَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى أَنْ تَلْبَسُوا أَحْسَنَ مَا تَجِدُونَ مِنَ الثِّيَابِ ثُمَّ تَخْرُجُونَ إِلَى قُرَيْشٍ فَنَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمُ الْخَبَرُ ، قَالَ : فَخَرَجُوا حَتَّى دَخَلُوا الْمَسْجِدَ فَصَمَدُوا إِلَى الْحِجْرِ ، وَكَانَ لَا يَجْلِسُ فِيهِ إِلَّا مَسَّانُ قُرَيْشٍ وَذُوُو نُهَاهُمْ ، فَتَرَفَّعَتْ إِلَيْهِمُ الْمَجَالِسُ يَنْظُرُونَ مَاذَا يَقُولُونَ ؟ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : إِنَّا قَدْ جِئْنَا لِأَمْرٍ فَأَجِيبُوا فِيهِ بِالَّذِي يُعْرَفُ لَكُمْ ، قَالُوا : مَرْحَبًا بِكُمْ وَأَهْلًا وَعِنْدَنَا مَا يَسُرُّكَ ، فَمَا طَلَبْتَ ؟ قَالَ : إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي وَلَمُ يَكْذِبْنِي قَطُّ أَنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَى صَحِيفَتِكُمُ الَّتِي كَتَبْتُمُ الْأَرَضَةَ فَلَمَسَتْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ أَوْ ظُلْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، وَبَقِيَ فِيهَا كُلُّ مَا ذُكِرَ بِهِ اللَّهُ ، فَإِنْ كَانَ ابْنُ أَخِي صَادِقًا نَزَعْتُمْ عَنْ سُوءِ رَأْيِكُمْ ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمْ فَقَتَلْتُمُوهُ أَوِ اسْتَحْيَيْتُمُوهُ إِنْ شِئْتُمْ ، قَالُوا : قَدْ أَنْصَفْتَنَا فَأَرْسَلُوا إِلَى الصَّحِيفَةِ ، فَلَمَّا أُتِيَ بِهَا قَالَ أَبُو طَالِبٍ : اقْرَءُوهَا ، فَلَمَّا فَتَحُوهَا إِذَا هِيَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُكِلَتْ كُلُّهَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فِيهَا ، قَالَ فَسُقِطَ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ ، ثُمَّ نَكَسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : هَلْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلَى بِالظُّلْمِ وَالْقَطِيعَةِ وَالْإِسَاءَةِ ، فَلَمْ يُرَاجِعْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ وَتَلَاوَمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مَا صَنَعُوا بِبَنِي هَاشِمٍ ، فَمَكَثُوا غَيْرَ كَثِيرٍ ، وَرَجَعَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشِّعْبِ وَهُوَ يَقُولُ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ عَلَامَ نُحْصَرُ وَنُحْبَسُ وَقَدْ بَانَ الْأَمْرُ ، ثُمَّ دَخَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَالْكَعْبَةِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ انْصُرْنَا مِمَّنْ ظَلَمَنَا ، وَقَطَعَ أَرْحَامَنَا ، وَاسْتَحَلَّ مِنَّا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَّا ، ثُمَّ انْصَرَفُوا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا تَكَاتَبَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَكَانُوا تَكَاتَبُوا أَلَّا يُنْكِحُوهُمْ وَلَا يَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ وَلَا يَبِيعُوهُمْ ، وَلَا يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ ، وَلَا يُخَالِطُوهُمْ فِي شَيْءٍ وَلَا يُكَلِّمُوهُمْ ، فَمَكَثُوا ثَلَاثَ سِنِينَ فِي شِعْبِهِمْ مَحْصُورِينَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَبِي لَهَبٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ ، وَدَخَلَ مَعَهُمْ بَنُو الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثُ سِنِينَ أَطْلَعُ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى أَمْرِ صَحِيفَتِهِمْ ، وَأَنَّ الْأَرَضَةَ قَدْ أَكَلَتْ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ أَوْ ظُلْمٍ وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : أَحَقٌّ مَا تُخْبِرُنِي يَا ابْنَ أَخِي ؟ قَالَ : نَعَمْ وَاللَّهِ قَالَ : فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو طَالِبٍ لِإِخْوَتِهِ ، فَقَالُوا لَهُ : مَا ظَنُّكَ بِهِ ، قَالَ : فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي قَطُّ قَالَ : فَمَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى أَنْ تَلْبَسُوا أَحْسَنَ مَا تَجِدُونَ مِنَ الثِّيَابِ ثُمَّ تَخْرُجُونَ إِلَى قُرَيْشٍ فَنَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمُ الْخَبَرُ ، قَالَ : فَخَرَجُوا حَتَّى دَخَلُوا الْمَسْجِدَ فَصَمَدُوا إِلَى الْحِجْرِ ، وَكَانَ لَا يَجْلِسُ فِيهِ إِلَّا مَسَّانُ قُرَيْشٍ وَذُوُو نُهَاهُمْ ، فَتَرَفَّعَتْ إِلَيْهِمُ الْمَجَالِسُ يَنْظُرُونَ مَاذَا يَقُولُونَ ؟ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : إِنَّا قَدْ جِئْنَا لِأَمْرٍ فَأَجِيبُوا فِيهِ بِالَّذِي يُعْرَفُ لَكُمْ ، قَالُوا : مَرْحَبًا بِكُمْ وَأَهْلًا وَعِنْدَنَا مَا يَسُرُّكَ ، فَمَا طَلَبْتَ ؟ قَالَ : إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي وَلَمُ يَكْذِبْنِي قَطُّ أَنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَى صَحِيفَتِكُمُ الَّتِي كَتَبْتُمُ الْأَرَضَةَ فَلَمَسَتْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ أَوْ ظُلْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، وَبَقِيَ فِيهَا كُلُّ مَا ذُكِرَ بِهِ اللَّهُ ، فَإِنْ كَانَ ابْنُ أَخِي صَادِقًا نَزَعْتُمْ عَنْ سُوءِ رَأْيِكُمْ ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمْ فَقَتَلْتُمُوهُ أَوِ اسْتَحْيَيْتُمُوهُ إِنْ شِئْتُمْ ، قَالُوا : قَدْ أَنْصَفْتَنَا فَأَرْسَلُوا إِلَى الصَّحِيفَةِ ، فَلَمَّا أُتِيَ بِهَا قَالَ أَبُو طَالِبٍ : اقْرَءُوهَا ، فَلَمَّا فَتَحُوهَا إِذَا هِيَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أُكِلَتْ كُلُّهَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فِيهَا ، قَالَ فَسُقِطَ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ ، ثُمَّ نَكَسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : هَلْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلَى بِالظُّلْمِ وَالْقَطِيعَةِ وَالْإِسَاءَةِ ، فَلَمْ يُرَاجِعْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ وَتَلَاوَمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مَا صَنَعُوا بِبَنِي هَاشِمٍ ، فَمَكَثُوا غَيْرَ كَثِيرٍ ، وَرَجَعَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشِّعْبِ وَهُوَ يَقُولُ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ عَلَامَ نُحْصَرُ وَنُحْبَسُ وَقَدْ بَانَ الْأَمْرُ ، ثُمَّ دَخَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَالْكَعْبَةِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ انْصُرْنَا مِمَّنْ ظَلَمَنَا ، وَقَطَعَ أَرْحَامَنَا ، وَاسْتَحَلَّ مِنَّا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَّا ، ثُمَّ انْصَرَفُوا