فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ : " اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ أَوْ سَاحِرَةٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ "
وَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، سَمِعَ بَجَالَةَ ، يَقُولُ : كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزِيِّ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ : اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ أَوْ سَاحِرَةٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ ، فَقَتَلْنَا ثَلَاثَةَ سَوَاحِرَ وَجَعَلْنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَحَرِيمِهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَصَنَعَ طَعَامًا كَثِيرًا وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ ، وَدَعَا الْمَجُوسَ فَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ ، فَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبِلَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ أَخْبَرَنَا أَبَو سَعِيدٍ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ ثنا الرَّبِيعُ ، قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقُلْتُ لَهُ : بَجَالَةُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ ، وَلَيْسَ بِالْمَشْهُوَرِ ، وَلَسْنَا نَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ مَجْهُولٍ ، وَلَا نَعْرِفُ أَنْ جَزِيَّ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَانَ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ قَالَ : وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ إِلَّا فِي الْمُوَادَعَيْنِ اللَّذَيْنِ رُجِمَا ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ إِلَّا مَا رَوَى بَجَالَةُ مِمَّا يُوَافِقُ حُكْمَ الْإِسْلَامِ ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّا يُوَافِقُ قَوْلَنَا ، فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ ، وَهَاتَانِ الرُّوَايَتَانِ ، وَإِنْ لَمْ تُخَالِفْنَا ، غَيْرُ مَعْرُوفَتَيْنِ عِنْدَنَا ، وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ لَا نَكُونَ مِمَّنْ تَدَعُوهُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ إِلَى قَبُولِ خَبَرِ مَنْ لَا يَثْبُتُ خَبَرُهُ بِمَعْرِفَتِهِ عِنْدَهُ كَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ ، وَنَصَّ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِي أَحَدٍ مِنَ الْمُعَاهِدِينَ الَّذِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمُ الْحُكْمُ إِذَا جَاءُوهُ فِي حَدِّ اللَّهِ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }} ، قَالَ : فَكَانَ الصَّغَارُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَذَكَرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثَ بَجَالَةَ فِي الْجِزْيَةِ وَقَالَ : حَدِيثُ بَجَالَةَ مُتَّصِلٌ ثَابِتٌ ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَانَ رَجُلًا فِي زَمَانِهِ كَاتِبًا لِعُمَّالِهِ ، وَكَأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى حَالِ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدٍ ، وَيُقَالُ : ابْنُ عَبْدَةَ ، حِينَ صَنَّفَ كِتَابَ الْحُدُودِ ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَيْهِ حِينَ صَنَّفَ كِتَابَ الْجِزْيَةِ ، إِنْ كَانَ صَنَّفَهُ بَعْدَهُ ، وَحَدِيثُ بَجَالَةَ أَحَدُ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ، فَتَرَكَهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُرْسَلٌ ، وَقَابُوسُ بْنُ مُخَارِقٍ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْقَدِيمِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ : وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ عَنِ الْحَسَنِ