أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ ، فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ "
قَالَ الشَّافِعِيُّ ، أنبأ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ ، فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَقَدْ أَمَرَ بِاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ ، وَفَرَضَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ عَلَى خَلْقِهِ ، وَمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ هَذَا ، إِلَّا مَا تُمْسِكُوا بِهِ عَنِ اللَّهِ ، ثُمَّ عَنِ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ عَنْ دِلَالَتِهِ ، وَلَكِنْ قَوْلُهُ : إِنْ كَانَ قَالَهُ لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا كَانَ بِمَوْضِعِ الْقُدْوَةِ ، فَقَدْ كَانَتْ لَهُ خَوَاصُّ أُبِيحَ لَهُ فِيهَا ، مَا لَمْ يُبَحْ لِلنَّاسِ ، وَحُرِّمَ عَلَيْهِ فِيهَا ، مَا لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ مِنَ الَّذِي لِي ، أَوْ عَلَيَّ دُونَهُمْ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا عَلَيَّ وَلِي دُونَهُمْ فَلَا يُمْسِكَنَّ بِهِ ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَحَلَّ لَهُ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ مَا شَاءَ ، وَأَنْ يَسْتَنْكِحَ الْمَرْأَةَ إِذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ }} ، فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ : قَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ ، وَنَكَحَ امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ ، وَأَخَذَ صَفِيًّا مِنَ الْمَغْنَمِ ، وَكَانَ لَهُ خُمْسُ الْخُمُسِ ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بَعْدَهُ وَلَا لِوُلَاتِهِمْ كَمَا يَكُونُ لَهُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ دُونَهُمْ ، وَفَرَضَ اللَّهُ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ وَالْفِرَاقِ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ : عَلَيَّ أَنْ أُخَيِّرَ امْرَأَتِي عَلَى مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنْ كَانَ قَالَهُ : لَا يُمْسِكَنَّ عَلَيَّ النَّاسُ بِشَيْءٍ قَالَ الشَّيْخُ : وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي صِحَّةِ الْخَبَرِ ، فَقَالَ : إِنْ كَانَ قَالَهُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مُرْسَلٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُؤَكِّدُهُ إِلَّا أَنْ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَيَكُونُ وَاضِحًا وَلِلْأُصُولِ مُوَافِقًا