• 2916
  • لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَتْ : " إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَ عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلَا مُكَذَّبَيْنِ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ "

    أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ ، ثنا مُسَدَّدُ بْنُ فَطَنٍ ، ثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ ، ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، ثنا أَيُّوبُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ جِنَازَةَ أُخْتِ أَبَانَ بِنْتِ عُثْمَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ يُخَالِفُهُ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ قَالَ أَيُّوبُ : قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ , حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَتْ : إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَ عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلَا مُكَذَّبَيْنِ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رُشَيْدٍ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , أنبأ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ : وَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ فَإِنْ قِيلَ وَأَيْنَ دَلَالَةُ الْكِتَابِ قِيلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {{ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }} وَقَوْلِهِ {{ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى }} وَقَوْلِهِ {{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }} وَقَوْلِهِ {{ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى }} فَإِنْ قِيلَ فَأَيْنَ دَلَالَةُ السُّنَّةِ ؟ قِيلَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ : هَذَا ابْنُكَ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ . فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا أَعْلَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَنَّ جِنَايَةَ كُلِّ امْرِئٍ عَلَيْهِ ، كَمَا عَمَلُهُ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ وَلَا عَلَيْهِ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَعُمْرَةُ أَحْفَظُ عَنْ عَائِشَةَ مِنَ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَحَدِيثُهَا أَشْبَهُ الْحَدِيثَيْنِ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا فَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ عَلَى غَيْرِ مَا رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا فَهُوَ وَاضِحٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ لِأَنَّهَا تُعَذَّبُ بِالْكُفْرِ وَهَؤُلَاءِ يَبْكُونَ وَلَا يَدْرُونَ مَا هِيَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ عَلَى الْكَافِرِ عَذَابًا أَعْلَى مِنْهُ فَإِنْ عُذِّبَ بِدُونِهِ فَزِيدَ فِي عَذَابِهِ فِيمَا اسْتَوْجَبَ وَمَا نِيلَ مِنْ كَافِرٍ مِنْ عَذَابٍ أَدْنَى مِنْ أَعْلَى مِنْهُ وَمَا زِيدَ عَلَيْهِ مَنَ الْعَذَابِ فَبِاسْتِيجَابِهِ لَا بِذَنْبِ غَيْرِهِ فِي بُكَائِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ قِيلَ : يَزِيدُهُ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ , قِيلَ : يَزِيدُ بِمَا اسْتَوْجَبَ بِعَمَلِهِ وَيَكُونُ بُكَاؤُهُمْ سَبَبًا لَا أَنَّهُ يُعَذَّبُ بِبُكَائِهِمْ عَلَيْهِ وَفِيمَا بَلَغَنِي عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يُوصُونَ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِالنِّيَاحَةِ أَوْ بِهِمَا وَذَلِكَ مَعْصِيَةٌ فَمَنْ أَمَرَ بِهَا فَعَمِلَتْ بِأَمْرِهِ كَانَتْ لَهُ ذَنْبًا كَمَا لَوْ أَمَرَ بِطَاعَةٍ فَعَمِلَتْ بَعْدَهُ كَانَتْ لَهُ طَاعَةٌ فَكَمَا يُؤْجَرُ بِمَا هُوَ سَبَبٌ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُعَذَّبَ بِمَا هُوَ سَبَبٌ لَهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ