سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ، وَسَأَلَهُ ، رَجُلٌ عَنِ امْرَأَةٍ صَرُورَةٍ لَمْ تَحُجَّ ، أَتَعْتَمِرُ فِي حَجِّهَا ؟ قَالَ : " نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ ذَلِكَ رُخْصَةً {{ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }} "
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْأَزْدِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ، وَسَأَلَهُ ، رَجُلٌ عَنِ امْرَأَةٍ صَرُورَةٍ لَمْ تَحُجَّ ، أَتَعْتَمِرُ فِي حَجِّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ ذَلِكَ رُخْصَةً {{ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }} قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى الرُّخْصَةِ لِأَهْلِ مَكَّةَ خَاصَّةً فِي سُقُوطِ دَمِ الْمُتْعَةِ عَنْهُمْ إِنْ هُمْ تَمَتَّعُوا وَقَرَنُوا ، وَإِنَّ الَّذِي تَأَوَّلَهُ عُمَرُ خِلَافُ ذَلِكَ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ الْآيَةَ تَغْلِيظًا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ ، وَرُخْصَةً لِسَائِرِ النَّاسِ سِوَاهُمْ ، فَأَرَادَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَأْذَنْ لِأَهْلِ مَكَّةَ فِي الْمُتْعَةِ الْبَتَّةَ لِقَوْلِهِ : {{ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }} يَقُولُ : لَيْسَ لَهُمُ التَّمَتُّعُ ، وَذَهَبَ الْآخَرُونَ إِلَى أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَتَمَتَّعُوا وَلَا دَمَّ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَالَّذِي عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلتَّأْوِيلِ وَجْهٌ إِلَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ عَنْ مَكَّةَ إِذَا أَخْطَأَتْهُمُ الرُّخْصَةُ فِي الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانُ لَمْ يَجِدُوا بُدًّا مِنْ خُلَّتَيْنِ ، إِحْدَاهُمَا : أَنْ يَعْتَمِرُوا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ، ثُمَّ يُقِيمُوا بِمَكَّةَ حَتَّى يَحُجُّوا وَفِي ذَلِكَ طُولُ الثَّوَى وَالِاغْتِرَابُ عَنِ الْأَوْطَانِ ، وَالْخُلَّةُ الْأُخْرَى : أَنْ يَنْصَرِفُوا بَعْدَ الْعُمْرَةِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ ، ثُمَّ يُنْشِؤَا لِلْحَجِّ سَفَرًا ثَانِيًا فِي أَوَانِهِ وَكِلْتَا الْخُلَّتَيْنِ فِيهِمَا مَشَقَّةٌ وَأَذَى ، فَأَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ بِمُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ مَعَ إِقَامَةٍ يَسِيرَةٍ ، وَأَخْرَجَ أَهْلَ مَكَّةَ مِنْ هَذِهِ الرُّخْصَةِ لِأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ فِي أَهْلِيهِمْ لَا يَتَجَشَّمُونَ سَفَرًا ، وَلَا يَطُولُ بِهِمُ اغْتِرَابٌ عَنْ وَطَنٍ ، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ أَنْ يَعْتَمِرُوا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَإِنَّمَا نَهَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ هَذِهِ الْمُتْعَةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ وَلَا الْكَرَاهَةِ لَهَا ، وَكَيْفَ يَأْبَاهَا وَهِيَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ جَمِيعًا ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ ، وَذَلِكَ لِخِلَالٍ شَتَّى : إِحْدَاهُنَّ : الْفَضِيلَةُ لِيَكُونَ الْحَجُّ فِي أَشْهُرِهِ الْمَعْلُومَةِ لَهُ ، وَتَكُونَ الْعُمْرَةُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الشُّهُورِ . وَالْخُلَّةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّهُ أَحَبَّ عُمَارَةَ الْبَيْتِ وَأَنْ يَكْثُرَ زُوَّارُهُ فِي غَيْرِ الْمَوْسِمِ ، وَالثَّالِثَةُ : أَنَّهُ أَرَادَ إِدْخَالَ الْمِرْفَقِ عَلَى أَهْلِ الْحَرَمِ بِدُخُولِ النَّاسِ إِلَيْهِمْ ، وَكُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ قَدْ جَاءَتْ بِهَا الْأَخْبَارُ عَنْهُ مُفَسَّرَةً