عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ بِشَاعِرِهِمْ وَخَطِيبِهِمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَوْا ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ إِلَيْنَا ، فَإِنَّ مَدْحَنَا زَيْنٌ ، وَإِنَّ سَبَّنَا شَيْنٌ ، قَالَ : فَسَمِعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ : " إِنَّمَا ذَلِكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَا تُرِيدُونَ ؟ " ، قَالُوا : نَحْنُ نَاسٌ مِنْ تَمِيمٍ ، جِئْنَاكَ بِشَاعِرِنَا وَخَطِيبِنَا لِنُشَاعِرَكَ وَلِنُفَاخِرَكَ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا بِالشِّعْرِ بُعِثْنَا ، وَلَا بِالْفَخَارِ أُمِرْنَا ، وَلَكِنْ هَاتُوا " ، قَالَ : فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ لِشَابٍّ مِنْ شَبَابِهِمْ : يَا فُلَانُ قُمْ فَاذْكُرْ فَضْلَكَ ، وَفَضْلَ قَوْمِكَ ، قَالَ : فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنَا خَيْرَ خَلْقِهِ ، وَآتَانَا أَمْوَالًا نَفْعَلُ فِيهَا مَا نَشَاءُ ، فَنَحْنُ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، أَكْثَرُهُمْ عَدَدًا ، وَأَكْثَرُهُمْ سِلَاحًا ، فَمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْنَا قَوْلَنَا فَلْيَأْتِ بِقَوْلٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِنَا ، وَبِفِعَالٍ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ فِعَالِنَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ الْأَنْصَارِيِّ ، وَكَانَ خَطِيبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُمْ فَأَجِبْهُ " قَالَ : فَقَامَ ثَابِتٌ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ ، وَأَؤْمِنُ بِهِ ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَدَعَا الْمُهَاجِرِينَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ أَحْسَنَ النَّاسِ وُجُوهًا ، وَأَعْظَمَ النَّاسِ أَحْلَامًا فَأَجَابُوهُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلْنَا أَنْصَارَهُ وَوزَرَاءَ رَسُولِهِ ، وَعِزًّا لِدِينِهِ ، فَنَحْنُ نُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَمَنْ قَالَهَا مَنَعَ مِنَّا مَالَهُ وَنَفْسَهُ ، وَمَنْ أَبَاهَا قَاتَلْنَاهُ ، وَكَانَ رَغْمُهُ فِي اللَّهِ عَلَيْنَا هَيِّنًا ، أَقُولُ قُولِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، قَالَ : فقَالَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ : يَا فُلَانُ ، قُمْ فَقُلْ أَبْيَاتًا تَذْكُرُ فِيهَا فَضْلَكَ ، وَفَضْلَ قَوْمِكَ ، فَقَالَ : {
} نَحْنُ الْكِرَامُ فَلَا حَيٌّ يُعَادِلُنَا {
}نَحْنُ الرُّءُوسُ وَفِينَا تُقْسَمُ الرُّبُعُ {
}{
} وَنُطْعِمُ النَّاسَ عِنْدَ الْمَحْلِ كُلَّهُمُ {
}مِنَ السَّدِيفِ إِذَا لَمْ يُؤْنِسِ الْقَزَعُ {
}{
} إِذَا أَبَيْنَا فَلَا يَأْبَى لَنَا أَحَدٌ {
}إِنَّا كَذَلِكَ عِنْدَ الْفَخْرِ نَرْتَفِعُ {
}قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَلَيَّ بِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ " ، قَالَ : فَذَهَبَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ فَقَالَ : وَمَا يُرِيدُ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِنَّمَا كُنْتُ عِنْدَهُ آنِفًا ؟ قَالَ : جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ بِشَاعِرِهِمْ وَخَطِيبِهِمْ ، فَتَكَلَّمَ خَطِيبُهُمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ فَأَجَابَهُ ، وَتَكَلَّمَ شَاعِرُهُمْ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكَ لِتُجِيبَهُ ، فَقَالَ حَسَّانُ : قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَبْعَثُوا هَذَا الْعَوْدَ ، وَالْعَوْدُ : الْجَمَلُ الْكَبِيرُ ، قَالَ : فَلَمَّا أَنْ جَاءَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا حَسَّانُ قُمْ فَأَجِبْهُ " ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مُرْهُ فَلْيُسْمِعْنِي مَا قَالَ ، فَقَالَ : أَسْمِعْهُ مَا قُلْتَ ، فَأَسْمَعَهُ ، فَقَالَ حَسَّانُ : {
} نَصَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ وَالدِّينَ عَنْوَةً {
}عَلَى رَغْمِ عَاتٍ مِنْ مَعَدٍّ وَحَاضِرِ {
}{
} بِضَرْبٍ كَإِيزَاعِ الْمَخَاضِ مُشَاشَهُ {
}وَطَعْنٍ كَأَفْوَاهِ اللِّقَاحِ الصَّوَادِرِ {
}{
} وَسَلْ أُحُدًا يَوْمَ اسْتَقَلَّتْ شِعَابُهُ {
}بِضَرْبٍ لَنَا مِثْلِ اللُّيُوثِ الْخَوَادِرِ {
}{
} أَلَسْنَا نَخُوضُ الْمَوْتَ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى {
}إِذَا طَابَ وِرْدُ الْمَوْتِ بَيْنَ الْعَسَاكِرِ {
}{
} وَنَضْرِبُ هَامَ الدَّارِعِينَ وَنَنْتَمِي {
}إِلَى حَسَبٍ مِنْ جِذْمِ غَسَّانَ قَاهِرِ {
}{
} فَأَحْيَاؤُنَا مِنْ خَيْرِ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى {
}وَأَمْوَاتُنَا مِنْ خَيْرِ أَهْلِ الْمَقَابِرِ {
}{
} فَلَوْلَا حَيَاءُ اللَّهِ قُلْنَا تَكَرُّمًا {
}عَلَى النَّاسِ بِالْخِيفَيْنِ : هَلْ مِنْ مُنَافِرِ ؟ {
}قَالَ : فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ جِئْتُ لِأَمْرٍ مَا جَاءَ لَهُ هَؤُلَاءِ ، إِنِّي قَدْ قُلْتُ شِعْرًا , فَاسْمَعْهُ ، قَالَ : " هَاتِ " ، فَقَالَ : {
} أَتَيْنَاكَ كَيْمَا يَعْرِفَ النَّاسُ فَضْلَنَا {
}إِذَا اخْتَلَفُوا عِنْدَ ذِكْرِ الْمَكَارِمِ {
}{
} وَإِنَّا رُءُوسُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ مَعْشَرٍ {
}وَإِنْ لَيْسَ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ كَدَارِمِ {
}{
} وَإِنَّ لَنَا الْمِرْبَاعَ فِي كُلِّ غَارَةٍ {
}تَكُونُ بِنَجْدٍ أَوْ بِأَرْضِ التَّهَائِمِ {
}فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا حَسَّانُ فَأَجِبْهُ " ، قَالَ : فَقَامَ فَقَالَ : {
} بَنِي دَارِمٍ لَا تَفْخَرُوا إِنَّ فَخْرَكُمْ {
}يَعُودُ وَبَالًا بَعْدَ ذِكْرِ الْمَكَارِمِ {
}{
} هَبَلْتُمْ عَلَيْنَا تَفْخَرُونَ وَأَنْتُمُ {
}لَنَا خُوَلٌ مِنْ بَيْنِ ظِئْرٍ وَخَادِمِ {
}فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ كُنْتَ غَنِيًّا يَا أَخَا بَنِي دَارِمٍ أَنْ يُذْكَرَ مِنْكَ مَا قَدْ كُنْتَ تَرَى أَنَّ النَّاسَ قَدْ نَسَوْهُ مِنْكَ " ، قَالَ : فَكَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ حَسَّانَ ، ثُمَّ رَجَعَ حَسَّانُ إِلَى قَوْلِهِ : {
} وَأَفْضَلُ مَا نِلْتُمْ مِنَ الْمَجْدِ وَالْعُلَى {
}رَدَافَتُنَا مِنْ بَعْدِ ذِكْرِ الْمَكَارِمِ {
}{
} فَإِنْ كُنْتُمُ جِئْتُمْ لِحَقْنِ دِمَائِكُمْ {
}وَأَمْوَالِكُمْ أَنْ تُقْسَمُوا فِي الْمَقَاسِمِ {
}{
} فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا وَأَسْلِمُوا {
}وَلَا تَفْخَرُوا عِنْدَ النَّبِيِّ بِدَارِمِ {
}{
} وإِلَّا وَرَبِّ الْبَيْتِ مَالَتْ أَكُفُّنَا {
}عَلَى رَأْسِكُمْ بِالْمُرْهَفَاتِ الصَّوَارِمِ {
}قَالَ : فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ ، فَقَالَ : يَا هَؤُلَاءِ ، مَا أَدْرِي مَا هَذَا الْأَمْرُ ، تَكَلَّمَ خَطِيبُنَا فَكَانَ خَطِيبُهُمْ أَرْفَعَ صَوْتًا ، وَأَحْسَنَ قَوْلًا ، وَتَكَلَّمَ شَاعِرُنَا فَكَانَ شَاعِرُهُمْ أَرْفَعَ صَوْتًا ، وَأَحْسَنَ قَوْلًا ، ثُمَّ دَنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَضُرُّكُ مَا كَانَ قَبْلَ هَذَا "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا عَمِّي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ الْوَاسِطِيُّ ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ بِشَاعِرِهِمْ وَخَطِيبِهِمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَنَادَوْا ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ إِلَيْنَا ، فَإِنَّ مَدْحَنَا زَيْنٌ ، وَإِنَّ سَبَّنَا شَيْنٌ ، قَالَ : فَسَمِعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ : إِنَّمَا ذَلِكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَا تُرِيدُونَ ؟ ، قَالُوا : نَحْنُ نَاسٌ مِنْ تَمِيمٍ ، جِئْنَاكَ بِشَاعِرِنَا وَخَطِيبِنَا لِنُشَاعِرَكَ وَلِنُفَاخِرَكَ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا بِالشِّعْرِ بُعِثْنَا ، وَلَا بِالْفَخَارِ أُمِرْنَا ، وَلَكِنْ هَاتُوا ، قَالَ : فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ لِشَابٍّ مِنْ شَبَابِهِمْ : يَا فُلَانُ قُمْ فَاذْكُرْ فَضْلَكَ ، وَفَضْلَ قَوْمِكَ ، قَالَ : فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنَا خَيْرَ خَلْقِهِ ، وَآتَانَا أَمْوَالًا نَفْعَلُ فِيهَا مَا نَشَاءُ ، فَنَحْنُ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، أَكْثَرُهُمْ عَدَدًا ، وَأَكْثَرُهُمْ سِلَاحًا ، فَمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْنَا قَوْلَنَا فَلْيَأْتِ بِقَوْلٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِنَا ، وَبِفِعَالٍ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ فِعَالِنَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ الْأَنْصَارِيِّ ، وَكَانَ خَطِيبَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قُمْ فَأَجِبْهُ قَالَ : فَقَامَ ثَابِتٌ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ ، وَأَؤْمِنُ بِهِ ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَدَعَا الْمُهَاجِرِينَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ أَحْسَنَ النَّاسِ وُجُوهًا ، وَأَعْظَمَ النَّاسِ أَحْلَامًا فَأَجَابُوهُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلْنَا أَنْصَارَهُ وَوزَرَاءَ رَسُولِهِ ، وَعِزًّا لِدِينِهِ ، فَنَحْنُ نُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَمَنْ قَالَهَا مَنَعَ مِنَّا مَالَهُ وَنَفْسَهُ ، وَمَنْ أَبَاهَا قَاتَلْنَاهُ ، وَكَانَ رَغْمُهُ فِي اللَّهِ عَلَيْنَا هَيِّنًا ، أَقُولُ قُولِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، قَالَ : فقَالَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ : يَا فُلَانُ ، قُمْ فَقُلْ أَبْيَاتًا تَذْكُرُ فِيهَا فَضْلَكَ ، وَفَضْلَ قَوْمِكَ ، فَقَالَ : نَحْنُ الْكِرَامُ فَلَا حَيٌّ يُعَادِلُنَا نَحْنُ الرُّءُوسُ وَفِينَا تُقْسَمُ الرُّبُعُ وَنُطْعِمُ النَّاسَ عِنْدَ الْمَحْلِ كُلَّهُمُ مِنَ السَّدِيفِ إِذَا لَمْ يُؤْنِسِ الْقَزَعُ إِذَا أَبَيْنَا فَلَا يَأْبَى لَنَا أَحَدٌ إِنَّا كَذَلِكَ عِنْدَ الْفَخْرِ نَرْتَفِعُ قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : عَلَيَّ بِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : فَذَهَبَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ فَقَالَ : وَمَا يُرِيدُ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِنَّمَا كُنْتُ عِنْدَهُ آنِفًا ؟ قَالَ : جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ بِشَاعِرِهِمْ وَخَطِيبِهِمْ ، فَتَكَلَّمَ خَطِيبُهُمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ فَأَجَابَهُ ، وَتَكَلَّمَ شَاعِرُهُمْ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَيْكَ لِتُجِيبَهُ ، فَقَالَ حَسَّانُ : قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَبْعَثُوا هَذَا الْعَوْدَ ، وَالْعَوْدُ : الْجَمَلُ الْكَبِيرُ ، قَالَ : فَلَمَّا أَنْ جَاءَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا حَسَّانُ قُمْ فَأَجِبْهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مُرْهُ فَلْيُسْمِعْنِي مَا قَالَ ، فَقَالَ : أَسْمِعْهُ مَا قُلْتَ ، فَأَسْمَعَهُ ، فَقَالَ حَسَّانُ : نَصَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ وَالدِّينَ عَنْوَةً عَلَى رَغْمِ عَاتٍ مِنْ مَعَدٍّ وَحَاضِرِ بِضَرْبٍ كَإِيزَاعِ الْمَخَاضِ مُشَاشَهُ وَطَعْنٍ كَأَفْوَاهِ اللِّقَاحِ الصَّوَادِرِ وَسَلْ أُحُدًا يَوْمَ اسْتَقَلَّتْ شِعَابُهُ بِضَرْبٍ لَنَا مِثْلِ اللُّيُوثِ الْخَوَادِرِ أَلَسْنَا نَخُوضُ الْمَوْتَ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى إِذَا طَابَ وِرْدُ الْمَوْتِ بَيْنَ الْعَسَاكِرِ وَنَضْرِبُ هَامَ الدَّارِعِينَ وَنَنْتَمِي إِلَى حَسَبٍ مِنْ جِذْمِ غَسَّانَ قَاهِرِ فَأَحْيَاؤُنَا مِنْ خَيْرِ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى وَأَمْوَاتُنَا مِنْ خَيْرِ أَهْلِ الْمَقَابِرِ فَلَوْلَا حَيَاءُ اللَّهِ قُلْنَا تَكَرُّمًا عَلَى النَّاسِ بِالْخِيفَيْنِ : هَلْ مِنْ مُنَافِرِ ؟ قَالَ : فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ جِئْتُ لِأَمْرٍ مَا جَاءَ لَهُ هَؤُلَاءِ ، إِنِّي قَدْ قُلْتُ شِعْرًا , فَاسْمَعْهُ ، قَالَ : هَاتِ ، فَقَالَ : أَتَيْنَاكَ كَيْمَا يَعْرِفَ النَّاسُ فَضْلَنَا إِذَا اخْتَلَفُوا عِنْدَ ذِكْرِ الْمَكَارِمِ وَإِنَّا رُءُوسُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ مَعْشَرٍ وَإِنْ لَيْسَ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ كَدَارِمِ وَإِنَّ لَنَا الْمِرْبَاعَ فِي كُلِّ غَارَةٍ تَكُونُ بِنَجْدٍ أَوْ بِأَرْضِ التَّهَائِمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا حَسَّانُ فَأَجِبْهُ ، قَالَ : فَقَامَ فَقَالَ : بَنِي دَارِمٍ لَا تَفْخَرُوا إِنَّ فَخْرَكُمْ يَعُودُ وَبَالًا بَعْدَ ذِكْرِ الْمَكَارِمِ هَبَلْتُمْ عَلَيْنَا تَفْخَرُونَ وَأَنْتُمُ لَنَا خُوَلٌ مِنْ بَيْنِ ظِئْرٍ وَخَادِمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَقَدْ كُنْتَ غَنِيًّا يَا أَخَا بَنِي دَارِمٍ أَنْ يُذْكَرَ مِنْكَ مَا قَدْ كُنْتَ تَرَى أَنَّ النَّاسَ قَدْ نَسَوْهُ مِنْكَ ، قَالَ : فَكَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ حَسَّانَ ، ثُمَّ رَجَعَ حَسَّانُ إِلَى قَوْلِهِ : وَأَفْضَلُ مَا نِلْتُمْ مِنَ الْمَجْدِ وَالْعُلَى رَدَافَتُنَا مِنْ بَعْدِ ذِكْرِ الْمَكَارِمِ فَإِنْ كُنْتُمُ جِئْتُمْ لِحَقْنِ دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ أَنْ تُقْسَمُوا فِي الْمَقَاسِمِ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا وَأَسْلِمُوا وَلَا تَفْخَرُوا عِنْدَ النَّبِيِّ بِدَارِمِ وإِلَّا وَرَبِّ الْبَيْتِ مَالَتْ أَكُفُّنَا عَلَى رَأْسِكُمْ بِالْمُرْهَفَاتِ الصَّوَارِمِ قَالَ : فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ ، فَقَالَ : يَا هَؤُلَاءِ ، مَا أَدْرِي مَا هَذَا الْأَمْرُ ، تَكَلَّمَ خَطِيبُنَا فَكَانَ خَطِيبُهُمْ أَرْفَعَ صَوْتًا ، وَأَحْسَنَ قَوْلًا ، وَتَكَلَّمَ شَاعِرُنَا فَكَانَ شَاعِرُهُمْ أَرْفَعَ صَوْتًا ، وَأَحْسَنَ قَوْلًا ، ثُمَّ دَنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَضُرُّكُ مَا كَانَ قَبْلَ هَذَا تَفَرَّدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مُطَوَّلًا بِأَشْعَارِهِ الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ