• 216
  • عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ ، قَالَ : " كَانَ سَبَبُ اسْتِنْقَاذِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ رُؤْيَا بُخْتُنَصَّرَ ، فَإِنَّهُ رَأَى رُؤْيَا فَزِعَ مِنْهَا ، فَدَعَا كَهَنَتَهُ ، وَسَحَرَتَهُ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْكَرْبِ فِي رُؤْيَاهُ ، وَسَأَلَهُمْ أَنْ يَعْبُرُوهَا لَهُ ؟ فَقَالُوا : قُصَّهَا عَلَيْنَا ، قَالَ : قَدْ نَسِيتُهَا ، فَأَخْبِرُونِي بِتَأْوِيلِهَا ، قَالُوا : فَإِنَّا لَا نَقْدِرُ أَنْ نُخْبِرَكَ بِتَأْوِيلِهَا حَتَّى تَقُصَّهَا . فَغَضِبَ ، وَقَالَ : اخْتَرْتُكُمْ ، وَاصْطَنَعْتُكُمْ لِمِثْلِ هَذَا ، اذْهَبُوا فَقَدْ أَجَّلْتُكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنْ أَتَيْتُمُونِي بِتَأْوِيلِهَا ، وَإِلَّا قَتَلْتُكُمْ ، وَشَاعَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ دَانْيَالَ ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ ، فَقَالَ لِصَاحِبِ السِّجْنِ ، - وَهُوَ إِلَيْهِ مُحْسِنٌ - : هَلْ لَكَ أَنْ تَذْكُرَنِي لِلْمَلِكِ ، فَإِنَّ عِنْدِي عِلْمَ رُؤْيَاهُ ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَنَالَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ مَنْزِلَةً ، وَتَكُونَ سَبَبَ عَافِيَتِي ، قَالَ لَهُ صَاحِبُ السِّجْنِ ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ سَطْوَةَ الْمَلِكِ ، لَعَلَّ غَمَّ السِّجْنِ حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَتَرَوَّحَ بِمَا لَيْسَ عِنْدَكَ فِيهِ عِلْمٌ ، مَعَ أَنِّي أَظُنُّ إِنْ كَانَ عِنْدَ أَحَدٍ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا عِلْمٌ فَأَنْتَ هُوَ ، قَالَ دَانْيَالُ : لَا تَخَفْ عَلَيَّ ، فَإِنَّ لِي رَبًّا يُخْبِرُنِي بِمَا شِئْتُ مِنْ حَاجَتِي . فَانْطَلَقَ صَاحِبُ السِّجْنِ ، فَأَخْبَرَ بُخْتُنَصَّرَ بِذَلِكَ ، فَدَعَا دَانْيَالَ ، فَأُدِخَلَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا يَسْجُدُ لَهُ ، فَوَقَفَ دَانْيَالَ ، فَلَمْ يَسْجُدْ ، فَقَالَ الْمَلِكُ لِمَنْ فِي الْبَيْتِ : اخْرُجُوا فَخَرَجُوا ، فَقَالَ بُخْتُنَصَّرَ لِدَانْيَالَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِي ؟ قَالَ دَانْيَالُ : إِنَّ لِي رَبًّا آتَانِي هَذَا الْعِلْمَ الَّذِي سَمِعْتَ بِهِ عَلَى أَنْ لَا أَسْجُدَ لِغَيْرِهِ ، فَخَشِيتُ أَنْ أَسْجُدَ لَكَ ؛ فَيَنْسَلِخَ عَنِّي هَذَا الْعِلْمُ ، ثُمَّ أَصِيرُ فِي يَدِكَ أُمِّيًّا ، فَلَا تَنْتَفِعُ بِي ، فَتَقْتُلُنِي ، فَرَأَيْتُ تَرْكَ السَّجْدَةَ أَهْوَنَ مِنْ قَتْلِي ، وَخَطَرُ سَجْدَةٍ أَهْوَنُ مِنَ الْكَرْبِ ، وَالْبَلَاءِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ ، فَتَرَكْتُ السُّجُودَ نَظَرًا إِلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ بُخْتُنَصَّرَ : لَمْ يَكُنْ أَوْثَقُ فِي نَفْسِي مِنْكَ حِينَ وَفَيْتَ لِإِلَهِكَ ، وَأَحَبُّ الرِّجَالِ عِنْدِي الَّذِينَ يُوفُونَ لِأَرْبَابِهِمْ بِالْعُهُودِ ، فَهَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ بِهَذِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ ؟ قَالَ : نَعَمْ عِنْدِي عِلْمُهَا ، وَتَفْسِيرُهَا ، رَأَيْتَ صَنَمًا عَظِيمًا رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ ، وَرَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ ، أَعْلَاهُ مِنْ ذَهَبٍ ، وَأَوْسَطُهُ مِنْ فِضَّةٍ ، وَأَسْفَلُهُ مِنْ نُحَاسٍ ، وَسَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ ، وَرِجْلَاهُ مِنْ فَخَّارٍ ، فَبَيْنَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ قَدْ أَعْجَبَكَ حُسْنَهُ ، وِإِحْكَامَ صَنْعَتِهِ قَذَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحَجَرٍ مِنَ السَّمَاءِ ، فَوَقَعَ عَلَى قِمَّةِ رَأْسِهِ ، فَدَقَّهُ حَتَّى طَحَنَهُ ، فَاخْتَلَطَ ذَهَبُهُ ، وَفِضَّتُهُ وَنُحَاسُهُ ، وَحَدِيدُهُ ، وَفَخَّارُهُ ، حَتَّى تَخَيَّلَ إِلَيْكَ لَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ الْإِنْسِ ، وَالْجِنِّ عَلَى أَنْ يُمَيِّزُوا بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى ذَلِكَ ، وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ لَأَذْرَتْهُ ، وَنَظَرْتَ إِلَى الْحَجَرِ الَّذِي قُذِفَ بِهِ يَرْبُو ، وَيَعْظُمُ وَيَنْتَشِرُ ، حَتَّى مَلَأَ الْأَرْضَ كُلَّهَا ، فَصِرْتَ لَا تَرَى إِلَّا السَّمَاءَ ، وَالْحَجَرَ ، فَقَالَ لَهُ بُخْتُنَصَّرَ : صَدَّقْتَ هَذِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ ، فَمَا تَأْوِيلُهَا ؟ قَالَ دَانْيَالُ : فَأَمَّا الصَّنَمُ ، فَأُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ ، وَفِي أَوْسَطِهِ ، وَفِي آخِرِهِ ، وَأَمَّا الذَّهَبُ فَهَذَا الزَّمَانُ ، وَهَذِهِ الْأُمَّةُ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا ، وَأَنْتَ مَلِكٌ لَهَا ، وَأَمَّا الْفِضَّةُ فَابْنُكَ يَمْلِكُ بَعْدَكَ ، وَأَمَّا النُّحَاسُ ، فَإِنَّهُ الرُّومُ ، وَأَمَّا الْحَدِيدُ فَفَارِسُ ، وَأَمَّا الْفَخَّارُ فَأُمَّتَانِ يَمْلِكُهُمَا امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِي مَشْرِقِ الْيَمَنِ ، وَالْأُخْرَى فِي غَرْبِ الشَّامِ ، وَأَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي قُذِفَ بِهِ الصَّنَمُ فَدِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقْذِفُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَيْهَا ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَبِيًّا أُمِّيًّا مِنَ الْعَرَبِ ، فَيُدَوِّخُ اللَّهُ بِهِ الْأُمَمَ ، وَالْأَدْيَانَ ، كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ دَوَّخَ أَصْنَافَ الصَّنَمِ ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الْأَدْيَانِ وَالْأُمَمِ كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ ظَهَرَ عَلَى الْأَرْضِ ، وَانْتَشَرَ فِيهَا ، حَتَّى عَلَاهَا ، فَيُمَحِّصُ اللَّهُ بِهِ الْحَقَّ ، وَيُزْهِقُ بِهِ الْبَاطِلَ ، وَيَهْدِي بِهِ الضَّلَالَةَ ، وَيُعَلِّمُ بِهِ الأُمِّيِّينَ ، وَيُقَوِّي بِهِ الضَّعَفَةَ ، وَيُعِزُّ بِهِ الْأَذِلَّةَ ، وَيَنْصُرُ بِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، قَالَ بُخْتُنَصَّرَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا اسْتَعَنْتُ بِهِ مُنْذُ وُلِّيتُ الْمُلْكَ عَلَى شَيْءٍ غَلَبَنِي غَيْرَكَ ، وَلَا أَحَدَ لَهُ عِنْدِي يَدٌ أَعْظَمُ مِنْ يَدِكَ ، وَأَنَا أُجَازِيكَ بِإِحْسَانِكَ

    حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيِّ بْنِ بَحْرٍ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلُّوَيْهِ الْقَطَّانُ ، قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : ثنا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ ، قَالَ : كَانَ سَبَبُ اسْتِنْقَاذِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ رُؤْيَا بُخْتُنَصَّرَ ، فَإِنَّهُ رَأَى رُؤْيَا فَزِعَ مِنْهَا ، فَدَعَا كَهَنَتَهُ ، وَسَحَرَتَهُ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْكَرْبِ فِي رُؤْيَاهُ ، وَسَأَلَهُمْ أَنْ يَعْبُرُوهَا لَهُ ؟ فَقَالُوا : قُصَّهَا عَلَيْنَا ، قَالَ : قَدْ نَسِيتُهَا ، فَأَخْبِرُونِي بِتَأْوِيلِهَا ، قَالُوا : فَإِنَّا لَا نَقْدِرُ أَنْ نُخْبِرَكَ بِتَأْوِيلِهَا حَتَّى تَقُصَّهَا . فَغَضِبَ ، وَقَالَ : اخْتَرْتُكُمْ ، وَاصْطَنَعْتُكُمْ لِمِثْلِ هَذَا ، اذْهَبُوا فَقَدْ أَجَّلْتُكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنْ أَتَيْتُمُونِي بِتَأْوِيلِهَا ، وَإِلَّا قَتَلْتُكُمْ ، وَشَاعَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ دَانْيَالَ ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ ، فَقَالَ لِصَاحِبِ السِّجْنِ ، - وَهُوَ إِلَيْهِ مُحْسِنٌ - : هَلْ لَكَ أَنْ تَذْكُرَنِي لِلْمَلِكِ ، فَإِنَّ عِنْدِي عِلْمَ رُؤْيَاهُ ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَنَالَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ مَنْزِلَةً ، وَتَكُونَ سَبَبَ عَافِيَتِي ، قَالَ لَهُ صَاحِبُ السِّجْنِ ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ سَطْوَةَ الْمَلِكِ ، لَعَلَّ غَمَّ السِّجْنِ حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَتَرَوَّحَ بِمَا لَيْسَ عِنْدَكَ فِيهِ عِلْمٌ ، مَعَ أَنِّي أَظُنُّ إِنْ كَانَ عِنْدَ أَحَدٍ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا عِلْمٌ فَأَنْتَ هُوَ ، قَالَ دَانْيَالُ : لَا تَخَفْ عَلَيَّ ، فَإِنَّ لِي رَبًّا يُخْبِرُنِي بِمَا شِئْتُ مِنْ حَاجَتِي . فَانْطَلَقَ صَاحِبُ السِّجْنِ ، فَأَخْبَرَ بُخْتُنَصَّرَ بِذَلِكَ ، فَدَعَا دَانْيَالَ ، فَأُدِخَلَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا يَسْجُدُ لَهُ ، فَوَقَفَ دَانْيَالَ ، فَلَمْ يَسْجُدْ ، فَقَالَ الْمَلِكُ لِمَنْ فِي الْبَيْتِ : اخْرُجُوا فَخَرَجُوا ، فَقَالَ بُخْتُنَصَّرَ لِدَانْيَالَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِي ؟ قَالَ دَانْيَالُ : إِنَّ لِي رَبًّا آتَانِي هَذَا الْعِلْمَ الَّذِي سَمِعْتَ بِهِ عَلَى أَنْ لَا أَسْجُدَ لِغَيْرِهِ ، فَخَشِيتُ أَنْ أَسْجُدَ لَكَ ؛ فَيَنْسَلِخَ عَنِّي هَذَا الْعِلْمُ ، ثُمَّ أَصِيرُ فِي يَدِكَ أُمِّيًّا ، فَلَا تَنْتَفِعُ بِي ، فَتَقْتُلُنِي ، فَرَأَيْتُ تَرْكَ السَّجْدَةَ أَهْوَنَ مِنْ قَتْلِي ، وَخَطَرُ سَجْدَةٍ أَهْوَنُ مِنَ الْكَرْبِ ، وَالْبَلَاءِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ ، فَتَرَكْتُ السُّجُودَ نَظَرًا إِلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ بُخْتُنَصَّرَ : لَمْ يَكُنْ أَوْثَقُ فِي نَفْسِي مِنْكَ حِينَ وَفَيْتَ لِإِلَهِكَ ، وَأَحَبُّ الرِّجَالِ عِنْدِي الَّذِينَ يُوفُونَ لِأَرْبَابِهِمْ بِالْعُهُودِ ، فَهَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ بِهَذِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ ؟ قَالَ : نَعَمْ عِنْدِي عِلْمُهَا ، وَتَفْسِيرُهَا ، رَأَيْتَ صَنَمًا عَظِيمًا رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ ، وَرَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ ، أَعْلَاهُ مِنْ ذَهَبٍ ، وَأَوْسَطُهُ مِنْ فِضَّةٍ ، وَأَسْفَلُهُ مِنْ نُحَاسٍ ، وَسَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ ، وَرِجْلَاهُ مِنْ فَخَّارٍ ، فَبَيْنَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ قَدْ أَعْجَبَكَ حُسْنَهُ ، وِإِحْكَامَ صَنْعَتِهِ قَذَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحَجَرٍ مِنَ السَّمَاءِ ، فَوَقَعَ عَلَى قِمَّةِ رَأْسِهِ ، فَدَقَّهُ حَتَّى طَحَنَهُ ، فَاخْتَلَطَ ذَهَبُهُ ، وَفِضَّتُهُ وَنُحَاسُهُ ، وَحَدِيدُهُ ، وَفَخَّارُهُ ، حَتَّى تَخَيَّلَ إِلَيْكَ لَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ الْإِنْسِ ، وَالْجِنِّ عَلَى أَنْ يُمَيِّزُوا بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى ذَلِكَ ، وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ لَأَذْرَتْهُ ، وَنَظَرْتَ إِلَى الْحَجَرِ الَّذِي قُذِفَ بِهِ يَرْبُو ، وَيَعْظُمُ وَيَنْتَشِرُ ، حَتَّى مَلَأَ الْأَرْضَ كُلَّهَا ، فَصِرْتَ لَا تَرَى إِلَّا السَّمَاءَ ، وَالْحَجَرَ ، فَقَالَ لَهُ بُخْتُنَصَّرَ : صَدَّقْتَ هَذِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ ، فَمَا تَأْوِيلُهَا ؟ قَالَ دَانْيَالُ : فَأَمَّا الصَّنَمُ ، فَأُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ ، وَفِي أَوْسَطِهِ ، وَفِي آخِرِهِ ، وَأَمَّا الذَّهَبُ فَهَذَا الزَّمَانُ ، وَهَذِهِ الْأُمَّةُ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا ، وَأَنْتَ مَلِكٌ لَهَا ، وَأَمَّا الْفِضَّةُ فَابْنُكَ يَمْلِكُ بَعْدَكَ ، وَأَمَّا النُّحَاسُ ، فَإِنَّهُ الرُّومُ ، وَأَمَّا الْحَدِيدُ فَفَارِسُ ، وَأَمَّا الْفَخَّارُ فَأُمَّتَانِ يَمْلِكُهُمَا امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِي مَشْرِقِ الْيَمَنِ ، وَالْأُخْرَى فِي غَرْبِ الشَّامِ ، وَأَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي قُذِفَ بِهِ الصَّنَمُ فَدِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقْذِفُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَيْهَا ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَبِيًّا أُمِّيًّا مِنَ الْعَرَبِ ، فَيُدَوِّخُ اللَّهُ بِهِ الْأُمَمَ ، وَالْأَدْيَانَ ، كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ دَوَّخَ أَصْنَافَ الصَّنَمِ ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الْأَدْيَانِ وَالْأُمَمِ كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ ظَهَرَ عَلَى الْأَرْضِ ، وَانْتَشَرَ فِيهَا ، حَتَّى عَلَاهَا ، فَيُمَحِّصُ اللَّهُ بِهِ الْحَقَّ ، وَيُزْهِقُ بِهِ الْبَاطِلَ ، وَيَهْدِي بِهِ الضَّلَالَةَ ، وَيُعَلِّمُ بِهِ الأُمِّيِّينَ ، وَيُقَوِّي بِهِ الضَّعَفَةَ ، وَيُعِزُّ بِهِ الْأَذِلَّةَ ، وَيَنْصُرُ بِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، قَالَ بُخْتُنَصَّرَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا اسْتَعَنْتُ بِهِ مُنْذُ وُلِّيتُ الْمُلْكَ عَلَى شَيْءٍ غَلَبَنِي غَيْرَكَ ، وَلَا أَحَدَ لَهُ عِنْدِي يَدٌ أَعْظَمُ مِنْ يَدِكَ ، وَأَنَا أُجَازِيكَ بِإِحْسَانِكَ . وَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِمَا يَلِيهَا .