خَرَجْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ إِلَى أَصْبَهَانَ بَعْدَ فَرَاغِنَا مِنْ فَتْحِ تُسْتَرَ ، فَنَزَلْنَا بِالْقُرْبِ مِنْ مَدِينَتِهَا الْأُولَى الَّتِي تُسَمَّى جَيَّ ، عَلَى مُقَدَّمَتِنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهُذَلِيُّ ، وَعَلَى سَاقَتِنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَنْدَلِ بْنِ أَصْرَمَ الْهِلَالِيُّ ، فَبَثَّ أَبُو مُوسَى سَرَايَاهُ فِي الرَّسَاتِيقِ وَالْأَطْرَافِ سَرِيَّةً عَلَيْهَا مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى قَاسَانَ فَفَتَحَهَا وَسَبَى أَهْلَهَا ، وَكَانَ فِيمَنْ سُبِيَ يَزْدَوَيْهِ بْنِ مَاهَوَيْهِ فَتًى مِنْ أَبْنَاءِ أَشْرَافِهَا فَصَارَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَسَمَّاهُ وَثَّابًا وَهُوَ وَالِدُ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ إِمَامُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي الْقُرْآنِ وَأَسْرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْهِلَالِيَّ بِسَرِيَّةٍ إِلَى قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ يُقَالُ لَهَا دَارْكَ ، فِيهَا بَيْتُ نَارٍ عَظِيمٌ ، وَافْتَتَحَهَا وَسَبَى مِنْهَا وَبَعَثَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ جَنْدَلِ بْنِ أَصْرَمَ عَلَى سَرِيَّةٍ أُخْرَى إِلَى قَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ مَدِينَتِهَا يُقَالُ لَهَا الفابزان دَلَّهُ عَلَيْهَا الْيَهُودُ ، وَفِيهَا ثَلَاثُونَ حِصْنًا ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْحُصُونِ فَقَاتَلُوهُ قِتَالًا شَدِيدًا ، وَقَتَلُوا جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَانْصَرَفَ إِلَى عَسْكَرِهِ مُخْفِقًا وَجَعَلَ ابْنَهُ أَبَا رُهْمِ بْنَ أَبِي مُوسَى عَلَى سَرِيَّةٍ أَنْفَذَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ الثَّانِيَةِ مَدِينَةِ قه ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْهَا زُهَاءَ سِتَّةِ آلَافِ رَجُلٍ شَاكِي السِّلَاحِ ، وَعَلَيْهِمْ إِخْوَةٌ ثَلَاثَةٌ مُتَعَاضِدُونَ آذرجشنس وَمهرابان وَجلويه بَنُو جوانبه ، أَكْبَرُهُمْ آذرجشنس وَهُوَ فِي الْقَلْبِ ، وَأَخَوَاهُ فِي الْمَيْمَنَةِ وَالْمَيْسَرَةِ ، فَحَمَلُوا عَلَى الْجَيْشِ ، وَقَتَلُوا أَبَا رُهْمِ بْنِ أَبِي مُوسَى وَهَزَمُوهُمْ حَتَّى رَجَعُوا إِلَى فَنَاءِ الْمَدِينَةِ الْأُولَى ، وَاسْتَمَدُّوا ، فَأَمَدَّهُمْ أَبُو مُوسَى بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ أَصْرَمَ ، فَقَاتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ ، وَصَابَرَا إِلَى آخِرِ النَّهَارِ ، ثُمَّ أَظْفَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ وَبِمَدِينَتِهِمْ ، فَقَتَلُوا طُولَ لَيْلَتِهِمْ مَنْ وَجَدُوا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ، وَصَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ، وَشَيْخٍ زَمَنٍ ، حَتَّى لَمْ يُتْرَكْ فِيهَا إِلَّا مَنْ تَخَلَّصَ بِرُوحِهِ مِنْ تَحْتِ السَّيْفِ ، ثُمَّ قَفَوْا آثَارَهُمْ عِنْدَ الصُّبْحِ ، فَاصْطَفَوْا مِنَ السَّبْيِ نَحْوَ أَلْفِ رَأْسٍ ، حتَّى قَالَ شَاعِرُهُمْ فِي ذَلِكَ : {
} عُبَيْدُ اللَّهِ أَكْرَمُ مَنْ تَوَلَّى {
}{
} جُنُودَ التَّابِعِينَ إِلَى الْحُرُوبِ {
}{
} فَسَاقَ التَّابِعِينَ وَكُلُّ قَرْمٍ {
}{
} مِنَ الْأَنْصَارِ فِي يَوْمٍ عَصِيبِ {
}{
} إِلَى حِصْنِ أَصْبَهَانَ بِبَطْنِ جَيٍّ {
}{
} وَجَاوَرْسَانَ ذِي الْمَرْعَى الخَصِيبِ {
}فَرَجَعُوا بِسَبْيِهِمْ إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ الْأُولَى فَدَخَلُوهَا صُلْحًا ، وَأَسَّسُوا بِهَا مَسْجِدَهَا ، ثُمَّ انْدَفَعُوا خَوْفًا مِنَ الثَّلْجِ مُنْصَرِفِينَ مَعَ أَبِي مُوسَى إِلَى الْبَصْرَةِ وَاسْتُخْلِفَ عَلَى مَدِينَةِ جَيٍّ السَّائِبُ بْنُ الْأَقْرَعِ الثَّقَفِيُّ "
مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ الْمُتَشَمِّسِ ، أَنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ أَصْبَهَانَ مَعَ أَبِي مُوسَى وَرَوَاهُ أَيْضًا ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ نَهْشَلٍ الْإِيَادِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ إِلَى أَصْبَهَانَ بَعْدَ فَرَاغِنَا مِنْ فَتْحِ تُسْتَرَ ، فَنَزَلْنَا بِالْقُرْبِ مِنْ مَدِينَتِهَا الْأُولَى الَّتِي تُسَمَّى جَيَّ ، عَلَى مُقَدَّمَتِنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهُذَلِيُّ ، وَعَلَى سَاقَتِنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَنْدَلِ بْنِ أَصْرَمَ الْهِلَالِيُّ ، فَبَثَّ أَبُو مُوسَى سَرَايَاهُ فِي الرَّسَاتِيقِ وَالْأَطْرَافِ سَرِيَّةً عَلَيْهَا مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى قَاسَانَ فَفَتَحَهَا وَسَبَى أَهْلَهَا ، وَكَانَ فِيمَنْ سُبِيَ يَزْدَوَيْهِ بْنِ مَاهَوَيْهِ فَتًى مِنْ أَبْنَاءِ أَشْرَافِهَا فَصَارَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَسَمَّاهُ وَثَّابًا وَهُوَ وَالِدُ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ إِمَامُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي الْقُرْآنِ وَأَسْرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْهِلَالِيَّ بِسَرِيَّةٍ إِلَى قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ يُقَالُ لَهَا دَارْكَ ، فِيهَا بَيْتُ نَارٍ عَظِيمٌ ، وَافْتَتَحَهَا وَسَبَى مِنْهَا وَبَعَثَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ جَنْدَلِ بْنِ أَصْرَمَ عَلَى سَرِيَّةٍ أُخْرَى إِلَى قَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ مَدِينَتِهَا يُقَالُ لَهَا الفابزان دَلَّهُ عَلَيْهَا الْيَهُودُ ، وَفِيهَا ثَلَاثُونَ حِصْنًا ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْحُصُونِ فَقَاتَلُوهُ قِتَالًا شَدِيدًا ، وَقَتَلُوا جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَانْصَرَفَ إِلَى عَسْكَرِهِ مُخْفِقًا وَجَعَلَ ابْنَهُ أَبَا رُهْمِ بْنَ أَبِي مُوسَى عَلَى سَرِيَّةٍ أَنْفَذَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ الثَّانِيَةِ مَدِينَةِ قه ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْهَا زُهَاءَ سِتَّةِ آلَافِ رَجُلٍ شَاكِي السِّلَاحِ ، وَعَلَيْهِمْ إِخْوَةٌ ثَلَاثَةٌ مُتَعَاضِدُونَ آذرجشنس وَمهرابان وَجلويه بَنُو جوانبه ، أَكْبَرُهُمْ آذرجشنس وَهُوَ فِي الْقَلْبِ ، وَأَخَوَاهُ فِي الْمَيْمَنَةِ وَالْمَيْسَرَةِ ، فَحَمَلُوا عَلَى الْجَيْشِ ، وَقَتَلُوا أَبَا رُهْمِ بْنِ أَبِي مُوسَى وَهَزَمُوهُمْ حَتَّى رَجَعُوا إِلَى فَنَاءِ الْمَدِينَةِ الْأُولَى ، وَاسْتَمَدُّوا ، فَأَمَدَّهُمْ أَبُو مُوسَى بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ أَصْرَمَ ، فَقَاتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ ، وَصَابَرَا إِلَى آخِرِ النَّهَارِ ، ثُمَّ أَظْفَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ وَبِمَدِينَتِهِمْ ، فَقَتَلُوا طُولَ لَيْلَتِهِمْ مَنْ وَجَدُوا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ، وَصَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ، وَشَيْخٍ زَمَنٍ ، حَتَّى لَمْ يُتْرَكْ فِيهَا إِلَّا مَنْ تَخَلَّصَ بِرُوحِهِ مِنْ تَحْتِ السَّيْفِ ، ثُمَّ قَفَوْا آثَارَهُمْ عِنْدَ الصُّبْحِ ، فَاصْطَفَوْا مِنَ السَّبْيِ نَحْوَ أَلْفِ رَأْسٍ ، حتَّى قَالَ شَاعِرُهُمْ فِي ذَلِكَ : عُبَيْدُ اللَّهِ أَكْرَمُ مَنْ تَوَلَّى جُنُودَ التَّابِعِينَ إِلَى الْحُرُوبِ فَسَاقَ التَّابِعِينَ وَكُلُّ قَرْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي يَوْمٍ عَصِيبِ إِلَى حِصْنِ أَصْبَهَانَ بِبَطْنِ جَيٍّ وَجَاوَرْسَانَ ذِي الْمَرْعَى الخَصِيبِ فَرَجَعُوا بِسَبْيِهِمْ إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ الْأُولَى فَدَخَلُوهَا صُلْحًا ، وَأَسَّسُوا بِهَا مَسْجِدَهَا ، ثُمَّ انْدَفَعُوا خَوْفًا مِنَ الثَّلْجِ مُنْصَرِفِينَ مَعَ أَبِي مُوسَى إِلَى الْبَصْرَةِ وَاسْتُخْلِفَ عَلَى مَدِينَةِ جَيٍّ السَّائِبُ بْنُ الْأَقْرَعِ الثَّقَفِيُّ