سَأَلْتُ خَيْرًا النَّسَّاجَ : أَكَانَ النَّسْجُ حِرْفَتَكَ ؟ قَالَ : لَا ، قُلْتِ : فَمِنْ أَيْنَ سَمَّيْتَ بِهِ ؟ قَالَ : " كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ وَاعْتَقَدْتُ أَنْ لَا آكُلَ الرُّطَبَ أَبَدًا فَغَلَبَتْنِي نَفْسِي يَوْمًا فَأَخَذْتُ نِصْفَ رَطْلٍ فَلَمَّا أَكَلْتُ وَاحِدَةً إِذَا رَجُلٌ نَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ : يَا خَيْرُ ، يَا آبِقُ ، هَرَبْتَ مِنِّي وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ هَرَبَ اسْمُهُ خَيْرٌ فَوَقَعَ عَلَيَّ شَبَهُهُ وَصُورَتُهُ فَخَنَقَنِي فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَقَالُوا : هَذَا وَاللَّهِ غُلَامُكَ خَيْرٌ ، فَبَقِيتُ مُتَحَيِّرًا وَعَلِمْتُ بِمَاذَا أُخِذْتُ وَعَرَفْتُ جِنَايَتِي ، فَحَمَلَنِي إِلَى حَانُوتِهِ الَّذِي فِيهِ كَانَ يَنْسُجُ غِلْمَانُهُ وَقَالُوا : يَا عَبْدَ السُّوءِ تَهْرَبُ مِنْ مَوْلَاكَ ادْخُلْ وَاعْمَلْ عَمَلَكَ الَّذِي كُنْتَ تَعْمَلُ ، وَأَمَرَنِي بِنَسْجِ الْكِرْبَاسِ فَدَلَّيْتُ رِجْلَيَّ عَلَى أَنْ أَعْمَلَ فَأَخَذْتُ بِيَدِي آلَتَهُ فَكَأَنِّي كُنْتُ أَعْمَلَ مِنْ سِنِينَ فَبَقِيتُ مَعَهُ شَهْرًا أَنْسُجُ لَهُ فَقُمْتُ لَيْلَةً فَتَمَسَّحْتُ وَقُمْتُ إِلَى صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَسَجَدْتُ وَقُلْتُ فِي سُجُودِي : إِلَهِي لَا أَعُودُ إِلَى مَا فَعَلْتُ ، فَأَصْبَحْتُ وَإِذَا الشَّبَهُ ذَهَبَ عَنِّي وَعُدْتُ إِلَى صُورَتِي الَّتِي كُنْتُ عَلَيْهَا فَأُطْلِقْتُ فَثَبَتَ عَلَيَّ هَذَا الِاسْمُ فَكَانَ سَبَبُ النَّسْجِ اتِّبَاعِي شَهْوَةً عَاهَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا آكُلَهَا فَعَاقَبَنِيَ اللَّهُ بِمَا سَمِعْتَ ، وَكَانَ يَقُولُ : لَا نَسَبَ أَشْرَفُ مِنْ نَسَبِ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَلَمْ يَعْصِمْهُ وَلَا عِلْمَ أَرْفَعُ مِنْ عِلْمِ مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا فَلَمْ تَنْفَعْهُ فِي وَقْتِ جَرَيَانِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَلَا عِبَادَةَ أَتَمُّ وَلَا أَكْثَرُ مِنْ عِبَادَةِ إِبْلِيسَ فَلَمْ يُنْجِهِ ذَلِكَ مِنْ أَنْ صَارَ إِلَى مَا سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَ تَوْحِيدُ كُلِّ مَخْلُوقٍ نَاقِصٌ بِقِيَامِهِ بِغَيْرِهِ ، وَحَاجَتِهِ إِلَى غَيْرِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ }} الْمُحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ نَفْسٍ {{ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ }} ، عَنْكُمْ وَعَنْ تَوْحِيدِكُمْ وَأَفْعَالِكُمْ {{ الْحَمِيدُ }} ، الَّذِي يَقْبَلُ مِنْكَ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَيُثِيبُ عَلَى مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ "
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ ، فِي كِتَابِهِ قَالَ : سَأَلْتُ خَيْرًا النَّسَّاجَ : أَكَانَ النَّسْجُ حِرْفَتَكَ ؟ قَالَ : لَا ، قُلْتِ : فَمِنْ أَيْنَ سَمَّيْتَ بِهِ ؟ قَالَ : كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ وَاعْتَقَدْتُ أَنْ لَا آكُلَ الرُّطَبَ أَبَدًا فَغَلَبَتْنِي نَفْسِي يَوْمًا فَأَخَذْتُ نِصْفَ رَطْلٍ فَلَمَّا أَكَلْتُ وَاحِدَةً إِذَا رَجُلٌ نَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ : يَا خَيْرُ ، يَا آبِقُ ، هَرَبْتَ مِنِّي وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ هَرَبَ اسْمُهُ خَيْرٌ فَوَقَعَ عَلَيَّ شَبَهُهُ وَصُورَتُهُ فَخَنَقَنِي فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَقَالُوا : هَذَا وَاللَّهِ غُلَامُكَ خَيْرٌ ، فَبَقِيتُ مُتَحَيِّرًا وَعَلِمْتُ بِمَاذَا أُخِذْتُ وَعَرَفْتُ جِنَايَتِي ، فَحَمَلَنِي إِلَى حَانُوتِهِ الَّذِي فِيهِ كَانَ يَنْسُجُ غِلْمَانُهُ وَقَالُوا : يَا عَبْدَ السُّوءِ تَهْرَبُ مِنْ مَوْلَاكَ ادْخُلْ وَاعْمَلْ عَمَلَكَ الَّذِي كُنْتَ تَعْمَلُ ، وَأَمَرَنِي بِنَسْجِ الْكِرْبَاسِ فَدَلَّيْتُ رِجْلَيَّ عَلَى أَنْ أَعْمَلَ فَأَخَذْتُ بِيَدِي آلَتَهُ فَكَأَنِّي كُنْتُ أَعْمَلَ مِنْ سِنِينَ فَبَقِيتُ مَعَهُ شَهْرًا أَنْسُجُ لَهُ فَقُمْتُ لَيْلَةً فَتَمَسَّحْتُ وَقُمْتُ إِلَى صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَسَجَدْتُ وَقُلْتُ فِي سُجُودِي : إِلَهِي لَا أَعُودُ إِلَى مَا فَعَلْتُ ، فَأَصْبَحْتُ وَإِذَا الشَّبَهُ ذَهَبَ عَنِّي وَعُدْتُ إِلَى صُورَتِي الَّتِي كُنْتُ عَلَيْهَا فَأُطْلِقْتُ فَثَبَتَ عَلَيَّ هَذَا الِاسْمُ فَكَانَ سَبَبُ النَّسْجِ اتِّبَاعِي شَهْوَةً عَاهَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا آكُلَهَا فَعَاقَبَنِيَ اللَّهُ بِمَا سَمِعْتَ ، وَكَانَ يَقُولُ : لَا نَسَبَ أَشْرَفُ مِنْ نَسَبِ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَلَمْ يَعْصِمْهُ وَلَا عِلْمَ أَرْفَعُ مِنْ عِلْمِ مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا فَلَمْ تَنْفَعْهُ فِي وَقْتِ جَرَيَانِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَلَا عِبَادَةَ أَتَمُّ وَلَا أَكْثَرُ مِنْ عِبَادَةِ إِبْلِيسَ فَلَمْ يُنْجِهِ ذَلِكَ مِنْ أَنْ صَارَ إِلَى مَا سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَ تَوْحِيدُ كُلِّ مَخْلُوقٍ نَاقِصٌ بِقِيَامِهِ بِغَيْرِهِ ، وَحَاجَتِهِ إِلَى غَيْرِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ }} الْمُحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ نَفْسٍ {{ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ }} ، عَنْكُمْ وَعَنْ تَوْحِيدِكُمْ وَأَفْعَالِكُمْ {{ الْحَمِيدُ }} ، الَّذِي يَقْبَلُ مِنْكَ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَيُثِيبُ عَلَى مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ