عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِيِّ قَالَ : " خَرَجْتُ مِنَ الشَّامِ عَلَى طَرِيقِ الْمَفَازَةِ فَوَقَعْتُ فِي التِّيهِ فَمَكَثْتُ فِيهِ أَيَّامًا حَتَّى أَشْرَفْتُ عَلَى الْمَوْتِ : قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِرَاهِبَيْنِ يَسِيرَانِ كَأَنَّهُمَا خَرَجَا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ يُرِيدَانِ دَيْرًا لَهُمَا قَرِيبًا فَقُمْتُ إِلَيْهِمَا فَقُلْتُ : أَيْنَ تُرِيدَانِ ؟ قَالَا : لَا نَدْرِي ، قُلْتُ : أَتَدْرِيَانِ أَيْنَ أَنْتُمَا ؟ قَالَا : نَعَمْ نَحْنُ فِي مُلْكِهِ وَمَمْلَكَتِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ فَأَقْبَلْتُ عَلَى نَفْسِي أُوَبِّخُهَا وَأَقُولُ لَهَا : رَاهِبَانِ يَتَحَقَّقَانِ بِالتَّوَكُّلِ دُونَكِ فَقُلْتُ لَهُمَا : أَتَأْذَنَانِ فِي الصُّحْبَةِ ؟ قَالَا : ذَلِكَ إِلَيْكَ ، فَاتَّبَعْتُهَمَا فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ قَامَا إِلَى صَلَاتِهِمَا وَقُمْتُ إِلَى صَلَاتِي فَصَلَّيْتُ الْمَغْرِبَ بِتَيَمُّمٍ فَنَظَرَا إِلَيَّ وَقَدْ تَيَمَّمْتُ ، فَضَحِكَا مِنِّي فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ صَلَاتِهِمَا بَحَثَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ بِيَدِهِ فَإِذَا بِمَاءٍ قَدْ ظَهَرَ وَطَعَامٍ مَوْضُوعٍ فَبَقِيتُ أَتَعَجَّبُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَا : مَا لَكَ ؟ ادْنُ فَكُلْ وَاشْرَبْ ، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا وَتَهَيَّأْتُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ نَضَبَ الْمَاءُ فَذَهَبَ فَلَمْ يَزَالَا فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُصَلِّي عَلَى حِدَةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا وَصَلَّيْنَا الصُّبْحَ ثُمَّ أَخَذْنَا فِي الْمَسِيرِ فَمَكَثْنَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى اللَّيْلِ فَلَمَّا جَنَّنَا اللَّيْلُ تَقَدَّمَ الْآخَرُ فَصَلَّى بِصَاحِبِهِ ثُمَّ دَعَا بِدَعَوَاتٍ وَبَحَثَ الْأَرْضَ بِيَدِهِ فَنَبَعَ الْمَاءُ وَحَضَرَ الطَّعَامُ ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَا : يَا مُسْلِمُ هَذِهِ نَوْبَتُكَ اللَّيْلَةُ فَاسْتَخِرِ اللَّهَ قَالَ : فَتَعِبْتُ فِيهَا وَاسْتَحْيَتُ وَدَخَلَ بَعْضِي فِي بَعْضٍ قَالَ : فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ ذُنُوبِيَ لَمْ تَدَعْ لِي عِنْدَكَ جَاهًا وَلَكِنْ أَسْأَلُكَ أَلَّا تَفْضَحَنِي عِنْدَهُمَا وَلَا تُشْمِتَهُمَا بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأُمَّةِ نَبِيِّكَ ، فَإِذَا بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ وَطَعَامٍ كَثِيرٍ فَأَكَلْنَا مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَشَرِبْنَا وَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغَتْنِي النَّوْبَةُ الثَّانِيَةُ فَفَعَلْتُ كَذَلِكَ فَإِذَا بِطَعَامِ اثْنَيْنِ وَشَرَابٍ فَكَفَفْتُ يَدِي وَأُرِيهُمَا أَنِّي آكُلُ وَلَمْ آكُلْ فَسَكَتَا عَنِّي ، فَلَمَّا كَانَتِ النَّوْبَةُ الثَّالِثَةُ أَصَابَنِي كَذَلِكَ فَقَالَا لِي : يَا مُسْلِمُ ، مَا هَذَا ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَإِذَا بِقَائِلٍ يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ أَرَدْنَا بِكَ الْإِيثَارَ الَّذِي اخْتَصَصْنَا بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ فَهِيَ عَلَامَتُهُ وَكَرَامَتُهُ وَكَرَامَةُ أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : فَبَلَغْتُ نَوْبَتِي وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَا لِي : يَا مُسْلِمُ ، مَا هَذَا ؟ مَا لَنَا نَرَى طَعَامَكَ نَاقِصًا ؟ قُلْتُ : أَوَ لَا تَعْلَمَانِ مَا هَذَا ؟ قَالَا : لَا قُلْتُ : هَذَا خَلْقٌ خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَصَّ بِهِ أُمَّتَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُ بِهِ الْإِيثَارَ فَقَدْ آثَرْتُكُمَا ، قَالَ : فَقَالَا : نَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، لَقَدْ صَدَقْتَ قَوْلَكَ ، هَذَا خَبَرٌ نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتَهُ فَأَسْلَمَا ، فَقُلْتُ لَهُمَا فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ قَالَا : ذَلِكَ الْوَاجِبُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَا : فَاسْأَلِ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَنَا مِنْ هَذَا التِّيهِ إِلَى أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ مِنَ الشَّامِ ، قَالَ : فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذْ أَشْرَفْنَا عَلَى بُيوتَاتِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ "
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِيِّ قَالَ : خَرَجْتُ مِنَ الشَّامِ عَلَى طَرِيقِ الْمَفَازَةِ فَوَقَعْتُ فِي التِّيهِ فَمَكَثْتُ فِيهِ أَيَّامًا حَتَّى أَشْرَفْتُ عَلَى الْمَوْتِ : قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِرَاهِبَيْنِ يَسِيرَانِ كَأَنَّهُمَا خَرَجَا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ يُرِيدَانِ دَيْرًا لَهُمَا قَرِيبًا فَقُمْتُ إِلَيْهِمَا فَقُلْتُ : أَيْنَ تُرِيدَانِ ؟ قَالَا : لَا نَدْرِي ، قُلْتُ : أَتَدْرِيَانِ أَيْنَ أَنْتُمَا ؟ قَالَا : نَعَمْ نَحْنُ فِي مُلْكِهِ وَمَمْلَكَتِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ فَأَقْبَلْتُ عَلَى نَفْسِي أُوَبِّخُهَا وَأَقُولُ لَهَا : رَاهِبَانِ يَتَحَقَّقَانِ بِالتَّوَكُّلِ دُونَكِ فَقُلْتُ لَهُمَا : أَتَأْذَنَانِ فِي الصُّحْبَةِ ؟ قَالَا : ذَلِكَ إِلَيْكَ ، فَاتَّبَعْتُهَمَا فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ قَامَا إِلَى صَلَاتِهِمَا وَقُمْتُ إِلَى صَلَاتِي فَصَلَّيْتُ الْمَغْرِبَ بِتَيَمُّمٍ فَنَظَرَا إِلَيَّ وَقَدْ تَيَمَّمْتُ ، فَضَحِكَا مِنِّي فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ صَلَاتِهِمَا بَحَثَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ بِيَدِهِ فَإِذَا بِمَاءٍ قَدْ ظَهَرَ وَطَعَامٍ مَوْضُوعٍ فَبَقِيتُ أَتَعَجَّبُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَا : مَا لَكَ ؟ ادْنُ فَكُلْ وَاشْرَبْ ، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا وَتَهَيَّأْتُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ نَضَبَ الْمَاءُ فَذَهَبَ فَلَمْ يَزَالَا فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُصَلِّي عَلَى حِدَةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا وَصَلَّيْنَا الصُّبْحَ ثُمَّ أَخَذْنَا فِي الْمَسِيرِ فَمَكَثْنَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى اللَّيْلِ فَلَمَّا جَنَّنَا اللَّيْلُ تَقَدَّمَ الْآخَرُ فَصَلَّى بِصَاحِبِهِ ثُمَّ دَعَا بِدَعَوَاتٍ وَبَحَثَ الْأَرْضَ بِيَدِهِ فَنَبَعَ الْمَاءُ وَحَضَرَ الطَّعَامُ ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَا : يَا مُسْلِمُ هَذِهِ نَوْبَتُكَ اللَّيْلَةُ فَاسْتَخِرِ اللَّهَ قَالَ : فَتَعِبْتُ فِيهَا وَاسْتَحْيَتُ وَدَخَلَ بَعْضِي فِي بَعْضٍ قَالَ : فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ ذُنُوبِيَ لَمْ تَدَعْ لِي عِنْدَكَ جَاهًا وَلَكِنْ أَسْأَلُكَ أَلَّا تَفْضَحَنِي عِنْدَهُمَا وَلَا تُشْمِتَهُمَا بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَبِأُمَّةِ نَبِيِّكَ ، فَإِذَا بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ وَطَعَامٍ كَثِيرٍ فَأَكَلْنَا مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَشَرِبْنَا وَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغَتْنِي النَّوْبَةُ الثَّانِيَةُ فَفَعَلْتُ كَذَلِكَ فَإِذَا بِطَعَامِ اثْنَيْنِ وَشَرَابٍ فَكَفَفْتُ يَدِي وَأُرِيهُمَا أَنِّي آكُلُ وَلَمْ آكُلْ فَسَكَتَا عَنِّي ، فَلَمَّا كَانَتِ النَّوْبَةُ الثَّالِثَةُ أَصَابَنِي كَذَلِكَ فَقَالَا لِي : يَا مُسْلِمُ ، مَا هَذَا ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَإِذَا بِقَائِلٍ يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ أَرَدْنَا بِكَ الْإِيثَارَ الَّذِي اخْتَصَصْنَا بِهِ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ فَهِيَ عَلَامَتُهُ وَكَرَامَتُهُ وَكَرَامَةُ أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : فَبَلَغْتُ نَوْبَتِي وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَا لِي : يَا مُسْلِمُ ، مَا هَذَا ؟ مَا لَنَا نَرَى طَعَامَكَ نَاقِصًا ؟ قُلْتُ : أَوَ لَا تَعْلَمَانِ مَا هَذَا ؟ قَالَا : لَا قُلْتُ : هَذَا خَلْقٌ خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَخَصَّ بِهِ أُمَّتَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُ بِهِ الْإِيثَارَ فَقَدْ آثَرْتُكُمَا ، قَالَ : فَقَالَا : نَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، لَقَدْ صَدَقْتَ قَوْلَكَ ، هَذَا خَبَرٌ نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأُمَّتَهُ فَأَسْلَمَا ، فَقُلْتُ لَهُمَا فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ قَالَا : ذَلِكَ الْوَاجِبُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَا : فَاسْأَلِ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَنَا مِنْ هَذَا التِّيهِ إِلَى أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ مِنَ الشَّامِ ، قَالَ : فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذْ أَشْرَفْنَا عَلَى بُيوتَاتِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ