قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَسُئِلَ عَمَّا تَنْهَى الْحِكْمَةُ ؟ فَقَالَ : " الْحِكْمَةُ تَنْهَى عَنْ كُلِّ مَا يُحْتَاجُ أَنْ يُعْتَذَرَ مِنْهُ وَعَنْ كُلِّ مَا إِذَا غَابَ عِلْمُهُ عَنْ غَيْرِكَ ، أَحْشَمَكَ ذِكْرُهُ فِي نَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : فَبِمَ تَأْمُرُ الْحِكْمَةُ ؟ قَالَ : تَأْمُرُ الْحِكْمَةُ بِكُلِّ مَا يُحْمَدُ فِي الْبَاقِي أَثَرُهُ وَيطِيبُ عِنْدَ جُمْلَةِ النَّاسِ خَبَرُهُ وَيُؤْمَنُ فِي الْعَوَاقِبِ ضَرَرُهُ ، قَالَ : فَمَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِالْحِكْمَةِ ؟ قَالَ : مَنْ إِذَا قَالَ بَلَغَ الْمَدَى وَالْغَايَةَ فِيمَا يَتَعَرَّضُ لِنَعْتِهِ بِقَلِيلِ الْقَوْلِ وَيَسِيرِ الْإِشَارَةِ وَمَنْ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ مِمَّا يُرِيدُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ حَاضِرٌ عَتِيدٌ ، قَالَ : فَبِمَنْ تَأْنَسُ الْحِكْمَةُ ؟ وَإِلَى مَنْ تَسْتَرِيحُ وَتَأْوِي ؟ قَالَ : إِلَى مَنِ انْحَسَمَتْ عَنِ الْكُلِّ مَطَامِعُهُ وَانْقَطَعَتْ مِنَ الْفَضْلِ فِي الْحَاجَاتِ مُطَالِبُهُ وَمَنِ اجْتَمَعَتْ هُمُومُهُ وَحَرَكَاتُهُ فِي ذَاتِ رَبِّهِ وَمَنْ عَادَتْ مَنَافِعُهُ عَلَى سَائِرِ أَهْلِ دَهْرِهِ "
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَسُئِلَ عَمَّا تَنْهَى الْحِكْمَةُ ؟ فَقَالَ : الْحِكْمَةُ تَنْهَى عَنْ كُلِّ مَا يُحْتَاجُ أَنْ يُعْتَذَرَ مِنْهُ وَعَنْ كُلِّ مَا إِذَا غَابَ عِلْمُهُ عَنْ غَيْرِكَ ، أَحْشَمَكَ ذِكْرُهُ فِي نَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : فَبِمَ تَأْمُرُ الْحِكْمَةُ ؟ قَالَ : تَأْمُرُ الْحِكْمَةُ بِكُلِّ مَا يُحْمَدُ فِي الْبَاقِي أَثَرُهُ وَيطِيبُ عِنْدَ جُمْلَةِ النَّاسِ خَبَرُهُ وَيُؤْمَنُ فِي الْعَوَاقِبِ ضَرَرُهُ ، قَالَ : فَمَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِالْحِكْمَةِ ؟ قَالَ : مَنْ إِذَا قَالَ بَلَغَ الْمَدَى وَالْغَايَةَ فِيمَا يَتَعَرَّضُ لِنَعْتِهِ بِقَلِيلِ الْقَوْلِ وَيَسِيرِ الْإِشَارَةِ وَمَنْ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ مِمَّا يُرِيدُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ حَاضِرٌ عَتِيدٌ ، قَالَ : فَبِمَنْ تَأْنَسُ الْحِكْمَةُ ؟ وَإِلَى مَنْ تَسْتَرِيحُ وَتَأْوِي ؟ قَالَ : إِلَى مَنِ انْحَسَمَتْ عَنِ الْكُلِّ مَطَامِعُهُ وَانْقَطَعَتْ مِنَ الْفَضْلِ فِي الْحَاجَاتِ مُطَالِبُهُ وَمَنِ اجْتَمَعَتْ هُمُومُهُ وَحَرَكَاتُهُ فِي ذَاتِ رَبِّهِ وَمَنْ عَادَتْ مَنَافِعُهُ عَلَى سَائِرِ أَهْلِ دَهْرِهِ