سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : " كَانَ الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ الْمُحَاسِبِيُّ يَجِيءُ إِلَى مَنْزِلِنَا فَيَقُولُ : اخْرُجْ مَعِي نُصْحِرُ ، فَأَقُولُ لَهُ : تُخْرِجُنِي مِنْ عُزْلَتِي وَأَمْنِي عَلَى نَفْسِي إِلَى الطُّرُقَاتِ وَالْآفَاتِ وَرُؤْيَةِ الشَّهَوَاتِ ؟ ، فَيَقُولُ : اخْرُجْ مَعِي وَلَا خَوْفَ عَلَيْكَ ، فَأَخْرُجُ مَعَهُ فَكَانَ الطَّرِيقُ فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا نَرَى شَيْئًا نَكْرَهُهُ ، فَإِذَا حَصُلْتُ مَعَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ قَالَ لِي : سَلْنِي ، فَأَقُولُ لَهُ : مَا عِنْدِي سُؤَالٌ أَسْأَلُكَ فَيَقُولُ : سَلْنِي عَمَّا يَقَعُ فِي نَفْسِكَ ، فَتَنْثَالُ عَلَيَّ السُّؤَالَاتُ فَأَسْأَلُهُ عَنْهَا فَيُجِيبُنِي عَلَيْهَا فِي الْوَقْتِ ثُمَّ يَمْضِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَعْمَلُهَا كُتُبًا فَكُنْتُ أَقُولُ لِلْحَارِثِ كَثِيرًا : عُزْلَتِي وَأُنْسِي وَتُخْرِجُنِي إِلَى وَحْشَةِ رُؤْيَةِ النَّاسِ وَالطُّرُقَاتِ فَيَقُولُ لِي : كَمْ تَقُولُ أُنْسِي وَعُزْلَتِي لَوْ أَنَّ نِصْفَ الْخَلْقِ تَقَرَّبُوا مِنِّي مَا وَجَدْتُ بِهِمْ أُنْسًا وَلَوْ أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ نَأَوْا عَنِّي مَا اسْتَوْحَشْتُ لِبُعْدِهِمْ "
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْخَوَّاصَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : كَانَ الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ الْمُحَاسِبِيُّ يَجِيءُ إِلَى مَنْزِلِنَا فَيَقُولُ : اخْرُجْ مَعِي نُصْحِرُ ، فَأَقُولُ لَهُ : تُخْرِجُنِي مِنْ عُزْلَتِي وَأَمْنِي عَلَى نَفْسِي إِلَى الطُّرُقَاتِ وَالْآفَاتِ وَرُؤْيَةِ الشَّهَوَاتِ ؟ ، فَيَقُولُ : اخْرُجْ مَعِي وَلَا خَوْفَ عَلَيْكَ ، فَأَخْرُجُ مَعَهُ فَكَانَ الطَّرِيقُ فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا نَرَى شَيْئًا نَكْرَهُهُ ، فَإِذَا حَصُلْتُ مَعَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ قَالَ لِي : سَلْنِي ، فَأَقُولُ لَهُ : مَا عِنْدِي سُؤَالٌ أَسْأَلُكَ فَيَقُولُ : سَلْنِي عَمَّا يَقَعُ فِي نَفْسِكَ ، فَتَنْثَالُ عَلَيَّ السُّؤَالَاتُ فَأَسْأَلُهُ عَنْهَا فَيُجِيبُنِي عَلَيْهَا فِي الْوَقْتِ ثُمَّ يَمْضِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَعْمَلُهَا كُتُبًا فَكُنْتُ أَقُولُ لِلْحَارِثِ كَثِيرًا : عُزْلَتِي وَأُنْسِي وَتُخْرِجُنِي إِلَى وَحْشَةِ رُؤْيَةِ النَّاسِ وَالطُّرُقَاتِ فَيَقُولُ لِي : كَمْ تَقُولُ أُنْسِي وَعُزْلَتِي لَوْ أَنَّ نِصْفَ الْخَلْقِ تَقَرَّبُوا مِنِّي مَا وَجَدْتُ بِهِمْ أُنْسًا وَلَوْ أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ نَأَوْا عَنِّي مَا اسْتَوْحَشْتُ لِبُعْدِهِمْ