سَمِعْتُ ذَا النُّونِ ، يَقُولُ : " خَرَجْتُ حَاجًّا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَبَيْنَا أَنَا بِالطَّوَافِ إِذَا بِشَخْصٍ مُتَعَلِّقٍ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، وَإِذَا هُوَ يَبْكِي وَهُوَ يَقُولُ فِي بُكَائِهِ : كَتَمْتُ بَلَائِي مِنْ غَيْرِكَ وَبُحْتُ بِسِرِّي إِلَيْكَ ، وَاشْتَغَلْتُ بِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ، عَجِبْتُ لِمَنْ عَرَفَكَ كَيْفَ يَسْلُو عَنْكَ ، وَلِمَنْ ذَاقَ حُبَّكَ كَيْفَ يَصْبِرُ عَنْكَ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : {
} ذَوَّقْتَنِي طِيبَ الْوِصَالِ فَزِدْتَنِي {
}شَوْقًا إِلَيْكَ مُخَامِرَ الْحَسَرَاتِ {
}ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ : أَمْهَلَكِ فَمَا ارْعَوَيْتِ ، وَسَتَرَ عَلَيْكِ فَمَا اسْتَحَيَيْتِ ، وَسَلَبَكِ حَلَاوَةَ الْمُنَاجَاةِ فَمَا بَالَيْتِ ، ثُمَّ قَالَ : عَزِيزِي مَا لِي إِذَا قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ أَلْقَيْتَ عَلَيَّ النُّعَاسَ ، وَمَنَعْتَنِي حَلَاوَةَ قُرَّةِ عَيْنِي لَهُ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : {
} رَوَّعْتَ قَلْبِي بِالْفِرَاقِ فَلَمْ أَجِدْ {
}شَيْئًا أَمَرَّ مِنَ الْفِرَاقِ وَأَوْجَعَا {
}{
} حَسْبُ الْفِرَاقِ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَنَا {
}وَأَطَالَ مَا قَدْ كُنْتُ مِنْهُ مُوَدَّعَا {
}قَالَ : فَلَمْ أَتَمَالَكْ أَنْ أَتَيْتُ الْكَعْبَةَ مُسْتَخْفِيًا ، فَلَمَّا أَحَسَّ تَحَلَّلَ بِخِمَارٍ كَانَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا ذَا النُّونِ غُضَّ بَصَرَكَ مِنْ مَوَاقِعِ النَّظَرِ فَإِنِّي حَرَامٌ ، فَعَلِمْتُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ ، فَقُلْتُ : يَا أَمَةَ اللَّهِ مِمَّ يَحْوِي الْهُمُومَ قَلْبُ الْمُحِبِّ ؟ فَقَالَتْ : إِذَا كَانَتِ لِلتَّذْكَارِ مُحَاوَرَةً ، وَلِلشَّوْقِ مُحَاضِرَةً ، يَا ذَا النُّونِ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الشَّوْقَ يُورِثُ السَّقَامَ ، وَتَجْدِيدَ التَّذْكَارِ يُورِثُ الْأَحْزَانَ ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ : {
} لَمْ أَذُقْ طَعْمَ وَصْلِكَ حَتَّى {
}زَالَ عَنِّي مَحَبَّتِي لِلْأَنَامِ {
}ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ : {
} نِعْمَ الْمُحِبُّ إِذَا تَزَايَدَ وَصْلُهُ {
}وَعَلَتْ مَحَبَّتُهُ بِعُقْبِ وِصَالِ {
}فَقَالَتْ : أَوْجَعْتَنِي ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يُبْلَغُ إِلَيْهِ إِلَّا بِتَرْكِ مَنْ دُونَهُ "
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُذَكِّرُ ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ الشِّكْلِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَا النُّونِ ، يَقُولُ : خَرَجْتُ حَاجًّا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَبَيْنَا أَنَا بِالطَّوَافِ إِذَا بِشَخْصٍ مُتَعَلِّقٍ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، وَإِذَا هُوَ يَبْكِي وَهُوَ يَقُولُ فِي بُكَائِهِ : كَتَمْتُ بَلَائِي مِنْ غَيْرِكَ وَبُحْتُ بِسِرِّي إِلَيْكَ ، وَاشْتَغَلْتُ بِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ، عَجِبْتُ لِمَنْ عَرَفَكَ كَيْفَ يَسْلُو عَنْكَ ، وَلِمَنْ ذَاقَ حُبَّكَ كَيْفَ يَصْبِرُ عَنْكَ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : ذَوَّقْتَنِي طِيبَ الْوِصَالِ فَزِدْتَنِي شَوْقًا إِلَيْكَ مُخَامِرَ الْحَسَرَاتِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ : أَمْهَلَكِ فَمَا ارْعَوَيْتِ ، وَسَتَرَ عَلَيْكِ فَمَا اسْتَحَيَيْتِ ، وَسَلَبَكِ حَلَاوَةَ الْمُنَاجَاةِ فَمَا بَالَيْتِ ، ثُمَّ قَالَ : عَزِيزِي مَا لِي إِذَا قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ أَلْقَيْتَ عَلَيَّ النُّعَاسَ ، وَمَنَعْتَنِي حَلَاوَةَ قُرَّةِ عَيْنِي لَهُ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : رَوَّعْتَ قَلْبِي بِالْفِرَاقِ فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَمَرَّ مِنَ الْفِرَاقِ وَأَوْجَعَا حَسْبُ الْفِرَاقِ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَنَا وَأَطَالَ مَا قَدْ كُنْتُ مِنْهُ مُوَدَّعَا قَالَ : فَلَمْ أَتَمَالَكْ أَنْ أَتَيْتُ الْكَعْبَةَ مُسْتَخْفِيًا ، فَلَمَّا أَحَسَّ تَحَلَّلَ بِخِمَارٍ كَانَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا ذَا النُّونِ غُضَّ بَصَرَكَ مِنْ مَوَاقِعِ النَّظَرِ فَإِنِّي حَرَامٌ ، فَعَلِمْتُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ ، فَقُلْتُ : يَا أَمَةَ اللَّهِ مِمَّ يَحْوِي الْهُمُومَ قَلْبُ الْمُحِبِّ ؟ فَقَالَتْ : إِذَا كَانَتِ لِلتَّذْكَارِ مُحَاوَرَةً ، وَلِلشَّوْقِ مُحَاضِرَةً ، يَا ذَا النُّونِ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الشَّوْقَ يُورِثُ السَّقَامَ ، وَتَجْدِيدَ التَّذْكَارِ يُورِثُ الْأَحْزَانَ ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ : لَمْ أَذُقْ طَعْمَ وَصْلِكَ حَتَّى زَالَ عَنِّي مَحَبَّتِي لِلْأَنَامِ ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ : نِعْمَ الْمُحِبُّ إِذَا تَزَايَدَ وَصْلُهُ وَعَلَتْ مَحَبَّتُهُ بِعُقْبِ وِصَالِ فَقَالَتْ : أَوْجَعْتَنِي ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يُبْلَغُ إِلَيْهِ إِلَّا بِتَرْكِ مَنْ دُونَهُ