قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ : " أَنْفَعُ الصِّدْقِ مَا نَفَى عَنْكَ الْكَذِبِ فِي مَوَاطِنِ الصِّدْقِ ، وَأَنْفَعُ التَّوَكُّلِ مَا وَثَقْتَ بِضَمَانِهِ وَأَحْسَنْتَ طَلِبَتَهُ ، وَأَنْفَعُ الْغِنَى مَا نَفَى عَنْكَ الْفَقْرَ وَخَوْفَ الْفَقْرِ ، وَأَنْفَعُ الْفَقْرِ مَا كُنْتَ فِيهِ مُتَجَمِّلًا وَبِهِ رَاضِيًا ، وَأَنْفَعُ الْحَزْمِ مَا طَرَحْتَ بِهِ التَّسْوِيفَ لِلْعَمَلِ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ وَانْتِهَازِ الْبُغْيَةِ فِي أَيَّامِ الْمُهْلَةِ وَعِنْدَ غَفْلَةِ أَهْلِ الْغِرَّةِ ، وَأَنْفَعُ الصَّبْرِ مَا قَوَّاكَ عَلَى خِلَافِ هَوَاكَ وَلَمْ يَجِدِ الْجَزَعُ فِيكَ مَسَاغًا ، وَأَنْفَعُ الْأَعْمَالِ مَا سَلِمْتَ مِنْ آفَاتِهَا وَكَانَتْ مِنْكَ مَقْبُولَةً ، وَأَنْفَعُ الْأَنَاءَةِ وَالتُّؤَدَةِ حُسْنُ التَّدْبِيرِ وَالْفِكْرِ وَالنَّظَرِ أَمَامَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُمَا يُفِيدَانِ الْمَعْرِفَةَ بِثَوَابِ الْعَمَلِ فَيَحْتَمِلُ لِلثَّوَابِ مُؤْنَةَ الْعَمَلِ وَيَغْبِطُ يَوْمَ الْمُجَازَاةِ ، وَأَنْفَعُ الْعَمَلِ مَا ضَرَّ جَهْلُهُ وَازْدَادَ بِمَعْرِفَتِهِ وَجَعًا وَكُنْتَ بِهِ عَامِلًا . وَأَنْفَعُ التَّوَاضُعِ مَا أَذْهِبَ عَنْكَ الْكِبْرَ وأماتَ عَنْكَ الْغَضَبَ ، وَأَنْفَعُ الْكَلَامِ مَا وَافَقَ الْحَقَّ . وَأَنْفَعُ الصَّمْتِ مَا صَمَتَّ عَمَّا إِذَا نَطَقْتَ بِهِ عَظُمْتَ فَعِشْتَ ، وَأَضَرُّ الْكَلَامِ مَا كَانَ الصَّمْتُ خَيْرًا لَكَ مِنْهُ ، وَأَلْزَمُ الْحَقِّ أَنْ تُلْزِمَ نَفْسَكَ بِأَدَاءِ مَا ألْزَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خِلَافُ هَوَاكَ . وَتُلْزِمُ وَالِدَيْكَ وَوَلَدَكَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ فَأَلْزِمْهُمْ مِنَ الْحَقِّ ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خِلَافُ هَوَاكَ وَخِلَافُ أَهْوَائِهِمْ . وَأَنْفَعُ الْعِلْمِ مَا رَدَّ عَنْكَ الْجَهْلَ وَالسَّفَهَ . وَأَنْفَعُ الْإِيَاسِ مَا أَمَاتَ مِنْكَ الطَّمَعَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ . فَإِنَّهُ مِفْتَاحُ الذُّلِّ وَاخْتِلَاسُ الْعَقْلِ وَأََخْلَاقُ الْمُرُوءَاتِ وَتَدْنِيسُ الْعِرْضِ وَذَهَابُ الْعِلْمِ ، وَرَدُّكَ إِلَى الِاعْتِصَامِ بِرَبِّكَ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ . وَأَفْضَلُ الْجِهَادِ مُجَاهَدَتُكَ نَفْسَكَ فَتَرُدَّهَا إِلَى قَبُولِ الْحَقِّ ، وَأَوْجَبُ الْأَعْدَاءِ مُجَاهَدَةُ أَقْرَبِهِمْ مِنْكَ دُنُوًّا وَأَخْفَاهُمْ عَنْكَ شَخْصًا وَأَعْظَمُهُمْ لَكَ عَدَاوَةً مَعَ دُنُوِّهِ مِنْكَ وَمَنْ يُحَرِّضُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ عَلَيْكَ . وَهُوَ إِبْلِيسُ الْمُوَكَّلُ بِوَسْوَاسِ الْقُلُوبِ ، فَلَهُ فَلْتَشْتَدَّ عَدَاوَتُكَ وَلَا تَكُونَنَّ أَصْبِرَ عَلَى مُجَاهَدَتِكَ لِهَلَكَتِكَ مِنْكَ عَلَى صَبْرِكَ عَلَى مُجَاهَدَتِهِ لِيَخَافَكَ فَإِنَّهُ ، أَضْعَفُ مِنْكَ رُكْنًا فِي قُوَّتِهِ وَأَقَلَّ ضَرَرًا فِي كَثْرَةِ شَرِّهِ إِذَا أَنْتَ اعْتَصَمْتَ بِاللَّهِ . وَأَضَرُّ الْمَعَاصِي عَلَيْكَ إِعْمَالُكَ الطَّاعَاتِ بِالْجَهْلِ ، لِأَنَّ إِعْمَالَكَ الْمَعَاصِي لَا تَرْجُو لَهَا ثَوَابًا بَلْ تَخَافُ عَلَيْهَا عِقَابًا ، وَإِعْمَالُكَ الطَّاعَاتِ بِالْجَهْلِ فَاسِدَةٌ تُلْتَمَسُ لَهَا ، وَقَدِ اسْتَوْجَبَتْ لَهَا عِقَابًا فَكَمْ بَيْنَ ذَنْبٍ يُخَافُ فِيهِ الْعُقُوبَةُ ، وَالْخَوْفُ طَاعَةٌ ، وَبَيْنَ ذَنْبٍ أَنْتَ فِيهِ آمِنٌ مِنَ الْعُقُوبَةِ ؟ وَالْأَمْنُ مِنْ مَعْصِيَةٌ . قُلْتُ : فَمَا تَقُولُ فِي الْمُشَاوَرَةِ ؟ قَالَ : لَا تَثِقَنَّ فِيهَا بِغَيْرِ الْأَمِينِ . قُلْتُ : فَمَا تَقُولُ فِي الْمَشُورَةِ ؟ قَالَ : انْظُرْ فِيهَا لِنَفْسِكَ بَدْءًا كَيْفَ تَسْلَمُ مِنْ كَلَامِكَ ، فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ أُلْهِمْتَ رُشْدَكَ فَتَتَّقِي وَتُوَثِّقُ . قُلْتُ : فَمَا تَرَى فِي الْأُنْسِ بِالنَّاسِ ، قَالَ : إِنْ وَجَدْتَ عَاقِلًا مَأْمُونًا فَأْنَسْ بِهِ وَاهْرُبْ مِنْ سَائِرِهِمْ كَهَرَبِكَ مِنَ السِّبَاعِ . قُلْتُ : فَمَا أَفْضَلُ مَا أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : تَرْكُ مَعَاصِيهِ الْبَاطِنَةِ . قُلْتُ : فَمَا بَالُ الْبَاطِنَةِ أَوْلَى مِنَ الظَّاهِرَةِ ؟ قَالَ : لِأَنَّكَ إِذَا اجْتَنَبْتَ الْبَاطِنَةَ بَطَلَتِ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ . قُلْتُ : فَمَا أَضَرُّ الْمَعَاصِي ؟ قَالَ : مَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَأَضَرُّ مِنْهَا مَا ظَنَنْتَ أَنَّهَا طَاعَةٌ وَهِيَ لِلَّهِ مَعْصِيَةٌ . قُلْتُ : فَأَيُّ الْمَعَاصِي أَنْفَعُ لِي ؟ قَالَ : مَا جَعَلْتَهَا نُصْبَ عَيْنَيْكَ فَأَطَلْتَ الْبُكَاءَ عَلَيْهَا إِلَى مُفَارَقَتِكَ الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ تَعُدْ فِي مِثْلَهَا وَذَلِكَ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ . قُلْتُ : فَمَا أَضَرُّ الطَّاعَاتِ لِي ؟ قَالَ : مَا نَسِيتَ بِهَا مَسَاوِيكَ وَجَعَلْتَهَا نُصْبَ عَيْنَيْكَ إِدْلَالًا بِهَا ، وَأَمْنًا وَاغْتِرَارًا مِنْكَ مِنْ خَوْفِ مَا قَدْ جَنَيْتَ وَذَلِكَ لِلْعُجْبِ . قُلْتُ : فَأَيُّ الْمَوَاضِعِ أَخْفَى لِشَخْصِي ؟ قَالَ : صَوْمَعَتُكَ وَدَاخِلُ بَيْتِكَ . وَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَسْلَمْ فِي بَيْتِي ؟ قَالَ : فَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَمْ تَلْحَقْ بِكَ فِيْهَا شَهْوَةٌ وَتُحِيطُ بِكَ فِتْنَةٌ ، قُلْتُ : فَمَا أَنْفَعُ لُطْفِ اللَّهِ لِي ؟ قَالَ : إِذَا عَصَمَكَ مِنْ مَعَاصِيهِ وَوَفَّقَكَ لِطَاعَتِهِ ، قُلْتُ : هَذَا مُجْمِلٌ أَعْطِنِي تَفْسِيرًا أَوْضَحَ مِنْهُ ، قَالَ : نَعَمْ إِذَا أَعَانَكَ بِثَلَاثٍ : عَقْلٌ يَكْفِيكَ مُؤْنَةَ هَوَاكَ ، وَعِلْمٌ يَكْفِيكَ جَهْلَكَ ، وَغِنًى يُذْهِبُ عَنْكَ خَوْفَ الْفَقْرِ "
سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ : أَنْفَعُ الصِّدْقِ مَا نَفَى عَنْكَ الْكَذِبِ فِي مَوَاطِنِ الصِّدْقِ ، وَأَنْفَعُ التَّوَكُّلِ مَا وَثَقْتَ بِضَمَانِهِ وَأَحْسَنْتَ طَلِبَتَهُ ، وَأَنْفَعُ الْغِنَى مَا نَفَى عَنْكَ الْفَقْرَ وَخَوْفَ الْفَقْرِ ، وَأَنْفَعُ الْفَقْرِ مَا كُنْتَ فِيهِ مُتَجَمِّلًا وَبِهِ رَاضِيًا ، وَأَنْفَعُ الْحَزْمِ مَا طَرَحْتَ بِهِ التَّسْوِيفَ لِلْعَمَلِ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ وَانْتِهَازِ الْبُغْيَةِ فِي أَيَّامِ الْمُهْلَةِ وَعِنْدَ غَفْلَةِ أَهْلِ الْغِرَّةِ ، وَأَنْفَعُ الصَّبْرِ مَا قَوَّاكَ عَلَى خِلَافِ هَوَاكَ وَلَمْ يَجِدِ الْجَزَعُ فِيكَ مَسَاغًا ، وَأَنْفَعُ الْأَعْمَالِ مَا سَلِمْتَ مِنْ آفَاتِهَا وَكَانَتْ مِنْكَ مَقْبُولَةً ، وَأَنْفَعُ الْأَنَاءَةِ وَالتُّؤَدَةِ حُسْنُ التَّدْبِيرِ وَالْفِكْرِ وَالنَّظَرِ أَمَامَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُمَا يُفِيدَانِ الْمَعْرِفَةَ بِثَوَابِ الْعَمَلِ فَيَحْتَمِلُ لِلثَّوَابِ مُؤْنَةَ الْعَمَلِ وَيَغْبِطُ يَوْمَ الْمُجَازَاةِ ، وَأَنْفَعُ الْعَمَلِ مَا ضَرَّ جَهْلُهُ وَازْدَادَ بِمَعْرِفَتِهِ وَجَعًا وَكُنْتَ بِهِ عَامِلًا . وَأَنْفَعُ التَّوَاضُعِ مَا أَذْهِبَ عَنْكَ الْكِبْرَ وأماتَ عَنْكَ الْغَضَبَ ، وَأَنْفَعُ الْكَلَامِ مَا وَافَقَ الْحَقَّ . وَأَنْفَعُ الصَّمْتِ مَا صَمَتَّ عَمَّا إِذَا نَطَقْتَ بِهِ عَظُمْتَ فَعِشْتَ ، وَأَضَرُّ الْكَلَامِ مَا كَانَ الصَّمْتُ خَيْرًا لَكَ مِنْهُ ، وَأَلْزَمُ الْحَقِّ أَنْ تُلْزِمَ نَفْسَكَ بِأَدَاءِ مَا ألْزَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خِلَافُ هَوَاكَ . وَتُلْزِمُ وَالِدَيْكَ وَوَلَدَكَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ فَأَلْزِمْهُمْ مِنَ الْحَقِّ ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خِلَافُ هَوَاكَ وَخِلَافُ أَهْوَائِهِمْ . وَأَنْفَعُ الْعِلْمِ مَا رَدَّ عَنْكَ الْجَهْلَ وَالسَّفَهَ . وَأَنْفَعُ الْإِيَاسِ مَا أَمَاتَ مِنْكَ الطَّمَعَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ . فَإِنَّهُ مِفْتَاحُ الذُّلِّ وَاخْتِلَاسُ الْعَقْلِ وَأََخْلَاقُ الْمُرُوءَاتِ وَتَدْنِيسُ الْعِرْضِ وَذَهَابُ الْعِلْمِ ، وَرَدُّكَ إِلَى الِاعْتِصَامِ بِرَبِّكَ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ . وَأَفْضَلُ الْجِهَادِ مُجَاهَدَتُكَ نَفْسَكَ فَتَرُدَّهَا إِلَى قَبُولِ الْحَقِّ ، وَأَوْجَبُ الْأَعْدَاءِ مُجَاهَدَةُ أَقْرَبِهِمْ مِنْكَ دُنُوًّا وَأَخْفَاهُمْ عَنْكَ شَخْصًا وَأَعْظَمُهُمْ لَكَ عَدَاوَةً مَعَ دُنُوِّهِ مِنْكَ وَمَنْ يُحَرِّضُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ عَلَيْكَ . وَهُوَ إِبْلِيسُ الْمُوَكَّلُ بِوَسْوَاسِ الْقُلُوبِ ، فَلَهُ فَلْتَشْتَدَّ عَدَاوَتُكَ وَلَا تَكُونَنَّ أَصْبِرَ عَلَى مُجَاهَدَتِكَ لِهَلَكَتِكَ مِنْكَ عَلَى صَبْرِكَ عَلَى مُجَاهَدَتِهِ لِيَخَافَكَ فَإِنَّهُ ، أَضْعَفُ مِنْكَ رُكْنًا فِي قُوَّتِهِ وَأَقَلَّ ضَرَرًا فِي كَثْرَةِ شَرِّهِ إِذَا أَنْتَ اعْتَصَمْتَ بِاللَّهِ . وَأَضَرُّ الْمَعَاصِي عَلَيْكَ إِعْمَالُكَ الطَّاعَاتِ بِالْجَهْلِ ، لِأَنَّ إِعْمَالَكَ الْمَعَاصِي لَا تَرْجُو لَهَا ثَوَابًا بَلْ تَخَافُ عَلَيْهَا عِقَابًا ، وَإِعْمَالُكَ الطَّاعَاتِ بِالْجَهْلِ فَاسِدَةٌ تُلْتَمَسُ لَهَا ، وَقَدِ اسْتَوْجَبَتْ لَهَا عِقَابًا فَكَمْ بَيْنَ ذَنْبٍ يُخَافُ فِيهِ الْعُقُوبَةُ ، وَالْخَوْفُ طَاعَةٌ ، وَبَيْنَ ذَنْبٍ أَنْتَ فِيهِ آمِنٌ مِنَ الْعُقُوبَةِ ؟ وَالْأَمْنُ مِنْ مَعْصِيَةٌ . قُلْتُ : فَمَا تَقُولُ فِي الْمُشَاوَرَةِ ؟ قَالَ : لَا تَثِقَنَّ فِيهَا بِغَيْرِ الْأَمِينِ . قُلْتُ : فَمَا تَقُولُ فِي الْمَشُورَةِ ؟ قَالَ : انْظُرْ فِيهَا لِنَفْسِكَ بَدْءًا كَيْفَ تَسْلَمُ مِنْ كَلَامِكَ ، فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ أُلْهِمْتَ رُشْدَكَ فَتَتَّقِي وَتُوَثِّقُ . قُلْتُ : فَمَا تَرَى فِي الْأُنْسِ بِالنَّاسِ ، قَالَ : إِنْ وَجَدْتَ عَاقِلًا مَأْمُونًا فَأْنَسْ بِهِ وَاهْرُبْ مِنْ سَائِرِهِمْ كَهَرَبِكَ مِنَ السِّبَاعِ . قُلْتُ : فَمَا أَفْضَلُ مَا أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : تَرْكُ مَعَاصِيهِ الْبَاطِنَةِ . قُلْتُ : فَمَا بَالُ الْبَاطِنَةِ أَوْلَى مِنَ الظَّاهِرَةِ ؟ قَالَ : لِأَنَّكَ إِذَا اجْتَنَبْتَ الْبَاطِنَةَ بَطَلَتِ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ . قُلْتُ : فَمَا أَضَرُّ الْمَعَاصِي ؟ قَالَ : مَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَأَضَرُّ مِنْهَا مَا ظَنَنْتَ أَنَّهَا طَاعَةٌ وَهِيَ لِلَّهِ مَعْصِيَةٌ . قُلْتُ : فَأَيُّ الْمَعَاصِي أَنْفَعُ لِي ؟ قَالَ : مَا جَعَلْتَهَا نُصْبَ عَيْنَيْكَ فَأَطَلْتَ الْبُكَاءَ عَلَيْهَا إِلَى مُفَارَقَتِكَ الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ تَعُدْ فِي مِثْلَهَا وَذَلِكَ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ . قُلْتُ : فَمَا أَضَرُّ الطَّاعَاتِ لِي ؟ قَالَ : مَا نَسِيتَ بِهَا مَسَاوِيكَ وَجَعَلْتَهَا نُصْبَ عَيْنَيْكَ إِدْلَالًا بِهَا ، وَأَمْنًا وَاغْتِرَارًا مِنْكَ مِنْ خَوْفِ مَا قَدْ جَنَيْتَ وَذَلِكَ لِلْعُجْبِ . قُلْتُ : فَأَيُّ الْمَوَاضِعِ أَخْفَى لِشَخْصِي ؟ قَالَ : صَوْمَعَتُكَ وَدَاخِلُ بَيْتِكَ . وَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَسْلَمْ فِي بَيْتِي ؟ قَالَ : فَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَمْ تَلْحَقْ بِكَ فِيْهَا شَهْوَةٌ وَتُحِيطُ بِكَ فِتْنَةٌ ، قُلْتُ : فَمَا أَنْفَعُ لُطْفِ اللَّهِ لِي ؟ قَالَ : إِذَا عَصَمَكَ مِنْ مَعَاصِيهِ وَوَفَّقَكَ لِطَاعَتِهِ ، قُلْتُ : هَذَا مُجْمِلٌ أَعْطِنِي تَفْسِيرًا أَوْضَحَ مِنْهُ ، قَالَ : نَعَمْ إِذَا أَعَانَكَ بِثَلَاثٍ : عَقْلٌ يَكْفِيكَ مُؤْنَةَ هَوَاكَ ، وَعِلْمٌ يَكْفِيكَ جَهْلَكَ ، وَغِنًى يُذْهِبُ عَنْكَ خَوْفَ الْفَقْرِ