حَدَّثَنَا نَاسٌ كَانُوا يَسْكُنُونَ ذَلِكَ الْبَيْتَ قَبْلَ أَنْ تَشْرُعَهُ الْخَيْزُرَانِ مِنَ الدَّارِ ، ثُمَّ انْتَقَلُوا عَنْهُ حِينَ جُعِلَ مَسْجِدًا قَالُوا : " لَا وَاللَّهِ مَا أَصَابَتْنَا فِيهِ جَائِحَةٌ ، وَلَا حَاجَةٌ ، فَأُخْرِجْنَا مِنْهُ ، فَاشْتَدَّ الزَّمَانُ عَلَيْنَا "
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ أَخِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُقَالُ لَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مَرْحَبٍ مَوْلَى بَنِي خُثَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا نَاسٌ كَانُوا يَسْكُنُونَ ذَلِكَ الْبَيْتَ قَبْلَ أَنْ تَشْرُعَهُ الْخَيْزُرَانِ مِنَ الدَّارِ ، ثُمَّ انْتَقَلُوا عَنْهُ حِينَ جُعِلَ مَسْجِدًا قَالُوا : لَا وَاللَّهِ مَا أَصَابَتْنَا فِيهِ جَائِحَةٌ ، وَلَا حَاجَةٌ ، فَأُخْرِجْنَا مِنْهُ ، فَاشْتَدَّ الزَّمَانُ عَلَيْنَا وَمَنْزِلُ خَدِيجَةَ ابْنَةِ خُوَيْلِدٍ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَهُوَ الْبَيْتُ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَخَدِيجَةُ ، وَفِيهِ ابْتَنَى بِخَدِيجَةَ ، وَوَلَدَتْ فِيهِ خَدِيجَةُ أَوْلَادَهَا جَمِيعًا ، وَفِيهِ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَاكِنًا فِيهِ حَتَّى خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا ، فَأَخَذَهُ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ خَلِيفَةٌ ، فَجَعَلَهُ مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ ، وَبَنَاهُ بِنَاءَهُ هَذَا ، وَحَدَّدَ الْحُدُودَ الَّتِي كَانَتْ لِبَيْتِ خَدِيجَةَ لَمْ تُغَيَّرْ فِيمَا ذُكِرَ عَنْ مَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنَ الْمَكِّيِّينَ ، وَفَتَحَ مُعَاوِيَةُ فِيهِ بَابًا مِنْ دَارِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ هُوَ قَائِمٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ : مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ، وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْيَوْمَ دَارُ رَيْطَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَفِي بَيْتِ خَدِيجَةَ هَذَا صَفِيحَةٌ مِنْ حِجَارَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا فِي الْجَدْرِ جَدْرِ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدِ اتَّخَذَ قُدَّامَ الصَّفِيحَةِ مَسْجِدًا ، وَهَذِهِ الصَّفِيحَةُ مُسْتَقْبَلَةٌ فِي الْجَدْرِ مِنَ الْأَرْضِ قَدْرَ مَا يَجْلِسُ تَحْتَهَا الرَّجُلُ ، وَذَرْعُهَا ذِرَاعٌ فِي ذِرَاعٍ وَشِبْرٍ . قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ : سَأَلْتُ جَدِّي أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، وَيُوسُفَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَنْ هَذِهِ الصَّفِيحَةِ ، وَلِمَ جُعِلَتْ هُنَالِكَ ، وَقُلْتُ لَهُمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ : إِنِّي أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَجْلِسُ تَحْتَ تِلْكَ الصَّفِيحَةِ فَيَسْتَدْرِي بِهَا مِنَ الرَّمْيِ بِالْحِجَارَةِ إِذَا جَاءَتْهُ مِنْ دَارِ أَبِي لَهَبٍ ، وَدَارِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي الْحَمْرَاءِ الثَّقَفِيِّ ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ ، وقَالُوا : لَمْ نَسْمَعْ بِهَذَا مِنْ ثَبْتٍ ، وَلَقَدْ سَمِعْنَا مَنْ يَذْكُرُهَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فَأَصَحُّ مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا يَتَّخِذُونَ فِي بُيُوتِهِمْ صَفَائِحَ مِنْ حِجَارَةٍ تَكُونُ شِبْهَ الرِّفَافِ ، تُوضَعُ عَلَيْهَا الْمَتَاعُ وَالشَّيْءُ مِنَ الصِّينِيِّ وَالدَّاجِنِ ، يَكُونُ فِي الْبَيْتِ ، فَقَلَّ بَيْتٌ يَخْلُو مِنْ تِلْكِ الرِّفَافِ قَالَ جَدِّي : وَأَنَا أَدْرَكْتُ بَعْضَ بُيُوتِ الْمَكِّيِّينَ الْقَدِيمَةِ ، فِيهَا رِفَافٌ مِنْ حِجَارَةٍ يَكُونُ عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ الْبَيْتِ قَالَ : فَيَقُولُونَ إِنَّ تِلْكَ الصَّفِيحَةَ الَّتِي فِي بَيْتِ خَدِيجَةَ مِنْ ذَلِكَ وَمَسْجِدٌ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيِّ الَّتِي عِنْدَ الصَّفَا يُقَالُ لَهَا دَارُ الْخَيْزُرَانِ ، كَانَ بَيْتًا ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُخْتَبِئًا فِيهِ ، وَفِيهِ أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَمَسْجِدٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الرَّدْمِ عِنْدَ بِئْرِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، يُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَّى فِيهِ ، وَقَدْ بَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، وَبَنَى عِنْدَهُ جُنْبُذًا يُسْقَى فِيهِ الْمَاءُ , وَمَسْجِدٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ مَسْجِدُ الْجِنِّ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَهْلُ مَكَّةَ مَسْجِدَ الْحَرَسِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَسْجِدَ الْحَرَسِ أَنَّ صَاحِبَ الْحَرَسِ كَانَ يَطُوفُ بِمَكَّةَ ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ وَقَفَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَجُزْهُ ، حَتَّى يَتَوَافَى عِنْدَهُ عُرَفَاؤُهُ وَحَرَسُهُ ، يَأْتُونَهُ مِنْ شِعْبِ بَنِي عَامِرٍ ، وَمِنْ ثَنِيَّةِ الْمَدَنِيِّينَ ، فَإِذَا تَوَافَوْا عِنْدَهُ رَجَعَ مُنْحَدِرًا إِلَى مَكَّةَ ، وَهُوَ فِيمَا يُقَالُ لَهُ مَوْضِعُ الْخَطِّ الَّذِي خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِابْنِ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ اسْتَمَعَ عَلَيْهِ الْجِنُّ ، وَهُوَ يُسَمَّى مَسْجِدَ الْبَيْعَةِ ، يُقَالُ إِنَّ الْجِنَّ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَمَسْجِدٌ يُقَالُ لَهُ مَسْجِدُ الشَّجَرَةِ بِأَعْلَى مَكَّةَ فِي دُبُرِ دَارِ مَنَارَةَ , بِحِذَاءِ هَذَا الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ الْجِنِّ ، يُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دَعَا شَجَرَةً كَانَتْ فِي مَوْضِعِهِ ، وَهُوَ فِي مَسْجِدِ الْجِنِّ ، فَسَأَلَهَا عَنْ شَيْءٍ ، فَأَقْبَلَتْ تَخُطُّ بِأَصْلِهَا وَعُرُوقِهَا الْأَرْضَ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَسَأَلَهَا عَمَّا يُرِيدُ ، ثُمَّ أَمَرَهَا فَرَجَعَتْ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى مَوْضِعَهَا وَمَسْجِدٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ سُوقِ الْغَنَمِ عِنْدَ قَرْنِ مَسْقَلَةَ ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ عِنْدَهُ بَايَعَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّاسَ بِمَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ