" لَمَّا دَخَلْنَا عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُهُ الَّذِي كَانَ صَارَ إِلَى طَرَسُوسَ فَكَانَ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْنَا : {{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }} وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَقُلْتُ : {{ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ سَلْهُ مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ : {{ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} " فَقَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فَقُلْتُ : " كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى " . قَالَ صَالِحٌ : ثُمَّ امْتَحَنَ الْقَوْمَ فَوَجَّهَ بِمَنِ امْتَنَعَ إِلَى الْحَبْسِ فَأَجَابَ الْقَوْمُ جَمِيعًا غَيْرَ أَرْبَعَةٍ : أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ ، ثُمَّ أَجَابَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ وَبَقِيَ أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ فِي الْحَبْسِ ، فَمَكَثَا أَيَّامًا فِي الْحَبْسِ ، ثُمَّ وَرَدَ الْكِتَابُ مِنْ طَرَسُوسَ بِحَمْلِنَا فَحُمِلَ أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ مُقَيَّدَيْنِ زَمِيلَيْنِ وَأُخْرِجَا مِنْ بَغْدَادَ ، فَسِرْنَا مَعَهُمَا إِلَى الْأَنْبَارِ فَسَأَلَ أَبُو بَكْرٍ الْأَحْوَلُ أَبِي فَقَالِ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنْ عُرِضْتَ عَلَى السَّيْفِ تُجِيبُ ؟ فَقَالَ : " لَا " ، قَالَ أَبِي : فَانْطَلَقَ بِنَا حَتَّى نَزَلْنَا الرَّحَبَةَ ، فَلَمَّا رَحَلْنَا مِنْهَا - وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ - وَخَرَجْنَا مِنَ الرَّحَبَةِ عَرَضَ لَنَا رَجُلٌ فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ؟ فَقِيلَ لَهُ : هَذَا . فَسَلَّمَ عَلَى أَبِي ثُمَّ قَالَ لَهُ : يَا هَذَا مَا عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ هَاهُنَا وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ هَاهُنَا ، ثُمَّ سَلَّمَ وَانْصَرَفَ . فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا : " هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ رَبِيعَةَ يَعْمَلُ الشِّعْرَ فِي الْبَادِيَةِ يُقَالُ لَهُ جَابِرُ بْنُ عَامِرٍ ، فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى أَذَنَةَ وَرَحَلْنَا مِنْهَا - وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ - فُتِحَ لَنَا بَابُهَا فَلَقِيَنَا رَجُلٌ وَنَحْنُ خَارِجُونَ مِنَ الْبَابِ وَهُوَ دَاخِلٌ ، فَقَالَ : الْبُشْرَى ، قَدْ مَاتَ الرَّجُلُ " ، قَالَ أَبِي : " وَكُنْتُ أَدْعُو اللَّهَ أَنْ لَا أَرَاهُ " ، قَالَ أَبُو الْفَضْلِ صَالِحٌ : فَصَارَ أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ إِلَى طَرَسُوسَ وَجَاءَ - يَعْنِي الْمَأْمُونَ - مِنَ الْبَذِيذُونَ وَرُفِدُوا فِي أَقْيَادِهِمَا إِلَى الرَّقَّةِ فِي سَفِينَةٍ مَعَ قَوْمٍ مُحْتَبِسِينَ ، فَلَمَّا صَارَا بِعُمَانَ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَتَقَدَّمَ أَبِي فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ صَارَ إِلَى بَغْدَادَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ فَمَكَثَ بِالْيَاسَرِيَّةِ أَيَّامًا ثُمَّ صُيِّرَ إِلَى الْحَبْسِ فِي دَارِ اكْتُرِيَتْ لَهُ عِنْدَ دَارِ عُمَارَةَ ، ثُمَّ نُقِلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى حَبْسِ الْعَامَّةِ فِي دَرْبِ الْمَوْصِلِيَّةِ وَمَكَثَ فِي السِّجْنِ مُنْذُ أُخِذَ وَحُمِلَ إِلَى أَنْ ضُرِبَ ، وَخُلِّيَ عَنْهُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ شَهْرًا ، قَالَ أَبِي : " فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ وَأَنَا مُقَيَّدٌ ، وَكُنْتُ أَرَى بُورَانَ يُحْمَلُ لَهُ فِي زَوْرَقِ مَاءٍ بَارِدٍ فَيُذْهَبُ بِهِ إِلَى السِّجْنِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَا : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ ، ثَنَا أَبُو الْفَضْلِ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : لَمَّا دَخَلْنَا عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُهُ الَّذِي كَانَ صَارَ إِلَى طَرَسُوسَ فَكَانَ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْنَا : {{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }} وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَقُلْتُ : {{ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ سَلْهُ مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ : {{ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} فَقَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فَقُلْتُ : كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى . قَالَ صَالِحٌ : ثُمَّ امْتَحَنَ الْقَوْمَ فَوَجَّهَ بِمَنِ امْتَنَعَ إِلَى الْحَبْسِ فَأَجَابَ الْقَوْمُ جَمِيعًا غَيْرَ أَرْبَعَةٍ : أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ ، ثُمَّ أَجَابَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ وَبَقِيَ أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ فِي الْحَبْسِ ، فَمَكَثَا أَيَّامًا فِي الْحَبْسِ ، ثُمَّ وَرَدَ الْكِتَابُ مِنْ طَرَسُوسَ بِحَمْلِنَا فَحُمِلَ أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ مُقَيَّدَيْنِ زَمِيلَيْنِ وَأُخْرِجَا مِنْ بَغْدَادَ ، فَسِرْنَا مَعَهُمَا إِلَى الْأَنْبَارِ فَسَأَلَ أَبُو بَكْرٍ الْأَحْوَلُ أَبِي فَقَالِ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنْ عُرِضْتَ عَلَى السَّيْفِ تُجِيبُ ؟ فَقَالَ : لَا ، قَالَ أَبِي : فَانْطَلَقَ بِنَا حَتَّى نَزَلْنَا الرَّحَبَةَ ، فَلَمَّا رَحَلْنَا مِنْهَا - وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ - وَخَرَجْنَا مِنَ الرَّحَبَةِ عَرَضَ لَنَا رَجُلٌ فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ؟ فَقِيلَ لَهُ : هَذَا . فَسَلَّمَ عَلَى أَبِي ثُمَّ قَالَ لَهُ : يَا هَذَا مَا عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ هَاهُنَا وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ هَاهُنَا ، ثُمَّ سَلَّمَ وَانْصَرَفَ . فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا : هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ رَبِيعَةَ يَعْمَلُ الشِّعْرَ فِي الْبَادِيَةِ يُقَالُ لَهُ جَابِرُ بْنُ عَامِرٍ ، فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى أَذَنَةَ وَرَحَلْنَا مِنْهَا - وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ - فُتِحَ لَنَا بَابُهَا فَلَقِيَنَا رَجُلٌ وَنَحْنُ خَارِجُونَ مِنَ الْبَابِ وَهُوَ دَاخِلٌ ، فَقَالَ : الْبُشْرَى ، قَدْ مَاتَ الرَّجُلُ ، قَالَ أَبِي : وَكُنْتُ أَدْعُو اللَّهَ أَنْ لَا أَرَاهُ ، قَالَ أَبُو الْفَضْلِ صَالِحٌ : فَصَارَ أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ إِلَى طَرَسُوسَ وَجَاءَ - يَعْنِي الْمَأْمُونَ - مِنَ الْبَذِيذُونَ وَرُفِدُوا فِي أَقْيَادِهِمَا إِلَى الرَّقَّةِ فِي سَفِينَةٍ مَعَ قَوْمٍ مُحْتَبِسِينَ ، فَلَمَّا صَارَا بِعُمَانَ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَتَقَدَّمَ أَبِي فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ صَارَ إِلَى بَغْدَادَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ فَمَكَثَ بِالْيَاسَرِيَّةِ أَيَّامًا ثُمَّ صُيِّرَ إِلَى الْحَبْسِ فِي دَارِ اكْتُرِيَتْ لَهُ عِنْدَ دَارِ عُمَارَةَ ، ثُمَّ نُقِلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى حَبْسِ الْعَامَّةِ فِي دَرْبِ الْمَوْصِلِيَّةِ وَمَكَثَ فِي السِّجْنِ مُنْذُ أُخِذَ وَحُمِلَ إِلَى أَنْ ضُرِبَ ، وَخُلِّيَ عَنْهُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ شَهْرًا ، قَالَ أَبِي : فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ وَأَنَا مُقَيَّدٌ ، وَكُنْتُ أَرَى بُورَانَ يُحْمَلُ لَهُ فِي زَوْرَقِ مَاءٍ بَارِدٍ فَيُذْهَبُ بِهِ إِلَى السِّجْنِ