ثنا الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ حَاجِبُ هَارُونَ الرَّشِيدِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الرَّشِيدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ صِيَارَةُ سُيوفٍ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الْعَذَابِ فَقَالَ لِي : يَا فَضْلُ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ : عَلَيَّ بِهَذَا الْحِجَازِيِّ - يَعْنِي الشَّافِعِيَّ - فَقُلْتُ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، ذَهَبَ هَذَا الرَّجُلُ . قَالَ : فَأَتَيْتُ الشَّافِعِيَّ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ : " أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ " . فَصَلَّى ثُمَّ رَكِبَ بَغْلَةً كَانَتْ لَهُ ، فَصِرْنَا مَعًا إِلَى دَارِ الرَّشِيدِ ، فَلَمَّا دَخَلْنَا الدِّهْلِيزَ الْأَوَّلَ حَرَّكَ الشَّافِعِيُّ شَفَتَيْهِ ، فَلَمَّا دَخَلْنَا الدِّهْلِيزَ الثَّانِي حَرَّكَ شَفَتَيْهِ ، فَلَمَّا وَصَلْنَا بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ قَامَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَالْمُسْتَرِيبِ لَهُ ، فَأَجْلَسَهُ مَوْضِعَهُ وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ وَخَاصَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعَدَّ لَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَتَحَدَّثُوا طَوِيلًا ثُمَّ أَذِنَ لَهُ بِالِانْصِرَافِ . فَقَالَ لِي : يَا فَضْلُ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ : احْمِلْ بَيْنَ يَدَيْهِ بَدْرَةً فَحَمَلْتُ ، فَلَمَّا سِرْنَا إِلَى الدِّهْلِيزِ الْأَوَّلِ قُلْتُ : سَأَلْتُكَ بِالَّذِي صَيَّرَ غَضَبَهُ عَلَيْكَ رِضًا إِلَّا مَا عَرَّفْتَنِي مَا قُلْتَ فِي وَجْهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى رَضِيَ ؟ فَقَالَ لِي : " يَا فَضْلُ " . قُلْتُ : لَبَّيْكَ أَيُّهَا السَّيِّدُ الْفَقِيهُ ، قَالَ : " خُذْ مِنِّي وَاحْفَظْ عَنِّي : {{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ }} الْآيَةَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِنُورِ قُدْسِكَ ، وَبِبَرَكَةِ طَهَارَتِكَ ، وَبِعَظَمَةِ جَلَالِكَ مِنْ كُلِّ عَاهَةٍ وَآفَةٍ وَطَارِقِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ مِنْكَ يَا رَحْمَنُ . اللَّهُمَّ بِكَ مَلَاذِي قَبْلَ أَنْ أَلُوذَ . وَبِكَ غِيَاثِي قَبْلَ أَنْ أَغُوثَ ، يَا مَنْ ذَلَّتْ لَهُ رِقَابُ الْفَرَاعِنَةِ ، وَخَضَعَتْ لَهُ مَغَالِيظُ الْجَبَابِرَةِ ، ذِكْرُكَ شِعَارِي ، وَثَنَاؤُكَ دِثَارِي ، أَنَا فِي حِرْزِكَ لَيْلِي وَنَهَارِي ، وَنَوْمِي وَقَرَارِي ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، اضْرِبْ عَلَيَّ سُرَادِقَاتِ حِفْظِكَ ، وَقِنِي وَأَغْنِنِي بِخَيْرٍ مِنْكَ يَا رَحْمَنُ " . قَالَ الْفَضْلُ : فَكَتَبْتُهَا فِي شَرِكَةِ قِبَائِي . وَكَانَ الرَّشِيدُ كَثِيرَ الْغَضَبِ عَلِيَّ فَكَانَ كُلَّمَا هَمَّ أَنْ يَغْضَبَ أُحَرِّكُهَا فِي وَجْهِهِ فَيَرْضَى . فَهَذَا مَا أَدْرَكْتُ مِنْ بَرَكَةِ الشَّافِعِيِّ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ غُنْدَرٌ ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ثنا أَبُو نَصْرٍ الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ ثنا الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ حَاجِبُ هَارُونَ الرَّشِيدِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الرَّشِيدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ صِيَارَةُ سُيوفٍ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الْعَذَابِ فَقَالَ لِي : يَا فَضْلُ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ : عَلَيَّ بِهَذَا الْحِجَازِيِّ - يَعْنِي الشَّافِعِيَّ - فَقُلْتُ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، ذَهَبَ هَذَا الرَّجُلُ . قَالَ : فَأَتَيْتُ الشَّافِعِيَّ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ : أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ . فَصَلَّى ثُمَّ رَكِبَ بَغْلَةً كَانَتْ لَهُ ، فَصِرْنَا مَعًا إِلَى دَارِ الرَّشِيدِ ، فَلَمَّا دَخَلْنَا الدِّهْلِيزَ الْأَوَّلَ حَرَّكَ الشَّافِعِيُّ شَفَتَيْهِ ، فَلَمَّا دَخَلْنَا الدِّهْلِيزَ الثَّانِي حَرَّكَ شَفَتَيْهِ ، فَلَمَّا وَصَلْنَا بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ قَامَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَالْمُسْتَرِيبِ لَهُ ، فَأَجْلَسَهُ مَوْضِعَهُ وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ وَخَاصَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعَدَّ لَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَتَحَدَّثُوا طَوِيلًا ثُمَّ أَذِنَ لَهُ بِالِانْصِرَافِ . فَقَالَ لِي : يَا فَضْلُ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ : احْمِلْ بَيْنَ يَدَيْهِ بَدْرَةً فَحَمَلْتُ ، فَلَمَّا سِرْنَا إِلَى الدِّهْلِيزِ الْأَوَّلِ قُلْتُ : سَأَلْتُكَ بِالَّذِي صَيَّرَ غَضَبَهُ عَلَيْكَ رِضًا إِلَّا مَا عَرَّفْتَنِي مَا قُلْتَ فِي وَجْهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى رَضِيَ ؟ فَقَالَ لِي : يَا فَضْلُ . قُلْتُ : لَبَّيْكَ أَيُّهَا السَّيِّدُ الْفَقِيهُ ، قَالَ : خُذْ مِنِّي وَاحْفَظْ عَنِّي : {{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ }} الْآيَةَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِنُورِ قُدْسِكَ ، وَبِبَرَكَةِ طَهَارَتِكَ ، وَبِعَظَمَةِ جَلَالِكَ مِنْ كُلِّ عَاهَةٍ وَآفَةٍ وَطَارِقِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ مِنْكَ يَا رَحْمَنُ . اللَّهُمَّ بِكَ مَلَاذِي قَبْلَ أَنْ أَلُوذَ . وَبِكَ غِيَاثِي قَبْلَ أَنْ أَغُوثَ ، يَا مَنْ ذَلَّتْ لَهُ رِقَابُ الْفَرَاعِنَةِ ، وَخَضَعَتْ لَهُ مَغَالِيظُ الْجَبَابِرَةِ ، ذِكْرُكَ شِعَارِي ، وَثَنَاؤُكَ دِثَارِي ، أَنَا فِي حِرْزِكَ لَيْلِي وَنَهَارِي ، وَنَوْمِي وَقَرَارِي ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، اضْرِبْ عَلَيَّ سُرَادِقَاتِ حِفْظِكَ ، وَقِنِي وَأَغْنِنِي بِخَيْرٍ مِنْكَ يَا رَحْمَنُ . قَالَ الْفَضْلُ : فَكَتَبْتُهَا فِي شَرِكَةِ قِبَائِي . وَكَانَ الرَّشِيدُ كَثِيرَ الْغَضَبِ عَلِيَّ فَكَانَ كُلَّمَا هَمَّ أَنْ يَغْضَبَ أُحَرِّكُهَا فِي وَجْهِهِ فَيَرْضَى . فَهَذَا مَا أَدْرَكْتُ مِنْ بَرَكَةِ الشَّافِعِيِّ