• 2060
  • " يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، كَيْفَ كَانَ أَوَائِلُ أَمْرِكَ حَتَّى صِرْتَ إِلَى مَا صِرْتَ إِلَيْهِ , قَالَ : غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ , فَقُلْتُ لَهُ : هُوَ كَمَا تَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ , وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْمًا , فَسَأَلْتُهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ : وَيْحَكَ اشْتَغِلْ بِاللَّهِ , فَسَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ , إِنْ رَأَيْتَ قَالَ : كَانَ أَبِي مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ , وَكَانَ مِنْ مُلُوكِ خُرَاسَانَ , وَكَانَ مِنَ الْمَيَاسِرِ , وَحُبِّبَ إِلَيْنَا الصَّيْدُ , فَخَرَجْتُ رَاكِبًا فَرَسِي , وَكَلْبِيَ مَعِي , فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ فَثَارَ أَرْنَبٌ أَوْ ثَعْلَبٌ , فَحَرَّكْتُ فَرَسِي , فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي : لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ , وَلَا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَمْ أَرَ أَحَدًا , فَقُلْتُ : لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ , ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي , فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ : يَا إِبْرَاهِيمُ , لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ , وَلَا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَا أَرَى أَحَدًا , فَقُلْتُ : لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ , ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي , فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قُرْبُوسِ سَرْجِي : يَا إِبْرَاهِيمُ , مَا لِذَا خُلِقْتَ , وَلَا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ فَقُلْتُ : أَنَبْتُ , أَنَبْتُ , جَاءَنِي نَذِيرٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ , وَاللَّهِ لَا عَصَيْتُ اللَّهَ بَعْدَ يَوْمِي ذَا , مَا عَصَمَنِي رَبِّي , فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي فَخَلَّيْتُ عَنْ فَرَسِي ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لِأَبِي , فَأَخَذْتُ مِنْهُمْ جُبَّةً ، وَكِسَاءً , وَأَلْقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ , ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى الْعِرَاقِ , أَرْضٌ تَرْفَعُنِي , وَأَرْضٌ تَضَعُنِي , حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى الْعِرَاقِ , فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا , فَلَمْ يَصْفُ لِي مِنْهَا شَيْءٌ مِنَ الْحَلَالِ , فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايخِ عَنِ الْحَلَالِ , فَقَالُوا لِي : إِذَا أَرَدْتَ الْحَلَالَ فَعَلَيْكَ بِبِلَادِ الشَّامِ , فَصِرْتُ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ , فَصِرْتُ إِلَى مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا الْمَنْصُورَةُ - وَهِيَ الْمِصِّيصَةُ - فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا , فَلَمْ يَصْفُ لِي شَيْءٌ مِنَ الْحَلَالِ , فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايخِ فَقَالُوا لِي : إِنْ أَرَدْتَ الْحَلَالَ الصَّافِيَ فَعَلَيْكَ بِطَرَسُوسَ , فَإِنَّ فِيهَا الْمُبَاحَاتِ وَالْعَمَلَ الْكَثِيرَ , فَتَوَجَّهْتُ إِلَى طَرَسُوسَ , فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا أَنْظُرُ الْبَسَاتِينَ , وَأَحْصِدُ الْحَصَادَ , فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ عَلَى بَابِ الْبَحْرِ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَاكْتَرَانِي أَنْظُرُ لَهُ بُسْتَانَهُ , فَكُنْتُ فِي بَسَاتِينَ كَثِيرَةٍ , فَإِذَا أَنَا بِخَادِمٍ قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ , فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ ثُمَّ صَاحَ : يَا نَاظُورُ , فَقُلْتُ : هُوَ ذَا أَنَا , قَالَ : اذْهَبْ فَأْتِنَا بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَطْيَبِهِ , فَذَهَبْتُ فَأَتَيْتُهُ بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ , فَأَخَذَ الْخَادِمُ رُمَّانَةً فَكَسَرَهَا فَوَجَدَهَا حَامِضَةً , فَقَالَ لِي : يَا نَاظُورُ أَنْتَ فِي بُسْتَانِنَا مُنْذُ كَذَا ، تَأْكُلُ فَاكِهَتِنَا , وَتَأْكُلُ رُمَّانَنَا لَا تَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ ؟ قَالَ إِبْرَاهِيمُ : قُلْتُ : وَاللَّهِ مَا أَكَلْتُ مِنْ فَاكِهَتِكُمْ شَيْئًا , وَمَا أَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ , فَأَشَارَ الْخَادِمُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : أَمَا تَسْمَعُونَ كَلَامَ هَذَا ؟ ثُمَّ قَالَ : أَتُرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ مَا زَادَ عَلَى هَذَا , فَانْصَرَفَ , فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ذَكَرَ صِفَتِي فِي الْمَسْجِدِ , فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ , فَجَاءَ الْخَادِمُ وَمَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ , فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَقْبَلَ مَعَ أَصْحَابِهِ اخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجَرِ , وَالنَّاسُ دَاخِلُونَ , فَاخْتَلَطْتُ مَعَهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ وَأَنَا هَارِبٌ ، فَهَذَا كَانَ أَوَائِلَ أَمْرِي وَخُرُوجِي مِنْ طَرَسُوسَ إِلَى بِلَادِ الرِّمَالِ "

    حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ ، قَالَ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ بَشَّارٍ ، - وَهُوَ خَادِمُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ يَقُولُ : قُلْتُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ ، كَيْفَ كَانَ أَوَائِلُ أَمْرِكَ حَتَّى صِرْتَ إِلَى مَا صِرْتَ إِلَيْهِ , قَالَ : غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ , فَقُلْتُ لَهُ : هُوَ كَمَا تَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ , وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْمًا , فَسَأَلْتُهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ : وَيْحَكَ اشْتَغِلْ بِاللَّهِ , فَسَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ , إِنْ رَأَيْتَ قَالَ : كَانَ أَبِي مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ , وَكَانَ مِنْ مُلُوكِ خُرَاسَانَ , وَكَانَ مِنَ الْمَيَاسِرِ , وَحُبِّبَ إِلَيْنَا الصَّيْدُ , فَخَرَجْتُ رَاكِبًا فَرَسِي , وَكَلْبِيَ مَعِي , فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ فَثَارَ أَرْنَبٌ أَوْ ثَعْلَبٌ , فَحَرَّكْتُ فَرَسِي , فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي : لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ , وَلَا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَمْ أَرَ أَحَدًا , فَقُلْتُ : لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ , ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي , فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ : يَا إِبْرَاهِيمُ , لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ , وَلَا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَا أَرَى أَحَدًا , فَقُلْتُ : لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ , ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي , فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قُرْبُوسِ سَرْجِي : يَا إِبْرَاهِيمُ , مَا لِذَا خُلِقْتَ , وَلَا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ فَقُلْتُ : أَنَبْتُ , أَنَبْتُ , جَاءَنِي نَذِيرٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ , وَاللَّهِ لَا عَصَيْتُ اللَّهَ بَعْدَ يَوْمِي ذَا , مَا عَصَمَنِي رَبِّي , فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي فَخَلَّيْتُ عَنْ فَرَسِي ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لِأَبِي , فَأَخَذْتُ مِنْهُمْ جُبَّةً ، وَكِسَاءً , وَأَلْقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ , ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى الْعِرَاقِ , أَرْضٌ تَرْفَعُنِي , وَأَرْضٌ تَضَعُنِي , حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى الْعِرَاقِ , فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا , فَلَمْ يَصْفُ لِي مِنْهَا شَيْءٌ مِنَ الْحَلَالِ , فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايخِ عَنِ الْحَلَالِ , فَقَالُوا لِي : إِذَا أَرَدْتَ الْحَلَالَ فَعَلَيْكَ بِبِلَادِ الشَّامِ , فَصِرْتُ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ , فَصِرْتُ إِلَى مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا الْمَنْصُورَةُ - وَهِيَ الْمِصِّيصَةُ - فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا , فَلَمْ يَصْفُ لِي شَيْءٌ مِنَ الْحَلَالِ , فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايخِ فَقَالُوا لِي : إِنْ أَرَدْتَ الْحَلَالَ الصَّافِيَ فَعَلَيْكَ بِطَرَسُوسَ , فَإِنَّ فِيهَا الْمُبَاحَاتِ وَالْعَمَلَ الْكَثِيرَ , فَتَوَجَّهْتُ إِلَى طَرَسُوسَ , فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا أَنْظُرُ الْبَسَاتِينَ , وَأَحْصِدُ الْحَصَادَ , فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ عَلَى بَابِ الْبَحْرِ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَاكْتَرَانِي أَنْظُرُ لَهُ بُسْتَانَهُ , فَكُنْتُ فِي بَسَاتِينَ كَثِيرَةٍ , فَإِذَا أَنَا بِخَادِمٍ قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ , فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ ثُمَّ صَاحَ : يَا نَاظُورُ , فَقُلْتُ : هُوَ ذَا أَنَا , قَالَ : اذْهَبْ فَأْتِنَا بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَطْيَبِهِ , فَذَهَبْتُ فَأَتَيْتُهُ بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ , فَأَخَذَ الْخَادِمُ رُمَّانَةً فَكَسَرَهَا فَوَجَدَهَا حَامِضَةً , فَقَالَ لِي : يَا نَاظُورُ أَنْتَ فِي بُسْتَانِنَا مُنْذُ كَذَا ، تَأْكُلُ فَاكِهَتِنَا , وَتَأْكُلُ رُمَّانَنَا لَا تَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ ؟ قَالَ إِبْرَاهِيمُ : قُلْتُ : وَاللَّهِ مَا أَكَلْتُ مِنْ فَاكِهَتِكُمْ شَيْئًا , وَمَا أَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ , فَأَشَارَ الْخَادِمُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : أَمَا تَسْمَعُونَ كَلَامَ هَذَا ؟ ثُمَّ قَالَ : أَتُرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ مَا زَادَ عَلَى هَذَا , فَانْصَرَفَ , فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ذَكَرَ صِفَتِي فِي الْمَسْجِدِ , فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ , فَجَاءَ الْخَادِمُ وَمَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ , فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَقْبَلَ مَعَ أَصْحَابِهِ اخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجَرِ , وَالنَّاسُ دَاخِلُونَ , فَاخْتَلَطْتُ مَعَهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ وَأَنَا هَارِبٌ ، فَهَذَا كَانَ أَوَائِلَ أَمْرِي وَخُرُوجِي مِنْ طَرَسُوسَ إِلَى بِلَادِ الرِّمَالِ

    أنبت: الإنابة : الرجوع إلى اللَّه بالتَّوبة
    جبة: الجبة : ثوب سابغ واسع الكمين مشقوق المقدم يلبس فوق الثياب
    لا توجد بيانات
    لا يوجد رواة
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات