" حَجَّ الْمَهْدِيُّ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ فَجَرَّدَ الْكَعْبَةَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهَا مِنَ الثِّيَابِ ، وَأَمَرَ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَأَمَرَ أَنْ يُزَادَ فِي أَعْلَاهُ ، وَيُشْتَرَى مَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنَ الدُّورِ ، وَخَلَّفَ تِلْكَ الْأَمْوَالَ ، وَكَانَ الَّذِي أَمَرَ بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ الْأَوْقَصُ الْمَخْزُومِيُّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاضِي أَهْلِ مَكَّةَ ، قَالَ : فَاشْتَرَى الْأَوْقَصُ الدُّورَ ، فَمَا كَانَ مِنْهَا صَدَقَةٌ عَزَلَ ثَمَنَهُ وَاشْتَرَى هُوَ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِ دُورِهِمْ مَسَاكِنَ فِي فِجَاجِ مَكَّةَ عوضا مِنْ صَدَقَاتِهِمْ تَكُونُ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ شُرُوطِ صَدَقَاتِهِمْ ، قَالَ : فَاشْتَرَى كُلَّ ذِرَاعٍ فِي ذِرَاعٍ مُكَسَّرًا مِمَّا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا ، وَمَا دَخَلَ فِي الْوَادِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا ، قَالَ : فَاشْتَرَى كُلَّ ذِرَاعٍ فِي ذِرَاعٍ مُكَسَّرًا مِمَّا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا ، وَمَا دَخَلَ فِي الْوَادِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا ، قَالَ : فَكَانَ مِمَّا دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْهَدْمِ دَارُ الْأَزْرَقِ ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ لَاصِقَةٌ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى يَمِينِ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ الْكَبِيرِ ، فَكَانَ ثَمَنُهَا نَاحِيَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَهَا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ فِي زِيَادَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ زَادَ فِيهِ : قَالَ : وَاشْتَرَى لَهُمْ بِثَمَنِهَا مَسَاكِنَ عِوَضًا مِنْ دَارِهِمْ فَهِيَ فِي أَيْدِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ ، قَالَ : وَدَخَلْتُ أَيْضًا دَارَ خَيْرَةَ بِنْتِ سِبَاعٍ الْخُزَاعِيَّةِ بَلَغَ ثَمَنُهَا ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ دُفِعَتْ إِلَيْهَا ، وَكَانَتْ شَارِعَةً عَلَى الْمَسْعَى يَوْمَئِذٍ قَبْلَ أَنْ يُؤَخَّرَ الْمَسْعَى ، قَالَ : وَدَخَلَتْ أَيْضًا دَارٌ لِآلِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ : وَدَخَلَ أَيْضًا بَعْضُ دَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، فَاشْتَرَى جَمِيعَ مَا كَانَ بَيْنَ الْمَسْعَى وَالْمَسْجِدِ مِنَ الدُّورِ ، فَهَدَمَهَا وَوَضَعَ الْمَسْجِدَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ شَارِعًا عَلَى الْمَسْعَى ، وَجَعَلَ مَوْضِعَ دَارِ الْقَوَارِيرِ رَحَبَةً ، فَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى اسْتَقْطَعَهَا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ فِي خِلَافَةِ الرَّشِيدِ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَبَنَاهَا ، ثُمَّ قَبَضَهَا حَمَّادُ الْبَرْبَرِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَبَنَى بَاطِنَهَا بِالْقَوَارِيرِ ، وَبَنَى ظَاهِرَهَا بِالرُّخَامِ وَالْفُسَيْفِسَاءِ ، وَكَانَ الَّذِي زَادَ الْمَهْدِيُّ فِي الْمَسْجِدِ فِي الزِّيَادَةِ الْأُولَى أَنْ مَضَى بِجَدْرِهِ الَّذِي يَلِي الْوَادِيَ إِذْ كَانَ لَاصِقًا بِبَيْتِ الشَّرَابِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى حَدِّ بَابِ بَنِي هَاشِمٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : بَابُ الْبَطْحَاءِ عَلَى سُوقِ الْخُلْقَانِ إِلَى حَدِّهِ الَّذِي يَلِي بَابَ بَنِي هَاشِمٍ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَلَمُ الْأَخْضَرُ الَّذِي يَسْعَى مِنْهُ مَنْ أَقْبَلَ مِنَ الْمَرْوَةِ يُرِيدُ الصَّفَا ، وَمَوْضِعُ ذَلِكَ بَيِّنٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ زَاوِيَةَ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَتْ فِيهِ مَنَارَةٌ شَارِعَةٌ عَلَى الْوَادِي وَالْمَسْعَى ، وَكَانَ الْوَادِي لَاصِقًا بِهِمَا يَمُرُّ فِي بَطْنِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمَهْدِيُّ الْمَسْجِدَ إِلَى مُنْتَهَاهُ الْيَوْمَ مِنْ شِقِّ الصَّفَا وَالْوَادِي ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى مِطْمَارِهِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى زَاوِيَةِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تَلِي الْحِذَاءَيْنِ ، وَبَابِ بَنِي شَيْبَةَ الْكَبِيرِ إِلَى مَوْضِعِ الْمَنَارَةِ الْيَوْمَ ، ثُمَّ رَدَّ جَدْرَ الْمَسْجِدِ مُنْحَدِرًا حَتَّى لَقِيَ بِهِ جَدْرَ الْمَسْجِدِ الْقَدِيمِ مِنْ بِنَاءِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ دَارِ شَيْبَةَ ، مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ مُنْحَدِرًا عَنِ الْبَابِ بِأُسْطُوَانَتَيْنِ مِنَ الطَّاقِ اللَّاصِقِ بِجَدْرِ الْمَسْجِدِ إِلَى مُنْتَهَى عَمَلِ الْفُسَيْفِسَاءِ مِنْ ذَلِكَ الطَّاقِ الدَّاخِلِ ، وَذَلِكَ الْفُسَيْفِسَاءِ وَحْدَهُ ، وَجَدْرِ الْمَسْجِدِ مُنْحَدِرًا إِلَى أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ عَمَلُ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَكَانَ هَذَا الَّذِي زَادَ الْمَهْدِيُّ فِي الْمَسْجِدِ فِي الزِّيَادَةِ الْأُولَى ، وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّمَا جَعَلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الظِّلَالِ طَاقًا وَاحِدًا ، وَهُوَ الطَّاقُ الْأَوَّلُ اللَّاصِقُ بِجَدْرِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ ، فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِأَسَاطِينِ الرُّخَامِ ، فَنُقِلَتْ فِي السُّفُنِ مِنَ الشَّامِ حَتَّى أُنْزِلَتْ بِجُدَّةَ ، ثُمَّ جُرَّتْ عَلَى الْعَجَلِ مِنْ جُدَّةَ إِلَى مَكَّةَ ، فَجُعِلَتْ أَسَاطِينَ لَمَّا هَنْدَمَ الْمَهْدِيُّ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ ، وَجَعَلَ بَيْنَ يَدَيِ الطَّاقِ الَّذِي كَانَ بَنَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ مِمَّا يَلِي دَارَ النَّدْوَةِ وَدَارَ الْعَجَلَةِ وَأَسْفَلَ الْمَسْجِدِ إِلَى مَوْضِعِ بَيْتِ الزَّيْتِ عِنْدَ بَابِ بَنِي جُمَحٍ صَفَّيْنِ حَتَّى صَارَتْ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ ، وَهِيَ الطِّيقَانِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ لَمْ تَتَغَيَّرْ ، قَالَ : وَلَمَّا وَضَعَ الْأَسَاطِينَ حَفَرَ لَهَا أَرْبَاضًا عَلَى كُلِّ صَفٍّ مِنَ الْأَسَاطِينِ جَدْرًا مُسْتَقِيمًا ثُمَّ رَدَّ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ جُدُرَاتٍ أَيْضًا بِالْعَرْضِ حَتَّى صَارَتْ كَالصَّلِيبِ عَلَى مَا أَصِفُ فِي كِتَابِي هَذَا فَلَمَّا أَنْ قَرَّرَ الْأَرْبَاضَ عَلَى قَرَارِ الْأَرْضِ حَتَّى أُنْبِطُ الْمَاءُ ، بَنَاهَا بِالنُّورَةِ وَالرَّمَادِ وَالْجِصِّ حَتَّى إِذَا اسْتَوَى بِالْأَرْبَاضِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَضَعَ فَوْقَهَا الْأَسَاطِينَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ ، وَلَمْ يَكُنْ حَوَّلَ الْمَهْدِيُّ فِي الْهَدْمِ الْأَوَّلِ مِنْ شِقِّ الْوَادِي وَالصَّفَا شَيْئًا أَقَرَّهُ عَلَى حَالِهِ طَاقًا وَاحِدًا ، وَذَلِكَ لِضِيقِ الْمَسْجِدِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ ، إِنَّمَا كَانَ بَيْنَ جِدَارِ الْكَعْبَةِ الْيَمَانِي وَبَيْنَ جَدْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِي الْوَادِيَ وَالصَّفَا تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَنِصْفُ ذِرَاعٍ ، فَهَذَهِ زِيَادَةُ الْمَهْدِيِّ الْأُولَى فِي عِمَارَتِهِ إِيَّاهُ ، فَالَّذِي فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْأَبْوَابِ مِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ بَابُ بَنِي جُمَحٍ ، وَهُوَ ثَلَاثُ طِيقَانٍ ، وَمِنْ تَحْتِهِ سَيْلُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كُلِّهِ ، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ بَلَاطٌ يَمُرُّ عَلَيْهِ سَيْلُ الْمَسْجِدِ ، وَفِي دَارِ زُبَيْدَةَ بَابَانِ كَانَا يَخْرُجَانِ إِلَى زُقَاقٍ كَانَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالدَّارِ الَّتِي صَارَتْ لِزُبَيْدَةَ ، وَكَانَ ذَلِكَ الزُّقَاقُ طَرِيقًا مَسْلُوكًا مَا سُدَّ إِلَّا حَدِيثًا , وَالْبَابَانِ مُبَوَّبَانِ ، وَمِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ أَيْضًا بَابُ بَنِي سَهْمٍ ، وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ ، وَبَابُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَبَابَانِ فِي دَارِ الْعَجَلَةِ طَاقًا طَاقًا ، كَانَا يَخْرُجَانِ إِلَى زُقَاقٍ ، كَانَ بَيْنَ دَارِ الْعَجَلَةِ وَبَيْنَ جَدْرِ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ طَرِيقًا مَسْلُوكًا يَمُرُّ فِيهِ سَيْلُ السُّوَيْقَةِ ، وَسَيْلُ مَا أَقْبَلَ مِنْ جَبَلِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، وَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الطَّرِيقُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى سَدَّهَا يَقْطِينُ بْنُ مُوسَى حِينَ بَنَى دَارَ الْعَجَلَةِ قَدَّمَ الدَّارَ إِلَى جَدْرِ الْمَسْجِدِ وَأَبْطَلَ الطَّرِيقَ ، وَجَعَلَ تَحْتَ الدَّارِ سَرْبًا مُسْتَقِيمًا مُسَقَّفًا يَمُرُّ تَحْتَهُ السَّيْلُ ، وَذَلِكَ السَّرْبُ عَلَى حَالِهِ إِلَى الْيَوْمِ ، وَسُّدَّ أَحَدُ بَابِي الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِي ذَلِكَ الزُّقَاقِ ، وَهُوَ الْبَابُ الْأَسْفَلُ مِنْهُمَا ، وَمَوْضِعُهُ بَيْنَ جَدْرِ الْمَسْجِدِ ، وَجُعِلَ الْبَابُ الْآخَرُ بَابًا لِدَارِ الْعَجَلَةِ ، ضَيَّقَهُ وَبَوَّبَهُ وَهُوَ بَابُ دَارِ الْعَجَلَةِ إِلَى الْيَوْمِ ، وَمِمَّا جَعَلَ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ الْبَابَ الَّذِي يُسْلَكُ مِنْهُ إِلَى دَارِ حُجَيْرِ بْنِ أَبِي إِهَابٍ بَيْنَ دَارِ الْعَجَلَةِ وَدَارِ النَّدْوَةِ وَبَابِ وَدَارِ النَّدْوَةِ ، فَهَذِهِ الْأَبْوَابُ السَّبْعَةُ مِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينِ ، وَأَمَّا الْأَبْوَابُ الَّتِي مِنْ زِيَادَةِ الْمَهْدِيِّ الْأُولَى ، فَمِنْهَا : الْبَابُ الَّذِي فِي دَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ ، وَمِنْهَا الْبَابُ الْكَبِيرُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ الْخُلَفَاءُ ، كَانَ يُقَالُ لَهُ : بَابُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ ، وَيُعْرَفُ الْيَوْمَ بِبَابِ بَنِي شَيْبَةَ الْكَبِيرِ ، وَهُوَ ثَلَاثُ طِيقَانٍ ، وَفِيهِ أُسْطُوَانَتَانِ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ بَلَاطٌ مَفْرُوشٌ مِنْ حِجَارَةٍ وَفِي عَتَبَةِ الْبَابِ حِجَارَةٌ طُوَالٌ ، مَفْرُوشٌ بِهَا الْعَتَبَةُ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ : أَخْبَرَنِي جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُقْبَةَ ، يَقُولُ : حَجَّ الْمَهْدِيُّ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ فَجَرَّدَ الْكَعْبَةَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهَا مِنَ الثِّيَابِ ، وَأَمَرَ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَأَمَرَ أَنْ يُزَادَ فِي أَعْلَاهُ ، وَيُشْتَرَى مَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنَ الدُّورِ ، وَخَلَّفَ تِلْكَ الْأَمْوَالَ ، وَكَانَ الَّذِي أَمَرَ بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ الْأَوْقَصُ الْمَخْزُومِيُّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاضِي أَهْلِ مَكَّةَ ، قَالَ : فَاشْتَرَى الْأَوْقَصُ الدُّورَ ، فَمَا كَانَ مِنْهَا صَدَقَةٌ عَزَلَ ثَمَنَهُ وَاشْتَرَى هُوَ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِ دُورِهِمْ مَسَاكِنَ فِي فِجَاجِ مَكَّةَ عوضا مِنْ صَدَقَاتِهِمْ تَكُونُ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ شُرُوطِ صَدَقَاتِهِمْ ، قَالَ : فَاشْتَرَى كُلَّ ذِرَاعٍ فِي ذِرَاعٍ مُكَسَّرًا مِمَّا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا ، وَمَا دَخَلَ فِي الْوَادِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا ، قَالَ : فَاشْتَرَى كُلَّ ذِرَاعٍ فِي ذِرَاعٍ مُكَسَّرًا مِمَّا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا ، وَمَا دَخَلَ فِي الْوَادِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا ، قَالَ : فَكَانَ مِمَّا دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْهَدْمِ دَارُ الْأَزْرَقِ ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ لَاصِقَةٌ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى يَمِينِ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ الْكَبِيرِ ، فَكَانَ ثَمَنُهَا نَاحِيَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَهَا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ فِي زِيَادَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ زَادَ فِيهِ : قَالَ : وَاشْتَرَى لَهُمْ بِثَمَنِهَا مَسَاكِنَ عِوَضًا مِنْ دَارِهِمْ فَهِيَ فِي أَيْدِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ ، قَالَ : وَدَخَلْتُ أَيْضًا دَارَ خَيْرَةَ بِنْتِ سِبَاعٍ الْخُزَاعِيَّةِ بَلَغَ ثَمَنُهَا ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ دُفِعَتْ إِلَيْهَا ، وَكَانَتْ شَارِعَةً عَلَى الْمَسْعَى يَوْمَئِذٍ قَبْلَ أَنْ يُؤَخَّرَ الْمَسْعَى ، قَالَ : وَدَخَلَتْ أَيْضًا دَارٌ لِآلِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ : وَدَخَلَ أَيْضًا بَعْضُ دَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، فَاشْتَرَى جَمِيعَ مَا كَانَ بَيْنَ الْمَسْعَى وَالْمَسْجِدِ مِنَ الدُّورِ ، فَهَدَمَهَا وَوَضَعَ الْمَسْجِدَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ شَارِعًا عَلَى الْمَسْعَى ، وَجَعَلَ مَوْضِعَ دَارِ الْقَوَارِيرِ رَحَبَةً ، فَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى اسْتَقْطَعَهَا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ فِي خِلَافَةِ الرَّشِيدِ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَبَنَاهَا ، ثُمَّ قَبَضَهَا حَمَّادُ الْبَرْبَرِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَبَنَى بَاطِنَهَا بِالْقَوَارِيرِ ، وَبَنَى ظَاهِرَهَا بِالرُّخَامِ وَالْفُسَيْفِسَاءِ ، وَكَانَ الَّذِي زَادَ الْمَهْدِيُّ فِي الْمَسْجِدِ فِي الزِّيَادَةِ الْأُولَى أَنْ مَضَى بِجَدْرِهِ الَّذِي يَلِي الْوَادِيَ إِذْ كَانَ لَاصِقًا بِبَيْتِ الشَّرَابِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى حَدِّ بَابِ بَنِي هَاشِمٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : بَابُ الْبَطْحَاءِ عَلَى سُوقِ الْخُلْقَانِ إِلَى حَدِّهِ الَّذِي يَلِي بَابَ بَنِي هَاشِمٍ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَلَمُ الْأَخْضَرُ الَّذِي يَسْعَى مِنْهُ مَنْ أَقْبَلَ مِنَ الْمَرْوَةِ يُرِيدُ الصَّفَا ، وَمَوْضِعُ ذَلِكَ بَيِّنٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ زَاوِيَةَ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَتْ فِيهِ مَنَارَةٌ شَارِعَةٌ عَلَى الْوَادِي وَالْمَسْعَى ، وَكَانَ الْوَادِي لَاصِقًا بِهِمَا يَمُرُّ فِي بَطْنِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمَهْدِيُّ الْمَسْجِدَ إِلَى مُنْتَهَاهُ الْيَوْمَ مِنْ شِقِّ الصَّفَا وَالْوَادِي ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى مِطْمَارِهِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى زَاوِيَةِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تَلِي الْحِذَاءَيْنِ ، وَبَابِ بَنِي شَيْبَةَ الْكَبِيرِ إِلَى مَوْضِعِ الْمَنَارَةِ الْيَوْمَ ، ثُمَّ رَدَّ جَدْرَ الْمَسْجِدِ مُنْحَدِرًا حَتَّى لَقِيَ بِهِ جَدْرَ الْمَسْجِدِ الْقَدِيمِ مِنْ بِنَاءِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ دَارِ شَيْبَةَ ، مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ مُنْحَدِرًا عَنِ الْبَابِ بِأُسْطُوَانَتَيْنِ مِنَ الطَّاقِ اللَّاصِقِ بِجَدْرِ الْمَسْجِدِ إِلَى مُنْتَهَى عَمَلِ الْفُسَيْفِسَاءِ مِنْ ذَلِكَ الطَّاقِ الدَّاخِلِ ، وَذَلِكَ الْفُسَيْفِسَاءِ وَحْدَهُ ، وَجَدْرِ الْمَسْجِدِ مُنْحَدِرًا إِلَى أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ عَمَلُ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَكَانَ هَذَا الَّذِي زَادَ الْمَهْدِيُّ فِي الْمَسْجِدِ فِي الزِّيَادَةِ الْأُولَى ، وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّمَا جَعَلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الظِّلَالِ طَاقًا وَاحِدًا ، وَهُوَ الطَّاقُ الْأَوَّلُ اللَّاصِقُ بِجَدْرِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ ، فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِأَسَاطِينِ الرُّخَامِ ، فَنُقِلَتْ فِي السُّفُنِ مِنَ الشَّامِ حَتَّى أُنْزِلَتْ بِجُدَّةَ ، ثُمَّ جُرَّتْ عَلَى الْعَجَلِ مِنْ جُدَّةَ إِلَى مَكَّةَ ، فَجُعِلَتْ أَسَاطِينَ لَمَّا هَنْدَمَ الْمَهْدِيُّ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ ، وَجَعَلَ بَيْنَ يَدَيِ الطَّاقِ الَّذِي كَانَ بَنَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ مِمَّا يَلِي دَارَ النَّدْوَةِ وَدَارَ الْعَجَلَةِ وَأَسْفَلَ الْمَسْجِدِ إِلَى مَوْضِعِ بَيْتِ الزَّيْتِ عِنْدَ بَابِ بَنِي جُمَحٍ صَفَّيْنِ حَتَّى صَارَتْ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ ، وَهِيَ الطِّيقَانِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ لَمْ تَتَغَيَّرْ ، قَالَ : وَلَمَّا وَضَعَ الْأَسَاطِينَ حَفَرَ لَهَا أَرْبَاضًا عَلَى كُلِّ صَفٍّ مِنَ الْأَسَاطِينِ جَدْرًا مُسْتَقِيمًا ثُمَّ رَدَّ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ جُدُرَاتٍ أَيْضًا بِالْعَرْضِ حَتَّى صَارَتْ كَالصَّلِيبِ عَلَى مَا أَصِفُ فِي كِتَابِي هَذَا فَلَمَّا أَنْ قَرَّرَ الْأَرْبَاضَ عَلَى قَرَارِ الْأَرْضِ حَتَّى أُنْبِطُ الْمَاءُ ، بَنَاهَا بِالنُّورَةِ وَالرَّمَادِ وَالْجِصِّ حَتَّى إِذَا اسْتَوَى بِالْأَرْبَاضِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَضَعَ فَوْقَهَا الْأَسَاطِينَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ ، وَلَمْ يَكُنْ حَوَّلَ الْمَهْدِيُّ فِي الْهَدْمِ الْأَوَّلِ مِنْ شِقِّ الْوَادِي وَالصَّفَا شَيْئًا أَقَرَّهُ عَلَى حَالِهِ طَاقًا وَاحِدًا ، وَذَلِكَ لِضِيقِ الْمَسْجِدِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ ، إِنَّمَا كَانَ بَيْنَ جِدَارِ الْكَعْبَةِ الْيَمَانِي وَبَيْنَ جَدْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِي الْوَادِيَ وَالصَّفَا تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَنِصْفُ ذِرَاعٍ ، فَهَذَهِ زِيَادَةُ الْمَهْدِيِّ الْأُولَى فِي عِمَارَتِهِ إِيَّاهُ ، فَالَّذِي فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْأَبْوَابِ مِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ بَابُ بَنِي جُمَحٍ ، وَهُوَ ثَلَاثُ طِيقَانٍ ، وَمِنْ تَحْتِهِ سَيْلُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كُلِّهِ ، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ بَلَاطٌ يَمُرُّ عَلَيْهِ سَيْلُ الْمَسْجِدِ ، وَفِي دَارِ زُبَيْدَةَ بَابَانِ كَانَا يَخْرُجَانِ إِلَى زُقَاقٍ كَانَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالدَّارِ الَّتِي صَارَتْ لِزُبَيْدَةَ ، وَكَانَ ذَلِكَ الزُّقَاقُ طَرِيقًا مَسْلُوكًا مَا سُدَّ إِلَّا حَدِيثًا , وَالْبَابَانِ مُبَوَّبَانِ ، وَمِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ أَيْضًا بَابُ بَنِي سَهْمٍ ، وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ ، وَبَابُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَبَابَانِ فِي دَارِ الْعَجَلَةِ طَاقًا طَاقًا ، كَانَا يَخْرُجَانِ إِلَى زُقَاقٍ ، كَانَ بَيْنَ دَارِ الْعَجَلَةِ وَبَيْنَ جَدْرِ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ طَرِيقًا مَسْلُوكًا يَمُرُّ فِيهِ سَيْلُ السُّوَيْقَةِ ، وَسَيْلُ مَا أَقْبَلَ مِنْ جَبَلِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، وَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الطَّرِيقُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى سَدَّهَا يَقْطِينُ بْنُ مُوسَى حِينَ بَنَى دَارَ الْعَجَلَةِ قَدَّمَ الدَّارَ إِلَى جَدْرِ الْمَسْجِدِ وَأَبْطَلَ الطَّرِيقَ ، وَجَعَلَ تَحْتَ الدَّارِ سَرْبًا مُسْتَقِيمًا مُسَقَّفًا يَمُرُّ تَحْتَهُ السَّيْلُ ، وَذَلِكَ السَّرْبُ عَلَى حَالِهِ إِلَى الْيَوْمِ ، وَسُّدَّ أَحَدُ بَابِي الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِي ذَلِكَ الزُّقَاقِ ، وَهُوَ الْبَابُ الْأَسْفَلُ مِنْهُمَا ، وَمَوْضِعُهُ بَيْنَ جَدْرِ الْمَسْجِدِ ، وَجُعِلَ الْبَابُ الْآخَرُ بَابًا لِدَارِ الْعَجَلَةِ ، ضَيَّقَهُ وَبَوَّبَهُ وَهُوَ بَابُ دَارِ الْعَجَلَةِ إِلَى الْيَوْمِ ، وَمِمَّا جَعَلَ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ الْبَابَ الَّذِي يُسْلَكُ مِنْهُ إِلَى دَارِ حُجَيْرِ بْنِ أَبِي إِهَابٍ بَيْنَ دَارِ الْعَجَلَةِ وَدَارِ النَّدْوَةِ وَبَابِ وَدَارِ النَّدْوَةِ ، فَهَذِهِ الْأَبْوَابُ السَّبْعَةُ مِنْ عَمَلِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينِ ، وَأَمَّا الْأَبْوَابُ الَّتِي مِنْ زِيَادَةِ الْمَهْدِيِّ الْأُولَى ، فَمِنْهَا : الْبَابُ الَّذِي فِي دَارِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ ، وَمِنْهَا الْبَابُ الْكَبِيرُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ الْخُلَفَاءُ ، كَانَ يُقَالُ لَهُ : بَابُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ ، وَيُعْرَفُ الْيَوْمَ بِبَابِ بَنِي شَيْبَةَ الْكَبِيرِ ، وَهُوَ ثَلَاثُ طِيقَانٍ ، وَفِيهِ أُسْطُوَانَتَانِ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ بَلَاطٌ مَفْرُوشٌ مِنْ حِجَارَةٍ وَفِي عَتَبَةِ الْبَابِ حِجَارَةٌ طُوَالٌ ، مَفْرُوشٌ بِهَا الْعَتَبَةُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ : سَأَلْتُ جَدِّي عَنْهَا ، فَقُلْتُ : أَبَلَغَكَ أَنَّ هَذِهِ الْحِجَارَةَ الطِّوَالَ كَانَتْ أَوْثَانًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُعْبَدُ فَإِنِّي أَسْمَعُ بَعْضَ النَّاسِ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ ؟ فَضَحِكَ وَقَالَ : لَا لَعَمْرِي مَا كَانَتْ بِأَوْثَانٍ ، مَا يَقُولُ هَذَا إِلَّا مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ إِنَّمَا هِيَ حِجَارَةٌ ، كَانَتْ فَضَلَتْ مِمَّا قَلَعَ الْقَسْرِيُّ لِبِرْكَتِهِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : بِرْكَةُ الْبَرْدِيِّ بِفَمِ الثُّقْبَةِ ، وأَصْلُ ثَبِيرٍ كَانَتْ حَوْلَ الْبِرْكَةِ مَطْرُوحَةً حَتَّى نُقِلَتْ حِينَ بَنَى الْمَهْدِيُّ الْمَسْجِدَ ، فَوُضِعَتْ حَيْثُ رَأَيْتَ ، وَمِنْهَا الْبَابُ الَّذِي فِي دَارِ الْقَوَارِيرِ كَانَ شَارِعًا عَلَى رَحَبَةٍ فِي مَوْضِعِ الدَّارِ ، وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ ، وَمِنْهَا بَابُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي مُقَابِلُ زُقَاقِ الْعَطَّارِينَ ، وَهُوَ الزُّقَاقُ الَّذِي يُسْلَكُ مِنْهُ إِلَى بَيْتِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَهُوَ طَاقٌ وَاحِدٌ ، وَمِنْهَا بَابُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي عِنْدَ الْعَلَمِ الْأَخْضَرِ الَّذِي يَسْعَى مِنْهُ مَنْ أَقْبَلَ مِنَ الْمَرْوَةِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ ، وَهُوَ ثَلَاثُ طِيقَانٍ ، وَفِيهِ أُسْطُوَانَتَانِ ، فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَبْوَابِ الَّتِي عَمِلَهَا الْمَهْدِيُّ فِي الزِّيَادَةِ الْأُولَى