عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، قَالَ : " دَخَلْتُ عَلَى بِنْتِ أُمِّ حَسَّانَ الْأَسَدِيَّةِ وَفِي جَبْهَتِهَا مِثْلُ رُكْبَةِ الْعَنْزِ مِنْ أَثَرَ السُّجُودِ , وَلَيْسَ بِهِ خِفَاءٌ , فَقُلْتُ لَهَا : يَا بِنْتَ أُمِّ حَسَّانَ , أَلَا تَأْتِينَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , فَرَفَعْتِ إِلَيْهِ رُقْعَةً , لَعَلَّهُ أَنْ يُعْطِيَكِ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ مَا تُغَيِّرِينَ بِهِ بَعْضَ الْحَالَةِ الَّتِي أَرَاهَا بِكِ ؟ فَدَعَتْ بِمِعْجَرٍ لَهَا فَاعْتَجَرَتْ بِهِ فَقَالَتْ : يَا سُفْيَانُ , لَقَدْ كَانَ لَكَ فِي قَلْبِي رُجْحَانٌ كَثِيرٌ , أَوْ كَبِيرٌ , فَقَدْ ذَهَبَ اللَّهُ بِرُجْحَانِكَ مِنْ قَلْبِي , يَا سُفْيَانُ , تَأْمُرُنِي أَنْ أَسْأَلَ الدُّنْيَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا ؟ , وَعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ , إِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ الدُّنْيَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا , قَالَ سُفْيَانُ : وَكَانَ إِذَا جَنَّ عَلَيْهَا اللَّيْلُ دَخَلَتْ مِحْرَابًا لَهَا , وَأَغْلَقَتْ عَلَيْهَا ثُمَّ نَادَتْ : إِلَهِي , خَلَا كُلُّ حَبِيبٍ بِحَبِيبِهِ , وَأَنَا خَالِيَةٌ بِكَ يَا مَحْبُوبُ , فَمَا كَانَ مِنْ سِجْنٍ تَسْجِنُ بِهِ مَنْ عَصَاكَ إِلَّا جَهَنَّمُ , وَلَا عَذَابَ إِلَّا النَّارُ , قَالَ سُفْيَانُ : فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ , فَإِذَا الْجُوعُ قَدْ أَثَّرَ فِي وَجْهِهَا , فَقُلْتُ لَهَا : يَا بِنْتَ أُمِّ حَسَّانَ , إِنَّكِ لَنْ تُؤْتَي أَكْثَرَ مِمَّا أُوتَيَ مُوسَى وَالْخَضِرُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ إِذْ أَتَيَا أَهْلَ الْقَرْيَةِ , اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا , فَقَالَتْ : يَا سُفْيَانُ , قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقُلْتُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ , فَقَالَتِ : اعْتَرَفْتَ لَهُ بِالشُّكْرِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ , قَالَتْ : وَجَبَ عَلَيْكَ مِنْ مَعْرِفَةِ الشُّكْرِ شُكْرٌ , وَبِمَعْرِفَةِ الشُّكْرَيْنِ شُكْرٌ لَا يَنْقَضِي أَبَدًا , قَالَ سُفْيَانُ : فَقَصَرَ وَاللَّهِ عِلْمِي , وَفَسَدَ لِسَانِي , وَمَا أَقُومُ بِشُكْرٍ كُلَّمَا أَعْتَرِفُ لَهُ بِنِعْمَةٍ وَجَبَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَةِ النِّعْمَةِ شُكْرٌ , وَبِمَعْرِفَةِ الشُّكْرَيْنِ شُكْرٌ , فَوَلَّيْتُ وَأَنَا أُرِيدُ الْخُرُوجَ , فَقَالَتْ : يَا سُفْيَانُ , كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ , وَكَفَى بِالْمَرْءِ عِلْمًا أَنْ يَخْشَى اللَّهَ , اعْلَمْ أَنَّهُ لَنْ تُنَقَّى الْقُلُوبُ مِنَ الرَّدَى حَتَّى تَكُونَ الْهُمُومُ كُلُّهَا فِي اللَّهِ هَمًّا وَاحِدًا , قَالَ سُفْيَانُ : فَقَصُرَتْ وَاللَّهِ إِلَيَّ نَفْسِي "
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رُزَيْقِ بْنِ جَامِعٍ الْمِصْرِيُّ ، ح . وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ الثبدي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى بِنْتِ أُمِّ حَسَّانَ الْأَسَدِيَّةِ وَفِي جَبْهَتِهَا مِثْلُ رُكْبَةِ الْعَنْزِ مِنْ أَثَرَ السُّجُودِ , وَلَيْسَ بِهِ خِفَاءٌ , فَقُلْتُ لَهَا : يَا بِنْتَ أُمِّ حَسَّانَ , أَلَا تَأْتِينَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , فَرَفَعْتِ إِلَيْهِ رُقْعَةً , لَعَلَّهُ أَنْ يُعْطِيَكِ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ مَا تُغَيِّرِينَ بِهِ بَعْضَ الْحَالَةِ الَّتِي أَرَاهَا بِكِ ؟ فَدَعَتْ بِمِعْجَرٍ لَهَا فَاعْتَجَرَتْ بِهِ فَقَالَتْ : يَا سُفْيَانُ , لَقَدْ كَانَ لَكَ فِي قَلْبِي رُجْحَانٌ كَثِيرٌ , أَوْ كَبِيرٌ , فَقَدْ ذَهَبَ اللَّهُ بِرُجْحَانِكَ مِنْ قَلْبِي , يَا سُفْيَانُ , تَأْمُرُنِي أَنْ أَسْأَلَ الدُّنْيَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا ؟ , وَعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ , إِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ الدُّنْيَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا , قَالَ سُفْيَانُ : وَكَانَ إِذَا جَنَّ عَلَيْهَا اللَّيْلُ دَخَلَتْ مِحْرَابًا لَهَا , وَأَغْلَقَتْ عَلَيْهَا ثُمَّ نَادَتْ : إِلَهِي , خَلَا كُلُّ حَبِيبٍ بِحَبِيبِهِ , وَأَنَا خَالِيَةٌ بِكَ يَا مَحْبُوبُ , فَمَا كَانَ مِنْ سِجْنٍ تَسْجِنُ بِهِ مَنْ عَصَاكَ إِلَّا جَهَنَّمُ , وَلَا عَذَابَ إِلَّا النَّارُ , قَالَ سُفْيَانُ : فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ , فَإِذَا الْجُوعُ قَدْ أَثَّرَ فِي وَجْهِهَا , فَقُلْتُ لَهَا : يَا بِنْتَ أُمِّ حَسَّانَ , إِنَّكِ لَنْ تُؤْتَي أَكْثَرَ مِمَّا أُوتَيَ مُوسَى وَالْخَضِرُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ إِذْ أَتَيَا أَهْلَ الْقَرْيَةِ , اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا , فَقَالَتْ : يَا سُفْيَانُ , قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقُلْتُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ , فَقَالَتِ : اعْتَرَفْتَ لَهُ بِالشُّكْرِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ , قَالَتْ : وَجَبَ عَلَيْكَ مِنْ مَعْرِفَةِ الشُّكْرِ شُكْرٌ , وَبِمَعْرِفَةِ الشُّكْرَيْنِ شُكْرٌ لَا يَنْقَضِي أَبَدًا , قَالَ سُفْيَانُ : فَقَصَرَ وَاللَّهِ عِلْمِي , وَفَسَدَ لِسَانِي , وَمَا أَقُومُ بِشُكْرٍ كُلَّمَا أَعْتَرِفُ لَهُ بِنِعْمَةٍ وَجَبَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَةِ النِّعْمَةِ شُكْرٌ , وَبِمَعْرِفَةِ الشُّكْرَيْنِ شُكْرٌ , فَوَلَّيْتُ وَأَنَا أُرِيدُ الْخُرُوجَ , فَقَالَتْ : يَا سُفْيَانُ , كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ , وَكَفَى بِالْمَرْءِ عِلْمًا أَنْ يَخْشَى اللَّهَ , اعْلَمْ أَنَّهُ لَنْ تُنَقَّى الْقُلُوبُ مِنَ الرَّدَى حَتَّى تَكُونَ الْهُمُومُ كُلُّهَا فِي اللَّهِ هَمًّا وَاحِدًا , قَالَ سُفْيَانُ : فَقَصُرَتْ وَاللَّهِ إِلَيَّ نَفْسِي