عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ : أَنَّهُ كَانَ يُومِي فِي حَدِيثِهِ يَقُولُ : " إِنِّي لَا أُوصِيكُمْ بِدُنْيَاكُمْ ، أَنْتُمْ بِهَا مُسْتَوْصُونَ ، وَأَنْتُمْ عَلَيْهَا حِرَاصٌ ، وَإِنَّمَا أُوصِيكُمْ بِآخِرَتِكُمْ ، تَعْلَمُنَّ أَنَّهُ لَنْ يُعْتَقَ عَبْدٌ وَإِنْ كَانَ فِي الشَّرَفِ وَالْمَالِ ، وَإِنْ قَالَ : أَنَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ ، حَتَّى يُعْتِقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ النَّارِ ، فَمَنْ أَعْتَقَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ عَتَقَ ، وَمَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ كَانَ فِي أَشَدِّ هَلَكَةٍ هَلَكَهَا أَحَدٌ قَطُّ ، فَجِدُّوا فِي دَارِ الْمُعْتَمَلِ لِدَارِ الثَّوَابِ ، وَجِدُّوا فِي دَارِ الْفِنَاءِ لِدَارِ الْبَقَاءِ ، فَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الدُّنْيَا لِأَنَّهَا أُدْنِيَ فِيهَا الْمُعْتَمَلُ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْآخِرَةُ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فِيهَا مُسْتَأْخَرٌ ، وَلِأَنَّهَا دَارُ ثَوَابٍ لَيْسَ فِيهَا عَمَلٌ ، فَالْصَقُوا إِلَى الذُّنُوبِ إِذَا أَذْنَبْتُمْ إِلَى كُلِّ ذَنْبٍ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ التَّسْلِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ ، وَالْصَقُوا إِلَى الذُّنُوبِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ . فَإِذَا نُشِرَتِ الصُّحُفُ ، وَجَاءَ هَذَا الْكَلَامُ قَدْ أَلْصَقَهُ كُلُّ عَبْدٍ إِلَى خَطَايَاهُ رَجَا بِهَذَا الْكَلَامِ الْمَغْفِرَةَ ، وَأَذْهَبَتْ هَذِهِ الْحَسَنَاتُ سَيِّئَاتِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : {{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }} . فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا بِحَسَنَاتٍ وَسَيِّئاتٍ رَجَا بِهَا مَغْفِرَةً لِسَيِّئَاتِهِ ، وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى الذُّنُوبِ وَاسْتَكْبَرَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ ، خَرَجَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مُصِرًّا عَلَى الذُّنُوبِ مُسْتَكْبِرًا عَنِ الِاسْتِغْفَارِ ، قَاصَّهُ الْحِسَابَ وَجَازَاهُ بِعَمَلِهِ ، إِلَّا مَنْ تَجَاوَزَ عَنْهُ الْمُتَجِاوِزُ الْكَرِيمُ ، فَإِنَّهُ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ . وَاجْعَلُوا الدُّنْيَا كَشَيْءٍ فَارَقْتُمُوهُ فَوَاللَّهِ لَتُفَارِقُنَّهَا ، وَاجْعَلُوا الْمَوْتَ كَشَيْءٍ ذُقْتُمُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَتَذُوقُنَّهُ ، وَاجْعَلُوا الْآخِرَةَ كَشَيْءٍ نَزَلْتُمُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَتَنْزُلُنَّهَا وَهِيَ دَارُ النَّاسِ كُلِّهِمْ ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ يَخْرُجُ لِسَفَرٍ إِلَّا أَخَذَ لَهُ أُهْبَتَهُ ، وَتَجَهَّزَ لَهُ بِجَهَازِهِ ، وَأَخَذَ لِلْحَرِّ ظِلَالَهُ ، وَلِلْعَطَشِ مَزَادًا ، وَلِلْبَرْدِ لِحَافًا ، فَمَنْ أَخَذَ لِسَفَرِهِ الَّذِي يُصْلِحُهُ اغْتَبَطَ ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ لَمْ يَتَجَهَّزْ لَهُ بِجَهَازِهِ ، وَلَمْ يَأْخُذْ لَهُ أُهْبَتَهُ نَدِمَ ، فَإِذَا أَضْحَى لَمْ يَجِدْ ظِلًّا ، وَإِذَا ظَمِئَ لَمْ يَجِدْ مَاءً يَتَرَوَّى بِهِ ، وَإِذَا وَجَدَ الْبَرْدَ لَمْ يَجِدْ لِذَلِكَ لِحَافًا ، فَلَا أَرَى رَجُلًا أَنْدَمَ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا هَذَا سَفَرُ الدُّنْيَا ، يَنْقَطِعُ عَنْهُ ، وَلَا يُقِيمُ فِيهِ ، فَأَكْيَسُ النَّاسِ مَنْ قَامَ يَتَجَهَّزُ لِسَفَرٍ لَا يَنْقَطِعُ ، فَأَخَذَ فِي الدُّنْيَا لِظَمَأٍ لَا يُرْوَى ، فَمَنْ آوَاهُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ لَمْ يَضَحَ أَبَدًا ، وَمَنْ أَضْحَى يَوْمَئِذٍ لَمْ يَسْتَظِلَّ أَبَدًا ، وَمَنْ قَامَ فَأَخَذَ لِرِيٍّ لَمْ يَعْطَشْ أَبَدًا ، فَإِنَّ مَنْ عَطِشَ يَوْمَئِذٍ لَمْ يُرْوَ أَبَدًا ، وَمَنْ قَامَ فَأَخَذَ لَكَسَوْتِهِ لَمْ يَعْرَ أَبَدًا ، فَإِنَّهُ مَنْ عَرِيَ يَوْمَئِذٍ لَمْ يُكْسَ أَبَدًا ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بِبَرَاءتَيْنِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بَعْدَ هَوْلِ الْمَطْلَعِ ، وَالثَّانِيَةُ فِي الْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ تَعَالَى ، يَقْضِي فِي رِقَابِ خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ لَا شَرِيكَ لَهُ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ : أَنَّهُ كَانَ يُومِي فِي حَدِيثِهِ يَقُولُ : إِنِّي لَا أُوصِيكُمْ بِدُنْيَاكُمْ ، أَنْتُمْ بِهَا مُسْتَوْصُونَ ، وَأَنْتُمْ عَلَيْهَا حِرَاصٌ ، وَإِنَّمَا أُوصِيكُمْ بِآخِرَتِكُمْ ، تَعْلَمُنَّ أَنَّهُ لَنْ يُعْتَقَ عَبْدٌ وَإِنْ كَانَ فِي الشَّرَفِ وَالْمَالِ ، وَإِنْ قَالَ : أَنَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ ، حَتَّى يُعْتِقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ النَّارِ ، فَمَنْ أَعْتَقَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ عَتَقَ ، وَمَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ كَانَ فِي أَشَدِّ هَلَكَةٍ هَلَكَهَا أَحَدٌ قَطُّ ، فَجِدُّوا فِي دَارِ الْمُعْتَمَلِ لِدَارِ الثَّوَابِ ، وَجِدُّوا فِي دَارِ الْفِنَاءِ لِدَارِ الْبَقَاءِ ، فَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الدُّنْيَا لِأَنَّهَا أُدْنِيَ فِيهَا الْمُعْتَمَلُ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْآخِرَةُ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فِيهَا مُسْتَأْخَرٌ ، وَلِأَنَّهَا دَارُ ثَوَابٍ لَيْسَ فِيهَا عَمَلٌ ، فَالْصَقُوا إِلَى الذُّنُوبِ إِذَا أَذْنَبْتُمْ إِلَى كُلِّ ذَنْبٍ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ التَّسْلِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ ، وَالْصَقُوا إِلَى الذُّنُوبِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ . فَإِذَا نُشِرَتِ الصُّحُفُ ، وَجَاءَ هَذَا الْكَلَامُ قَدْ أَلْصَقَهُ كُلُّ عَبْدٍ إِلَى خَطَايَاهُ رَجَا بِهَذَا الْكَلَامِ الْمَغْفِرَةَ ، وَأَذْهَبَتْ هَذِهِ الْحَسَنَاتُ سَيِّئَاتِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : {{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }} . فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا بِحَسَنَاتٍ وَسَيِّئاتٍ رَجَا بِهَا مَغْفِرَةً لِسَيِّئَاتِهِ ، وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى الذُّنُوبِ وَاسْتَكْبَرَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ ، خَرَجَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مُصِرًّا عَلَى الذُّنُوبِ مُسْتَكْبِرًا عَنِ الِاسْتِغْفَارِ ، قَاصَّهُ الْحِسَابَ وَجَازَاهُ بِعَمَلِهِ ، إِلَّا مَنْ تَجَاوَزَ عَنْهُ الْمُتَجِاوِزُ الْكَرِيمُ ، فَإِنَّهُ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ . وَاجْعَلُوا الدُّنْيَا كَشَيْءٍ فَارَقْتُمُوهُ فَوَاللَّهِ لَتُفَارِقُنَّهَا ، وَاجْعَلُوا الْمَوْتَ كَشَيْءٍ ذُقْتُمُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَتَذُوقُنَّهُ ، وَاجْعَلُوا الْآخِرَةَ كَشَيْءٍ نَزَلْتُمُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَتَنْزُلُنَّهَا وَهِيَ دَارُ النَّاسِ كُلِّهِمْ ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ يَخْرُجُ لِسَفَرٍ إِلَّا أَخَذَ لَهُ أُهْبَتَهُ ، وَتَجَهَّزَ لَهُ بِجَهَازِهِ ، وَأَخَذَ لِلْحَرِّ ظِلَالَهُ ، وَلِلْعَطَشِ مَزَادًا ، وَلِلْبَرْدِ لِحَافًا ، فَمَنْ أَخَذَ لِسَفَرِهِ الَّذِي يُصْلِحُهُ اغْتَبَطَ ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ لَمْ يَتَجَهَّزْ لَهُ بِجَهَازِهِ ، وَلَمْ يَأْخُذْ لَهُ أُهْبَتَهُ نَدِمَ ، فَإِذَا أَضْحَى لَمْ يَجِدْ ظِلًّا ، وَإِذَا ظَمِئَ لَمْ يَجِدْ مَاءً يَتَرَوَّى بِهِ ، وَإِذَا وَجَدَ الْبَرْدَ لَمْ يَجِدْ لِذَلِكَ لِحَافًا ، فَلَا أَرَى رَجُلًا أَنْدَمَ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا هَذَا سَفَرُ الدُّنْيَا ، يَنْقَطِعُ عَنْهُ ، وَلَا يُقِيمُ فِيهِ ، فَأَكْيَسُ النَّاسِ مَنْ قَامَ يَتَجَهَّزُ لِسَفَرٍ لَا يَنْقَطِعُ ، فَأَخَذَ فِي الدُّنْيَا لِظَمَأٍ لَا يُرْوَى ، فَمَنْ آوَاهُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ لَمْ يَضَحَ أَبَدًا ، وَمَنْ أَضْحَى يَوْمَئِذٍ لَمْ يَسْتَظِلَّ أَبَدًا ، وَمَنْ قَامَ فَأَخَذَ لِرِيٍّ لَمْ يَعْطَشْ أَبَدًا ، فَإِنَّ مَنْ عَطِشَ يَوْمَئِذٍ لَمْ يُرْوَ أَبَدًا ، وَمَنْ قَامَ فَأَخَذَ لَكَسَوْتِهِ لَمْ يَعْرَ أَبَدًا ، فَإِنَّهُ مَنْ عَرِيَ يَوْمَئِذٍ لَمْ يُكْسَ أَبَدًا ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بِبَرَاءتَيْنِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بَعْدَ هَوْلِ الْمَطْلَعِ ، وَالثَّانِيَةُ فِي الْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ تَعَالَى ، يَقْضِي فِي رِقَابِ خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ لَا شَرِيكَ لَهُ