عَنْ وَهْبٍ ، قَالَ : " مَرَّ عَابِدٌ بِرَاهِبٍ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ : مُنْذُ كَمْ أَنْتَ فِي هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ ؟ قَالَ : مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً . قَالَ : فَكَيْفَ صَبَرْتَ فِيهَا سِتِّينَ سَنَةً ؟ قَالَ : مُرَّ فَإِنَّ الدُّنْيَا تَمُرُّ . ثُمَّ قَالَ : يَا رَاهِبُ ، كَيْفَ ذِكْرُكَ لِلْمَوْتِ ؟ قَالَ : مَا أَحْسِبُ عَبْدًا يَعْرِفُ اللَّهَ تَعَالَى تَأْتِي عَلَيْهِ سَاعَةٌ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا ، وَمَا أَرْفَعُ قَدَمًا إِلَّا أَظُنُّ أَنِّي لَا أَضَعُهَا حَتَّى أَمُوتَ ، قَالَ : فَجَعَلَ الْعَابِدُ يَبْكِي . فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ : هَذَا بُكَاؤُكَ فِي الْعَلَانِيَةِ فَكَيْفَ أَنْتَ إِذَا خَلَوْتَ ؟ فَقَالَ الْعَابِدُ : إِنِّي لَأَبْكِي عِنْدَ إِفْطَارِي فَأَشْرَبُ شَرَابِي بِدُمُوعِي ، وَأَبُلُّ طَعَامِي بِدُمُوعِي ، وَيَصْرَعُنِي النَّوْمُ فَأَبُلُّ مَضْجَعِي بِدُمُوعِي . قَالَ : أَمَا إِنَّكَ إِنْ تَضْحَكُ وَأَنْتَ مُعْتَرِفٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَنْبِكَ ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَبْكِي وَأَنْتَ تَمُنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : فَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ . قَالَ : كُنْ فِي الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ النَّحْلَةِ ، إِنْ أَكَلَتْ أَكَلَتْ طَيِّبًا ، وَإِنْ وَضَعَتْ وَضَعَتْ طَيِّبًا ، وَإِنْ سَقَطَتْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ تَضُرَّهُ وَلَمْ تَكْسِرْهُ ، وَلَا تَكُنْ فِي الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ الْحِمَارِ ، إِنَّمَا هِمَّتُهُ أَنْ يَشْبَعَ ثُمَّ يَرْمِي بِنَفْسِهِ فِي التُّرَابِ ، وَانْصَحْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نُصْحَ الْكَلْبِ لِأَهْلِهِ ، فَإِنَّهُمْ يُجِيعُونَهُ وَيَطْرُدُونَهُ وَهُوَ يَحْرُسُهُمْ "
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَشِيُّ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرِ بْنِ مَرْوَانَ الْكَاتِبُ ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ أَشْرَسَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَكَانَ فَاضِلًا ، عَنْ وَهْبٍ ، قَالَ : مَرَّ عَابِدٌ بِرَاهِبٍ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ : مُنْذُ كَمْ أَنْتَ فِي هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ ؟ قَالَ : مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً . قَالَ : فَكَيْفَ صَبَرْتَ فِيهَا سِتِّينَ سَنَةً ؟ قَالَ : مُرَّ فَإِنَّ الدُّنْيَا تَمُرُّ . ثُمَّ قَالَ : يَا رَاهِبُ ، كَيْفَ ذِكْرُكَ لِلْمَوْتِ ؟ قَالَ : مَا أَحْسِبُ عَبْدًا يَعْرِفُ اللَّهَ تَعَالَى تَأْتِي عَلَيْهِ سَاعَةٌ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا ، وَمَا أَرْفَعُ قَدَمًا إِلَّا أَظُنُّ أَنِّي لَا أَضَعُهَا حَتَّى أَمُوتَ ، قَالَ : فَجَعَلَ الْعَابِدُ يَبْكِي . فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ : هَذَا بُكَاؤُكَ فِي الْعَلَانِيَةِ فَكَيْفَ أَنْتَ إِذَا خَلَوْتَ ؟ فَقَالَ الْعَابِدُ : إِنِّي لَأَبْكِي عِنْدَ إِفْطَارِي فَأَشْرَبُ شَرَابِي بِدُمُوعِي ، وَأَبُلُّ طَعَامِي بِدُمُوعِي ، وَيَصْرَعُنِي النَّوْمُ فَأَبُلُّ مَضْجَعِي بِدُمُوعِي . قَالَ : أَمَا إِنَّكَ إِنْ تَضْحَكُ وَأَنْتَ مُعْتَرِفٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَنْبِكَ ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَبْكِي وَأَنْتَ تَمُنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : فَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ . قَالَ : كُنْ فِي الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ النَّحْلَةِ ، إِنْ أَكَلَتْ أَكَلَتْ طَيِّبًا ، وَإِنْ وَضَعَتْ وَضَعَتْ طَيِّبًا ، وَإِنْ سَقَطَتْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ تَضُرَّهُ وَلَمْ تَكْسِرْهُ ، وَلَا تَكُنْ فِي الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ الْحِمَارِ ، إِنَّمَا هِمَّتُهُ أَنْ يَشْبَعَ ثُمَّ يَرْمِي بِنَفْسِهِ فِي التُّرَابِ ، وَانْصَحْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نُصْحَ الْكَلْبِ لِأَهْلِهِ ، فَإِنَّهُمْ يُجِيعُونَهُ وَيَطْرُدُونَهُ وَهُوَ يَحْرُسُهُمْ