عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ قَالَ : " لَيُصَلِّيَنَّ مَعَكُمْ غَدًا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَطَمِعْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الرَّجُلَ فَغَدَوْتُ فَصَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَمْتُ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى انْصَرَفَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ أَسْوَدُ مُتَّزِرٌ بِخِرْقَةٍ مُرْتَدٌّ بِرُقْعَةٍ فَجَاءَ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ وَإِنَّا لَنَجِدُ مِنْهُ رِيحَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهُوَ هُوَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ إِنَّهُ لَمَمْلُوكٌ لِبَنِي فُلَانٍ " قُلْتُ : أَفَلَا تَشْتَرِيهِ فَتُعْتِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ؟ قَالَ : " وَأَنَّى لِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ مُلُوكًا وَسَادَةً وَإِنَّ هَذَا الْأَسْوَدَ أَصْبَحَ مِنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ وَسَادَتِهِمْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ خَلْقِهِ الْأَصْفِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ الْأَبْرِيَاءَ الشَّعِثَةَ رُءُوسُهُمُ الْمُغْبَرَّةَ وُجُوهُهُمُ الْخَمِصَةَ بُطُونُهُمْ إِلَّا مِنْ كَسْبِ الْحَلَالِ الَّذِينَ إِذَا اسْتَأْذَنُوا عَلَى الْأُمَرَاءِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ وَإِنْ خَطَبُوا الْمُتَنَعِّمَاتِ لَمْ يُنْكَحُوا وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَإِنْ طَلَعُوا لَمْ يُفْرَحْ بِطَلْعَتِهِمْ وَإِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا وَإِنْ مَاتُوا لَمْ يُشْهَدُوا " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لَنَا بِرَجُلٍ مِنْهُمْ ؟ قَالَ : " ذَاكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ " قَالُوا : وَمَا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ؟ قَالَ : " أَشْهَلُ ذُو صُهُوبَةٍ بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ آدَمُ شَدِيدُ الْأَدَمَةِ ضَارِبٌ بِذَقْنِهِ إِلَى صَدْرِهِ رَامٍ بِذَقْنِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَاضِعٍ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ يَتْلُو الْقُرْآنَ يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ ذُو طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ مُتَّزِرٌ بِإِزَارِ صُوفٍ وَرِدَاءِ صُوفٍ مَجْهُولٌ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ مَعْرُوفٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ أَلَا وَإِنَّ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ لُمْعَةٌ بَيْضَاءُ أَلَا وَإِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ لِلْعِبَادِ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ وَيقَالُ لِأُوَيْسٍ : قِفْ فَاشْفَعْ فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مِثْلِ عَدَدِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ يَا عُمَرُ وَيَا عَلِيُّ إِذَا أَنْتُمَا لَقِيتُمَاهُ فَاطْلُبَا إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكُمَا ، يَغْفِرِ اللَّهُ تَعَالَى لَكُمَا " قَالَ : فَمَكَثَا يَطْلُبَانِهِ عَشْرَ سِنِينَ لَا يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا عُمَرُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ قَامَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَهْلَ الْحَجِيجِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَفِيكُمْ أُوَيْسٌ مِنْ مُرَادٍ ؟ فَقَامَ شَيْخٌ كَبِيرٌ طَوِيلُ اللِّحْيَةِ فَقَالَ : إِنَّا لَا نَدْرِي مَا أُوَيْسٌ ، وَلَكِنِ ابْنُ أَخٍ لِي يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ وَهُوَ أَخْمَلُ ذِكْرًا ، وَأَقَلُّ مَالًا وَأَهْوَنُ أَمْرًا مِنْ أَنْ نَرْفَعَهُ إِلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لَيَرْعَى إِبِلَنَا حَقِيرٌ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، فَعَمَّى عَلَيْهِ عُمَرُ كَأَنَّهُ لَا يُرِيدُهُ قَالَ : أَيْنَ ابْنُ أَخِيكَ هَذَا أَبِحَرَمِنَا هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَأَيْنَ يُصَابُ ؟ قَالَ : بِأَرَاكِ عَرَفَاتٍ قَالَ : فَرَكِبَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ سِرَاعًا إِلَى عَرَفَاتٍ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ وَالْإِبِلُ حَوْلَهُ تَرْعَى فَشَدَّا حِمَارَيْهِمَا ثُمَّ أَقْبَلَا إِلَيْهِ فَقَالَا : السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَخَفَّفَ أُوَيْسٌ الصَّلَاةَ ثُمَّ قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمَا وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ قَالَا : مَنِ الرَّجُلُ ؟ قَالَ : رَاعِي إِبِلٍ وَأَجِيرُ قَوْمٍ قَالَا : لَسْنَا نَسْأَلُكَ عَنِ الرِّعَايَةِ وَلَا عَنِ الْإِجَارَةِ مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَا : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلُّهُمْ عَبِيدُ اللَّهِ فَمَا اسْمُكَ الَّذِي سَمَّتْكَ أُمُّكَ ؟ قَالَ : يَا هَذَانِ مَا تُرِيدَانِ إِلَيَّ قَالَا : وَصَفَ لَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ فَقَدْ عَرَفْنَا الصُّهُوبَةَ وَالشُّهُولَةَ وَأَخْبَرَنَا أَنُّ تَحْتَ مَنْكِبِكَ الْأَيْسَرِ لُمْعَةً بَيْضَاءَ فَأَوْضِحْهَا لَنَا فَإِنْ كَانَ بِكَ فَأَنْتَ هُوَ فَأَوْضَحَ مَنْكِبَهُ فَإِذَا اللُّمْعَةُ فَابْتَدَرَاهُ يُقَبِّلَانِهِ قَالَا : نَشْهَدُ أَنَّكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ قَالَ : مَا أَخُصُّ بِاسْتِغْفَارِي نَفْسِي وَلَا أَحَدًا مِنْ وَلَدِ آدَمَ وَلَكِنَّهُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، فِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، يَا هَذَانِ قَدْ أَشْهَرَ اللَّهُ لَكُمَا حَالِي وَعَرَّفَكُمَا أَمْرِي فَمَنْ أَنْتُمَا ؟ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَّا هَذَا فَعُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَّا أَنا فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَاسْتَوَى أُوَيْسٌ قَائِمًا وَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، وَأَنْتَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ فَجَزَاكُمَا اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَيْرًا قَالَا : وَأَنْتَ جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَفْسِكِ خَيْرًا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَكَانَكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ حَتَّى أَدْخَلَ مَكَّةَ فَآتِيَكَ بِنَفَقَةٍ مِنْ عَطَائِي وَفَضَلِ كِسْوَةٍ مِنْ ثِيَابِي هَذَا الْمَكَانُ مِيعَادٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا مِيعَادَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَا أَرَاكَ بَعْدَ الْيَوْمِ تَعْرِفُنِي ، مَا أَصْنَعُ بِالنَّفَقَةِ ؟ مَا أَصْنَعُ بِالْكِسْوَةَ ؟ أَمَا تَرَى عَلَيَّ إِزَارًا مِنْ صُوفٍ وَرِدَاءً مِنْ صُوفٍ مَتَى تَرَانِي أَخْرِقُهَمَا ؟ أَمَا تَرَى أَنَّ نَعْلَيَّ مَخْصُوفَتَانِ مَتَى تَرَانِي أُبْلِيهُمَا ؟ أَمَا تَرَانِي إِنِّي قَدْ أَخَذْتُ مِنْ رِعَايَتِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ مَتَى تَرَانِي آكُلُهَا ؟ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَ يَدَيَّ وَيَدَيْكَ عَقَبَةً كَئُودًا لَا يُجَاوِزُهَا إِلَّا ضَامِرٌ مُخِفٌّ مَهْزُولٌ فَأَخِفَّ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ ضَرَبَ بِدُرَّتِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : أَلَا لَيْتَ أَنَّ أُمَّ عُمَرَ لَمْ تَلِدْهُ يَا لَيْتَهَا كَانَتْ عَاقِرًا لَمْ تُعَالِجْ حَمْلَهَا أَلَا مَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا وَلَهَا ؟ ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خُذْ أَنْتَ هَاهُنَا حَتَّى آخُذَ أَنَا هَاهُنَا ، فَوَلَّى عُمَرُ نَاحِيَةَ مَكَّةَ وَسَاقَ أُوَيْسٌ إِبِلَهُ فَوَافَى الْقَوْمَ إِبِلَهُمْ وَخَلَّى عَنِ الرِّعَايَةِ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَا أَبِي ، ثنا حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَرَّانِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنِي مُجَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ قَالَ : لَيُصَلِّيَنَّ مَعَكُمْ غَدًا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَطَمِعْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الرَّجُلَ فَغَدَوْتُ فَصَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَقَمْتُ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى انْصَرَفَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ أَسْوَدُ مُتَّزِرٌ بِخِرْقَةٍ مُرْتَدٌّ بِرُقْعَةٍ فَجَاءَ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي فَدَعَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ وَإِنَّا لَنَجِدُ مِنْهُ رِيحَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهُوَ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ إِنَّهُ لَمَمْلُوكٌ لِبَنِي فُلَانٍ قُلْتُ : أَفَلَا تَشْتَرِيهِ فَتُعْتِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَأَنَّى لِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ مُلُوكًا وَسَادَةً وَإِنَّ هَذَا الْأَسْوَدَ أَصْبَحَ مِنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ وَسَادَتِهِمْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ خَلْقِهِ الْأَصْفِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ الْأَبْرِيَاءَ الشَّعِثَةَ رُءُوسُهُمُ الْمُغْبَرَّةَ وُجُوهُهُمُ الْخَمِصَةَ بُطُونُهُمْ إِلَّا مِنْ كَسْبِ الْحَلَالِ الَّذِينَ إِذَا اسْتَأْذَنُوا عَلَى الْأُمَرَاءِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ وَإِنْ خَطَبُوا الْمُتَنَعِّمَاتِ لَمْ يُنْكَحُوا وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَإِنْ طَلَعُوا لَمْ يُفْرَحْ بِطَلْعَتِهِمْ وَإِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا وَإِنْ مَاتُوا لَمْ يُشْهَدُوا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لَنَا بِرَجُلٍ مِنْهُمْ ؟ قَالَ : ذَاكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ قَالُوا : وَمَا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ؟ قَالَ : أَشْهَلُ ذُو صُهُوبَةٍ بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ آدَمُ شَدِيدُ الْأَدَمَةِ ضَارِبٌ بِذَقْنِهِ إِلَى صَدْرِهِ رَامٍ بِذَقْنِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَاضِعٍ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ يَتْلُو الْقُرْآنَ يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ ذُو طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ مُتَّزِرٌ بِإِزَارِ صُوفٍ وَرِدَاءِ صُوفٍ مَجْهُولٌ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ مَعْرُوفٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ أَلَا وَإِنَّ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ لُمْعَةٌ بَيْضَاءُ أَلَا وَإِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ لِلْعِبَادِ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ وَيقَالُ لِأُوَيْسٍ : قِفْ فَاشْفَعْ فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مِثْلِ عَدَدِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ يَا عُمَرُ وَيَا عَلِيُّ إِذَا أَنْتُمَا لَقِيتُمَاهُ فَاطْلُبَا إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكُمَا ، يَغْفِرِ اللَّهُ تَعَالَى لَكُمَا قَالَ : فَمَكَثَا يَطْلُبَانِهِ عَشْرَ سِنِينَ لَا يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا عُمَرُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ قَامَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَهْلَ الْحَجِيجِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَفِيكُمْ أُوَيْسٌ مِنْ مُرَادٍ ؟ فَقَامَ شَيْخٌ كَبِيرٌ طَوِيلُ اللِّحْيَةِ فَقَالَ : إِنَّا لَا نَدْرِي مَا أُوَيْسٌ ، وَلَكِنِ ابْنُ أَخٍ لِي يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ وَهُوَ أَخْمَلُ ذِكْرًا ، وَأَقَلُّ مَالًا وَأَهْوَنُ أَمْرًا مِنْ أَنْ نَرْفَعَهُ إِلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لَيَرْعَى إِبِلَنَا حَقِيرٌ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، فَعَمَّى عَلَيْهِ عُمَرُ كَأَنَّهُ لَا يُرِيدُهُ قَالَ : أَيْنَ ابْنُ أَخِيكَ هَذَا أَبِحَرَمِنَا هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَأَيْنَ يُصَابُ ؟ قَالَ : بِأَرَاكِ عَرَفَاتٍ قَالَ : فَرَكِبَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ سِرَاعًا إِلَى عَرَفَاتٍ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ وَالْإِبِلُ حَوْلَهُ تَرْعَى فَشَدَّا حِمَارَيْهِمَا ثُمَّ أَقْبَلَا إِلَيْهِ فَقَالَا : السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَخَفَّفَ أُوَيْسٌ الصَّلَاةَ ثُمَّ قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمَا وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ قَالَا : مَنِ الرَّجُلُ ؟ قَالَ : رَاعِي إِبِلٍ وَأَجِيرُ قَوْمٍ قَالَا : لَسْنَا نَسْأَلُكَ عَنِ الرِّعَايَةِ وَلَا عَنِ الْإِجَارَةِ مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَا : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلُّهُمْ عَبِيدُ اللَّهِ فَمَا اسْمُكَ الَّذِي سَمَّتْكَ أُمُّكَ ؟ قَالَ : يَا هَذَانِ مَا تُرِيدَانِ إِلَيَّ قَالَا : وَصَفَ لَنَا مُحَمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ فَقَدْ عَرَفْنَا الصُّهُوبَةَ وَالشُّهُولَةَ وَأَخْبَرَنَا أَنُّ تَحْتَ مَنْكِبِكَ الْأَيْسَرِ لُمْعَةً بَيْضَاءَ فَأَوْضِحْهَا لَنَا فَإِنْ كَانَ بِكَ فَأَنْتَ هُوَ فَأَوْضَحَ مَنْكِبَهُ فَإِذَا اللُّمْعَةُ فَابْتَدَرَاهُ يُقَبِّلَانِهِ قَالَا : نَشْهَدُ أَنَّكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ قَالَ : مَا أَخُصُّ بِاسْتِغْفَارِي نَفْسِي وَلَا أَحَدًا مِنْ وَلَدِ آدَمَ وَلَكِنَّهُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، فِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، يَا هَذَانِ قَدْ أَشْهَرَ اللَّهُ لَكُمَا حَالِي وَعَرَّفَكُمَا أَمْرِي فَمَنْ أَنْتُمَا ؟ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَّا هَذَا فَعُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَّا أَنا فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَاسْتَوَى أُوَيْسٌ قَائِمًا وَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، وَأَنْتَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ فَجَزَاكُمَا اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَيْرًا قَالَا : وَأَنْتَ جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَفْسِكِ خَيْرًا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَكَانَكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ حَتَّى أَدْخَلَ مَكَّةَ فَآتِيَكَ بِنَفَقَةٍ مِنْ عَطَائِي وَفَضَلِ كِسْوَةٍ مِنْ ثِيَابِي هَذَا الْمَكَانُ مِيعَادٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا مِيعَادَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَا أَرَاكَ بَعْدَ الْيَوْمِ تَعْرِفُنِي ، مَا أَصْنَعُ بِالنَّفَقَةِ ؟ مَا أَصْنَعُ بِالْكِسْوَةَ ؟ أَمَا تَرَى عَلَيَّ إِزَارًا مِنْ صُوفٍ وَرِدَاءً مِنْ صُوفٍ مَتَى تَرَانِي أَخْرِقُهَمَا ؟ أَمَا تَرَى أَنَّ نَعْلَيَّ مَخْصُوفَتَانِ مَتَى تَرَانِي أُبْلِيهُمَا ؟ أَمَا تَرَانِي إِنِّي قَدْ أَخَذْتُ مِنْ رِعَايَتِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ مَتَى تَرَانِي آكُلُهَا ؟ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَ يَدَيَّ وَيَدَيْكَ عَقَبَةً كَئُودًا لَا يُجَاوِزُهَا إِلَّا ضَامِرٌ مُخِفٌّ مَهْزُولٌ فَأَخِفَّ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ ضَرَبَ بِدُرَّتِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : أَلَا لَيْتَ أَنَّ أُمَّ عُمَرَ لَمْ تَلِدْهُ يَا لَيْتَهَا كَانَتْ عَاقِرًا لَمْ تُعَالِجْ حَمْلَهَا أَلَا مَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا وَلَهَا ؟ ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خُذْ أَنْتَ هَاهُنَا حَتَّى آخُذَ أَنَا هَاهُنَا ، فَوَلَّى عُمَرُ نَاحِيَةَ مَكَّةَ وَسَاقَ أُوَيْسٌ إِبِلَهُ فَوَافَى الْقَوْمَ إِبِلَهُمْ وَخَلَّى عَنِ الرِّعَايَةِ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهَذَا مَا أَتَانَا عَنْ أُوَيْسٍ ، خَيْرِ التَّابِعِينَ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ : كَتَبْنَا غَيْرَ حَدِيثٍ فِي قِصَّةِ أُوَيْسٍ ، مَا كَتَبْنَا أَتَمَّ مِنْهُ