عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ ، وَزَيْدَ بْنَ دَثِنَةَ أَحَدَ بَنِي بَيَاضَةَ ، وَخُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ ، وَمَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ إِلَى بَنِي لِحْيَانَ بِالرَّجِيعِ ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى أَخَذُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَقْدًا إِلَّا عَاصِمًا فَإِنَّهُ أَبَى وَقَالَ : لَا أَقْبَلُ الْيَوْمَ عَهْدًا مِنْ مُشْرِكٍ وَدَعَا عِنْدَ ذَلِكَ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمِي لَكَ الْيَوْمَ دِينَكَ فَاحْمِ لِي لَحْمِي ، فَجَعَلَ يُقَاتِلُ وَيَقُولُ : {
} مَا عِلَّتِي وَأَنَا جَلْدٌ نَابِلُ {
}{
} تَزِلُّ عَنْ صَفْحَتِيَ الْمَعَابِلُ {
}{
} الْمَوْتُ حَقٌّ وَالْحَيَاةُ بَاطِلُ {
}، وَيَقُولُ وَهُوَ يُحَرِّضُ نَفْسَهُ : {
} أَبُو سُلَيْمَانَ وَرِيشُ الْمَقْعَدِ {
}{
} وَضَالَةٌ كَالْجَحِيمِ الْمُوَقَدِ {
}{
} إِذَا النَّوَاحِي ارْتَعَشَتْ لَمْ أُرْعَدِ {
}فَلَمَّا قَتَلُوهُ كَانَ فِي قَلِيبٍ لَهُمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : هَذَا الَّذِي آلَتْ فِيهِ الْمَكِّيَّةُ ، وَهِيَ السَّلَافَةُ أَحَدُ بَنِي الْأَقْلَحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَكَانَ عَاصِمٌ يَوْمَ أُحُدٍ قَتَلَ لَهَا نَفَرًا ثَلَاثَةً ، كُلُّهُمْ صَاحِبُ لِوَاءِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ ، وَهُمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَجَعَلَ يَرْمِي - وَكَانَ رَامِيًا - وَيَقُولُ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَقْلَحِ ، فَتُؤْتَى بِهِ فَنَقُولُ كُلَّمَا أُتِيَتْ بِإِنْسَانٍ : مَنْ قَتَلَهُ ؟ فَيَقُولُونَ : مَا نَدْرِي , غَيْرَ أَنَّا سَمِعْنَا رَجُلًا وَهُوَ يَقُولُ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَقْلَحِ ، فَقَالَتْ : أَقْلَحُنَا فَحَلَفَتْ لَئِنْ قَدَرَتْ عَلَى رَأْسِهِ لَتَشْرَبَنَّ فِي قِحْفِهِ الْخَمْرَ ، فَأَرَادُوا أَنْ يَحْتَزُّوا رَأْسَهُ لِيَذْهَبُوا بِهِ إِلَيْهَا ، فَبَعَثَ اللَّهُ رِجْلًا مِنْ دَبْرٍ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَحْتَزُّوا رَأْسَهُ ، وَأُسِرَ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ ، وَزَيْدُ بْنُ دَثِنَةَ ، فَانْطُلِقَ بِهِمَا حَتَّى قُدِمَ بِهِمَا مَكَّةَ ، فَبِيعَ خُبَيْبٌ مِنْ بَعْضِ الْجُمَحِيِّينَ بِأَمَةٍ سَوْدَاءَ ، فَجَاءَ عُقْبَةُ بْنُ عَدِيٍّ أَحَدُ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ ، فَيَقْتُلَهُ مَكَانَ أَخِيهِ طُعْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ ، لِأَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَأَبَى أَنْ يَبِيعَهُ إِيَّاهُ ، وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَطِيَّةً فَأَسَاءَ إِلَيْهِ فِي إِسَارِهِ ، فَقَالَ : مَا يَصْنَعُ الْقَوْمُ الْكِرَامُ هَذَا بِأَسِيرِهِمْ قَالَ : فَأَخْرَجُوهُ وَأَحْسَنُوا إِلَيْهِ ، وَجَعَلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ تَحْرُسُهُ وَهُوَ فِي إِسَارِهِ , حَتَّى قِيلَ : إِنَّكَ مَخْرُوجٌ بِكَ لِتُقْتَلَ ، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ : أَعْطِينِي مُوسَى أَسْتَطِيبُ بِهِ ، فَأَعْطَتْهُ ، وَكَانَ لَهَا ابْنٌ صَغِيرٌ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الصَّبِيُّ فَأَخَذَهُ فَأَجْلَسَهُ عِنْدَهُ ، فَظَنَّتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَهُ ، فَصَاحَتْ إِلَيْهِ تُنَاشِدُهُ ، وَأَرَادَ أَنْ يُفْزِعَهَا ثُمَّ أَرْسَلَهُ ، وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ : مَا كُنْتُ لِأَغْدُرَ ، فَخُرِجَ بِهِ لِيُقْتَلَ فَمَرَّ بِنِسْوَةٍ ، فَقُلْنَ : هَذَا خُبَيْبٌ الْأَثْرَبِيُّ يُقْتَلُ بِطُعْمَةَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْخَشَبَةِ قَالَ : {
} وَاللَّهِ مَا أَجْعَلُ إِذَا كَانَ فِي تُقًى {
}عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي {
}{
} وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ {
}يُبَارِكْ فِي أَعْضَاءِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ {
}ثُمَّ قَالَ : دَعُونِي أَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ - وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّهَا - ثُمَّ قَالَ : لَوْ مَا أَنْ تَقُولُوا جَزَعَ خُبَيْبٌ مِنَ الْمَوْتِ لَزِدْتُ سَجْدَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ، وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ : اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَجِدُ مَنْ يُبَلِّغُ رَسُولَكَ مِنِّي السَّلَامَ ، فَبَلِّغْ رَسُولَكَ مِنِّي السَّلَامَ ، فَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَئِذٍ : " وَعَلَيْهِ السَّلَامُ " فَقَالَ أَصْحَابُهُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ , عَلَى مَنْ ؟ قَالَ : أَخُوكُمْ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ يُقْتَلُ ، فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى الْخَشَبَةِ اسْتَقْبَلَ الدُّعَاءَ , قَالَ الرَّجُلُ : فَلَمَّا رَأَيْتُهُ يُرِيدُ أَنْ يَدْعُوَ أَلْبَدْتُ بِالْأَرْضِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا ، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا ، فَلَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ - زَعَمُوا - وَمِنْهُمْ أَحَدٌ حَيٌّ غَيْرَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي لَبَدَ بِالْأَرْضِ
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ : نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيَّ ، أَخْبَرَهُ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ ، وَزَيْدَ بْنَ دَثِنَةَ أَحَدَ بَنِي بَيَاضَةَ ، وَخُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ ، وَمَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ إِلَى بَنِي لِحْيَانَ بِالرَّجِيعِ ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى أَخَذُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَقْدًا إِلَّا عَاصِمًا فَإِنَّهُ أَبَى وَقَالَ : لَا أَقْبَلُ الْيَوْمَ عَهْدًا مِنْ مُشْرِكٍ وَدَعَا عِنْدَ ذَلِكَ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمِي لَكَ الْيَوْمَ دِينَكَ فَاحْمِ لِي لَحْمِي ، فَجَعَلَ يُقَاتِلُ وَيَقُولُ : مَا عِلَّتِي وَأَنَا جَلْدٌ نَابِلُ تَزِلُّ عَنْ صَفْحَتِيَ الْمَعَابِلُ الْمَوْتُ حَقٌّ وَالْحَيَاةُ بَاطِلُ ، وَيَقُولُ وَهُوَ يُحَرِّضُ نَفْسَهُ : أَبُو سُلَيْمَانَ وَرِيشُ الْمَقْعَدِ وَضَالَةٌ كَالْجَحِيمِ الْمُوَقَدِ إِذَا النَّوَاحِي ارْتَعَشَتْ لَمْ أُرْعَدِ فَلَمَّا قَتَلُوهُ كَانَ فِي قَلِيبٍ لَهُمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : هَذَا الَّذِي آلَتْ فِيهِ الْمَكِّيَّةُ ، وَهِيَ السَّلَافَةُ أَحَدُ بَنِي الْأَقْلَحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَكَانَ عَاصِمٌ يَوْمَ أُحُدٍ قَتَلَ لَهَا نَفَرًا ثَلَاثَةً ، كُلُّهُمْ صَاحِبُ لِوَاءِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ ، وَهُمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَجَعَلَ يَرْمِي - وَكَانَ رَامِيًا - وَيَقُولُ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَقْلَحِ ، فَتُؤْتَى بِهِ فَنَقُولُ كُلَّمَا أُتِيَتْ بِإِنْسَانٍ : مَنْ قَتَلَهُ ؟ فَيَقُولُونَ : مَا نَدْرِي , غَيْرَ أَنَّا سَمِعْنَا رَجُلًا وَهُوَ يَقُولُ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَقْلَحِ ، فَقَالَتْ : أَقْلَحُنَا فَحَلَفَتْ لَئِنْ قَدَرَتْ عَلَى رَأْسِهِ لَتَشْرَبَنَّ فِي قِحْفِهِ الْخَمْرَ ، فَأَرَادُوا أَنْ يَحْتَزُّوا رَأْسَهُ لِيَذْهَبُوا بِهِ إِلَيْهَا ، فَبَعَثَ اللَّهُ رِجْلًا مِنْ دَبْرٍ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَحْتَزُّوا رَأْسَهُ ، وَأُسِرَ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ ، وَزَيْدُ بْنُ دَثِنَةَ ، فَانْطُلِقَ بِهِمَا حَتَّى قُدِمَ بِهِمَا مَكَّةَ ، فَبِيعَ خُبَيْبٌ مِنْ بَعْضِ الْجُمَحِيِّينَ بِأَمَةٍ سَوْدَاءَ ، فَجَاءَ عُقْبَةُ بْنُ عَدِيٍّ أَحَدُ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ ، فَيَقْتُلَهُ مَكَانَ أَخِيهِ طُعْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ ، لِأَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَأَبَى أَنْ يَبِيعَهُ إِيَّاهُ ، وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَطِيَّةً فَأَسَاءَ إِلَيْهِ فِي إِسَارِهِ ، فَقَالَ : مَا يَصْنَعُ الْقَوْمُ الْكِرَامُ هَذَا بِأَسِيرِهِمْ قَالَ : فَأَخْرَجُوهُ وَأَحْسَنُوا إِلَيْهِ ، وَجَعَلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ تَحْرُسُهُ وَهُوَ فِي إِسَارِهِ , حَتَّى قِيلَ : إِنَّكَ مَخْرُوجٌ بِكَ لِتُقْتَلَ ، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ : أَعْطِينِي مُوسَى أَسْتَطِيبُ بِهِ ، فَأَعْطَتْهُ ، وَكَانَ لَهَا ابْنٌ صَغِيرٌ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الصَّبِيُّ فَأَخَذَهُ فَأَجْلَسَهُ عِنْدَهُ ، فَظَنَّتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَهُ ، فَصَاحَتْ إِلَيْهِ تُنَاشِدُهُ ، وَأَرَادَ أَنْ يُفْزِعَهَا ثُمَّ أَرْسَلَهُ ، وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ : مَا كُنْتُ لِأَغْدُرَ ، فَخُرِجَ بِهِ لِيُقْتَلَ فَمَرَّ بِنِسْوَةٍ ، فَقُلْنَ : هَذَا خُبَيْبٌ الْأَثْرَبِيُّ يُقْتَلُ بِطُعْمَةَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْخَشَبَةِ قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَجْعَلُ إِذَا كَانَ فِي تُقًى عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ فِي أَعْضَاءِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ ثُمَّ قَالَ : دَعُونِي أَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ - وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّهَا - ثُمَّ قَالَ : لَوْ مَا أَنْ تَقُولُوا جَزَعَ خُبَيْبٌ مِنَ الْمَوْتِ لَزِدْتُ سَجْدَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ، وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ : اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَجِدُ مَنْ يُبَلِّغُ رَسُولَكَ مِنِّي السَّلَامَ ، فَبَلِّغْ رَسُولَكَ مِنِّي السَّلَامَ ، فَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ حِينَئِذٍ : وَعَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ أَصْحَابُهُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ , عَلَى مَنْ ؟ قَالَ : أَخُوكُمْ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ يُقْتَلُ ، فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى الْخَشَبَةِ اسْتَقْبَلَ الدُّعَاءَ , قَالَ الرَّجُلُ : فَلَمَّا رَأَيْتُهُ يُرِيدُ أَنْ يَدْعُوَ أَلْبَدْتُ بِالْأَرْضِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا ، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا ، فَلَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ - زَعَمُوا - وَمِنْهُمْ أَحَدٌ حَيٌّ غَيْرَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي لَبَدَ بِالْأَرْضِ