• 1723
  • نَدَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ مَعَ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ بِالْحَرَّةِ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ فَارِسَ ، وَقَالَ : " انْطَلِقُوا بِسْمِ اللَّهِ ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، لَا تَغُلُّوا ، وَلَا تَغْدِرُوا ، وَلَا تُمَثِّلُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً ، وَلَا صَبِيًّا ، وَلَا شَيْخًا هَمًّا ، وَإِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الْقَوْمِ فَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ ، فَإِنْ قَبِلُوا فَهُمْ مِنْكُمْ ، فَلَهُمْ مَا لَكُمْ ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْكُمْ ، وَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ بِلَا جِهَادٍ ، فَإِنْ قَبِلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُ لَا نَصِيبَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ ، فَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى الْجِزْيَةِ ، فَإِنْ قَبِلُوا فَضَعْ عَنْهُمْ بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ ، وَضَعْ فِيهِمْ جَيْشًا يُقَاتِلْ مَنْ وَرَاءَهُمْ ، وَخَلِّهِمْ وَمَا وَضَعْتَ عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ أَبَوْا فَقَاتِلْهُمْ ، فَإِنْ دَعُوكُمْ إِلَى أَنْ تَعْطُوهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تُعْطُوهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ مُحَمَّدٍ ، وَلَكِنْ أَعْطُوهُمْ ذِمَمَ أَنْفُسِكُمْ ، ثُمَّ قُولُوا لَهُمْ ، فَإِنْ أَبَوْا عَلَيْكُمْ فَقَاتِلْهُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكُمْ عَلَيْهِمْ " فَلَمَّا قَدِمْنَا الْبِلَادَ دَعَوْنَاهُمْ إِلَى كُلِّ مَا أُمِرْنَا بِهِ ، فَأَبَوْا ، فَلَمَّا مَسَّهُمُ الْحَصْرُ نَادَوْنَا : أَعْطُونَا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ ، فَقُلْنَا : لَا ، ولَكِنَّا نُعْطِيكُمْ ذِمَمَ أَنْفُسِنَا ، ثُمَّ نَفِي لَكُمْ ، فَأَبَوْا ، فَقَاتَلْنَاهُمْ ، فَأُصِيبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَ عَلَيْنَا ، فَمَلَأَ الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ مَتَاعٍ وَرَقِيقٍ وَرِقَةٍ مَا شَاءُوا ، ثُمَّ إِنَّ سَلَمَةَ بْنَ قَيْسٍ أَمِيرَ الْقَوْمِ دَخَلَ ، فَجَعَلَ يَتَخَطَّى بُيُوتَ نَارِهِمْ ، فَإِذَا بِسَفَطَيْنِ مُعَلَّقَيْنِ بِأَعْلَى الْبَيْتِ ، فَقَالَ : مَا هَذَانِ السَّفَطَانِ ؟ فَقَالُوا : أَشْيَاءُ كَانَتْ تُعَظِّمُ بِهَا الْمُلُوكُ بُيُوتَ نَارِهِمْ ، فَقَالَ : أَهْبِطُوهُمَا إِلَيَّ ، فَإِذَا عَلَيْهِمَا طَوَابِعُ الْمُلُوكِ بَعْدَ الْمُلُوكِ قَالَ : مَا أَحْسَبُهُمْ طَبَعُوا إِلَّا عَلَى أَمْرٍ نَفِيسٍ ، عَلَيَّ بِالْمُسْلِمِينَ ، فَلَمَّا جَاءُوا أَخْبَرَهُمْ خَبَرَ السَّفَطَيْنِ ، فَقَالَ : أَرَدْتُ أَنْ أَفُضَّهُمَا بِمَحْضَرٍ مِنْكُمْ ، فَفَضَّهُمَا ، فَإِذَا هُمَا مَمْلُوءَانِ بِمَا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ أَوْ قَالَ : لَمْ أَرَ مِثْلَهُ ، فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، قَدْ عَلِمْتُمْ مَا أَبْلَاكُمُ اللَّهُ فِي وَجْهِكُمْ هَذَا ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تَطِيبُوا بِهَذَيْنِ السَّفَطَيْنِ أَنْفُسًا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِحَوَائِجِهِ وَأُمُورِهِ وَمَا يَنْتَابُهُ ، فَأَجَابُوهُ بِصَوْتِ رَجُلٍ وَاحِدٍ : إِنَّا نُشْهِدُ اللَّهَ أَنَّا قَدْ فَعَلْنَا ، وَطَابَتْ أَنْفُسُنَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينِ ، فَدَعَانِي ، فَقَالَ : قَدْ عَهِدْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْحَرَّةِ ، وَمَا أَوْصَانَا ، وَمَا اتَّبَعْنَا مِنْ وَصِيَّتِهِ وَأَمْرِ السَّفَطَيْنِ ، وَطِيبِ أَنْفُسِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ بِهِمَا ، فَأْتِ بِهِمَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَاصْدُقْهُ الْخَبَرَ ، ثُمَّ ارْجِعْ إِلَيَّ بِمَا يَقُولُ لَكَ ، فَقُلْتُ : مَا لِي بُدٌّ مِنْ صَاحِبٍ ، فَقَالَ : خُذْ بِيَدِ مَنْ أَحْبَبْتَ . فَأَخَذْتُ بِيَدِ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ ، فَانْطَلَقْنَا بِالسَّفَطَيْنِ نَهُزُّهُمَا حَتَّى قَدِمْنَا بِهِمَا الْمَدِينَةَ ، فَأَجْلَسْتُ صَاحِبِي مَعَ السَّفَطَيْنِ ، وَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَإِذَا بِهِ يُغَدِّي النَّاسَ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عُكَّازٍ وَهُوَ يَقُولُ : " يَا يَرْفَأُ ، ضَعْ هَاهُنَا ، يَا يَرْفَأُ ، ضَعْ هَاهُنَا " ، فَجَلَسْتُ فِي عُرْضِ الْقَوْمِ لَا آكُلُ شَيْئًا فَمَرَّ بِي ، فَقَالَ : " أَلَا تُصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ ؟ " فَقُلْتُ : لَا حَاجَةَ لِي بِهِ ، فَرَأَى النَّاسَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِمْ يَدُورُ فِيهِمْ ، فَقَالَ : " يَا يَرْفَأُ ، خُذْ خُونَكَ وَقِصَاعَكَ " ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاتَّبَعْتُهُ ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارٍ قَوْرَاءَ عَظِيمَةٍ ، فَدَخَلَهَا ، فَدَخَلْتُ فِي إِثْرِهِ ، ثُمَّ انْتَهَى إِلَى حُجْرَةٍ مِنَ الدَّارِ فَدَخَلَهَا ، فَقُمْتُ مَلِيًّا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ تَمَكَّنَ فِي مَجْلِسِهِ ، فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ ، فَقَالَ : " وَعَلَيْكَ , فَادْخُلْ " ، فَدَخَلْتُ ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى وِسَادَةٍ مُرْتَفِقًا أُخْرَى ، فَلَمَّا رَآنِي نَبَذَ إِلَيَّ الَّتِي كَانَ مُرْتِفَقًا ، فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا ، فَإِذَا هِيَ تَغْرِزُنِي ، فَإِذَا حَشْوُهَا لِيفٌ , قَالَ : " يَا جَارِيَةُ ، أَطْعِمِينَا " ، فَجَاءَتْ بِقَصْعَةٍ فِيهَا قِدَرٌ مِنْ خُبْزٍ يَابِسٍ ، فَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتًا ، مَا فِيهِ مِلْحٌ وَلَا خَلٌّ ، فَقَالَ : " أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ رَاضِيَةً أَطْعَمَتْنَا أَطْيَبَ مِنْ هَذَا " ، فَقَالَ لِي : " ادْنُ " ، فَدَنَوْتُ ، قَالَ : فَذَهَبْتُ أَتَنَاوَلُ مِنْهَا قِدْرَةً ، فَلَا وَاللَّهِ إِنِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُجِيزَهَا ، فَجَعَلْتُ أَلُوكُهَا مَرَّةً مِنْ ذَا الْجَانِبِ ، وَمَرَّةً مِنْ ذَا الْجَانِبِ ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى أَنْ أُسِيغَهَا ، وَأَكَلَ أَحْسَنَ النَّاسِ إِكْلَةً ، إِنْ يَتَعَلَّقُ لَهُ طَعَامٌ بِثَوْبٍ أَوْ شَعْرٍ ، حَتَّى رَأَيْتُهُ يَلْطَعُ جَوَانِبَ الْقَصْعَةِ ، ثُمَّ قَالَ : " يَا جَارِيَةُ ، اسْقِينَا " ، فَجَاءَتْ بِسَوِيقِ سُلْتٍ ، فَقَالَ : " أَعْطِيهِ " ، فَنَاوَلَتْنِيهِ ، فَجَعَلْتُ إِذَا أَنَا حَرَّكْتُهُ ثَارَتْ لَهُ قُشَارٌ ، وَإِنْ أَنَا تَرَكْتُهُ تَنِدَ ، فَلَمَّا رَآنِي قَدْ بَشِعْتُ ضَحِكَ ، فَقَالَ : " مَا لَكَ أَرَنِيهِ إِنْ شِئْتَ " ، فَنَاوَلْتُهُ ، فَشَرِبَ حَتَّى وَضَعَ عَلَى جَبْهَتِهِ هَكَذَا ثُمَّ قَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا فَأَشْبَعَنَا ، وَسَقَانَا فَأَرْوَانَا ، وَجَعَلَنَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، فَقُلْتُ : قَدْ أَكَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَشَبِعَ ، وَشَرِبَ فَرَوِيَ ، حَاجَتِي جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ - قَالَ شَقِيقٌ : وَكَانَ فِي حَدِيثِ الرَّسُولِ إِيَّايَ ثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ ، هَذَا فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا مَا قَالَ : لِلَّهِ أَبُوكَ فَمَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : رَسُولُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : فَتَاللَّهِ ، لَكَأَنَّمَا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِهِ تَحَنُّنًا عَلَيَّ ، وَحُبًّا لِخَبَرِي عَمَّنْ جِئْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، وَجَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ يَزْحَفُ إِلَيَّ : إِيهًا لِلَّهِ أَبُوكَ ، كَيْفَ تَرَكْتَ سَلَمَةَ بْنَ قَيْسٍ ؟ كَيْفَ الْمُسْلِمُونَ ؟ مَا صَنَعْتُمْ ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ ؟ قُلْتُ : مَا تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ إِلَى أَنَّهُمْ نَاصَبُونَا الْقِتَالَ ، فَأُصِيبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَاسْتَرْجَعَ وَبَلَغَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَتَرَحَّمَ عَلَى الرَّجُلِ طَوِيلًا ، قُلْتُ : ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَ عَلَيْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَتْحًا عَظِيمًا فَمَلَأَ الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ مَتَاعٍ وَرَقِيقٍ وَرِقَةٍ مَا شَاءُوا قَالَ ، وَيْحَكَ كَيْفَ اللَّحْمُ بِهَا ؟ فَإِنَّهَا شَجَرَةُ الْعَرَبِ ، وَلَا تَصْلُحُ الْعَرَبُ إِلَّا بِشَجَرَتِهَا ، قُلْتُ : الشَّاةُ بِدِرْهَمَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُ أَكْبَرُ " ، ثُمَّ قَالَ : وَيْحَكَ هَلْ أُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ آخَرُ ؟ قَالَ : جِئْتُ إِلَى ذِكْرِ السَّفَطَيْنِ ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَهُمَا ، فَحَلَفَ الرَّسُولُ عِنْدَهَا يَمِينًا أُخْرَى ، اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَكَأَنَّمَا أُرْسِلَتْ عَلَيْهِ الْأَفَاعِي وَالْأَسَاوِدُ وَالْأَرَاقِمُ أَنْ وَثَبَ كَمَكَانِ تِيكَ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ آخِذًا بِحَقْوَتِهِ فَقَالَ : لِلَّهِ أَبُوكَ وَعَلَامَ يَكُونَانِ لِعُمَرَ ؟ وَاللَّهِ لَيَسْتَقْبِلَنَّ الْمُسْلِمُونَ الظَّمَأَ وَالْجُوعَ وَالْخَوْفَ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ ، وَعُمَرُ يَغْدُو مِنْ أَهْلِهِ وَيَرُوحُ إِلَيْهِمْ يَتَّبِعُ أَفْيَاءَ الْمَدِينَةِ ، ارْجِعْ بِمَا جِئْتَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّهُ أُبْدِعَ بِي وَبِصَاحِبِي فَاحْمِلْنَا قَالَ : لَا ، وَلَا كَرَامَةَ لِلْآخِرِ مَا جِئْتَ بِمَا أُسَرُّ بِعْهُ فَأَحْمِلَكَ ، قُلْتُ : يَا لَعِبَادِ اللَّهِ أَيُتْرَكُ رَجُلٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ ؟ قَالَ : أَمَا لَوْلَا قُلْتَهَا يَا يَرْفَأُ انْطَلِقْ بِهِ فَاحْمِلْهُ وَصَاحِبَهُ عَلَى نَاقَتَيْنِ ظِهْرِيَّيْنِ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ، ثُمَّ انْخَسْ بِهِمَا حَتَّى تُخْرِجَهُمَا مِنَ الْحَرَّةِ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : أَمَا لَئِنْ شَتَا الْمُسْلِمُونَ فِي مَشَاتِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَا بَيْنَهُمْ لَأَعْذِرَنَّ مِنْكَ وَمِنْ صُوَيْحِبِكَ ، ثُمَّ قَالَ : إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الْبِلَادِ فَانْظُرْ أَحْوَجَ مَنْ تَرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَادْفَعْ إِلَيْهِ النَّاقَتَيْنِ ، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرَنَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ : ادْعُ لِي الْمُسْلِمِينَ ، فَلَمَّا جَاءُوا قَالَ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ وَفَرَكُمْ بِسَفَطَيْكُمْ ، وَرَآكُمْ أَحَقَّ بِهِمَا مِنْهُ ، فَاقْتَسِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ، فَقَالُوا : أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمَا بَصَرٌ وَتَقْوِيمٌ وَقِسْمَةٌ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا تَبْرَحُونَ وَأَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي مِنْهَا بِحَجَرٍ ، فَعَدَّ الْقَوْمَ وَعَدَّ الْحِجَارَةَ فَرُبَّمَا طَرَحُوا إِلَى الرَّجُلِ الْحَجَرَيْنِ ، وَفَلَقُوا الْحَجَرَ بَيْنَ اثْنَيْنِ

    حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ : نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ الْأَسَدِيُّ ، عَنِ الرَّسُولِ الَّذِي جَرَى بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ : نَدَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ مَعَ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ بِالْحَرَّةِ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ فَارِسَ ، وَقَالَ : انْطَلِقُوا بِسْمِ اللَّهِ ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، لَا تَغُلُّوا ، وَلَا تَغْدِرُوا ، وَلَا تُمَثِّلُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً ، وَلَا صَبِيًّا ، وَلَا شَيْخًا هَمًّا ، وَإِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الْقَوْمِ فَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ ، فَإِنْ قَبِلُوا فَهُمْ مِنْكُمْ ، فَلَهُمْ مَا لَكُمْ ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْكُمْ ، وَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ بِلَا جِهَادٍ ، فَإِنْ قَبِلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُ لَا نَصِيبَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ ، فَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى الْجِزْيَةِ ، فَإِنْ قَبِلُوا فَضَعْ عَنْهُمْ بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ ، وَضَعْ فِيهِمْ جَيْشًا يُقَاتِلْ مَنْ وَرَاءَهُمْ ، وَخَلِّهِمْ وَمَا وَضَعْتَ عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ أَبَوْا فَقَاتِلْهُمْ ، فَإِنْ دَعُوكُمْ إِلَى أَنْ تَعْطُوهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَا تُعْطُوهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ مُحَمَّدٍ ، وَلَكِنْ أَعْطُوهُمْ ذِمَمَ أَنْفُسِكُمْ ، ثُمَّ قُولُوا لَهُمْ ، فَإِنْ أَبَوْا عَلَيْكُمْ فَقَاتِلْهُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكُمْ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْبِلَادَ دَعَوْنَاهُمْ إِلَى كُلِّ مَا أُمِرْنَا بِهِ ، فَأَبَوْا ، فَلَمَّا مَسَّهُمُ الْحَصْرُ نَادَوْنَا : أَعْطُونَا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ ، فَقُلْنَا : لَا ، ولَكِنَّا نُعْطِيكُمْ ذِمَمَ أَنْفُسِنَا ، ثُمَّ نَفِي لَكُمْ ، فَأَبَوْا ، فَقَاتَلْنَاهُمْ ، فَأُصِيبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَ عَلَيْنَا ، فَمَلَأَ الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ مَتَاعٍ وَرَقِيقٍ وَرِقَةٍ مَا شَاءُوا ، ثُمَّ إِنَّ سَلَمَةَ بْنَ قَيْسٍ أَمِيرَ الْقَوْمِ دَخَلَ ، فَجَعَلَ يَتَخَطَّى بُيُوتَ نَارِهِمْ ، فَإِذَا بِسَفَطَيْنِ مُعَلَّقَيْنِ بِأَعْلَى الْبَيْتِ ، فَقَالَ : مَا هَذَانِ السَّفَطَانِ ؟ فَقَالُوا : أَشْيَاءُ كَانَتْ تُعَظِّمُ بِهَا الْمُلُوكُ بُيُوتَ نَارِهِمْ ، فَقَالَ : أَهْبِطُوهُمَا إِلَيَّ ، فَإِذَا عَلَيْهِمَا طَوَابِعُ الْمُلُوكِ بَعْدَ الْمُلُوكِ قَالَ : مَا أَحْسَبُهُمْ طَبَعُوا إِلَّا عَلَى أَمْرٍ نَفِيسٍ ، عَلَيَّ بِالْمُسْلِمِينَ ، فَلَمَّا جَاءُوا أَخْبَرَهُمْ خَبَرَ السَّفَطَيْنِ ، فَقَالَ : أَرَدْتُ أَنْ أَفُضَّهُمَا بِمَحْضَرٍ مِنْكُمْ ، فَفَضَّهُمَا ، فَإِذَا هُمَا مَمْلُوءَانِ بِمَا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ أَوْ قَالَ : لَمْ أَرَ مِثْلَهُ ، فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، قَدْ عَلِمْتُمْ مَا أَبْلَاكُمُ اللَّهُ فِي وَجْهِكُمْ هَذَا ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تَطِيبُوا بِهَذَيْنِ السَّفَطَيْنِ أَنْفُسًا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِحَوَائِجِهِ وَأُمُورِهِ وَمَا يَنْتَابُهُ ، فَأَجَابُوهُ بِصَوْتِ رَجُلٍ وَاحِدٍ : إِنَّا نُشْهِدُ اللَّهَ أَنَّا قَدْ فَعَلْنَا ، وَطَابَتْ أَنْفُسُنَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينِ ، فَدَعَانِي ، فَقَالَ : قَدْ عَهِدْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْحَرَّةِ ، وَمَا أَوْصَانَا ، وَمَا اتَّبَعْنَا مِنْ وَصِيَّتِهِ وَأَمْرِ السَّفَطَيْنِ ، وَطِيبِ أَنْفُسِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ بِهِمَا ، فَأْتِ بِهِمَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَاصْدُقْهُ الْخَبَرَ ، ثُمَّ ارْجِعْ إِلَيَّ بِمَا يَقُولُ لَكَ ، فَقُلْتُ : مَا لِي بُدٌّ مِنْ صَاحِبٍ ، فَقَالَ : خُذْ بِيَدِ مَنْ أَحْبَبْتَ . فَأَخَذْتُ بِيَدِ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ ، فَانْطَلَقْنَا بِالسَّفَطَيْنِ نَهُزُّهُمَا حَتَّى قَدِمْنَا بِهِمَا الْمَدِينَةَ ، فَأَجْلَسْتُ صَاحِبِي مَعَ السَّفَطَيْنِ ، وَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَإِذَا بِهِ يُغَدِّي النَّاسَ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عُكَّازٍ وَهُوَ يَقُولُ : يَا يَرْفَأُ ، ضَعْ هَاهُنَا ، يَا يَرْفَأُ ، ضَعْ هَاهُنَا ، فَجَلَسْتُ فِي عُرْضِ الْقَوْمِ لَا آكُلُ شَيْئًا فَمَرَّ بِي ، فَقَالَ : أَلَا تُصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ ؟ فَقُلْتُ : لَا حَاجَةَ لِي بِهِ ، فَرَأَى النَّاسَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِمْ يَدُورُ فِيهِمْ ، فَقَالَ : يَا يَرْفَأُ ، خُذْ خُونَكَ وَقِصَاعَكَ ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاتَّبَعْتُهُ ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارٍ قَوْرَاءَ عَظِيمَةٍ ، فَدَخَلَهَا ، فَدَخَلْتُ فِي إِثْرِهِ ، ثُمَّ انْتَهَى إِلَى حُجْرَةٍ مِنَ الدَّارِ فَدَخَلَهَا ، فَقُمْتُ مَلِيًّا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ تَمَكَّنَ فِي مَجْلِسِهِ ، فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ ، فَقَالَ : وَعَلَيْكَ , فَادْخُلْ ، فَدَخَلْتُ ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى وِسَادَةٍ مُرْتَفِقًا أُخْرَى ، فَلَمَّا رَآنِي نَبَذَ إِلَيَّ الَّتِي كَانَ مُرْتِفَقًا ، فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا ، فَإِذَا هِيَ تَغْرِزُنِي ، فَإِذَا حَشْوُهَا لِيفٌ , قَالَ : يَا جَارِيَةُ ، أَطْعِمِينَا ، فَجَاءَتْ بِقَصْعَةٍ فِيهَا قِدَرٌ مِنْ خُبْزٍ يَابِسٍ ، فَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتًا ، مَا فِيهِ مِلْحٌ وَلَا خَلٌّ ، فَقَالَ : أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ رَاضِيَةً أَطْعَمَتْنَا أَطْيَبَ مِنْ هَذَا ، فَقَالَ لِي : ادْنُ ، فَدَنَوْتُ ، قَالَ : فَذَهَبْتُ أَتَنَاوَلُ مِنْهَا قِدْرَةً ، فَلَا وَاللَّهِ إِنِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُجِيزَهَا ، فَجَعَلْتُ أَلُوكُهَا مَرَّةً مِنْ ذَا الْجَانِبِ ، وَمَرَّةً مِنْ ذَا الْجَانِبِ ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى أَنْ أُسِيغَهَا ، وَأَكَلَ أَحْسَنَ النَّاسِ إِكْلَةً ، إِنْ يَتَعَلَّقُ لَهُ طَعَامٌ بِثَوْبٍ أَوْ شَعْرٍ ، حَتَّى رَأَيْتُهُ يَلْطَعُ جَوَانِبَ الْقَصْعَةِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا جَارِيَةُ ، اسْقِينَا ، فَجَاءَتْ بِسَوِيقِ سُلْتٍ ، فَقَالَ : أَعْطِيهِ ، فَنَاوَلَتْنِيهِ ، فَجَعَلْتُ إِذَا أَنَا حَرَّكْتُهُ ثَارَتْ لَهُ قُشَارٌ ، وَإِنْ أَنَا تَرَكْتُهُ تَنِدَ ، فَلَمَّا رَآنِي قَدْ بَشِعْتُ ضَحِكَ ، فَقَالَ : مَا لَكَ أَرَنِيهِ إِنْ شِئْتَ ، فَنَاوَلْتُهُ ، فَشَرِبَ حَتَّى وَضَعَ عَلَى جَبْهَتِهِ هَكَذَا ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا فَأَشْبَعَنَا ، وَسَقَانَا فَأَرْوَانَا ، وَجَعَلَنَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : قَدْ أَكَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَشَبِعَ ، وَشَرِبَ فَرَوِيَ ، حَاجَتِي جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ - قَالَ شَقِيقٌ : وَكَانَ فِي حَدِيثِ الرَّسُولِ إِيَّايَ ثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ ، هَذَا فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا مَا قَالَ : لِلَّهِ أَبُوكَ فَمَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : رَسُولُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : فَتَاللَّهِ ، لَكَأَنَّمَا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِهِ تَحَنُّنًا عَلَيَّ ، وَحُبًّا لِخَبَرِي عَمَّنْ جِئْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، وَجَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ يَزْحَفُ إِلَيَّ : إِيهًا لِلَّهِ أَبُوكَ ، كَيْفَ تَرَكْتَ سَلَمَةَ بْنَ قَيْسٍ ؟ كَيْفَ الْمُسْلِمُونَ ؟ مَا صَنَعْتُمْ ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ ؟ قُلْتُ : مَا تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ إِلَى أَنَّهُمْ نَاصَبُونَا الْقِتَالَ ، فَأُصِيبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَاسْتَرْجَعَ وَبَلَغَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَتَرَحَّمَ عَلَى الرَّجُلِ طَوِيلًا ، قُلْتُ : ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَ عَلَيْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَتْحًا عَظِيمًا فَمَلَأَ الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ مَتَاعٍ وَرَقِيقٍ وَرِقَةٍ مَا شَاءُوا قَالَ ، وَيْحَكَ كَيْفَ اللَّحْمُ بِهَا ؟ فَإِنَّهَا شَجَرَةُ الْعَرَبِ ، وَلَا تَصْلُحُ الْعَرَبُ إِلَّا بِشَجَرَتِهَا ، قُلْتُ : الشَّاةُ بِدِرْهَمَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، ثُمَّ قَالَ : وَيْحَكَ هَلْ أُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ آخَرُ ؟ قَالَ : جِئْتُ إِلَى ذِكْرِ السَّفَطَيْنِ ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَهُمَا ، فَحَلَفَ الرَّسُولُ عِنْدَهَا يَمِينًا أُخْرَى ، اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَكَأَنَّمَا أُرْسِلَتْ عَلَيْهِ الْأَفَاعِي وَالْأَسَاوِدُ وَالْأَرَاقِمُ أَنْ وَثَبَ كَمَكَانِ تِيكَ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ آخِذًا بِحَقْوَتِهِ فَقَالَ : لِلَّهِ أَبُوكَ وَعَلَامَ يَكُونَانِ لِعُمَرَ ؟ وَاللَّهِ لَيَسْتَقْبِلَنَّ الْمُسْلِمُونَ الظَّمَأَ وَالْجُوعَ وَالْخَوْفَ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ ، وَعُمَرُ يَغْدُو مِنْ أَهْلِهِ وَيَرُوحُ إِلَيْهِمْ يَتَّبِعُ أَفْيَاءَ الْمَدِينَةِ ، ارْجِعْ بِمَا جِئْتَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّهُ أُبْدِعَ بِي وَبِصَاحِبِي فَاحْمِلْنَا قَالَ : لَا ، وَلَا كَرَامَةَ لِلْآخِرِ مَا جِئْتَ بِمَا أُسَرُّ بِعْهُ فَأَحْمِلَكَ ، قُلْتُ : يَا لَعِبَادِ اللَّهِ أَيُتْرَكُ رَجُلٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ ؟ قَالَ : أَمَا لَوْلَا قُلْتَهَا يَا يَرْفَأُ انْطَلِقْ بِهِ فَاحْمِلْهُ وَصَاحِبَهُ عَلَى نَاقَتَيْنِ ظِهْرِيَّيْنِ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ، ثُمَّ انْخَسْ بِهِمَا حَتَّى تُخْرِجَهُمَا مِنَ الْحَرَّةِ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : أَمَا لَئِنْ شَتَا الْمُسْلِمُونَ فِي مَشَاتِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَا بَيْنَهُمْ لَأَعْذِرَنَّ مِنْكَ وَمِنْ صُوَيْحِبِكَ ، ثُمَّ قَالَ : إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الْبِلَادِ فَانْظُرْ أَحْوَجَ مَنْ تَرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَادْفَعْ إِلَيْهِ النَّاقَتَيْنِ ، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرَنَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ : ادْعُ لِي الْمُسْلِمِينَ ، فَلَمَّا جَاءُوا قَالَ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ وَفَرَكُمْ بِسَفَطَيْكُمْ ، وَرَآكُمْ أَحَقَّ بِهِمَا مِنْهُ ، فَاقْتَسِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ، فَقَالُوا : أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمَا بَصَرٌ وَتَقْوِيمٌ وَقِسْمَةٌ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا تَبْرَحُونَ وَأَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي مِنْهَا بِحَجَرٍ ، فَعَدَّ الْقَوْمَ وَعَدَّ الْحِجَارَةَ فَرُبَّمَا طَرَحُوا إِلَى الرَّجُلِ الْحَجَرَيْنِ ، وَفَلَقُوا الْحَجَرَ بَيْنَ اثْنَيْنِ

    تغلوا: الغلول : الخيانة والسرقة
    تمثلوا: التمثيل : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد والتنكيل به
    أبوا: أبى : رفض وامتنع، واشتد على غيره
    الفيء: الفيء : ما يؤخذ من العدو من مال ومتاع بغير حرب
    الجزية: الجزية : هي عبارة عن الْمَال الذي يُعْقَد للْكِتَابي عليه الذِّمَّة، وهي فِعْلة، من الجزَاء، كأنها جَزَت عن قتله ، والجزية مقابل إقامتهم في الدولة الإسلامية وحمايتها لهم
    ذمة: الذمة والذمام : العَهْد، والأمَانِ، والضَّمان، والحُرمَة، والحقِّ
    وذمة: الذمة والذمام : العَهْد، والأمَانِ، والضَّمان، والحُرمَة، والحقِّ
    فأبوا: أبى : رفض وامتنع، واشتد على غيره
    يتخلل: التخلل : التحرك والتنقل بين شيئين
    إثره: في أثر كذا أو إثره : بعده وخلفه وعقبه ووراءه
    مليا: الملي : الثقة
    نبذ: النبذ : الإلقاء والطرح والترك والرمي
    بقصعة: القصعة : وعاء يؤكل ويُثْرَدُ فيه وكان يتخذ من الخشب غالبا
    ادن: الدنو : الاقتراب
    فدنوت: الدنو : الاقتراب
    القصعة: القصعة : وعاء يؤكل ويُثْرَدُ فيه وكان يتخذ من الخشب غالبا
    جارية: الجارية : الأمة المملوكة أو الشابة من النساء
    بسويق: السويق : طعام يصنع من دقيق القمح أو الشعير بخلطه بالسمن والعسل
    سلت: السُّلت : ضَرْب من الشَّعير أبيضُ لا قشْر له، وقيل هو نوعٌ من الحِنْطة
    إيها: إيه : هذه كلمة يراد بها الاسْتزَادة، وهي مبنية على الكسر، فإذا وصَلْتَ نَوّنْتَ فقلت إِيهٍ حدّثْنا، وإذا قلت إيهًا بالنصب فإِنَّما تأمره بالسكوت أو العكس
    متاع: المتاع : كل ما يُنْتَفَعُ به وَيُسْتَمْتَعُ ، أو يُتَبَلَّغُ بِهِ ويتُزَوَدَّ من سلعة أو مال أو زوج أو أثاث أو ثياب أو مأكل وغير ذلك
    ويحك: ويْح : كَلمةُ تَرَحُّمٍ وتَوَجُّعٍ، تقالُ لمن وَقَع في هَلَكةٍ لا يَسْتَحِقُّها. وقد يقال بمعنى المدح والتَّعجُّب
    الشاة: الشاة : الواحدة من الغنم وقيل : الواحدة من الضأن والمَعز والظَّباءِ والبَقَر والنعامِ وحُمُرِ الوحش
    نحور: النحر : الذبح
    يغدو: الغُدُو : السير أول النهار
    أبدع: أُبْدِعَ بفلان : عطبت راحلتُهُ وكلَّتْ وبقي بعيدا عن الرفاق
    إبل: الإبل : الجمال والنوق ، ليس له مفرد من لفظه
    مشاتيهم: مشاتيهم : مواضعهم وأماكنهم
    تبرحون: برح المكان : زال عنه وغادره
    " انْطَلِقُوا بِسْمِ اللَّهِ ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ تُقَاتِلُونَ مَنْ
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات