حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ ، قَالَ : جِئْتُ إِلَى حِمْصَ فِي طَلَبِ حَاجَةٍ أَرَدْتُهَا ، قَالَ : فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ مَعَ الْعِشَاءِ ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا الْحَلْقَةُ فِيهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يَتَحَدَّثُونَ ، كُلُّهُمْ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ رَدُّوهُ إِلَى فَتًى مِنْهُمْ شَابٍّ وَضِيءٍ أَقْنَى بَرَّاقِ الثَّنَايَا ، فَرَضُوا بِهِ وَانْتَهَوْا إِلَى مَا يَقُولُ ، قَالَ : فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، قَالَ : فَوَقَعَ لَهُ فِي قَلْبِي مِنَ الْحُبِّ شَيْءٌ مَا أَحْسَبُ أَحَدًا أَحَبَّهُ ، ثُمَّ تَفَرَّقَ الْقَوْمُ وَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي ، فَبِتُّ لَيْلَتِي أَتَشَوَّقُ رَجَاءَ أَنْ أُصْبِحَ فَأَلْقَاهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ عَرَضَ لِي بَعْضُ مَا يَشْغَلُ الْمُسَافِرَ ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَظَرْتُ إِلَى مَجْلِسِهِمْ فَإِذَا هُمْ قَدِ ارْتَفَعُوا ، وَأَنْظُرُ فَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِمًا يُصَلِّي إِلَى عَمُودٍ مِنْ عَمَدِ الْمَسْجِدِ ، قَالَ : فَصَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِهِ ، ثُمَّ قَعَدْتُ فَاحْتَبَيْتُ مِنْهُ غَيْرَ بَعِيدٍ ، فَلَمَّا رَآنِي ظَنَّ أَنَّ لِي حَاجَةً ، قَالَ : فَذَكَرْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْهُ وَمِنْ أَصْحَابِهِ بِالْأَمْسِ ، ثُمَّ قُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُكَ لِلَّهِ تَعَالَى ، قَالَ : فَقَطَّبَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى حُبْوَتِي فَاجْتَبَذَنِي إِلَيْهِ اجْتِبَاذَةً شَدِيدَةً ، وَصَدَمَتْ رُكْبَتَايَ رُكْبَتَيْهِ ، فَقَالَ : آللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتَنِي لِلَّهِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : آللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتُكَ لِلَّهِ ، فَرَدَّدَهَا عَلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ : آللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتَنِي لِلَّهِ ؟ فَأَقُولُ : نَعَمْ ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتُكَ لِلَّهِ ، قَالَ : فَأَبْشِرْ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ " فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ : صَدَقَ مُعَاذٌ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ : " حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِي ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَصَافِينَ فِي ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِي "
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ سَلَامَةَ الْحِمْصِيُّ ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نُمَيْرٍ الْمَذْحِجِيُّ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ ، قَالَ : جِئْتُ إِلَى حِمْصَ فِي طَلَبِ حَاجَةٍ أَرَدْتُهَا ، قَالَ : فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ مَعَ الْعِشَاءِ ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا الْحَلْقَةُ فِيهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يَتَحَدَّثُونَ ، كُلُّهُمْ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ رَدُّوهُ إِلَى فَتًى مِنْهُمْ شَابٍّ وَضِيءٍ أَقْنَى بَرَّاقِ الثَّنَايَا ، فَرَضُوا بِهِ وَانْتَهَوْا إِلَى مَا يَقُولُ ، قَالَ : فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، قَالَ : فَوَقَعَ لَهُ فِي قَلْبِي مِنَ الْحُبِّ شَيْءٌ مَا أَحْسَبُ أَحَدًا أَحَبَّهُ ، ثُمَّ تَفَرَّقَ الْقَوْمُ وَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي ، فَبِتُّ لَيْلَتِي أَتَشَوَّقُ رَجَاءَ أَنْ أُصْبِحَ فَأَلْقَاهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ عَرَضَ لِي بَعْضُ مَا يَشْغَلُ الْمُسَافِرَ ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَظَرْتُ إِلَى مَجْلِسِهِمْ فَإِذَا هُمْ قَدِ ارْتَفَعُوا ، وَأَنْظُرُ فَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِمًا يُصَلِّي إِلَى عَمُودٍ مِنْ عَمَدِ الْمَسْجِدِ ، قَالَ : فَصَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِهِ ، ثُمَّ قَعَدْتُ فَاحْتَبَيْتُ مِنْهُ غَيْرَ بَعِيدٍ ، فَلَمَّا رَآنِي ظَنَّ أَنَّ لِي حَاجَةً ، قَالَ : فَذَكَرْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْهُ وَمِنْ أَصْحَابِهِ بِالْأَمْسِ ، ثُمَّ قُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُكَ لِلَّهِ تَعَالَى ، قَالَ : فَقَطَّبَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى حُبْوَتِي فَاجْتَبَذَنِي إِلَيْهِ اجْتِبَاذَةً شَدِيدَةً ، وَصَدَمَتْ رُكْبَتَايَ رُكْبَتَيْهِ ، فَقَالَ : آللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتَنِي لِلَّهِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : آللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتُكَ لِلَّهِ ، فَرَدَّدَهَا عَلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ : آللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتَنِي لِلَّهِ ؟ فَأَقُولُ : نَعَمْ ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَحْبَبْتُكَ لِلَّهِ ، قَالَ : فَأَبْشِرْ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ : صَدَقَ مُعَاذٌ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ : حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِي ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَصَافِينَ فِي ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِي قَالَ أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنِ الْمُهَنَّا : فَأَقُولُ : إِنَّ أَبَا إِدْرِيسَ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ ، وَمَنْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ التَّابِعِينَ مِثْلُ الزُّهْرِيِّ ، وَأَبِي قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ التَّابِعِينَ ، وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، وَإِثْبَاتِهِ إِيَّاهُ عَلَى الْقَضَاءِ بِدِمَشْقَ ، وَمَا كَانَ قَدْ جَعَلَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنَ الْقَصَصِ وَالْوَعْظِ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ ، وَمَا قَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهِ وَوَهَبَهُ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ لَا يَقُولُ : حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَلَمْ يُحَدِّثْهُ ، وَلَا رَأَيْتُ مُعَاذًا وَلَمْ يَرَهُ ، مَعَ شُهْرَةِ مَنْ رَوَى عَنْهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا عَزَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنِ الْقَصَصِ وَأَقَرَّهُ عَلَى الْقَضَاءِ قَالَ : عَزَلُونِي عَنْ رَغْبَتِي ، وَتَرَكُونِي فِي رَهْبَتِي فَمَنْ رَهِبَ الْقَضَاءَ وَخَافَ عَاقِبَتَهُ أَلَا يَرْهَبُ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ وَلَا سَمِعَ وَلَا رَأَى ؟ فَهَذَا عِنْدِي غَلَطٌ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ