• 423
  • بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ أُنَاسًا يَنَالُونَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَزْفَلَةٍ مِنْهُمْ ، وَسَدَلَتْ أَسْتَارَهَا ، وَعَذَلَتْ وَقَرَّعَتْ ، وَقَالَتْ : " أَبِي وَمَا أَبِيهِ ، أَبِي لَا تُعْطُوهُ الْأَيْدِي هَيْهَاتَ ، وَاللَّهِ ذَلِكَ طَوْدٌ مَنِيفٌ وَظِلٌّ مَدِيدٌ ، أَنْجَحَ وَاللَّهِ إِذْ كَذَّبْتُمْ ، وَسَبَقَ إِذْ وَنَيْتُمْ {
    }
    سَبَقَ الْجَوَادُ إِذْ اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ {
    }
    فَتَى قُرَيْشٍ نَاشِئًا وَكَهْفًا - كَهْلًا ، يَفُكُّ عَانِيَهَا وَيَرِيشُ مُمْلِقَهَا وَيَرْأَبُ صَدْعَهَا ، وَيَلُمُّ شَعَثَهَا حَتَّى حَلِيَتْهُ قُلُوبُهَا ، ثُمَّ اسْتَشْرَى فِي دِينِهِ فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ حَتَّى اتَّخَذَ بِفِنَائِهِ مَسْجِدًا يُحْيِي فِيهِ مَا أَمَاتَ الْمُبْطِلُونَ ، وَكَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ وَقِيدَ الْجَوَانِحِ شَجِيَّ النَّشِيجِ ، فَاصْطَفَفَتْ إِلَيْهِ نِسْوَانُ مَكَّةَ وَوِلْدَانُهَا يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَ {{ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }} فَأَكْثَرَتْ ذَلِكَ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ ، فَحَنَتْ قِسِيَّهَا وَفَوَّقَتْ سِهَامَهَا ، وَامْتَثَلُوهُ غَرَضًا فَمَا فَلُّوا لَهُ صَفَاةً وَلَا قَصَفُوا لَهُ قَنَاةً ، وَمَرَّ عَلَى سِيسَائِهِ ، حَتَّى إِذْ ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ ، وَأَلْقَى بَرْكَهُ وَرَسَتْ أَوْتَادُهُ ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِيهِ أَفْوَاجًا ، وَمِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَرْسَالًا ، وَأَشْتَاتًا ، اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مَا عِنْدَهُ ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ضَرَبَ الشَّيْطَانُ رِوَاقَهُ ، وَنَصَبَ حَبَائِلَهُ ، وَمَدَّ طُنُبَهُ ، وَأَجْلَبَ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ ، فَاضْطَرَبَ حَبْلُ الْإِسْلَامِ ، وَمَرَجَ عَهْدُهُ ، وَمَاجَ أَهْلُهُ ، وَعَادَ مَبْرَمُهُ أَنْكَاثًا ، وَبَغِيَ الْغَوَائِلُ ، وَظَنَّتِ الرِّجَالُ أَنْ قَدْ أَكْثَبَتْ أَطْمَاعُهُمْ ، وَلَاتَ حِينَ الَّتِي يَرْجِعُونَ ، وَالصِّدِّيقُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا ، فَرَفَعَ حَاشِيَتَهُ ، وَجَمَعَ قَطْرَتَهُ ، فَرَدَّ نَشْرَ الْإِسْلَامِ عَلَى غُرَّةٍ ، وَلَمَّ شَعَثَهُ بِطَيِّهِ ، وَأَقَامَ أَوَدَهُ بِثِقَافِهِ ، فَانْذَعَرَ النِّفَاقُ بِوَطْأَتِهِ ، وَانْتَاشَ الدِّينُ بِنَعْشِهِ ، فَلَمَّا أَرَاحَ الْحَقَّ عَلَى أَهْلِهِ ، وَأَقَرَّ الرُّءُوسَ عَلَى كَوَاهِلِهَا ، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أَهَبِهَا ، حَضَرَتْ مَنِيَّتُهُ ، فَسَدَّ ثُلْمَتَهُ بِشَقِيقِهِ فِي الْمَرْحَمَةِ وَنَظِيرِهِ فِي السِّيرَةِ وَالْمَعْدَلَةِ ، ذَاكَ ابْنُ الْخَطَّابِ ، لِلَّهِ أُمٌّ حَمَلَتْ بِهِ ، وَدَرَّتْ عَلَيْهِ ، لَقَدْ أَوْحَدَتْ بِهِ قَبِيحَ الْكَفَرَةِ وَذَيْخِهَا ، وَشَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ ، وَنَعَجَ الْأَرْضَ وَنَخَّهَا ، فَقَاءَتْ أُكُلَهَا وَلَفِظَتْ خَبِيثَهَا بِرَأْسِهِ ، وَتَصَدَّقَ عَنْهَا وَتَصَدَّى لَهُ ، وَتَأَبَّاهَا ، ثُمَّ وَرِعَ فِيهَا ، ثُمَّ تَرَكَهَا كَمَا صَحِبَهَا ، فَأَرُونِي مَا تَقُولُونَ ؟ ، وَأَيَّ يَوْمَيْ أَبِي تَنْقِمُونَ ، أَيَوْمَ إِقَامَتِهِ إِذْ عَدَلَ فِيكُمْ ، أَوْ يَوْمَ ظَعْنِهِ إِذْ نَظَرَ لَكُمْ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ "

    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ السَّدُوسِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ أُنَاسًا يَنَالُونَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَزْفَلَةٍ مِنْهُمْ ، وَسَدَلَتْ أَسْتَارَهَا ، وَعَذَلَتْ وَقَرَّعَتْ ، وَقَالَتْ : أَبِي وَمَا أَبِيهِ ، أَبِي لَا تُعْطُوهُ الْأَيْدِي هَيْهَاتَ ، وَاللَّهِ ذَلِكَ طَوْدٌ مَنِيفٌ وَظِلٌّ مَدِيدٌ ، أَنْجَحَ وَاللَّهِ إِذْ كَذَّبْتُمْ ، وَسَبَقَ إِذْ وَنَيْتُمْ سَبَقَ الْجَوَادُ إِذْ اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ فَتَى قُرَيْشٍ نَاشِئًا وَكَهْفًا - كَهْلًا ، يَفُكُّ عَانِيَهَا وَيَرِيشُ مُمْلِقَهَا وَيَرْأَبُ صَدْعَهَا ، وَيَلُمُّ شَعَثَهَا حَتَّى حَلِيَتْهُ قُلُوبُهَا ، ثُمَّ اسْتَشْرَى فِي دِينِهِ فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ حَتَّى اتَّخَذَ بِفِنَائِهِ مَسْجِدًا يُحْيِي فِيهِ مَا أَمَاتَ الْمُبْطِلُونَ ، وَكَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ وَقِيدَ الْجَوَانِحِ شَجِيَّ النَّشِيجِ ، فَاصْطَفَفَتْ إِلَيْهِ نِسْوَانُ مَكَّةَ وَوِلْدَانُهَا يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَ {{ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }} فَأَكْثَرَتْ ذَلِكَ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ ، فَحَنَتْ قِسِيَّهَا وَفَوَّقَتْ سِهَامَهَا ، وَامْتَثَلُوهُ غَرَضًا فَمَا فَلُّوا لَهُ صَفَاةً وَلَا قَصَفُوا لَهُ قَنَاةً ، وَمَرَّ عَلَى سِيسَائِهِ ، حَتَّى إِذْ ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ ، وَأَلْقَى بَرْكَهُ وَرَسَتْ أَوْتَادُهُ ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِيهِ أَفْوَاجًا ، وَمِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَرْسَالًا ، وَأَشْتَاتًا ، اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مَا عِنْدَهُ ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ضَرَبَ الشَّيْطَانُ رِوَاقَهُ ، وَنَصَبَ حَبَائِلَهُ ، وَمَدَّ طُنُبَهُ ، وَأَجْلَبَ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ ، فَاضْطَرَبَ حَبْلُ الْإِسْلَامِ ، وَمَرَجَ عَهْدُهُ ، وَمَاجَ أَهْلُهُ ، وَعَادَ مَبْرَمُهُ أَنْكَاثًا ، وَبَغِيَ الْغَوَائِلُ ، وَظَنَّتِ الرِّجَالُ أَنْ قَدْ أَكْثَبَتْ أَطْمَاعُهُمْ ، وَلَاتَ حِينَ الَّتِي يَرْجِعُونَ ، وَالصِّدِّيقُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا ، فَرَفَعَ حَاشِيَتَهُ ، وَجَمَعَ قَطْرَتَهُ ، فَرَدَّ نَشْرَ الْإِسْلَامِ عَلَى غُرَّةٍ ، وَلَمَّ شَعَثَهُ بِطَيِّهِ ، وَأَقَامَ أَوَدَهُ بِثِقَافِهِ ، فَانْذَعَرَ النِّفَاقُ بِوَطْأَتِهِ ، وَانْتَاشَ الدِّينُ بِنَعْشِهِ ، فَلَمَّا أَرَاحَ الْحَقَّ عَلَى أَهْلِهِ ، وَأَقَرَّ الرُّءُوسَ عَلَى كَوَاهِلِهَا ، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أَهَبِهَا ، حَضَرَتْ مَنِيَّتُهُ ، فَسَدَّ ثُلْمَتَهُ بِشَقِيقِهِ فِي الْمَرْحَمَةِ وَنَظِيرِهِ فِي السِّيرَةِ وَالْمَعْدَلَةِ ، ذَاكَ ابْنُ الْخَطَّابِ ، لِلَّهِ أُمٌّ حَمَلَتْ بِهِ ، وَدَرَّتْ عَلَيْهِ ، لَقَدْ أَوْحَدَتْ بِهِ قَبِيحَ الْكَفَرَةِ وَذَيْخِهَا ، وَشَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ ، وَنَعَجَ الْأَرْضَ وَنَخَّهَا ، فَقَاءَتْ أُكُلَهَا وَلَفِظَتْ خَبِيثَهَا بِرَأْسِهِ ، وَتَصَدَّقَ عَنْهَا وَتَصَدَّى لَهُ ، وَتَأَبَّاهَا ، ثُمَّ وَرِعَ فِيهَا ، ثُمَّ تَرَكَهَا كَمَا صَحِبَهَا ، فَأَرُونِي مَا تَقُولُونَ ؟ ، وَأَيَّ يَوْمَيْ أَبِي تَنْقِمُونَ ، أَيَوْمَ إِقَامَتِهِ إِذْ عَدَلَ فِيكُمْ ، أَوْ يَوْمَ ظَعْنِهِ إِذْ نَظَرَ لَكُمْ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ

    عانيها: العاني : الأسير أو صاحب الدين أو المريض
    بجرانه: الجران : باطن العنق
    وأشتاتا: أشتاتا : متفرقين
    حاشيته: حاشية الثوب : طرفه
    تنقمون: نقم : أنكر وعاب وكره
    ظعنه: الظعن : الارتحال
    " أَبِي وَمَا أَبِيهِ ، أَبِي لَا تُعْطُوهُ الْأَيْدِي هَيْهَاتَ ،
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات