حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ مَوْلَى هَاشِمٍ قَالَ : بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ أُنَاسًا يَتَنَاوَلُونَ أَبَا بَكْرٍ ، فَبَعَثَتْ إِلَى أَزْفَلَةٍ مِنْهُمْ ، فَلَمَّا حَضَرُوا سَدَلَتْ أَسْتَارَهَا ، ثُمَّ دَنَتْ ، فَحَمِدَتِ اللَّهَ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ ، وَصَلَّتْ عَلَى نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَذَلَتْ وَقَرَعَتْ ، وَقَالَتْ : أَبِي وَمَا أَبِيهِ أَبِي ، وَاللَّهِ لَا تَعْطُوهُ الْأَيْدِي ذَاكَ طَوْدٌ مُنِيفٌ ، وَفَرْعٌ مَدِيدٌ , هَيْهَاتَ كَذَبَتِ الظُّنُونُ ، أَنْجَحَ إِذْ كَذَبْتُمْ ، وَسَبَقَ إِذْ وَنَيْتُمْ سَبْقَ الْجَوَادِ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ ، فَتَى قُرَيْشٍ نَاشِئًا ، وَكَهْفُهَا كَهْلًا ، يَفُكُّ عَانِيَهَا ، وَيَرِيشُ مُمَلَّقَهَا ، وَيَرْأَبُ شَعِثَهَا ، حَتَّى حَلَّتْهُ قُلُوبَهَا ، ثُمَّ اسْتَشْرَى فِي دِينِهِ ، فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ حَتَّى اتَّخَذَ بِفِنَائِهِ مَسْجِدًا ، يُحْيِي فِيهِ مَا أَمَاتَهُ الْمُبْطِلُونَ ؛ فَكَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ ، وَقِيدَ الْجَوَارِحِ ، شَجِيَّ النَّشِيجِ ، فَانْقَصَفَتْ إِلَيْهِ نِسْوَانُ مَكَّةَ وَوِلْدَانُهَا يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ ، {{ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }} ، فَأَكْبَرَتْ ذَلِكَ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ ، فَحَنَتْ لَهُ قِسِيَّهَا ، وَفَوَّقَتْ لَهُ سِهَامَهَا ، وَامْتَثَلُوهُ غَرَضًا ، فَمَا فَلُّوا لَهُ سَيْفًا ، وَلَا وَصَفُوا لَهُ قَنَاةً ، وَمَرَّ عَلَى سِيسَبَائِهِ ، حَتَّى إِذَا ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ ، وَأَلْقَى بَرَكَتَهُ ، وَأُرْسِيَتْ أَوْتَادُهُ ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِيهِ أَفْوَاجًا ، وَمِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَشْتَاتًا وَأَرْسَالًا ، اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مَا عِنْدَهُ ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَبَ الشَّيْطَانُ رِوَاقَهُ ، وَمَدَّ طُنُبَهُ ، وَنَصَبَ حَبَائِلَهُ ، وَأَجْلَبَ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ ، فَظَنَّ رِجَالٌ أَنْ قَدْ تَحَقَّقَتْ أَطْمَاعُهُمْ ، وَلَاتَ حِينَ يَرْجُونَ , وَأَنَّى وَالصِّدِّيقُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا ، فَجَمَعَ حَاشِيَتَهُ ، فَرَدَّ بَشِيرَ الْإِسْلَامِ عَلَى غُرْبَةٍ ، وَلَمَّ شَعَثَهُ بِطَيِّهِ , وَأَقَامَ أَوْدَهُ بِثِقَافِهِ ، فَابْدَعَرَ النِّفَاقَ بِوَطْأَتِهِ ، وَانْتَاشَ الدِّينَ فَنَعَشَهُ ، فَلَمَّا رَاحَ الْحَقُّ عَلَى أَهْلِهِ ، وَأَقَرَّ الرُّؤُوسَ عَلَى كَوَاهِلِهَا ، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أُهْبِهَا ، أَتَتْهُ مَنِيَّتُهُ ، فَسَدَّ ثُلْمَتَهُ بِنَظِيرِهِ فِي الرَّحْمَةِ ، وَشَقِيقِهِ فِي السِّيرَةِ وَالْمَعْدَلَةِ ، ذَاكَ ابْنُ الْخَطَّابِ ، لِلَّهِ أُمٌّ حَمَلَتْ بِهِ وَدَرَّتْ عَلَيْهِ ، لَقَدْ أَوْحَدَتْ بِهِ ، فَفَتَحَ الْكَفَرَةَ وَذَيَّحَهَا ، وَشَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ ، وَبَعَجَ الْأَرْضَ وَبَخَعَهَا ، فَقَاءَتْ أُكُلَهَا ، وَلَفِظَتْ خَبِيثَهَا تَرْأَمُهُ ، وَيَصْدِفُ عَنْهَا ، وَتَصَّدَّى لَهُ وَيَأْبَاهَا ، ثُمَّ وَزَّعَ فِيهَا فَيْئَهَا ، وَوَدَّعَهَا كَمَا صَحِبَهَا ، فَأَرُونِي مَاذَا يَرِثُونَ ؟ وَأَيَّ يَوْمَيْ أَبِي تَنْقِمُونَ : يَوْمَ مَقَامِهِ إِذْ عَدَلَ فِيكُمْ ، أَوْ يَوْمَ ظَعْنِهِ وَقَدْ نَظَرَ لَكُمْ ؟ وَأَسْتَغْفِرُ لِي وَلَكُمْ
أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : نا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطُّوسِيُّ ، قَالَ : نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ مَوْلَى هَاشِمٍ قَالَ : بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ أُنَاسًا يَتَنَاوَلُونَ أَبَا بَكْرٍ ، فَبَعَثَتْ إِلَى أَزْفَلَةٍ مِنْهُمْ ، فَلَمَّا حَضَرُوا سَدَلَتْ أَسْتَارَهَا ، ثُمَّ دَنَتْ ، فَحَمِدَتِ اللَّهَ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ ، وَصَلَّتْ عَلَى نَبِيِّهَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَعَذَلَتْ وَقَرَعَتْ ، وَقَالَتْ : أَبِي وَمَا أَبِيهِ أَبِي ، وَاللَّهِ لَا تَعْطُوهُ الْأَيْدِي ذَاكَ طَوْدٌ مُنِيفٌ ، وَفَرْعٌ مَدِيدٌ , هَيْهَاتَ كَذَبَتِ الظُّنُونُ ، أَنْجَحَ إِذْ كَذَبْتُمْ ، وَسَبَقَ إِذْ وَنَيْتُمْ سَبْقَ الْجَوَادِ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ ، فَتَى قُرَيْشٍ نَاشِئًا ، وَكَهْفُهَا كَهْلًا ، يَفُكُّ عَانِيَهَا ، وَيَرِيشُ مُمَلَّقَهَا ، وَيَرْأَبُ شَعِثَهَا ، حَتَّى حَلَّتْهُ قُلُوبَهَا ، ثُمَّ اسْتَشْرَى فِي دِينِهِ ، فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ حَتَّى اتَّخَذَ بِفِنَائِهِ مَسْجِدًا ، يُحْيِي فِيهِ مَا أَمَاتَهُ الْمُبْطِلُونَ ؛ فَكَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ غَزِيرَ الدَّمْعَةِ ، وَقِيدَ الْجَوَارِحِ ، شَجِيَّ النَّشِيجِ ، فَانْقَصَفَتْ إِلَيْهِ نِسْوَانُ مَكَّةَ وَوِلْدَانُهَا يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ ، {{ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }} ، فَأَكْبَرَتْ ذَلِكَ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ ، فَحَنَتْ لَهُ قِسِيَّهَا ، وَفَوَّقَتْ لَهُ سِهَامَهَا ، وَامْتَثَلُوهُ غَرَضًا ، فَمَا فَلُّوا لَهُ سَيْفًا ، وَلَا وَصَفُوا لَهُ قَنَاةً ، وَمَرَّ عَلَى سِيسَبَائِهِ ، حَتَّى إِذَا ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ ، وَأَلْقَى بَرَكَتَهُ ، وَأُرْسِيَتْ أَوْتَادُهُ ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِيهِ أَفْوَاجًا ، وَمِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَشْتَاتًا وَأَرْسَالًا ، اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مَا عِنْدَهُ ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَصَبَ الشَّيْطَانُ رِوَاقَهُ ، وَمَدَّ طُنُبَهُ ، وَنَصَبَ حَبَائِلَهُ ، وَأَجْلَبَ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ ، فَظَنَّ رِجَالٌ أَنْ قَدْ تَحَقَّقَتْ أَطْمَاعُهُمْ ، وَلَاتَ حِينَ يَرْجُونَ , وَأَنَّى وَالصِّدِّيقُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا ، فَجَمَعَ حَاشِيَتَهُ ، فَرَدَّ بَشِيرَ الْإِسْلَامِ عَلَى غُرْبَةٍ ، وَلَمَّ شَعَثَهُ بِطَيِّهِ , وَأَقَامَ أَوْدَهُ بِثِقَافِهِ ، فَابْدَعَرَ النِّفَاقَ بِوَطْأَتِهِ ، وَانْتَاشَ الدِّينَ فَنَعَشَهُ ، فَلَمَّا رَاحَ الْحَقُّ عَلَى أَهْلِهِ ، وَأَقَرَّ الرُّؤُوسَ عَلَى كَوَاهِلِهَا ، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أُهْبِهَا ، أَتَتْهُ مَنِيَّتُهُ ، فَسَدَّ ثُلْمَتَهُ بِنَظِيرِهِ فِي الرَّحْمَةِ ، وَشَقِيقِهِ فِي السِّيرَةِ وَالْمَعْدَلَةِ ، ذَاكَ ابْنُ الْخَطَّابِ ، لِلَّهِ أُمٌّ حَمَلَتْ بِهِ وَدَرَّتْ عَلَيْهِ ، لَقَدْ أَوْحَدَتْ بِهِ ، فَفَتَحَ الْكَفَرَةَ وَذَيَّحَهَا ، وَشَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ ، وَبَعَجَ الْأَرْضَ وَبَخَعَهَا ، فَقَاءَتْ أُكُلَهَا ، وَلَفِظَتْ خَبِيثَهَا تَرْأَمُهُ ، وَيَصْدِفُ عَنْهَا ، وَتَصَّدَّى لَهُ وَيَأْبَاهَا ، ثُمَّ وَزَّعَ فِيهَا فَيْئَهَا ، وَوَدَّعَهَا كَمَا صَحِبَهَا ، فَأَرُونِي مَاذَا يَرِثُونَ ؟ وَأَيَّ يَوْمَيْ أَبِي تَنْقِمُونَ : يَوْمَ مَقَامِهِ إِذْ عَدَلَ فِيكُمْ ، أَوْ يَوْمَ ظَعْنِهِ وَقَدْ نَظَرَ لَكُمْ ؟ وَأَسْتَغْفِرُ لِي وَلَكُمْ