لَمَّا بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجْتُ ، وَافِدًا عَنْ قَوْمِي حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ ، فَلَقِيتُ أَصْحَابَهُ قَبْلَ لِقَائِهِ فَقَالُوا : قَدْ بَشَّرْنَا بِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُقِدَمَ عَلَيْنَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ : " قَدْ جَاءَكُمْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ " ثُمَّ لَقِيتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَرَحَّبَ بِي ، وأَدْنَا مَجْلِسِي ، وَبَسَطَ لِي رِدَاءَهُ فَأَجْلَسَنِي عَلَيْهِ ، ثُمَّ دَعَا فِي النَّاسِ ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، ثُمَّ اطَّلَعَ الْمِنْبَرَ ، وأَطْلَعَنِي مَعَهُ فَأَنَا مِنْ دُونِهِ ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ أَتَاكُمْ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ مِنْ بِلَادِ حَضْرَمَوْتَ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرِهٍ بَقِيَّةُ ، أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ ، بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ ، يَا وَائِلُ ، وَفِي وَلَدِكَ ، وَفِي وَلَدِ وَلَدِكَ " ، ثُمَّ نَزَلَ وَأَنْزَلَنِي مَعَهُ وَأَنْزَلَنِي مَنْزِلًا شَاسَعًا مِنَ الْمَدِينَةِ ، وَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يُنْزِلَنِي إِيَّاهُ ، فَخَرَجْتُ وَخَرَجَ مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ : يَا وَائِلُ ، إِنَّ الرَّمْضَاءَ قَدْ أَصَابَتْ بَاطِنَ قَدَمَيَّ فَأَرْدَفَنِي خَلْفَكَ ، قُلْتُ : مَا أَضِنُّ عَنْكَ بِهَذِهِ النَّاقَةِ ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ قَالَ : فَأَلْقِ إِلَيَّ حِذَاءَكَ أَتَوَقَّى بِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ قَالَ : مَا أَضِنُّ عَنْكَ بِهَاتَيْنِ الْجِلْدَتَيْنِ ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِمَّنْ يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمُلُوكِ ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الرُّجُوعَ إِلَى قَوْمِي أَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُتُبٍ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا : كِتَابٌ لِي خَالِصٌ يُفَضِّلُنِي فِيهِ عَلَى قَوْمِي ، وَكِتَابٌ لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي بِأَمْوَالِنَا هُنَالِكَ ، وَبكِتَابٌ لِي وَلِقَوْمِي ، فِي كِتَابِي الْخَالِصِ ، بِسْمِ اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ : أَنَّ وَائِلًا يَسْتَسْعَى وَيَتَرَفَّلُ فِي الْأَقْبَالِ حَيْثُ كَانُوا مِنْ حَضْرَمَوْتَ ، وَفِي كِتَابِي الَّذِي لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ لِأَبْنَاءِ مَعْشَرٍ ، وَأَبْنَاءِ ضِمْعَاجٍ أَقْيَالُ شَنُوءَةَ بِمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا مِنْ مُلْكٍ ومَرَاهِنَ ، وَعِمْرَانَ ، وَبَحْرٍ ، وَمِلْحٍ ، وَمَحْجَرٍ ، وَمَا كَانَ مِنْ مَالٍ أَترَّثُوهُ وَمَاءٍ يَنَابِعَ وَمَا لَهُمْ فِيهَا مِنْ مَالٍ بِحَضْرَمَوْتَ أَعْلَاهَا وأَسْفَلَهَا عَلَى الذِّمَّةِ وَالْجِوَارِ ، اللَّهُ لَهُمْ جَارٌ ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ أَنْصَارٌ ، وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي لِي وَلِقَوْمِي ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَالْأَقْوَالُ الْعَيَاهِلَةِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ بإِقامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ مِنَ الصِّرْمَةِ التَّبِعَةِ ، وَلِصَاحِبِهَا الثِّيمَةُ لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شِغَارَ وَلَا وِرَاطَ فِي الْإِسْلَامِ ، لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنَ السَّرَايَا مَا يَحْمِلُ الْقِرَابُ مِنَ التَّمْرِ مِنْ أَجْبَا فَقَدْ أَرْبَى ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، فَلَمَّا مَلَكَ مُعَاوِيَةُ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ ، يُقَالُ لَهُ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ ، وَقَالَ لَهُ : لَقَدْ ضَمَمْتَ إِلَيْكَ النَّاحِيَةَ فَاخْرَجْ بِجَيْشِكَ ، فَإِذَا خَلَّفْتَ أَفْوَاهَ الشَّامِ فَضَعْ سَيْفَكَ ، فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ ادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي ، ثُمَّ اخْرُجْ إِلَى حَضْرَمَوْتَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي ، وَإِنْ أَصَبْتَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ حَيًّا فَائْتِنِي بِهِ فَفَعَلَ فَأَصَابَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ حَيًّا ، فَجَاءَ بِهِ إِلَيْهِ فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَتَلَقَّى وَأَذِنَ لَهُ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : أَسَرِيرِي هَذَا أَفْضَلُ أَمْ ظَهْرُ نَاقَتِكَ ؟ ، قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَكُفْرٍ ، وَكَانَتَ تِلْكَ سِيرَةَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَقَدْ أَتَانَا اللَّهُ الْيَوْمَ بِالْإِسْلَامِ فَسِيرَةُ الْإِسْلَامِ مَا فَعَلْتَ قَالَ : فَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِنَا وَقَدِ اتَّخَذَكَ عُثْمَانُ ثِقَةً وَصِهْرًا ؟ ، قُلْتُ : إِنَّكَ قَاتَلْتَ رَجُلًا هُوَ أَحَقُّ بِعُثْمَانَ مِنْكَ قَالَ : فَكَيْفَ يَكُونُ أَحَقَّ بِعُثْمَانَ مِنِّي فَأَنَا أَقْرَبُ إِلَى عُثْمَانَ بالنَّسَبِ ؟ ، قُلْتُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَا بَيْنَ عَلِيٍّ ، وَعُثْمَانَ ، وَالْأَخُ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْعَمِّ ، وَلَسْتُ أُقَاتِلُ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ : أَوَلَسْنَا مُهَاجِرِينَ ؟ ، قُلْتُ : أَوَلَيْسَ قَدِ اعْتَزَلْنَاكُمَا جَمِيعًا ؟ وَحُجَّةٌ أُخْرَى حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ ، وَقَدْ حَضَرَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ ثُمَّ رَدَّ إِلَيْهِ بَصَرَهُ فَقَالَ : " أَتَتْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَشَدَّ أَمْرَهَا وَعَجَّلَهُ وَقَبَّحَهُ " ، قُلْتُ لَهُ : مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الْفِتَنُ ؟ قَالَ : " يَا وَائِلُ ، إِذَا اخْتَلَفَ سَيْفَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَاعْتَزِلْهُمَا " فَقَالَ : أَصْبَحْتَ شِيعِيًّا ، فَقُلْتُ : لَا ، وَلَكِنْ أَصْبَحْتُ نَاصِحًا لِلْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : لَوْ سَمِعْتُ ذَا وَعَلِمْتُهُ مَا أَقْدَمْتُكَ ، قُلْتُ : أَوَلَيْسَ قَدْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ أَوْمَأَ بِسَيْفِهِ إِلَى صَخْرَةٍ فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى انْكَسَرَ ؟ قَالَ : أُولَئِكَ قَوْمٌ يَحْمِلُونَ عَلَيْنَا ، قُلْتُ : فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ فَبِحُبِّي وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي ؟ ، فَقَالَ : اخْتَرْ أَيَّ الْبِلَادِ شِئْتَ ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِرَاجِعٍ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ، فَقُلْتُ : عَشِيرَتِي بِالشَّامِ وَأَهْلُ بَيْتِي بِالْكُوفَةِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ عَشِيرَتَكَ ، فَقُلْتُ : مَا رَجَعْتُ إِلَى حَضْرَمَوْتَ سُرُورًا بِهَا ، وَمَا يَنْبَغِي لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هَاجَرَ مِنْهُ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ قَالَ : وَمَا عِلَّتُكَ ؟ ، قُلْتُ : قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتَنِ " فَحَيْثُ اخْتَلَفْتُمِ اعْتَزْلَنَاكُمْ وَحَيْثُ اجْتَمَعْتُمْ جِئْنَاكُمْ " فَهَذِهِ الْعِلَّةُ ، فَقَالَ : إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ فَسِرْ إِلَيْهَا ، فَقُلْتُ : مَا إِلَيَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ أَمَا رَأَيْتَ أَبَا بَكْرٍ قَدْ أَرَادَنِي فَأَبَيْتُ ، وَأَرَادَنِي عُمَرُ فَأَبَيْتُ ، وَأَرَادَنِي عُثْمَانُ فَأَبَيْتُ ، وَلَمْ أَدَعْ بَيْعَتَهُمْ قَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ حَيْثُ ارْتَدَّ أَهْلُ نَاحِيتِنَا ، فَقُمْتُ فِيهِمْ حَتَّى رَدَّهُمُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ ، فَقَالَ لَهُ : سِرْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ وَسِرْ بوائلِ بْنِ حُجْرٍ فَأَكْرِمْهُ وأَقْضِ حَوَائِجَهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَسَأْتَ فِيَّ الظَّنِّ تَأْمُرُنِي بِإِكْرَامِ رَجُلٍ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمَهُ وَأَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَأَنْتَ قَالَ : فَسِرْ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَدِمَ مَعَهُ
حَدَّثَنَا أَبُو هِنْدٍ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ بِالْكُوفَةِ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ حُجْرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ يَحْيَى ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ : لَمَّا بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَرَجْتُ ، وَافِدًا عَنْ قَوْمِي حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ ، فَلَقِيتُ أَصْحَابَهُ قَبْلَ لِقَائِهِ فَقَالُوا : قَدْ بَشَّرْنَا بِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُقِدَمَ عَلَيْنَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ : قَدْ جَاءَكُمْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ ثُمَّ لَقِيتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَرَحَّبَ بِي ، وأَدْنَا مَجْلِسِي ، وَبَسَطَ لِي رِدَاءَهُ فَأَجْلَسَنِي عَلَيْهِ ، ثُمَّ دَعَا فِي النَّاسِ ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، ثُمَّ اطَّلَعَ الْمِنْبَرَ ، وأَطْلَعَنِي مَعَهُ فَأَنَا مِنْ دُونِهِ ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ أَتَاكُمْ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ مِنْ بِلَادِ حَضْرَمَوْتَ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرِهٍ بَقِيَّةُ ، أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ ، بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ ، يَا وَائِلُ ، وَفِي وَلَدِكَ ، وَفِي وَلَدِ وَلَدِكَ ، ثُمَّ نَزَلَ وَأَنْزَلَنِي مَعَهُ وَأَنْزَلَنِي مَنْزِلًا شَاسَعًا مِنَ الْمَدِينَةِ ، وَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يُنْزِلَنِي إِيَّاهُ ، فَخَرَجْتُ وَخَرَجَ مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ : يَا وَائِلُ ، إِنَّ الرَّمْضَاءَ قَدْ أَصَابَتْ بَاطِنَ قَدَمَيَّ فَأَرْدَفَنِي خَلْفَكَ ، قُلْتُ : مَا أَضِنُّ عَنْكَ بِهَذِهِ النَّاقَةِ ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ قَالَ : فَأَلْقِ إِلَيَّ حِذَاءَكَ أَتَوَقَّى بِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ قَالَ : مَا أَضِنُّ عَنْكَ بِهَاتَيْنِ الْجِلْدَتَيْنِ ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِمَّنْ يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمُلُوكِ ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الرُّجُوعَ إِلَى قَوْمِي أَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِكُتُبٍ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا : كِتَابٌ لِي خَالِصٌ يُفَضِّلُنِي فِيهِ عَلَى قَوْمِي ، وَكِتَابٌ لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي بِأَمْوَالِنَا هُنَالِكَ ، وَبكِتَابٌ لِي وَلِقَوْمِي ، فِي كِتَابِي الْخَالِصِ ، بِسْمِ اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ : أَنَّ وَائِلًا يَسْتَسْعَى وَيَتَرَفَّلُ فِي الْأَقْبَالِ حَيْثُ كَانُوا مِنْ حَضْرَمَوْتَ ، وَفِي كِتَابِي الَّذِي لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ لِأَبْنَاءِ مَعْشَرٍ ، وَأَبْنَاءِ ضِمْعَاجٍ أَقْيَالُ شَنُوءَةَ بِمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا مِنْ مُلْكٍ ومَرَاهِنَ ، وَعِمْرَانَ ، وَبَحْرٍ ، وَمِلْحٍ ، وَمَحْجَرٍ ، وَمَا كَانَ مِنْ مَالٍ أَترَّثُوهُ وَمَاءٍ يَنَابِعَ وَمَا لَهُمْ فِيهَا مِنْ مَالٍ بِحَضْرَمَوْتَ أَعْلَاهَا وأَسْفَلَهَا عَلَى الذِّمَّةِ وَالْجِوَارِ ، اللَّهُ لَهُمْ جَارٌ ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ أَنْصَارٌ ، وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي لِي وَلِقَوْمِي ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَالْأَقْوَالُ الْعَيَاهِلَةِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ بإِقامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ مِنَ الصِّرْمَةِ التَّبِعَةِ ، وَلِصَاحِبِهَا الثِّيمَةُ لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شِغَارَ وَلَا وِرَاطَ فِي الْإِسْلَامِ ، لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنَ السَّرَايَا مَا يَحْمِلُ الْقِرَابُ مِنَ التَّمْرِ مِنْ أَجْبَا فَقَدْ أَرْبَى ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، فَلَمَّا مَلَكَ مُعَاوِيَةُ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ ، يُقَالُ لَهُ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ ، وَقَالَ لَهُ : لَقَدْ ضَمَمْتَ إِلَيْكَ النَّاحِيَةَ فَاخْرَجْ بِجَيْشِكَ ، فَإِذَا خَلَّفْتَ أَفْوَاهَ الشَّامِ فَضَعْ سَيْفَكَ ، فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ ادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي ، ثُمَّ اخْرُجْ إِلَى حَضْرَمَوْتَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي ، وَإِنْ أَصَبْتَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ حَيًّا فَائْتِنِي بِهِ فَفَعَلَ فَأَصَابَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ حَيًّا ، فَجَاءَ بِهِ إِلَيْهِ فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَتَلَقَّى وَأَذِنَ لَهُ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : أَسَرِيرِي هَذَا أَفْضَلُ أَمْ ظَهْرُ نَاقَتِكَ ؟ ، قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَكُفْرٍ ، وَكَانَتَ تِلْكَ سِيرَةَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَقَدْ أَتَانَا اللَّهُ الْيَوْمَ بِالْإِسْلَامِ فَسِيرَةُ الْإِسْلَامِ مَا فَعَلْتَ قَالَ : فَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِنَا وَقَدِ اتَّخَذَكَ عُثْمَانُ ثِقَةً وَصِهْرًا ؟ ، قُلْتُ : إِنَّكَ قَاتَلْتَ رَجُلًا هُوَ أَحَقُّ بِعُثْمَانَ مِنْكَ قَالَ : فَكَيْفَ يَكُونُ أَحَقَّ بِعُثْمَانَ مِنِّي فَأَنَا أَقْرَبُ إِلَى عُثْمَانَ بالنَّسَبِ ؟ ، قُلْتُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ آخَا بَيْنَ عَلِيٍّ ، وَعُثْمَانَ ، وَالْأَخُ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْعَمِّ ، وَلَسْتُ أُقَاتِلُ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ : أَوَلَسْنَا مُهَاجِرِينَ ؟ ، قُلْتُ : أَوَلَيْسَ قَدِ اعْتَزَلْنَاكُمَا جَمِيعًا ؟ وَحُجَّةٌ أُخْرَى حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ ، وَقَدْ حَضَرَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ ثُمَّ رَدَّ إِلَيْهِ بَصَرَهُ فَقَالَ : أَتَتْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَشَدَّ أَمْرَهَا وَعَجَّلَهُ وَقَبَّحَهُ ، قُلْتُ لَهُ : مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الْفِتَنُ ؟ قَالَ : يَا وَائِلُ ، إِذَا اخْتَلَفَ سَيْفَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَاعْتَزِلْهُمَا فَقَالَ : أَصْبَحْتَ شِيعِيًّا ، فَقُلْتُ : لَا ، وَلَكِنْ أَصْبَحْتُ نَاصِحًا لِلْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : لَوْ سَمِعْتُ ذَا وَعَلِمْتُهُ مَا أَقْدَمْتُكَ ، قُلْتُ : أَوَلَيْسَ قَدْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ أَوْمَأَ بِسَيْفِهِ إِلَى صَخْرَةٍ فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى انْكَسَرَ ؟ قَالَ : أُولَئِكَ قَوْمٌ يَحْمِلُونَ عَلَيْنَا ، قُلْتُ : فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ فَبِحُبِّي وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي ؟ ، فَقَالَ : اخْتَرْ أَيَّ الْبِلَادِ شِئْتَ ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِرَاجِعٍ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ، فَقُلْتُ : عَشِيرَتِي بِالشَّامِ وَأَهْلُ بَيْتِي بِالْكُوفَةِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ عَشِيرَتَكَ ، فَقُلْتُ : مَا رَجَعْتُ إِلَى حَضْرَمَوْتَ سُرُورًا بِهَا ، وَمَا يَنْبَغِي لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هَاجَرَ مِنْهُ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ قَالَ : وَمَا عِلَّتُكَ ؟ ، قُلْتُ : قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْفِتَنِ فَحَيْثُ اخْتَلَفْتُمِ اعْتَزْلَنَاكُمْ وَحَيْثُ اجْتَمَعْتُمْ جِئْنَاكُمْ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ ، فَقَالَ : إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ فَسِرْ إِلَيْهَا ، فَقُلْتُ : مَا إِلَيَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَحَدٍ أَمَا رَأَيْتَ أَبَا بَكْرٍ قَدْ أَرَادَنِي فَأَبَيْتُ ، وَأَرَادَنِي عُمَرُ فَأَبَيْتُ ، وَأَرَادَنِي عُثْمَانُ فَأَبَيْتُ ، وَلَمْ أَدَعْ بَيْعَتَهُمْ قَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ حَيْثُ ارْتَدَّ أَهْلُ نَاحِيتِنَا ، فَقُمْتُ فِيهِمْ حَتَّى رَدَّهُمُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ ، فَقَالَ لَهُ : سِرْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ وَسِرْ بوائلِ بْنِ حُجْرٍ فَأَكْرِمْهُ وأَقْضِ حَوَائِجَهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَسَأْتَ فِيَّ الظَّنِّ تَأْمُرُنِي بِإِكْرَامِ رَجُلٍ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَكْرَمَهُ وَأَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَأَنْتَ قَالَ : فَسِرْ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَدِمَ مَعَهُ