• 1023
  • عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ : لَمَّا بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَرَجْتُ وَافِدًا عَنْ قَوْمِي حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ , فَلَقِيتُ أَصْحَابَهُ قَبْلَ لِقَائِهِ , فَقَالُوا : قَدْ بَشَّرَنَا بِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبْلَ أَنْ تَقْدَمَ عَلَيْنَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ , فَقَالَ : " قَدْ جَاءَكُمْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ " , ثُمَّ لَقِيتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَرَحَّبَ بِي , وَأَدْنَى مَجْلِسِي , وَبَسَطَ لِي رِدَاءَهُ , فَأَجْلَسَنِي عَلَيْهِ , ثُمَّ دَعَا فِي النَّاسِ , فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ , ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ , وَأَطْلَعَنِي مَعَهُ وَأَنَا مِنْ دُونِهِ , ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ , وَقَالَ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ , هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ , أَتَاكُمْ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ مِنْ بِلَادِ حَضْرَمَوْتَ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ , بَقِيَّةُ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ , بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ يَا وَائِلُ , وَفِي وَلَدِكَ " , ثُمَّ نَزَلَ , وَأَنْزَلَنِي مَعَهُ , وَأَنْزَلَنِي مَنْزِلًا شَاسِعًا عَنِ الْمَدِينَةِ , وَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يُبَوِّئَنِي إِيَّاهُ , فَخَرَجْتُ , وَخَرَجَ مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ : يَا وَائِلُ , إِنَّ الرَّمْضَاءَ قَدْ أَصَابَتْ بَاطِنَ قَدَمِي , فَأَرْدِفْنِي خَلْفَكَ , فَقُلْتُ : مَا أَضَنُّ عَلَيْكَ بِهَذِهِ النَّاقَةِ , وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ , وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ ، قَالَ : فَأَلْقِ إِلَيَّ حِذَاءَكَ أَتَوَقَّى بِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ , قَالَ : مَا أَضَنُّ عَلَيْكَ بِهَاتَيْنِ الْجَلْدَتَيْنِ ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِمَّنْ يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمُلُوكِ , وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ , فَلَمَّا أَرَدْتُ الرُّجُوعَ إِلَى قَوْمِي أَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكُتُبٍ ثَلَاثَةٍ ؛ مِنْهَا كِتَابٌ لِي خَالِصٌ : فَضَّلَنِي فِيهِ عَلَى قَوْمِي , وَكِتَابٌ لِأَهْلِ بَيْتِي بِأَمْوَالِنَا هُنَاكَ , وَكِتَابٌ لِي وَلِقَوْمِي فِي كِتَابِي الْخَالِصِ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّ وَائِلًا يُسْتَسْعَى وَيَتَرَفَّلُ عَلَى الْأَقْوَالِ حَيْثُ كَانُوا فِي ( مِنْ ) حَضْرَمَوْتَ " , وَفِي كِتَابِي الَّذِي لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ لِأَبْنَاءِ مَعْشَرِ أَبْنَاءِ ضَمْعَاجَ أَقْوَالِ شَنُوءَةَ بِمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا مِنْ مُلْكٍ وَمَوَامِرَ ( مَرَامِرَ ) وَعِمْرَانَ وَبَحْرٍ وَمِلْحٍ وَمَحْجِرٍ , وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ اتَّرَثُوهُ بَايَعْتُ , وَمَا لَهُمْ فِيهَا مِنْ مَالٍ بِحَضْرَمَوْتَ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا مِنِّي الذِّمَّةُ وَالْجِوَارُ ، اللَّهُ لَهُمْ جَارٌ ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ أَنْصَارٌ " , وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي لِي وَلِقَوْمِي : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَالْأَقْوَالِ الْعَيَاهِلَةِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ بِإِقْامِ الصَّلَاةِ , وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ مِنَ الصِّرْمَةِ التَّيْمَةِ وَلِصَاحِبِهَا التَّبِعَةُ لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شِغَارَ وَلَا وِرَاطَ فِي الْإِسْلَامِ , لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنَ السَّرَايَا مَا تَحْمِلُ الْقِرَابُ مِنَ التَّمْرِ مَنْ أَجْبَا فَقَدْ أَرْبَا , وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ " , فَلَمَّا مَلَكَ مُعَاوِيَةُ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَاةَ , فَقَالَ لَهُ : قَدْ ضَمَمْتُ إِلَيْكَ النَّاحِيَةَ , فَاخْرُجْ بِجَيْشِكَ فَإِذَا تَخَلَّفْتَ أَفْوَاهَ الشَّامِ فَضَعْ سَيْفَكَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الْمَدِينَةِ , ثُمَّ ادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبِي بَيْعَتِي , ثُمَّ اخْرُجْ إِلَى حَضْرَمَوْتَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي , وَإِنْ أَصَبْتَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ فَأْتِنِي بِهِ , فَفَعَلَ , وَأَصَابَ وَائِلًا حَيًّا , فَجَاءَ بِهِ إِلَيْهِ , فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَتَلَقَّى , وَأَذِنَ لَهُ , فَأُجْلِسَ مَعَهُ عَلَى سَرِيرٍ , فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : أَسَرِيرِي هَذَا أَفْضَلُ أَمْ ظَهْرِ نَاقَتِكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَكُفْرٍ , وَكَانَتْ تِلْكَ سِيرَةَ الْجَاهِلِيَّةِ , وَقَدْ أَتَانَا اللَّهُ اليَوْمَ بِالْإِسْلَامِ , فَبِسِيرَةِ الْإِسْلَامِ مَا فَعَلْتُ , قَالَ : فَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِنَا , وَقَدِ اتَّخَذَكَ عُثْمَانَ ثِقَةً وَصِهْرًا ؟ قُلْتُ : إِنَّكَ قَاتَلْتَ رَجُلًا هُوَ أَحَقُّ بِعُثْمَانَ مِنْكَ قَالَ : وَكَيْفَ يَكُونُ أَحَقَّ بِعُثْمَانَ مِنِّي , وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَى عُثْمَانَ فِي النَّسَبِ ؟ قُلْتُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ آخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ ؛ فَالْأَخُّ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْعَمِّ , وَلَسْتُ أُقَاتِلُ الْمُهَاجِرِينَ , قَالَ : أَوَ لَسْنَا مُهَاجِرِينَ ؟ قُلْتُ : أَوَ لَسْنَا قَدِ اعْتَزَلْنَاكُمَا جَمِيعًا , وَحُجَّةٌ أُخْرَى : حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ , وَقَدْ حَضَرَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ , ثُمَّ رَدَّ إِلَيْهِ بَصَرَهُ , فَقَالَ : " أَتَتْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ " , فَشَدَّدَ أَمْرَهَا وَعَجَّلَهُ وَقَبَّحَهُ , فَقُلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَمَا الْفِتَنُ ؟ فَقَالَ : " يَا وَائِلُ , إِذَا اخْتَلَفَ سَيْفَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَاعْتَزِلْهُمَا " , فَقَالَ : أَصْبَحْتَ شِيعِيًّا ؟ قُلْتُ : لَا , وَلَكِنِّي أَصْبَحْتُ نَاصِحًا لِلْمُسْلِمِينَ , فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : لَوْ سَمِعْتَ ذَا وَعَلَّمْتَهُ مَا أَقْدَمْتُكَ ، قُلْتُ : أَوَ لَيْسَ قَدْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ انْتَهَى بِسَيْفِهِ إِلَى صَخْرَةٍ , فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى انْكَسَرَ , فَقَالَ : أُولَئِكَ قَوْمٌ يَحْمِلُونَ عَلَيْنَا , فَقُلْتُ : فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ فَبِحُبِّي , وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ فَبِبُغْضِي " قَالَ : اخْتَرْ أَيَّ الْبِلَادِ شِئْتَ , فَإِنَّكَ لَسْتَ بِرَاجِعٍ إِلَى حَضْرَمَوْتَ , فَقُلْتُ : عَشِيرَتِي بِالشَّامِ , وَأَهْلُ بَيْتِي بِالْكُوفَةِ , فَقَالَ : رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ عَشِيرَتِكَ , فَقُلْتُ : مَا رَجَعْتُ إِلَى حَضْرَمَوْتَ سُرُورًا بِهَا , وَمَا يَنْبَغِي لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هَاجَرَ مِنْهُ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ , قَالَ : وَمَا عِلَّتُكَ ؟ قُلْتُ : قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتَنِ , فَحَيْثُ اخْتَلَفْتُمِ اعْتَزَلْنَاكُمْ , وَحَيْثُ اجْتَمَعْتُمْ جِئْنَاكُمْ , فَهَذِهِ الْعِلَّةُ , فَقَالَ : إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ فَسِرْ إِلَيْهَا , فَقُلْتُ : مَا إِلَيَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ حَاجَةٌ , أَمَا رَأَيْتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ أَرَادَنِي فَأَبَيْتُ , وَأَرَادَنِي عُمَرُ فَأَبَيْتُ , وَأَرَادَنِي عُثْمَانُ فَأَبَيْتُ , وَلَمْ أَدَعْ بَيْعَتَهُمْ , قَدْ جَاءَنِي كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ حَيْثُ ارْتَدَّ أَهْلُ نَاحِيَتِنَا , فَقُمْتُ فِيهِمْ حَتَّى رَدَّهُمُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ , فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ , فَقَالَ لَهُ : سِرْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ , وَسِرْ بِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فَأَكْرِمْهُ وَاقْضِ حَوَائِجَهُ , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَسَأْتَ بِيَ الظَّنَّ , تَأْمُرُنِي بِإِكْرَامِ رَجُلٍ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمَهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَنْتَ ؟ فَسُرَّ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ مِنْهُ , فَقَدِمْتُ مَعَهُ الْكُوفَةَ , فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ

    حَدَّثَنَا أَبُو هِنْدَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ , حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ يَحْيَى ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ : لَمَّا بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَرَجْتُ وَافِدًا عَنْ قَوْمِي حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ , فَلَقِيتُ أَصْحَابَهُ قَبْلَ لِقَائِهِ , فَقَالُوا : قَدْ بَشَّرَنَا بِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبْلَ أَنْ تَقْدَمَ عَلَيْنَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ , فَقَالَ : قَدْ جَاءَكُمْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ , ثُمَّ لَقِيتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَرَحَّبَ بِي , وَأَدْنَى مَجْلِسِي , وَبَسَطَ لِي رِدَاءَهُ , فَأَجْلَسَنِي عَلَيْهِ , ثُمَّ دَعَا فِي النَّاسِ , فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ , ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ , وَأَطْلَعَنِي مَعَهُ وَأَنَا مِنْ دُونِهِ , ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ , وَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ , أَتَاكُمْ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ مِنْ بِلَادِ حَضْرَمَوْتَ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ , بَقِيَّةُ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ , بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ يَا وَائِلُ , وَفِي وَلَدِكَ , ثُمَّ نَزَلَ , وَأَنْزَلَنِي مَعَهُ , وَأَنْزَلَنِي مَنْزِلًا شَاسِعًا عَنِ الْمَدِينَةِ , وَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يُبَوِّئَنِي إِيَّاهُ , فَخَرَجْتُ , وَخَرَجَ مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ : يَا وَائِلُ , إِنَّ الرَّمْضَاءَ قَدْ أَصَابَتْ بَاطِنَ قَدَمِي , فَأَرْدِفْنِي خَلْفَكَ , فَقُلْتُ : مَا أَضَنُّ عَلَيْكَ بِهَذِهِ النَّاقَةِ , وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ , وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ ، قَالَ : فَأَلْقِ إِلَيَّ حِذَاءَكَ أَتَوَقَّى بِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ , قَالَ : مَا أَضَنُّ عَلَيْكَ بِهَاتَيْنِ الْجَلْدَتَيْنِ ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِمَّنْ يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمُلُوكِ , وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ , فَلَمَّا أَرَدْتُ الرُّجُوعَ إِلَى قَوْمِي أَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكُتُبٍ ثَلَاثَةٍ ؛ مِنْهَا كِتَابٌ لِي خَالِصٌ : فَضَّلَنِي فِيهِ عَلَى قَوْمِي , وَكِتَابٌ لِأَهْلِ بَيْتِي بِأَمْوَالِنَا هُنَاكَ , وَكِتَابٌ لِي وَلِقَوْمِي فِي كِتَابِي الْخَالِصِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّ وَائِلًا يُسْتَسْعَى وَيَتَرَفَّلُ عَلَى الْأَقْوَالِ حَيْثُ كَانُوا فِي ( مِنْ ) حَضْرَمَوْتَ , وَفِي كِتَابِي الَّذِي لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ لِأَبْنَاءِ مَعْشَرِ أَبْنَاءِ ضَمْعَاجَ أَقْوَالِ شَنُوءَةَ بِمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا مِنْ مُلْكٍ وَمَوَامِرَ ( مَرَامِرَ ) وَعِمْرَانَ وَبَحْرٍ وَمِلْحٍ وَمَحْجِرٍ , وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ اتَّرَثُوهُ بَايَعْتُ , وَمَا لَهُمْ فِيهَا مِنْ مَالٍ بِحَضْرَمَوْتَ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا مِنِّي الذِّمَّةُ وَالْجِوَارُ ، اللَّهُ لَهُمْ جَارٌ ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ أَنْصَارٌ , وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي لِي وَلِقَوْمِي : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَالْأَقْوَالِ الْعَيَاهِلَةِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ بِإِقْامِ الصَّلَاةِ , وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ مِنَ الصِّرْمَةِ التَّيْمَةِ وَلِصَاحِبِهَا التَّبِعَةُ لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شِغَارَ وَلَا وِرَاطَ فِي الْإِسْلَامِ , لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنَ السَّرَايَا مَا تَحْمِلُ الْقِرَابُ مِنَ التَّمْرِ مَنْ أَجْبَا فَقَدْ أَرْبَا , وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ , فَلَمَّا مَلَكَ مُعَاوِيَةُ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَاةَ , فَقَالَ لَهُ : قَدْ ضَمَمْتُ إِلَيْكَ النَّاحِيَةَ , فَاخْرُجْ بِجَيْشِكَ فَإِذَا تَخَلَّفْتَ أَفْوَاهَ الشَّامِ فَضَعْ سَيْفَكَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الْمَدِينَةِ , ثُمَّ ادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبِي بَيْعَتِي , ثُمَّ اخْرُجْ إِلَى حَضْرَمَوْتَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي , وَإِنْ أَصَبْتَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ فَأْتِنِي بِهِ , فَفَعَلَ , وَأَصَابَ وَائِلًا حَيًّا , فَجَاءَ بِهِ إِلَيْهِ , فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَتَلَقَّى , وَأَذِنَ لَهُ , فَأُجْلِسَ مَعَهُ عَلَى سَرِيرٍ , فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : أَسَرِيرِي هَذَا أَفْضَلُ أَمْ ظَهْرِ نَاقَتِكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَكُفْرٍ , وَكَانَتْ تِلْكَ سِيرَةَ الْجَاهِلِيَّةِ , وَقَدْ أَتَانَا اللَّهُ اليَوْمَ بِالْإِسْلَامِ , فَبِسِيرَةِ الْإِسْلَامِ مَا فَعَلْتُ , قَالَ : فَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِنَا , وَقَدِ اتَّخَذَكَ عُثْمَانَ ثِقَةً وَصِهْرًا ؟ قُلْتُ : إِنَّكَ قَاتَلْتَ رَجُلًا هُوَ أَحَقُّ بِعُثْمَانَ مِنْكَ قَالَ : وَكَيْفَ يَكُونُ أَحَقَّ بِعُثْمَانَ مِنِّي , وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَى عُثْمَانَ فِي النَّسَبِ ؟ قُلْتُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ آخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ ؛ فَالْأَخُّ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْعَمِّ , وَلَسْتُ أُقَاتِلُ الْمُهَاجِرِينَ , قَالَ : أَوَ لَسْنَا مُهَاجِرِينَ ؟ قُلْتُ : أَوَ لَسْنَا قَدِ اعْتَزَلْنَاكُمَا جَمِيعًا , وَحُجَّةٌ أُخْرَى : حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ , وَقَدْ حَضَرَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ , ثُمَّ رَدَّ إِلَيْهِ بَصَرَهُ , فَقَالَ : أَتَتْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ , فَشَدَّدَ أَمْرَهَا وَعَجَّلَهُ وَقَبَّحَهُ , فَقُلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَمَا الْفِتَنُ ؟ فَقَالَ : يَا وَائِلُ , إِذَا اخْتَلَفَ سَيْفَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَاعْتَزِلْهُمَا , فَقَالَ : أَصْبَحْتَ شِيعِيًّا ؟ قُلْتُ : لَا , وَلَكِنِّي أَصْبَحْتُ نَاصِحًا لِلْمُسْلِمِينَ , فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : لَوْ سَمِعْتَ ذَا وَعَلَّمْتَهُ مَا أَقْدَمْتُكَ ، قُلْتُ : أَوَ لَيْسَ قَدْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ انْتَهَى بِسَيْفِهِ إِلَى صَخْرَةٍ , فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى انْكَسَرَ , فَقَالَ : أُولَئِكَ قَوْمٌ يَحْمِلُونَ عَلَيْنَا , فَقُلْتُ : فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ فَبِحُبِّي , وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ فَبِبُغْضِي قَالَ : اخْتَرْ أَيَّ الْبِلَادِ شِئْتَ , فَإِنَّكَ لَسْتَ بِرَاجِعٍ إِلَى حَضْرَمَوْتَ , فَقُلْتُ : عَشِيرَتِي بِالشَّامِ , وَأَهْلُ بَيْتِي بِالْكُوفَةِ , فَقَالَ : رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ عَشِيرَتِكَ , فَقُلْتُ : مَا رَجَعْتُ إِلَى حَضْرَمَوْتَ سُرُورًا بِهَا , وَمَا يَنْبَغِي لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هَاجَرَ مِنْهُ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ , قَالَ : وَمَا عِلَّتُكَ ؟ قُلْتُ : قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتَنِ , فَحَيْثُ اخْتَلَفْتُمِ اعْتَزَلْنَاكُمْ , وَحَيْثُ اجْتَمَعْتُمْ جِئْنَاكُمْ , فَهَذِهِ الْعِلَّةُ , فَقَالَ : إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ فَسِرْ إِلَيْهَا , فَقُلْتُ : مَا إِلَيَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ حَاجَةٌ , أَمَا رَأَيْتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ أَرَادَنِي فَأَبَيْتُ , وَأَرَادَنِي عُمَرُ فَأَبَيْتُ , وَأَرَادَنِي عُثْمَانُ فَأَبَيْتُ , وَلَمْ أَدَعْ بَيْعَتَهُمْ , قَدْ جَاءَنِي كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ حَيْثُ ارْتَدَّ أَهْلُ نَاحِيَتِنَا , فَقُمْتُ فِيهِمْ حَتَّى رَدَّهُمُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ , فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ , فَقَالَ لَهُ : سِرْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ , وَسِرْ بِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فَأَكْرِمْهُ وَاقْضِ حَوَائِجَهُ , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَسَأْتَ بِيَ الظَّنَّ , تَأْمُرُنِي بِإِكْرَامِ رَجُلٍ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمَهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَنْتَ ؟ فَسُرَّ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ مِنْهُ , فَقَدِمْتُ مَعَهُ الْكُوفَةَ , فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُجْرٍ : الْوِرَاطُ : الْعَمَارُ , وَالْأَقْوَالُ : الْمُلُوكُ , وَالْعَيَاهِلَةُ : الْعُظَمَاءُ

    رداءه: الرداء : ما يوضع على أعالي البدن من الثياب
    الرمضاء: الرمضاء : الرمل الذي اشتدت حرارته في الظهيرة
    فأردفني: أردفه : حمله خلفه
    يستسعى: الاستسعاء : أن يَسْعَى العبد المملوك في فَكَاك ما بَقِى من رِقّه، فيعملَل ويكسِب ويصْرف ثمنه إلى مولاه، فسُمِّى تصرُّفه في كَسْبه سِعَاية.
    الذمة: الذمة والذمام : العَهْد، والأمَانِ، والضَّمان، والحُرمَة، والحقِّ
    جلب: تلقي الجلب : أن تتلقى السلعة قبل الوصول إلى السوق
    جنب: الجَنَبُ في السِّباق : أن يجنب فرَساً إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فَتَر المركوبُ تحول إلى المجنوب، وهو في الزكاة : أن يبعد رب المال بماله عن موضعه حتى يحتاج العامل أو مستحق الصدقة إلى الإبْعاد في اتِّبَاعه وطَلَبه
    شغار: الشغار : نكاح معروف في الجاهلية كان يقول الرجل للرجل : زوجني أختك أو بنتَك أو من تَلي أمرها حتى أزوجك أختي أو بنتي أو من ألي أمرها ، ولا يكون بينهما مهر ويكون بُضْعُ كل واحدةٍ منهما في مقابلة بضع الأخرى
    القراب: القراب : الغمد الذي يحفظ فيه السيف ونحوه
    أبى: أبى : رفض وامتنع، واشتد على غيره
    وصهرا: الصِّهر : القريب بالزواج
    إِنَّ الرَّمْضَاءَ قَدْ أَصَابَتْ بَاطِنَ قَدَمِي , فَأَرْدِفْنِي خَلْفَكَ , فَقُلْتُ
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات