عَنْ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ : كَانَ أَبِي يَصِفُ أَهْلَ الْقُرْآنِ ، وَأَصْحَابَ الْحَدِيثِ فِي مَجْلِسٍ فَيَقُولُ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمُ الْمَنَّانُ ، مُظْهِرُ الْإِسْلَامَ عَلَى كُلِّ الْأَدْيَانِ ، وَحَافَظَ الْقُرْآنِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ ، وَمَانِعَهُ مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ ، وَتَحْرِيفِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْكُفْرَانِ ، وَذَكَرَ كَلَامًا فِي ذِكْرِ الْقُرْآنِ طَوِيلًا ، ثُمَّ قَالَ : وَوَكَلَ بِالْآثَارِ الْمُفَسِّرَةِ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ الْقَوِيَّةِ الْأَرْكَانِ ، عِصَابَةً مُنْتَخِبَةً ، وَفَّقَهُمْ لِطَلَابِهَا وَكِتَابِهَا ، وَقَوَّاهُمْ عَلَى رِعَايَتِهَا وَحِرَاسَتِهَا ، وَحَبَّبَ إِلَيْهِمْ قِرَاءَتَهَا وَدِرَاسَتَهَا ، وَهَوَّنْ عَلَيْهِمُ الدَّأَبَ وَالْكَلَالَ ، وَالْحِلَّ وَالتِّرْحَالَ ، وَبَذْلَ النَّفْسِ مَعَ الْأَمْوَالِ ، وَرُكُوبَ الْمَخُوفِ مِنَ الْأَهْوَالِ ، فَهُمْ يَرْحَلُونَ مِنْ بِلَادٍ إِلَى بِلَادٍ ، خَائِضِينَ فِي الْعِلْمِ كُلَّ وَادٍ ، شُعْثَ الرُّءُوسِ ، خُلْقَانَ الثِّيَابِ ، خُمُصَ الْبُطُونِ ، ذُبُلَ الشِّفَاهِ ، شُحْبَ الْأَلْوَانِ ، نُحْلَ الْأَبْدَانِ ، قَدْ جَعَلُوا لَهُمْ هَمًّا وَاحِدًا ، وَرَضُوا بِالْعِلْمِ دَلِيلًا وَرَائِدًا لَا يَقْطَعُهُمْ عَنْهُ جُوعٌ وَلَا ظَمَأٌ ، وَلَا يَمَلُّهُمْ مِنْهُ صَيْفٌ وَلَا شِتَاءٌ ، مَائِزِينَ الْأَثَرَ : صَحِيحَهُ مِنْ سَقِيمِهِ ، وَقَوِيَّهُ مِنْ ضَعِيفِهِ ، بِأَلْبَابٍ حَازِمَةٍ ، وَآرَاءٍ ثَاقِبَةٍ ، وَقُلُوبٍ لِلْحَقِّ وَاعِيَةٍ ، فَأَمِنَتْ تَمْوِيهِ الْمُمَوِّهِينَ ، وَاخْتِرَاعَ الْمُلْحِدِينَ ، وَافْتِرَاءَ الْكَاذِبِينَ ، فَلَوْ رَأَيْتُهُمْ فِي لَيْلِهِمْ ، وَقَدِ انْتَصَبُوا لِنَسْخِ مَا سَمِعُوا ، وَتَصْحِيحِ مَا جَمَعُوا ، هَاجِرِينَ الْفُرُشَ الْوَطِيَّ ، وَالْمَضْجَعَ الشَّهِيَّ ، قَدْ غَشِيَهُمُ النُّعَاسُ فَأَنَامَهُمْ ، وَتَسَاقَطَتْ مِنْ أَكُفِّهِمْ أَقْلَامُهُمْ ، فَانْتَبَهُوا مَذْعُورِينَ قَدْ أَوَجَعَ الْكَدُّ أَصْلَابَهُمْ ، وَتِيهُ السَّهَرِ أَلْبَابَهُمْ ، فَتَمَطُّوا لِيُرِيحُوا الْأَبْدَانَ ، وَتَحَوَّلُوا لَيَفْقِدُوا النَّوْمَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ ، وَدَلَّكُوا بِأَيْدِيهِمْ عُيُونَهُمْ ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى الْكِتَابَةِ حِرْصًا عَلَيْهَا ، وَمَيْلًا بِأَهْوَائِهِمْ إِلَيْهَا لَعَلِمْتَ أَنَّهُمْ حَرَسُ الْإِسْلَامِ وَخُزَّانُ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ ، فَإِذَا قَضَوْا مِنْ بَعْضِ مَا رَامُوا أَوْطَارَهُمْ ، انْصَرَفُوا قَاصِدِينَ دِيَارَهُمْ ، فَلَزِمُوا الْمَسَاجِدَ ، وَعَمَّرُوا الْمَشَاهِدَ ، لَابِسِينَ ثَوْبَ الْخُضُوعِ ، مُسَالِمِينَ وَمُسْلِمِينَ ، يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ، لَا يُؤْذُونَ جَارًا ، وَلَا يُقَارِفُونَ عَارًا ، حَتَّى إِذَا زَاغَ زَائِغُ ، أَوْ مَرَقَ فِي الدِّينِ مَارِقٌ ، خَرَجُوا خُرُوجَ الْأَسَدِ مِنَ الْآجَامِ ، يُنَاضِلُونَ عَنْ مَعَالِمِ الْإِسْلَامِ "
وَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَنِي بِهِ مَكِّيُّ بْنُ بُنْدَارٍ الزَّنْجَانِيُّ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَهْدِ اللَّهِ بْنِ دِيزُوَيهِ الْمُقْرِئُ الزَّنْجَانِيُّ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبُ ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ : كَانَ أَبِي يَصِفُ أَهْلَ الْقُرْآنِ ، وَأَصْحَابَ الْحَدِيثِ فِي مَجْلِسٍ فَيَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمُ الْمَنَّانُ ، مُظْهِرُ الْإِسْلَامَ عَلَى كُلِّ الْأَدْيَانِ ، وَحَافَظَ الْقُرْآنِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ ، وَمَانِعَهُ مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ ، وَتَحْرِيفِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْكُفْرَانِ ، وَذَكَرَ كَلَامًا فِي ذِكْرِ الْقُرْآنِ طَوِيلًا ، ثُمَّ قَالَ : وَوَكَلَ بِالْآثَارِ الْمُفَسِّرَةِ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ الْقَوِيَّةِ الْأَرْكَانِ ، عِصَابَةً مُنْتَخِبَةً ، وَفَّقَهُمْ لِطَلَابِهَا وَكِتَابِهَا ، وَقَوَّاهُمْ عَلَى رِعَايَتِهَا وَحِرَاسَتِهَا ، وَحَبَّبَ إِلَيْهِمْ قِرَاءَتَهَا وَدِرَاسَتَهَا ، وَهَوَّنْ عَلَيْهِمُ الدَّأَبَ وَالْكَلَالَ ، وَالْحِلَّ وَالتِّرْحَالَ ، وَبَذْلَ النَّفْسِ مَعَ الْأَمْوَالِ ، وَرُكُوبَ الْمَخُوفِ مِنَ الْأَهْوَالِ ، فَهُمْ يَرْحَلُونَ مِنْ بِلَادٍ إِلَى بِلَادٍ ، خَائِضِينَ فِي الْعِلْمِ كُلَّ وَادٍ ، شُعْثَ الرُّءُوسِ ، خُلْقَانَ الثِّيَابِ ، خُمُصَ الْبُطُونِ ، ذُبُلَ الشِّفَاهِ ، شُحْبَ الْأَلْوَانِ ، نُحْلَ الْأَبْدَانِ ، قَدْ جَعَلُوا لَهُمْ هَمًّا وَاحِدًا ، وَرَضُوا بِالْعِلْمِ دَلِيلًا وَرَائِدًا لَا يَقْطَعُهُمْ عَنْهُ جُوعٌ وَلَا ظَمَأٌ ، وَلَا يَمَلُّهُمْ مِنْهُ صَيْفٌ وَلَا شِتَاءٌ ، مَائِزِينَ الْأَثَرَ : صَحِيحَهُ مِنْ سَقِيمِهِ ، وَقَوِيَّهُ مِنْ ضَعِيفِهِ ، بِأَلْبَابٍ حَازِمَةٍ ، وَآرَاءٍ ثَاقِبَةٍ ، وَقُلُوبٍ لِلْحَقِّ وَاعِيَةٍ ، فَأَمِنَتْ تَمْوِيهِ الْمُمَوِّهِينَ ، وَاخْتِرَاعَ الْمُلْحِدِينَ ، وَافْتِرَاءَ الْكَاذِبِينَ ، فَلَوْ رَأَيْتُهُمْ فِي لَيْلِهِمْ ، وَقَدِ انْتَصَبُوا لِنَسْخِ مَا سَمِعُوا ، وَتَصْحِيحِ مَا جَمَعُوا ، هَاجِرِينَ الْفُرُشَ الْوَطِيَّ ، وَالْمَضْجَعَ الشَّهِيَّ ، قَدْ غَشِيَهُمُ النُّعَاسُ فَأَنَامَهُمْ ، وَتَسَاقَطَتْ مِنْ أَكُفِّهِمْ أَقْلَامُهُمْ ، فَانْتَبَهُوا مَذْعُورِينَ قَدْ أَوَجَعَ الْكَدُّ أَصْلَابَهُمْ ، وَتِيهُ السَّهَرِ أَلْبَابَهُمْ ، فَتَمَطُّوا لِيُرِيحُوا الْأَبْدَانَ ، وَتَحَوَّلُوا لَيَفْقِدُوا النَّوْمَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ ، وَدَلَّكُوا بِأَيْدِيهِمْ عُيُونَهُمْ ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى الْكِتَابَةِ حِرْصًا عَلَيْهَا ، وَمَيْلًا بِأَهْوَائِهِمْ إِلَيْهَا لَعَلِمْتَ أَنَّهُمْ حَرَسُ الْإِسْلَامِ وَخُزَّانُ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ ، فَإِذَا قَضَوْا مِنْ بَعْضِ مَا رَامُوا أَوْطَارَهُمْ ، انْصَرَفُوا قَاصِدِينَ دِيَارَهُمْ ، فَلَزِمُوا الْمَسَاجِدَ ، وَعَمَّرُوا الْمَشَاهِدَ ، لَابِسِينَ ثَوْبَ الْخُضُوعِ ، مُسَالِمِينَ وَمُسْلِمِينَ ، يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ، لَا يُؤْذُونَ جَارًا ، وَلَا يُقَارِفُونَ عَارًا ، حَتَّى إِذَا زَاغَ زَائِغُ ، أَوْ مَرَقَ فِي الدِّينِ مَارِقٌ ، خَرَجُوا خُرُوجَ الْأَسَدِ مِنَ الْآجَامِ ، يُنَاضِلُونَ عَنْ مَعَالِمِ الْإِسْلَامِ فِي كَلَامٍ غَيْرِ هَذَا فِي ذِكْرِهِمْ يَطُولُ وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ الْمُحَدِّثِينَ : وَلَقَدْ غَدَوْتُ عَلَى الْمُحَدِّثِ آنِفًا فَإِذَا بِحَضْرَتِهِ ظِبَاءٌ رُتَّعُ يَتَجَاذَبُونَ الْحِبْرَ مِنْ مَلْمُومَةٍ بَيْضَاءَ تَحْمِلُهَا عَلَائِقُ أَرْبَعُ مِنْ خَالِصِ الْبَلُّورِ غُيِّرَ لَوْنُهَا فَكَأَنَّهَا سَبَجٌ يَلُوحُ فَيَلْمَعُ فَمَتَى أَمَالُوهَا لِرَشْفٍ رَضَابِهَا أَدَاهُ فُوهَا وَهِيَ لَا تَتَمَنَّعُ فَكَأَنَّهَا قَلْبِي يَضِنُّ بِسِرِّهِ أَبَدًا وَيَكْتُمُ كُلَّ مَا يُسْتَوْدَعُ يَمْتَاحُهَا مَاضِي الشِّبَاةِ مُذْلِقُ يَجْرِي بِمَيْدَانِ الطُّرُوسِ فَيُسْرِعُ فَكَأَنَّهُ وَالْحِبْرُ يَخْضِبُ رَأْسَهُ شَيْخٌ لِوَصْلِ خَرِيدَةٍ يَتَصَنَّعُ أَلَا أُلَاحِظُهُ بِعَيْنِ جَلَالَةٍ وَبِهِ إِلَى اللَّهِ الصَّحَائِفُ تُرْفَعُ