سَأَلَ رَجُلٌ نَافِعًا : هَلْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى الْقَبْرِ ؟ . قَالَ : نَعَمْ , لَقَدْ رَأَيْتُهُ مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ كَانَ يَمُرُّ فَيَقُومُ عِنْدَهُ فَيَقُولُ : السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , السَّلَامُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ , السَّلَامُ عَلَى أَبِي
حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ , أَخُو كَرْخَوَيْهِ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْفٍ قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ نَافِعًا : هَلْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى الْقَبْرِ ؟ . قَالَ : نَعَمْ , لَقَدْ رَأَيْتُهُ مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ كَانَ يَمُرُّ فَيَقُومُ عِنْدَهُ فَيَقُولُ : السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , السَّلَامُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ , السَّلَامُ عَلَى أَبِي قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا إِذَا نَظَرُوا إِلَى مَنْ يُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ وَيُكَلِّمُونَهُ بِمَا يَكْرَهُ , فَلِمَ صَارَ هَذَا هَكَذَا , وَعَنْ مَنْ أَخَذُوا هَذَا ؟ قِيلَ لَهُ : لَيْسَ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا مِمَّنْ لَهُ عِلْمٌ وَمَعْرِفَةٌ , هَؤُلَاءِ نَشَأُوا مَعَ طَبَقَةٍ غَيْرِ مَحْمُودَةٍ يَسُبُّونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَلَيْسَ يُعَوَّلُ عَلَى مِثْلِ هَؤُلَاءِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ فِيهِمْ أَقْوَامًا مِنْ أَهْلِ الشُّرَفِ يُعِينُونَهُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْقَبِيحِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ؟ قِيلَ لَهُ : مُعَاذَ اللَّهِ , قَدْ أَجَلَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ أَهْلَ الشَّرَفِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَذُرِّيَّتِهِ الطَّيِّبَةِ مِنْ أَنْ يُنْكِرُوا دَفْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , هُمْ أَزْكَى وَأَطْهَرُ وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِفَضْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَبِصَحَّةِ دَفْنِهِمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَمَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَنْحَلَ هَذَا الْخُلُقَ الْقَبِيحَ إِلَيْهِمْ , هُمْ عِنْدَنَا أَعْلَى قَدْرًا وَأَصْوَبَ رَأْيًا مِمَّا يُنْحَلُ إِلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَظْهَرَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ مِثْلَمَا تَقُولُ , فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ مَنْ يَقَعُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَيَذْكُرُهُمَا بِمَا لَا يُحْسِنُ , فَظَنَّ أَنَّ الْقَوْلَ كَمَا قَالَ , وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ رَفَعَهُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِالشَّرَفِ بِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِيَ بِالْعِلْمِ , فَعَلِمَ مَا لَهُ مِمَّا عَلَيْهِ , إِنَّمَا يُعَوَّلُ فِي هَذَا عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ . وَالَّذِي عِنْدَنَا أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الَّذِينَ عُنُوا بِالْعِلْمِ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يُنْكِرُ دَفْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , بَلْ يَقُولُونَ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دُفِنَا فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى , وَيَرْوُونَ فِي ذَلِكَ الْأَخْبَارَ وَلَا يَرْضَوْنَ بِمَا يُنْكِرْهُ مَنْ جَهِلَ الْعِلْمَ وَجَهِلَ فَضْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِيشْ الدَّلِيلُ عَلَى مَا تَقُولُ ؟ . قُلْتُ : هَذَا طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ حُسَيْنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , يَرْوِي عَنْهُ كِتَابًا أَلَّفَهُ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَشَرَفِهَا , ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ دَفْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَوَصَفَ فِي الْكِتَابِ كَيْفَ دَفْنُهُمَا مَعَهُ , وَصَوَّرَهُ فِي الْكِتَابِ , صَوَّرَ الْبَيْتَ وَالْأَقْبُرَ الثَّلَاثَةَ . وَرَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ : قَبْرُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمُقَدَّمُ وَقَبْرُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ رِجْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَقَبْرُ عُمَرَ عِنْدَ رِجْلِ أَبِي بَكْرٍ , فَصَوَّرَهُ يَحْيَى بْنُ حُسَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَسَمِعَهُ مِنْهُ النَّاسُ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ , وَقَرَأَهُ طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى كَمَا سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ , وَهُوَ كِتَابٌ مَشْهُورٌ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ إِدْرِيسَ الْقَزْوِينِيَّ , إِمَامًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَأَحَدَ الْمُؤَذِّنِينَ فَحَدَّثَنِي بِهَذَا وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْتُ الْكِتَابَ مَعَهُ مُجَلَّدًا كَبِيرًا شَبِيهًا بِمِائَةِ وَرَقَةٍ , سَمِعَهُ مِنْ طَاهِرِ بْنِ يَحْيَى فِيهِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ , وَفِي الْكِتَابِ بَابُ صِفَةِ دَفْنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَصِفَةُ قَبْرِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي قَالَ : حَدَّثَنَا طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي : يَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : هَذِهِ صِفَةُ الْقُبُورِ فِي صِفَةِ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مَخْطُوطٌ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَلَّفَهُ طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَى هَذَا النَّعْتِ فِي الْكِتَابِ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَهَذَا طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ سَلَفِهِ وَعَنْ ذُرِّيَّتِهِ يَرْوُونَ مِثْلَ هَذَا وَيَرْسُمُونَهُ فِي كُتُبِهِمْ , وَلَا يُنْكِرُونَ شَرَفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَنَحْنُ نَقْبَلُ مِنْ مِثْلِ هَؤُلَاءِ الذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ الْمُبَارَكَةِ جَمِيعَ مَا أَتَوْا بِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ , وَهَلْ يَرْوِي أَكْثَرَ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَوَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ , يَأْخُذُهُ الْأَبْنَاءُ عَنِ الْآبَاءِ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا , وَنَحْنُ نُجِلُّ أَهْلَ الْبَيْتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنْ يُنْحَلَ إِلَيْهِمْ مَكْرُوهٌ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَوْ تَكَذِيبٌ لِدَفْنِهِمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ